امير بكلمتى
07-11-2019, 01:10 PM
قصة وعبرة
قياس درجة الرضا
دخل فتًى صغيرٌ إلى محل تِجاريٍّ كبير، ووضع صندوقًا أسفل كبينة هاتف العملة الموجودة داخل
المحل لخدمة المتسوقين - وكان ذلك قبل عصر الجوالات - حتى يتمكَّن من الوصول إلى أزرار
الهاتف، ووقف الفتى الصغير فوق الصندوق، وبدأ بالاتصال على سيِّدة، ومِن خلال المحادثة
استرعى انتباهَ صاحب المحل إلحاحُ الفتى الصغير، فأخذه الفضول لمتابعة المحادثة، وهنا سمع الفتى
الصغيرَ، وهو يقول: يا سيدتي، أيمكنني العمل لديك في تهذيب عشب حديقتك؟ وكانت إجابة السيدة:
شكرًا؛ فلديَّ مَن يقوم بهذا العمل، قال الفتى: سأقوم بالعمل بنصف الأجرة التي يأخذها ذلك الشخص
إلا أن السيدة قالت: إنها راضية بعمل خادمها، ولا تريد استبداله،وهنا بدا الفتى أكثر إلحاحًا
فقال للسيدة: إنني مستعدٌّ لتنظيف ممرِّ المشاة والرصيف الذي أمام منزلك، وستكون
حديقتُك أجملَ حديقة في المدينة، ومرة أخرى أجابتْه السيدة بالنفي!
وبعد انتهاء المحادثة، ناداه صاحب المحل الذي استمع لكامل الحوار، وقال للفتى: لقد أعجبتني
يا بُني همتُك العالية، وأودُّ أن أعرضَ عليك فرصة العمل لديَّ في هذا المحل براتب مجزٍ
طالما أنك تبحث عن عملٍ، فأجاب الفتى: شكرًا يا سيدي، غير أنني فقط كنتُ أريد أن أتأكَّد
من جودةِ أدائي لعملي الذي أقوم به حاليًّا لهذه السيدة التي كنت أتحدَّث إليها، وهنا
حيَّاه صاحب المحل، ومنَحه مكافأة، ودعا له بالتوفيق والسَّداد.
فما أحوجَنا إلى قياس درجةِ الرضا عن الذَّات لدينا أولًا، فالرضا عن الذات يعكس مدى
قناعةِ الإنسان عن نفسه، وبحدوده ومدى ما حقَّقه من إنجاز، كما أن شعور الإنسان بوضوحِ أفكاره
وسلامة منطقه - يُحقِّق له درجةً عالية من الرضا وتقبُّل الذات، فتقبَّلْ نفسك كما أنت، وهذا
هو المِفتاح لقَبول العالم، وسامِحْ كلَّ مَن أخطأ في حقك، وعالجْ أخطاءك، ولا تُقارِنْ نفسك بالآخرين
بل قارِنْ موقفَك اليوم مع موقفِك بالأمس، فالمقارنة سوف تكشِفُ لك مواطنَ الخلل لمعالجتها
وابحَثْ عن نقاط قوَّتك، وإن احتَجْتَ إلى مشورة، فلا تتردَّد في استشارة طبيبٍ نفسيٍّ أو حكيم مجرِّب.
ومن المعلوم أن رضا الإنسان عن نفسه لن يتحقَّق إلا برضا الله سبحانه وتعالى، كما يتوجَّب
على كل إنسان أيضًا أن يُراجِع عَلاقته مع أسرته والأقارب والجيران والأصدقاء، بل مع عامة الناس
فالدِّين المعاملة، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن أُعطِي حظَّه من الرِّفق فقد أُعطي
حظَّه من الخير، ومَن حُرِم حظَّه مِن الرفق فقد حُرِم حظَّه من الخير، وأثقلُ شيء في ميزان المؤمن
يومَ القيامة حسنُ الخُلُق، وإن الله ليُبغِض الفاحش البذيء))؛ (صحيح الأدب المفرد: 361).
ونحتاج أيضًا إلى قياس درجة رضا العميل، وقبله ينبغي المحافظةُ على العملاء، فلا نتركهم يذهبون
إلى منافسينا، وقد ثبت علميًّا أن 68 % من العملاء يذهبون منا بسبب سوء الخدمة، فالتميُّز
في الخدمة يجعَلُ العميل يرتبط بالمنتج، ويبقى ملازمًا له، وتفاوض مع العملاء بشأن الأهداف
المشتركة، وهذا الأمرُ سيَزرَع الثقة وسيَحُول دون انهيار العلاقة معهم.
واعمل على حل المشكلات دون البحث عن معرفة مَن هو الذي على حق
وهناك ثمانية مفاتيح لخدمة العملاء، ينبغي الحرص عليها؛ هي:
الاعتقاد بقناعة ورضا.
الاستمرارية.
السمات.
المرونة.
العناية بالناس.
تحمُّل المسؤولية.
فن الاتصال.
والمهارة.
ومتى ما اهتمَّت المؤسسة بموظفيها، ضمِنت استمرارَها ونجاحها، فالموظَّفون هم أول زبائن المؤسسة
إذ بالإمكان جلب العملاء مِن الخارج، ولكنَّ عدم رضا الموظف يجعله يُدمِّر جهودك فتفقد
المؤسسة العملاء بسبب سوء الخدمة التي يقدِّمها الموظف، وفي اليابان يزيد إنتاجُ الموظف لديهم
عن إنتاجِ الموظف في الوطن العربي 82 مرة؛ وذلك أننا في الوطن العربي ننظر إلى توفير أجرة العامل
بينما هم ينظرون إلى العميل أولًا، وكيف يحافظون عليه ولا يفقدونه، ولديهم قاعدة مُفادُها:
"لا تخسَرْ عامِلًا نشيطًا أو هامًّا من أجل المال؛ لأنه من الممكن أن يذهب إلى مكان آخر
ليعمل به فيُنافسك"؛ (فن خدمة العملاء؛ للدكتور إبراهيم الفقي).
وقد ذهبت ذات مرة إلى إحدى مؤسسات بيع السيراميك والرخام، ووجدت عدد خمسة
من الباعة في صالة البيع، بينما الزبائن وقتها كان عددهم ثلاثة فقط، فسألتُ أحدهم وقلتُ له:
لِمَ كل هذا العدد من الباعة؟ أَوَليس من الأَولى تخفيض عددهم؟ فقال لي: إن صاحب المؤسسة
لا يريد أن ينتظر الزبون هنا كثيرًا؛ حتى لا يملَّ فيذهب إلى منافسينا، أو على أقل الأحوال
حتى لا يُفكِّر في عدم العودة إلينا مرة ثانية عندما يطول به الانتظار قبل الشراء.
وكذا نحتاج إلى أن يكسب الموظفون رضا صاحب العمل؛ حتى يبلغ العمل
أقصى درجات نجاحه، وهنا نهمسُ في أذن الموظف فنقول له:
قُمْ بعملك على أحسن وجه.
واجعَلْ أولويات مديرِك هي أولويات لك.
وخُذْ زمام المبادرة في المشاريع الجديدة.
وابحَثْ عن حلول للمشكلات التي تُواجِهك في العمل، وشارِكْ رئيسَك
في أحد النشاطات التي يمارسها متى ما أتيحت لك فرصة.
وينصح كولمان الموظَّفين الشبابَ بثلاث نصائح، يرى أنها سوف
تساعدهم في كسب رضا رئيس العمل؛ هي:
قُمْ بأفضل عمل.
وساعِدْ مديرك في بلوغ أهدافه المِهْنيَّة.
وأظهِرْ رغبة حقيقية في نجاح رئيسك ونمو المنظمة التي تعمل بها.
ومضة:
قُمْ بتقييم نفسك ذاتيًّا، عبر استمارة الأداء الوظيفي المعتَمَدة في منظمتك
أو ابنِ أداة من خلال تحليل الوصف الوظيفيِّ لمجال عملك الذي تمارسه، وسوف
يكشف لك ذلك مواطنَ القوة والضعف لديك إن وجدت.
د. علي أحمد الشيخي
*****
قياس درجة الرضا
دخل فتًى صغيرٌ إلى محل تِجاريٍّ كبير، ووضع صندوقًا أسفل كبينة هاتف العملة الموجودة داخل
المحل لخدمة المتسوقين - وكان ذلك قبل عصر الجوالات - حتى يتمكَّن من الوصول إلى أزرار
الهاتف، ووقف الفتى الصغير فوق الصندوق، وبدأ بالاتصال على سيِّدة، ومِن خلال المحادثة
استرعى انتباهَ صاحب المحل إلحاحُ الفتى الصغير، فأخذه الفضول لمتابعة المحادثة، وهنا سمع الفتى
الصغيرَ، وهو يقول: يا سيدتي، أيمكنني العمل لديك في تهذيب عشب حديقتك؟ وكانت إجابة السيدة:
شكرًا؛ فلديَّ مَن يقوم بهذا العمل، قال الفتى: سأقوم بالعمل بنصف الأجرة التي يأخذها ذلك الشخص
إلا أن السيدة قالت: إنها راضية بعمل خادمها، ولا تريد استبداله،وهنا بدا الفتى أكثر إلحاحًا
فقال للسيدة: إنني مستعدٌّ لتنظيف ممرِّ المشاة والرصيف الذي أمام منزلك، وستكون
حديقتُك أجملَ حديقة في المدينة، ومرة أخرى أجابتْه السيدة بالنفي!
وبعد انتهاء المحادثة، ناداه صاحب المحل الذي استمع لكامل الحوار، وقال للفتى: لقد أعجبتني
يا بُني همتُك العالية، وأودُّ أن أعرضَ عليك فرصة العمل لديَّ في هذا المحل براتب مجزٍ
طالما أنك تبحث عن عملٍ، فأجاب الفتى: شكرًا يا سيدي، غير أنني فقط كنتُ أريد أن أتأكَّد
من جودةِ أدائي لعملي الذي أقوم به حاليًّا لهذه السيدة التي كنت أتحدَّث إليها، وهنا
حيَّاه صاحب المحل، ومنَحه مكافأة، ودعا له بالتوفيق والسَّداد.
فما أحوجَنا إلى قياس درجةِ الرضا عن الذَّات لدينا أولًا، فالرضا عن الذات يعكس مدى
قناعةِ الإنسان عن نفسه، وبحدوده ومدى ما حقَّقه من إنجاز، كما أن شعور الإنسان بوضوحِ أفكاره
وسلامة منطقه - يُحقِّق له درجةً عالية من الرضا وتقبُّل الذات، فتقبَّلْ نفسك كما أنت، وهذا
هو المِفتاح لقَبول العالم، وسامِحْ كلَّ مَن أخطأ في حقك، وعالجْ أخطاءك، ولا تُقارِنْ نفسك بالآخرين
بل قارِنْ موقفَك اليوم مع موقفِك بالأمس، فالمقارنة سوف تكشِفُ لك مواطنَ الخلل لمعالجتها
وابحَثْ عن نقاط قوَّتك، وإن احتَجْتَ إلى مشورة، فلا تتردَّد في استشارة طبيبٍ نفسيٍّ أو حكيم مجرِّب.
ومن المعلوم أن رضا الإنسان عن نفسه لن يتحقَّق إلا برضا الله سبحانه وتعالى، كما يتوجَّب
على كل إنسان أيضًا أن يُراجِع عَلاقته مع أسرته والأقارب والجيران والأصدقاء، بل مع عامة الناس
فالدِّين المعاملة، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن أُعطِي حظَّه من الرِّفق فقد أُعطي
حظَّه من الخير، ومَن حُرِم حظَّه مِن الرفق فقد حُرِم حظَّه من الخير، وأثقلُ شيء في ميزان المؤمن
يومَ القيامة حسنُ الخُلُق، وإن الله ليُبغِض الفاحش البذيء))؛ (صحيح الأدب المفرد: 361).
ونحتاج أيضًا إلى قياس درجة رضا العميل، وقبله ينبغي المحافظةُ على العملاء، فلا نتركهم يذهبون
إلى منافسينا، وقد ثبت علميًّا أن 68 % من العملاء يذهبون منا بسبب سوء الخدمة، فالتميُّز
في الخدمة يجعَلُ العميل يرتبط بالمنتج، ويبقى ملازمًا له، وتفاوض مع العملاء بشأن الأهداف
المشتركة، وهذا الأمرُ سيَزرَع الثقة وسيَحُول دون انهيار العلاقة معهم.
واعمل على حل المشكلات دون البحث عن معرفة مَن هو الذي على حق
وهناك ثمانية مفاتيح لخدمة العملاء، ينبغي الحرص عليها؛ هي:
الاعتقاد بقناعة ورضا.
الاستمرارية.
السمات.
المرونة.
العناية بالناس.
تحمُّل المسؤولية.
فن الاتصال.
والمهارة.
ومتى ما اهتمَّت المؤسسة بموظفيها، ضمِنت استمرارَها ونجاحها، فالموظَّفون هم أول زبائن المؤسسة
إذ بالإمكان جلب العملاء مِن الخارج، ولكنَّ عدم رضا الموظف يجعله يُدمِّر جهودك فتفقد
المؤسسة العملاء بسبب سوء الخدمة التي يقدِّمها الموظف، وفي اليابان يزيد إنتاجُ الموظف لديهم
عن إنتاجِ الموظف في الوطن العربي 82 مرة؛ وذلك أننا في الوطن العربي ننظر إلى توفير أجرة العامل
بينما هم ينظرون إلى العميل أولًا، وكيف يحافظون عليه ولا يفقدونه، ولديهم قاعدة مُفادُها:
"لا تخسَرْ عامِلًا نشيطًا أو هامًّا من أجل المال؛ لأنه من الممكن أن يذهب إلى مكان آخر
ليعمل به فيُنافسك"؛ (فن خدمة العملاء؛ للدكتور إبراهيم الفقي).
وقد ذهبت ذات مرة إلى إحدى مؤسسات بيع السيراميك والرخام، ووجدت عدد خمسة
من الباعة في صالة البيع، بينما الزبائن وقتها كان عددهم ثلاثة فقط، فسألتُ أحدهم وقلتُ له:
لِمَ كل هذا العدد من الباعة؟ أَوَليس من الأَولى تخفيض عددهم؟ فقال لي: إن صاحب المؤسسة
لا يريد أن ينتظر الزبون هنا كثيرًا؛ حتى لا يملَّ فيذهب إلى منافسينا، أو على أقل الأحوال
حتى لا يُفكِّر في عدم العودة إلينا مرة ثانية عندما يطول به الانتظار قبل الشراء.
وكذا نحتاج إلى أن يكسب الموظفون رضا صاحب العمل؛ حتى يبلغ العمل
أقصى درجات نجاحه، وهنا نهمسُ في أذن الموظف فنقول له:
قُمْ بعملك على أحسن وجه.
واجعَلْ أولويات مديرِك هي أولويات لك.
وخُذْ زمام المبادرة في المشاريع الجديدة.
وابحَثْ عن حلول للمشكلات التي تُواجِهك في العمل، وشارِكْ رئيسَك
في أحد النشاطات التي يمارسها متى ما أتيحت لك فرصة.
وينصح كولمان الموظَّفين الشبابَ بثلاث نصائح، يرى أنها سوف
تساعدهم في كسب رضا رئيس العمل؛ هي:
قُمْ بأفضل عمل.
وساعِدْ مديرك في بلوغ أهدافه المِهْنيَّة.
وأظهِرْ رغبة حقيقية في نجاح رئيسك ونمو المنظمة التي تعمل بها.
ومضة:
قُمْ بتقييم نفسك ذاتيًّا، عبر استمارة الأداء الوظيفي المعتَمَدة في منظمتك
أو ابنِ أداة من خلال تحليل الوصف الوظيفيِّ لمجال عملك الذي تمارسه، وسوف
يكشف لك ذلك مواطنَ القوة والضعف لديك إن وجدت.
د. علي أحمد الشيخي
*****