غرآم الروح
26-01-2020, 10:37 PM
العاقلة
د. عارف الشيخ لا أقصد بالعاقلة مؤنث العاقل وهو ضد المجنون، وإنما المقصود بها جمع عاقل وهو الذي يدفع دية القتيل، وقد ورد في «القاموس الفقهي» لمؤلفه سعدي أبوجيب: العاقلة هم العصبات، أما غيرهم من الإخوة للأم وسائر ذوي الأرحام، والزوج وكل من عدا العصبات فإنهم ليسوا من العاقلة كما يقول ابن قدامة الحنبلي.
ويرى المالكية والأحناف بأن آباء القاتل وأبناءه من العاقلة، ويرى الشافعية وكذلك الجعفرية بأن آباء القاتل وأبناءه ليسوا من العاقلة.
ويقول سيد سابق في كتابه القيم «فقه السنة» وتسمى الدية بالعقل، وأصل ذلك أن القاتل كان إذا قتل قتيلاً، جمع الدية من الإبل، ثم عقلها بفناء أولياء المقتول، أي أنه شدها بعقالها ليسلمها إليهم، ويقال: عقلت عن فلان إذا غرمت عنه دية جنايته، والعقيلة هي الكريمة من الإبل وغيرها.
وقيل: سمي العصبة بالعاقلة؛ لأنهم يمنعون عن القاتل، والعقل في اللغة العربية بمعنى المنع، ويقول الفيومي في «المصباح المنير»: ولهذا سمي بعض العلوم عقلاً؛ لأنه يمنع من الإقدام على المضار.
إذاً عرفنا أن العاقلة هم العصبة الذين يغرمون عن الجاني الدية؛ لكن من هم من العصبة؟ هل هم ذكورهم وإناثهم، وكبارهم وصغارهم؟
يرى جمهور الفقهاء أن العاقلة هم عصبة الجاني من الرجال الأحرار البالغين العقلاء، ودليلهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «دية المقتولة على عصبة القاتلة، وغرة لما في بطنها.. الحديث» (رواه مسلم)، ويفهم من هذا الحديث بأن عصبة القاتلة يحملون دية المقتولة.
وهناك حديث آخر يقول: «على كل بطن عقوله» (رواه أبو يعلى) ويفهم منه أن العاقلة يراد بها العصبة، وأن منتهى العقل البطن كما ورد في «المحلى» لابن حزم، وهو طبقة من طبقات النسب، دون العمارة وفوق الفخذ.
أقول: وفهمنا من خلال رأي الجمهور أن النساء والأطفال والأرقاء والمجانين مستثنون من تحمل الدية.
ثم إن الدية التي تتحملها العاقلة هي دية القتل الخطأ فقط؛ إذ إن الفقهاء يشترطون أن تكون الدية التي تتحملها العصبة واجبة بالقتل الخطأ، وتكون واجبة عن ضرر بدني لحر، وليس عن ضرر مالي كقيمة الدابة مثلاً، وأن تصل حداً لا يستطيع الجاني أن يتحمله بمفرده، هذا ودية الخطأ تتحملها العاقلة مؤجلة في ثلاث سنوات باتفاق الفقهاء.
أقول: وإذا كانت الدية على العاقلة، والعاقلة بالمفهوم الفقهي القديم هم عصبة الجاني، فهل ما زال المفهوم هذا واجب الاتباع في زماننا، أم يمكن أن يصار الآن إلى بدائل أخرى معاصرة؟
ترى المؤتمرات الفقهية أن النقابات والوزارات والمؤسسات والجمعيات وما أشبهها يمكن أن تحل اليوم محل العاقلة.
وقد أورد الأستاذ الدكتور محمد بن يحيى النجيمي في بحثه المقدم لمؤتمر الفقه الإسلامي في دورته السادسة عشرة، وهو يروي عن ابن عابدين في حاشيته قوله «بأن العاقلة يتحملون عن الجاني الدية باعتبار تقصيرهم وتركهم حفظه ومراقبته».
أقول: وهذا المعنى موجود في النقابات والمؤسسات أيضاً؛ لأنها تكلف الموظف وتراقبه، وترعى حقوقه وتوفر له الحماية، مما يفهم منه أن العاقلة هم أهل النصرة، عصبة كانوا أم مؤسسة أم نقابة أم غيرها.
من أجل ذلك فإنه لا مانع من أن تقوم اليوم شركة التأمين مثلاً بدور العاقلة في دفع الدية؛ لكن ليس التأمين التجاري المشتمل على الربوبات؛ بل التأمين التعاوني الذي يقوم على دفع اشتراكات دورية من المشاركين، وفق جدول متفق عليه؛ لتغطية الخسائر التي يتعرض لها البعض.
هذا وإذا لم توجد العاقلة ولا البدائل المعاصرة التي ذكرناها، فعندئذ على بيت المال (الحكومة) أن تتحملها؛ لأنه لا يعقل أن يهدر دم المسلم من غير قصاص ولادية، واليوم ما أكثر حوادث السيارات.
د. عارف الشيخ لا أقصد بالعاقلة مؤنث العاقل وهو ضد المجنون، وإنما المقصود بها جمع عاقل وهو الذي يدفع دية القتيل، وقد ورد في «القاموس الفقهي» لمؤلفه سعدي أبوجيب: العاقلة هم العصبات، أما غيرهم من الإخوة للأم وسائر ذوي الأرحام، والزوج وكل من عدا العصبات فإنهم ليسوا من العاقلة كما يقول ابن قدامة الحنبلي.
ويرى المالكية والأحناف بأن آباء القاتل وأبناءه من العاقلة، ويرى الشافعية وكذلك الجعفرية بأن آباء القاتل وأبناءه ليسوا من العاقلة.
ويقول سيد سابق في كتابه القيم «فقه السنة» وتسمى الدية بالعقل، وأصل ذلك أن القاتل كان إذا قتل قتيلاً، جمع الدية من الإبل، ثم عقلها بفناء أولياء المقتول، أي أنه شدها بعقالها ليسلمها إليهم، ويقال: عقلت عن فلان إذا غرمت عنه دية جنايته، والعقيلة هي الكريمة من الإبل وغيرها.
وقيل: سمي العصبة بالعاقلة؛ لأنهم يمنعون عن القاتل، والعقل في اللغة العربية بمعنى المنع، ويقول الفيومي في «المصباح المنير»: ولهذا سمي بعض العلوم عقلاً؛ لأنه يمنع من الإقدام على المضار.
إذاً عرفنا أن العاقلة هم العصبة الذين يغرمون عن الجاني الدية؛ لكن من هم من العصبة؟ هل هم ذكورهم وإناثهم، وكبارهم وصغارهم؟
يرى جمهور الفقهاء أن العاقلة هم عصبة الجاني من الرجال الأحرار البالغين العقلاء، ودليلهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «دية المقتولة على عصبة القاتلة، وغرة لما في بطنها.. الحديث» (رواه مسلم)، ويفهم من هذا الحديث بأن عصبة القاتلة يحملون دية المقتولة.
وهناك حديث آخر يقول: «على كل بطن عقوله» (رواه أبو يعلى) ويفهم منه أن العاقلة يراد بها العصبة، وأن منتهى العقل البطن كما ورد في «المحلى» لابن حزم، وهو طبقة من طبقات النسب، دون العمارة وفوق الفخذ.
أقول: وفهمنا من خلال رأي الجمهور أن النساء والأطفال والأرقاء والمجانين مستثنون من تحمل الدية.
ثم إن الدية التي تتحملها العاقلة هي دية القتل الخطأ فقط؛ إذ إن الفقهاء يشترطون أن تكون الدية التي تتحملها العصبة واجبة بالقتل الخطأ، وتكون واجبة عن ضرر بدني لحر، وليس عن ضرر مالي كقيمة الدابة مثلاً، وأن تصل حداً لا يستطيع الجاني أن يتحمله بمفرده، هذا ودية الخطأ تتحملها العاقلة مؤجلة في ثلاث سنوات باتفاق الفقهاء.
أقول: وإذا كانت الدية على العاقلة، والعاقلة بالمفهوم الفقهي القديم هم عصبة الجاني، فهل ما زال المفهوم هذا واجب الاتباع في زماننا، أم يمكن أن يصار الآن إلى بدائل أخرى معاصرة؟
ترى المؤتمرات الفقهية أن النقابات والوزارات والمؤسسات والجمعيات وما أشبهها يمكن أن تحل اليوم محل العاقلة.
وقد أورد الأستاذ الدكتور محمد بن يحيى النجيمي في بحثه المقدم لمؤتمر الفقه الإسلامي في دورته السادسة عشرة، وهو يروي عن ابن عابدين في حاشيته قوله «بأن العاقلة يتحملون عن الجاني الدية باعتبار تقصيرهم وتركهم حفظه ومراقبته».
أقول: وهذا المعنى موجود في النقابات والمؤسسات أيضاً؛ لأنها تكلف الموظف وتراقبه، وترعى حقوقه وتوفر له الحماية، مما يفهم منه أن العاقلة هم أهل النصرة، عصبة كانوا أم مؤسسة أم نقابة أم غيرها.
من أجل ذلك فإنه لا مانع من أن تقوم اليوم شركة التأمين مثلاً بدور العاقلة في دفع الدية؛ لكن ليس التأمين التجاري المشتمل على الربوبات؛ بل التأمين التعاوني الذي يقوم على دفع اشتراكات دورية من المشاركين، وفق جدول متفق عليه؛ لتغطية الخسائر التي يتعرض لها البعض.
هذا وإذا لم توجد العاقلة ولا البدائل المعاصرة التي ذكرناها، فعندئذ على بيت المال (الحكومة) أن تتحملها؛ لأنه لا يعقل أن يهدر دم المسلم من غير قصاص ولادية، واليوم ما أكثر حوادث السيارات.