المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرقابة الربانية وسياج النجاة


ابتسامة الزهر
12-01-2020, 12:49 AM
الرقابة الربانية وسياج النجاة




الحمد لله العزيز الوهاب، الغفور التواب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، خلق الخلق فأحصاهم عددًا وقسم أرزاقهم وأقواتهم فلم ينس منهم أحدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه وهو العظيم القاهر فلا يعجزه أحداً، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، إمام الأنبياء وسيد الحنفاء، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، أئمة العلم والهدى ومصابيح الدجى وسلم تسليماً كثيراً أمَّا بَعْد:

لقد كان من أهم القيم التي غرسها محمد - صلى الله عليه وسلم - في نفوس أصحابه وربى عليها أتباعه هي مراقبة الله والخوف منه واستشعار عظمته والوقوف عند أمره ونهيه ها هو - صلى الله عليه وسلم - يعلم ابن عباس وهو غلام صغير هذه المبادئ والقيم العظيمة، فقال له: ((يا غلام أنى أعلمك كلمات: أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشي كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشي لم يضروك إلا بشي قد كتبه الله عليك، جفت الأقلام، ورفعت الصحف)) (رواه الترمذي)..

وكان القرآن ينزل تثبيتاَ وتدعيماَ لهذه التربية قال - تعالى -: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا)
(آل عمران: 30)

وقال - تعالى -: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) (النحل: 111)

وقال - تعالى -: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) (البقرة: 235)

ويقول - سبحانه -: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر: 19)...

وقال - تعالى -: (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ في ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ في كِتَاب مُّبِينٍ) (الأنعام: 59)...

وهذا لقمان - عليه السلام - يربي ابنه فقال له ناصحا وموجها: (يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير)
(لقمان 16).


إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيب


ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أن ما تخفيه عنه يغيب


فاجعل مراقبتك لمن لا تغيب عن نظره، واجعل شكرك لمن لا تنقطع نعمه عليك، واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه، واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن ملكه وسلطانه إن الذين يتحلون بفضيلة المراقبة هم خيار العباد من العقلاء، وصفوة الناس من الأتقياء، فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسبه غيره خف يوم القيامة حسابه وحضر له عند السؤال جوابه، وحسن منقلبه ومآبه، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته، وطالت في ساحة القيامة وقفاته، وقادته إلى العقاب سيئاته قال الله - عز وجل - وهو يعرض هذه الحقيقة في قصة ابنى آدم قال - تعالى -: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
(المائدة 27-31)...


إن المرء ليتساءل... ما الذي جرأ الأخ على قتل أخيه وسفك دمه وما الذي عصم الآخر من ارتكاب نفس الخطأ ونفس الجريمة أليس الخوف من الله ومراقبته واليقين بلقاءه، فلذلك قال: (إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ) (المائدة/ 31)..


أيها المؤمنون /عباد الله: - إن مراقبة الله واستشعار عظمته والخوف منه من أعظم العبادات وأهم الواجبات على المسلم وهي سياج للنجاة وطريق للفوز والفلاح وحرز من وساوس النفس والشيطان ووقاية من الفتن وثبات عند البلاء وقد حذر - سبحانه وتعالى - من الغفلة عنها، فقال: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) (البقرة: 235)

وقال الله - تعالى -وهو يقرر هذه الرقابة الربانية: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)
(يونس: 61).


ومتى ما ضاعت وتلاشت المراقبة من حياة الإنسان وخلي منها القلب ضاع مصير هذا الإنسان، وضل عن الطريق، وتاه عن صراط الله المستقيم، واتبع هواه واستحوذ عليه الشيطان وفسدت أعماله وساءت أخلاقه.


وقد عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - حالة توجل منها القلوب وتذرف منها الدموع حين قال: ((ليأتين أناسٌ من أمتي معهم حسنات كجبال تهامة بيض، يكبهم الله - تعالى -على وجوههم في النار))، قال ثوبان: صفهم لنا يا رسول الله! جلهم لنا! فقال: ((يصلون كما تصلون، ويصومون كما تصومون، ولهم ورد من الليل، غير أنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)) (صححه الألباني)..


قال أبو الدرداء: ليتّق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر، يخلو بمعاصي الله فيلقي الله عليه البغض في قلوب المؤمنين..


إن الرقابة البشرية - على حاجة الناس لها وعلى أهميتها، سواءً كانت رقابة إدارية، أو مالية، أو أسرية، أو اجتماعية، أو فكرية - قد تغفل وقد تغيب، ولكن المفهوم الإسلامي يزرع معنى رقابة الله، وإحساس المسلم بهذه الرقابة؛ ليكون على نفسه شهيداً حفيظاً.. قال نافع: خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة فمر بهم راع فقال له عبد الله: هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة فقال: إني صائم.. فقال له عبد الله: في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم؟ فقال الراعي: أبادر أيامي الخالية، فعجب ابن عمر وقال: هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها... قال: إنها ليست لي إنها لمولاي، قال: فما عسى أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب...؟! فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول: فأين الله؟؟؟

قال: فلم يزل ابن عمر يقول: فأين الله، فلما قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم - رحمه الله - وقال له: إن هذه الكلمة أعتقتك في الدنيا وأسأل الله أن تعتقك يوم القيامة" صفة الصفوة (2 / 188).


إن مراقبة الله - تعالى -تعلي شأن صاحبها في الدنيا، وتجعله من الناجين في الآخرة، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((سبعة يظلهم الله - تعالى -في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) وذكر منهم: ((ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله...)) وذكر منهم: ((ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه))..
إن للمراقبة فوائد كثيرة وعديدة في الدنيا والآخرة؛ منها: إتقان العمل وتحسينه وتجويده؛ ومنها: تحري أكل الحلال والبعد عن الحرام؛ ومنها: العصمة من ارتكاب المعاصي والموبقات؛ ومنها: الفوز بالجنّة والنّجاة من النّار؛ ومنها: الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة؛ ومنها: أنها دليل على كمال الإيمان وحسن الإسلام؛ ومنها: أن المراقبة تثمر محبّة اللّه - تعالى -ورضاه؛ ومنها: أنها دليل على حسن الخاتمة؛ ومنها: أن المراقبة مظهر من مظاهر صلاح العبد واستقامته.. اللهم إنا نسألك خشيتك في السر والعلن..

Queen♚
12-01-2020, 12:55 AM
شكراً يَ ألق
لـِ جمال هذا الانتقاء وَ التقديم
دمتم بخير

روح أنثى
12-01-2020, 01:12 AM
جزاك الله خيراً على انتقائك القيم
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
وفي انتظار المزيد
:red_rose_by_jasmine:red_rose_by_jasmine

بنت الاكابر
12-01-2020, 01:53 AM
آختيَآرَ جَميلَ جِدآ
سَلمتَيِ علىَ هذهِ الآطَروحهَ الآنيقَهَ
وَسَلِمتَ يُمنَآكِ المُخمليِهَ لِ جلبهآ المُتميزَ
جَزيَلِ شُكِريَ

امير بكلمتى
12-01-2020, 03:47 AM
طرح بقمة الروعه والجمال..
تسلم أناملك ع الموضوع الانيق ..
بانتظار جديدك بكل شوق..
يعطيك الف عافيه..
تحياتي..

سواد الليل
12-01-2020, 06:16 AM
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه
تحياتي

غرآم الروح
12-01-2020, 08:34 AM
جزاك المولى خير الجزاء ونفع بك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل إلا ظله
وعمر الله قلبك بالإيمان
على طرحك المحمل بنفحات إيمانية
تحيتي لك


http://img-fotki.yandex.ru/get/6400/39663434.15f/0_75c61_5f1d5bc9_L.jpg%3Cbr%20/%3E

الامير سالم
12-01-2020, 10:22 AM
جزاك الله خيرا وبارك بك
لهذا الجلب الطيب
وهذا العطاء المفعم بالخيرات
نفع الله بك وجعله في موازين حسناتك يارب
تقديري لجهودك الدائمة
دمت بمرضاة الله ..

لكم الود و عطر الورد ..

إحساس إنسان
13-01-2020, 12:51 AM
جزاك الله خير الجزآء ل طرحك القييم
وجعلها ميزان حسناتك
تقديري

توك تجي تسآل
13-01-2020, 02:11 PM
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا

أنثى متمرده
14-01-2020, 09:17 AM
جزاك الله خيراً على انتقائك القيم
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
وفي انتظار المزيد
تقديري مع الورد

reda laby
16-01-2020, 03:34 PM
حتى نرضى الله :: و نسعد بعد الحياة
فى جنات الفردوس :: جائزة من الإله

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى
https://c.top4top.net/p_844k81p81.png
https://d.top4top.net/p_844kfa1h2.gif
https://c.top4top.net/p_6337qp4o1.png
http://3b8-y.com/vb/uploaded/580_21536911659.gif

رفيق الالم
11-02-2020, 05:11 AM
..

جزَآك آللَه خَيِرآ
علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله
http://www.nalwrd.com/vb/upload/4121nalwrd.gif

عيون الريم
12-02-2020, 06:00 PM
لاعدمتُ نوراً يبزغ من حروفكم
جعل الله أنـآملك كقنديل يهدي للخير دوماً
لـ آرواحكم أكاليل الياسمين
/،:261:

روحي تبيك
13-02-2020, 05:14 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

سما الموج
16-02-2020, 03:24 PM
جزاك الله خيراً على طرحك القيم
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
تحايا الشكر والامتنان
:redroseplz:

بـہۣۗـتـہۣۙول ❥ ·´¯)
13-03-2020, 01:12 AM
جزاك الله كل خير على ما قدمته لنا من فوائد
وبارك الله فيك وفي مجهوداتك الكبيرة
دمت في حفظ الرحمن

عبير الليل
18-03-2020, 05:30 PM
يعـطيك العــآفية
وجزاك الله خير جزاء جعله في ميزان حسناتك
‏ولآ عـدمنآ تميز انآملك الذهبية
‏دمت ودآم بحـر عطآئك بمآ يطرح متميزآ
‏بإنتظآر القآدم بشووق
‏فلآ تحــرمنآ من جديد تميزك
‏لروحــك بآقآت من الجوري

♥..αмαℓ
23-12-2020, 02:39 PM
*,

جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري

:100 (103):

همس الروح
16-02-2021, 08:55 PM
جزاك الله جنة عرضها السَموات و الأرض
وبارك الله فيك على الطَرح القيم و في ميزان حسناتك
واسأل الله أن يرزقـك كل خير:200 (52):

امير بكلمتى
18-06-2021, 08:16 AM
طرح رائـع

يعطيك آلف عافيه
وسلمت الأنآمـل المتألقه
على روعة طرحها وانتقائها الراقي
بإنتظار روائعك القادمه بشوووق
لـروحــك آلـــجوري
:a_by_vafiehya-d8frf

مـخـمـلـيـة
24-02-2022, 06:38 PM
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
وييسر امرك ويرفع مقامك فى العلين :271:

وتين
12-09-2023, 11:34 PM
جزاك الله الف خير
وجعله بموازين حسناتك

البدر
26-12-2023, 10:03 PM
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-4-c8829dfcbe:

رهينة الماضي
12-02-2024, 02:46 PM
https://new-girls.ws/images/img_1/c6a221da9792d95dceef38d2c1660993.gif