غرآم الروح
16-02-2020, 02:51 PM
كيف أرضى بالقضاء وأؤمن بالقدر؟
أم عبدالرحمن الديب
كيف أرضى بالقضاء وأؤمن بالقدر؟
﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ [الحديد: 23]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يشكو كثيرٌ من المسلمين من مسألة الضيق، أو الاستياء مما يصيبهم من مصائب على غير ما يُحبون، ولعل الدافع وراء تلك الشكوى هو خوف من تقصير، ورغبة في إصلاح النفس، فنسأل الله السداد وأن يصلح قلوبنا لتكون على ما يُحب ويرضى.
كيف سبيلنا لتتأدب أنفسنا فتقنع بما قدَّره الله عز وجل وتحبه؟
لنمضي في هذا السبيل؛ فإن علينا أن نعرف أمورًا، لعل الله يرزقنا في هذا الباب علمًا راسخًا؛ فالعلم بما أنزل الله في المسألة سبيل إلى اليقين، وتحقق الرضا بالله وقضائه إن شاء الله.
أولًا: القدر والقلم واللوح:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ أوَّلَ ما خلقَ اللَّهُ القَلمَ، فقالَ: اكتُب، فقالَ: ما أكتُبُ؟ قالَ: اكتُبِ القدَرَ ما كانَ وما هوَ كائنٌ إلى الأبدِ))؛ [صحيح الترمذي - 2155].
العلم بالقلم هو علم بالقدَر؛ لأننا حين نوقن بأن كل كائن هو من تقدير الله عز وجل السابق، فإن النفس تستسلم وتعرف قَدْرها، وأنه ليس باليد من حيلة ليبخع الإنسان نفسه على ما لا يملك تغييره، ولا يحق له الاعتراض عليه.
يقول ربُّنا سبحانه وتعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد: 22، 23].
فنجد في الآية أعظم التوجيه في قول الله: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾، فربُّنا الذي خلقنا - وهو أعلم بنا - يدلُّنا على أننا إذا ما علمنا أن كل المصيبات هي في كتاب مِن قَبل أن يبرأها الله عز وجل، فإن الأنفس تطمئنُّ إن شاء الله، فيذهب عنها الأسى على الفائت، أو الفرح بما أوتيت، (وقد بيَّن الله تعالى لنا الفرح الذميم بقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾.
ونجد في الآيتين السابقتين لهاتين الآيتين توجيهًا آخر، يذهب إن شاء الله بالحزن على الدنيا والفائت منها، ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [الحديد: 20]، بل ﴿وسَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 21]، فإن البذل في سبيل الله لن يغيِّر المقادير التي قدَّرها الله في الكتاب، فلا يخش المؤمنون الفقدَ، فيُقعدهم خوفهم عن البذل.
﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: 22]، وقد قيل: إن هذه الآية تتصل بما قبلُ، وهو أن الله سبحانه هوَّن عليهم ما يصيبهم في الجهاد من قتلٍ وجَرْح، وبيَّن أن ما يخلِّفهم عن الجهاد مِن المحافظة على الأموال وما يقع فيها من خسران، فالكل مكتوب مقدَّر لا مدفع له؛ وإنما على المرء امتثال الأمر)؛ (تفسير القرطبي).
فعلامَ الحزنُ وهي دار زائلة؟ وبمَ الفرح وهو متاع الغرور؟
هذا، ومَن فاتته الدنيا وزَهِد فيها، فإن الله يَعِد بمغفرة ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ [الحديد: 21]، فليعمل لذلك العاملون.
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى: 20]، فالآخرة مبتغَى المؤمنين، وهي الأَولى بالإعمار والحرص.
ثانيًا: ضرورة الإيمان بالقدر:
الإيمان بالقدَر ركن من أركان الإيمان:
• عن عبدالله بن عمر رضي الله أنه قال: حدَّثني أبي عمرُ بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشَّعر، لا يُرى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفه منا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند رُكبتَيه إلى ركبتيه، ووضع كفَّيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبِرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا))، قال: صدَقتَ، قال: فعجِبنا له؛ يسأله ويُصدِّقه، قال: فأخبِرني عن الإيمان، قال: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، قال: صدَقت، قال: فأخبِرني عن الإحسان، قال: ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك))، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ((ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل))، قال: فأخبِرني عن أَمارتها، قال: ((أن تَلِدَ الأَمَةُ ربَّتَها، وأن ترى الحفاة العراة العالةَ رِعاءَ الشاءِ، يتطاولون في البنيان))، قال: ثم انطلق، فلبثت مليًّا، ثم قال لي: ((يا عمر، أتدري مَن السائل؟))، قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه جبريل، أتاكم يعلِّمكم دينَكم ))؛ [صحيح مسلم - 8].
وفساده مُصيب للإيمان والدين:
• عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن عبدٌ حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه))؛ [صحيح الترمذي - 2144].
والكفر به سبب لعدم قبول الأعمال ودخول النار نعوذ بالله منها:
• عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحِمهم لكانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالهم، ولو كان لك مثل أُحُد ذهبًا - أو مثل جبل أُحُد ذهبًا - تنفقه في سبيل الله، ما قبِله منك حتى تؤمن بالقدر كلِّه، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن متَّ على غير هذا، دخلت النار))؛ [سنن ابن ماجه - 74].
ثالثًا: مذمة الاعتراض على القدر:
سبق وقد بيَّنَّا ضرورة الإيمان بالقدر، وأن الكفر به مستحق صاحبه عذاب النار، وفي هذه الرواية نتعلم حرصَ السابقين من الأمة على إيمانهم بالقدر:
• عن ابن الديلمي، قال: وقع في نفسي شيء من هذا القدر، خشيت أن يفسد عليَّ ديني وأمري، فأتيت أُبَيَّ بن كعب، فقلت: أبا المنذر، إنه قد وقع في نفسي شيء من هذا القدر، فخشيت على ديني وأمري، فحدِّثني من ذلك بشيء لعل الله أن ينفعني به، فقال: لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحِمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو كان لك مثل جبل أُحُد ذهبًا، أو مثل جبل أُحُد تنفقه في سبيل الله، ما قُبِل منك حتى تؤمن بالقدر، فتَعلَمَ أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن متَّ على غير هذا دخلتَ النار، ولا عليك أن تأتي أخي عبدَالله بن مسعود فتسأله، فأتيت عبدالله فسألتُه، فذكر مثل ما قال أُبي، وقال لي: ولا عليك أن تأتي حذيفة، فأتيت حذيفة فسألته، فقال مثل ما قالا، وقال: ائتِ زيدَ بن ثابت فاسأله، فأتيت زيد بن ثابت فسألته، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو كان لك مثل أحد ذهبًا - أو مثل جبل أحد ذهبًا - تنفقه في سبيل الله، ما قبِله منك حتى تؤمن بالقدر كله، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن متَّ على غير هذا، دخلت النار))؛ [سنن ابن ماجه - 74].
• وفي رواية أخرى أنه قال: أتيت أُبي بن كعب، فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر، فحدِّثني بشيء لعل الله أن يُذهبه مِن قلبي، قال: لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، عذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالهم، ولو أنفقتَ مثل أُحُد ذهبًا في سبيل الله، ما قبِله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا، لدخلت النار، قال: ثم أتيت عبدالله بن مسعود، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت، فحدَّثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك؛ [سنن أبي داود - 4699].
وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا غلام، إني أُعلِّمك كلمات، احفظ الله يحفَظْك، احفَظِ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعِنْ بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفَّت الصحف))؛ [صحيح الترمذي - 2516].
فمن آمن وصدَّق حقًّا أن ما أصابه ما كان ليخطئه، وأن ما أخطأه ما كان ليصيبه، وأن الأمة لو اجتمعت فلن تُغيِّر تقدير الله وما كتبه لنا أو علينا، فإنه لا يحزن؛ لأنه قد أيقن بأن احتياله لنفسه وسَعْيه وسعي الخلق، كلُّ ذلك لن يغير ما قد كتبه الله، فعلامَ الأسى؟!
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن القويُّ خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرِصْ على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعجِز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَرُ الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتحُ عمل الشيطان))؛ [صحيح مسلم - 2664].
فاذكر الله وتذكَّر أن ذلك تقدير مقدَّر، رادع للنفس عن المُضِي في (لو كان) و(ليتني)، فإن الله شاء وقدَّر ففعل، فمن ذا الذي يجرؤ على تغيير أو تبديل حُكم الله؟ ومَن هذا الذي له تدبير وحكمة يظن بهما أن هناك خيرًا مما قضى الله وحكَم به؟! فليس هناك خير من حُكم الله وتدبيره، بذلك آمَنَّا وأسلَمنا.
وإذ لم يكن هناك خير مما قضى الله، ولا أطيب ولا أحسن ولا أحكم، فماذا نريد ونبتغي، وعلامَ الاعتراض والأسف؟!
ومن الناس مَن إن أصابته مصيبة يقول: "لماذا أنا خاصة تصيبني؟"، أو: "ماذا فعلتُ لأستحق هذا البلاء؟".
فمثل هذه الأقوال جحود لنعمة الله وعفوه، وظن سوء بالله، واعتراض على حكمه وقدره، واستهانة بالذنوب واحتقار لها، واغترار بالعمل.
وتردُّ ذلك شواهدُ من القرآن والسنة:
يقول ربُّنا: ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [ق: 29]، ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ﴾ [هود: 9]، ﴿وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ﴾ [الشورى: 48].
• وعن أبي ذر الغِفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ((يا عبادي، إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّمًا))؛ [صحيح مسلم - 2577].
• عن عبدالله بن عباس وعبادة بن الصامت وزيد بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالهم))؛ [شرح الطحاوية - 450].
• عن مسروق، قال: قال عبدالله: لأنْ أعَضَّ على جمرة حتى تبردَ، أحبُّ إليَّ من أن أقول لشيء قد قضاه الله: ليته لم يكن؛ [الزهد؛ لأبي داود].
• ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: 33].
ومع تباين أقوال أهل التفسير وقول بعضهم بأن القصد بالآية أنه في الآخرة، وقول آخرين بأنه في الدنيا، فمعلوم أنه في الدنيا وفي الآخرة، فلا أحد يستطيع الفرار من سلطان الله وقدره وحكمه، والحمد لله أنْ لم يتركنا لقلة علمنا وجهلنا بالغيب وعجزنا، فما كنا لنجلبَ لأنفسنا خيرًا مما قدر لنا، فالحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
يتبع
أم عبدالرحمن الديب
كيف أرضى بالقضاء وأؤمن بالقدر؟
﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ [الحديد: 23]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يشكو كثيرٌ من المسلمين من مسألة الضيق، أو الاستياء مما يصيبهم من مصائب على غير ما يُحبون، ولعل الدافع وراء تلك الشكوى هو خوف من تقصير، ورغبة في إصلاح النفس، فنسأل الله السداد وأن يصلح قلوبنا لتكون على ما يُحب ويرضى.
كيف سبيلنا لتتأدب أنفسنا فتقنع بما قدَّره الله عز وجل وتحبه؟
لنمضي في هذا السبيل؛ فإن علينا أن نعرف أمورًا، لعل الله يرزقنا في هذا الباب علمًا راسخًا؛ فالعلم بما أنزل الله في المسألة سبيل إلى اليقين، وتحقق الرضا بالله وقضائه إن شاء الله.
أولًا: القدر والقلم واللوح:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ أوَّلَ ما خلقَ اللَّهُ القَلمَ، فقالَ: اكتُب، فقالَ: ما أكتُبُ؟ قالَ: اكتُبِ القدَرَ ما كانَ وما هوَ كائنٌ إلى الأبدِ))؛ [صحيح الترمذي - 2155].
العلم بالقلم هو علم بالقدَر؛ لأننا حين نوقن بأن كل كائن هو من تقدير الله عز وجل السابق، فإن النفس تستسلم وتعرف قَدْرها، وأنه ليس باليد من حيلة ليبخع الإنسان نفسه على ما لا يملك تغييره، ولا يحق له الاعتراض عليه.
يقول ربُّنا سبحانه وتعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد: 22، 23].
فنجد في الآية أعظم التوجيه في قول الله: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾، فربُّنا الذي خلقنا - وهو أعلم بنا - يدلُّنا على أننا إذا ما علمنا أن كل المصيبات هي في كتاب مِن قَبل أن يبرأها الله عز وجل، فإن الأنفس تطمئنُّ إن شاء الله، فيذهب عنها الأسى على الفائت، أو الفرح بما أوتيت، (وقد بيَّن الله تعالى لنا الفرح الذميم بقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾.
ونجد في الآيتين السابقتين لهاتين الآيتين توجيهًا آخر، يذهب إن شاء الله بالحزن على الدنيا والفائت منها، ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [الحديد: 20]، بل ﴿وسَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 21]، فإن البذل في سبيل الله لن يغيِّر المقادير التي قدَّرها الله في الكتاب، فلا يخش المؤمنون الفقدَ، فيُقعدهم خوفهم عن البذل.
﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: 22]، وقد قيل: إن هذه الآية تتصل بما قبلُ، وهو أن الله سبحانه هوَّن عليهم ما يصيبهم في الجهاد من قتلٍ وجَرْح، وبيَّن أن ما يخلِّفهم عن الجهاد مِن المحافظة على الأموال وما يقع فيها من خسران، فالكل مكتوب مقدَّر لا مدفع له؛ وإنما على المرء امتثال الأمر)؛ (تفسير القرطبي).
فعلامَ الحزنُ وهي دار زائلة؟ وبمَ الفرح وهو متاع الغرور؟
هذا، ومَن فاتته الدنيا وزَهِد فيها، فإن الله يَعِد بمغفرة ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ [الحديد: 21]، فليعمل لذلك العاملون.
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى: 20]، فالآخرة مبتغَى المؤمنين، وهي الأَولى بالإعمار والحرص.
ثانيًا: ضرورة الإيمان بالقدر:
الإيمان بالقدَر ركن من أركان الإيمان:
• عن عبدالله بن عمر رضي الله أنه قال: حدَّثني أبي عمرُ بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشَّعر، لا يُرى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفه منا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند رُكبتَيه إلى ركبتيه، ووضع كفَّيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبِرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا))، قال: صدَقتَ، قال: فعجِبنا له؛ يسأله ويُصدِّقه، قال: فأخبِرني عن الإيمان، قال: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، قال: صدَقت، قال: فأخبِرني عن الإحسان، قال: ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك))، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ((ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل))، قال: فأخبِرني عن أَمارتها، قال: ((أن تَلِدَ الأَمَةُ ربَّتَها، وأن ترى الحفاة العراة العالةَ رِعاءَ الشاءِ، يتطاولون في البنيان))، قال: ثم انطلق، فلبثت مليًّا، ثم قال لي: ((يا عمر، أتدري مَن السائل؟))، قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه جبريل، أتاكم يعلِّمكم دينَكم ))؛ [صحيح مسلم - 8].
وفساده مُصيب للإيمان والدين:
• عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن عبدٌ حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه))؛ [صحيح الترمذي - 2144].
والكفر به سبب لعدم قبول الأعمال ودخول النار نعوذ بالله منها:
• عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحِمهم لكانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالهم، ولو كان لك مثل أُحُد ذهبًا - أو مثل جبل أُحُد ذهبًا - تنفقه في سبيل الله، ما قبِله منك حتى تؤمن بالقدر كلِّه، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن متَّ على غير هذا، دخلت النار))؛ [سنن ابن ماجه - 74].
ثالثًا: مذمة الاعتراض على القدر:
سبق وقد بيَّنَّا ضرورة الإيمان بالقدر، وأن الكفر به مستحق صاحبه عذاب النار، وفي هذه الرواية نتعلم حرصَ السابقين من الأمة على إيمانهم بالقدر:
• عن ابن الديلمي، قال: وقع في نفسي شيء من هذا القدر، خشيت أن يفسد عليَّ ديني وأمري، فأتيت أُبَيَّ بن كعب، فقلت: أبا المنذر، إنه قد وقع في نفسي شيء من هذا القدر، فخشيت على ديني وأمري، فحدِّثني من ذلك بشيء لعل الله أن ينفعني به، فقال: لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحِمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو كان لك مثل جبل أُحُد ذهبًا، أو مثل جبل أُحُد تنفقه في سبيل الله، ما قُبِل منك حتى تؤمن بالقدر، فتَعلَمَ أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن متَّ على غير هذا دخلتَ النار، ولا عليك أن تأتي أخي عبدَالله بن مسعود فتسأله، فأتيت عبدالله فسألتُه، فذكر مثل ما قال أُبي، وقال لي: ولا عليك أن تأتي حذيفة، فأتيت حذيفة فسألته، فقال مثل ما قالا، وقال: ائتِ زيدَ بن ثابت فاسأله، فأتيت زيد بن ثابت فسألته، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو كان لك مثل أحد ذهبًا - أو مثل جبل أحد ذهبًا - تنفقه في سبيل الله، ما قبِله منك حتى تؤمن بالقدر كله، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن متَّ على غير هذا، دخلت النار))؛ [سنن ابن ماجه - 74].
• وفي رواية أخرى أنه قال: أتيت أُبي بن كعب، فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر، فحدِّثني بشيء لعل الله أن يُذهبه مِن قلبي، قال: لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، عذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالهم، ولو أنفقتَ مثل أُحُد ذهبًا في سبيل الله، ما قبِله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا، لدخلت النار، قال: ثم أتيت عبدالله بن مسعود، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت، فحدَّثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك؛ [سنن أبي داود - 4699].
وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا غلام، إني أُعلِّمك كلمات، احفظ الله يحفَظْك، احفَظِ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعِنْ بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفَّت الصحف))؛ [صحيح الترمذي - 2516].
فمن آمن وصدَّق حقًّا أن ما أصابه ما كان ليخطئه، وأن ما أخطأه ما كان ليصيبه، وأن الأمة لو اجتمعت فلن تُغيِّر تقدير الله وما كتبه لنا أو علينا، فإنه لا يحزن؛ لأنه قد أيقن بأن احتياله لنفسه وسَعْيه وسعي الخلق، كلُّ ذلك لن يغير ما قد كتبه الله، فعلامَ الأسى؟!
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن القويُّ خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرِصْ على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعجِز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَرُ الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتحُ عمل الشيطان))؛ [صحيح مسلم - 2664].
فاذكر الله وتذكَّر أن ذلك تقدير مقدَّر، رادع للنفس عن المُضِي في (لو كان) و(ليتني)، فإن الله شاء وقدَّر ففعل، فمن ذا الذي يجرؤ على تغيير أو تبديل حُكم الله؟ ومَن هذا الذي له تدبير وحكمة يظن بهما أن هناك خيرًا مما قضى الله وحكَم به؟! فليس هناك خير من حُكم الله وتدبيره، بذلك آمَنَّا وأسلَمنا.
وإذ لم يكن هناك خير مما قضى الله، ولا أطيب ولا أحسن ولا أحكم، فماذا نريد ونبتغي، وعلامَ الاعتراض والأسف؟!
ومن الناس مَن إن أصابته مصيبة يقول: "لماذا أنا خاصة تصيبني؟"، أو: "ماذا فعلتُ لأستحق هذا البلاء؟".
فمثل هذه الأقوال جحود لنعمة الله وعفوه، وظن سوء بالله، واعتراض على حكمه وقدره، واستهانة بالذنوب واحتقار لها، واغترار بالعمل.
وتردُّ ذلك شواهدُ من القرآن والسنة:
يقول ربُّنا: ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [ق: 29]، ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ﴾ [هود: 9]، ﴿وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ﴾ [الشورى: 48].
• وعن أبي ذر الغِفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ((يا عبادي، إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّمًا))؛ [صحيح مسلم - 2577].
• عن عبدالله بن عباس وعبادة بن الصامت وزيد بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالهم))؛ [شرح الطحاوية - 450].
• عن مسروق، قال: قال عبدالله: لأنْ أعَضَّ على جمرة حتى تبردَ، أحبُّ إليَّ من أن أقول لشيء قد قضاه الله: ليته لم يكن؛ [الزهد؛ لأبي داود].
• ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: 33].
ومع تباين أقوال أهل التفسير وقول بعضهم بأن القصد بالآية أنه في الآخرة، وقول آخرين بأنه في الدنيا، فمعلوم أنه في الدنيا وفي الآخرة، فلا أحد يستطيع الفرار من سلطان الله وقدره وحكمه، والحمد لله أنْ لم يتركنا لقلة علمنا وجهلنا بالغيب وعجزنا، فما كنا لنجلبَ لأنفسنا خيرًا مما قدر لنا، فالحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
يتبع