غرآم الروح
25-02-2020, 11:13 AM
القسم في قوله تعالى: (ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون)
سعد الدين إبراهيم المصطفى
قَولُهُ تَعالَى: (ثُمَّ نُكِسُوا علَى رُؤوسِهِم لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاءِ يَنطِقُونَ) [1] يَقُولُ: رَجَعُوا عندَما عَرَفُوا مِنْ حُجَّةِ إبراهِيمَ، فَقَالُوا: (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاءِ يَنطِقُونَ).
والعِلمُ والظَّنُّ بِمَنزِلةِ اليَمِينِ؛ فَلِذلِكَ لَقِيْتَ العِلمَ بـ(ما) فَقَالَ: علِمْتَ ما هؤلاءِ، كقولِ القائِلِ: واللهِ ما أَنتَ بِأَخِينا، وكَذلِكَ قَولُهُ: (وظَنُّوا ما لَهُم مِنْ مَحِيصٍ) [2].
ولو أَدخَلَتِ العَرَبُ (أنْ) قَبلَ (ما) فَقِيلَ: عَلِمْتُ أنْ ما فِيكَ خَيرٌ، وظَنَنْتُ أنْ ما فِيكَ خَيرٌ، كانَ صوابَاً. ولو اكتَفَوا بِتِلكَ الأداةِ فَلَم يُدخِلُوا علَيها (أنْ) لاستقامَ المعنى، ألا ترى قوله: (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [3] لو قِيلَ: أنْ لَيَسْجُنُنَّهُ كان صَوَاباً، كما قال الشاعر (من الطويل):
وَخَبَّرْتُما أَنْ إنَّما بَينَ بِيشَةٍ *** وَنَجرانَ أَحوَىُ، والمَحَلُّ خَصِيبُ
فأَدخَلَ (أنْ) على إنَّما[4].
تعليق ومقارنة:
أَرادَ هُنا فِي هذا الأُسلُوبِ أنْ يَقُولَ لَنا: إنَّ العِلمَ والظَّنَّ قَسَمٌ، وجَوابُ القَسَمِ ما بَعدَ (ما) أي: مَا هؤلاءِ يَنطِقُونَ، فجَوابُ القَسَمِ جَاءَ مُقترِناً بِحرفِ النَّفيِ (ما) وأرادَ أيضاً أَنْ يَقُولَ لَنا: إنَّ العَرَبَ تَضَعُ (أنْ) قبل (ما) وهذا صَوابٌ عِندَهُم، ولَيسَ بِخطأ، وأتى بِشَاهِدٍ علَى ذلِكَ.
ومِن مِثلِ ذلِكَ أيضاً قَولُهُ تعالَى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [5].
العِدَةُ قَولٌ يَصلُحُ فِيها (أنْ) وجَوابُ اليَمِينِ، وإنَّ (أنْ) تَصلُحُ فِي مِثلِهِ من الكَلام[6].
ـــــــــــــــــ
[1] الآية 65 من سورة الأنبياء.
[2] الآية 48 من سورة فصلت.
[3] الآية 35 من سورة يوسف.
[4] معاني القرآن 2: 207.
[5] الآية 55 من سورة النور.
[6] معاني القرآن للفراء 2: 258.
سعد الدين إبراهيم المصطفى
قَولُهُ تَعالَى: (ثُمَّ نُكِسُوا علَى رُؤوسِهِم لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاءِ يَنطِقُونَ) [1] يَقُولُ: رَجَعُوا عندَما عَرَفُوا مِنْ حُجَّةِ إبراهِيمَ، فَقَالُوا: (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاءِ يَنطِقُونَ).
والعِلمُ والظَّنُّ بِمَنزِلةِ اليَمِينِ؛ فَلِذلِكَ لَقِيْتَ العِلمَ بـ(ما) فَقَالَ: علِمْتَ ما هؤلاءِ، كقولِ القائِلِ: واللهِ ما أَنتَ بِأَخِينا، وكَذلِكَ قَولُهُ: (وظَنُّوا ما لَهُم مِنْ مَحِيصٍ) [2].
ولو أَدخَلَتِ العَرَبُ (أنْ) قَبلَ (ما) فَقِيلَ: عَلِمْتُ أنْ ما فِيكَ خَيرٌ، وظَنَنْتُ أنْ ما فِيكَ خَيرٌ، كانَ صوابَاً. ولو اكتَفَوا بِتِلكَ الأداةِ فَلَم يُدخِلُوا علَيها (أنْ) لاستقامَ المعنى، ألا ترى قوله: (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [3] لو قِيلَ: أنْ لَيَسْجُنُنَّهُ كان صَوَاباً، كما قال الشاعر (من الطويل):
وَخَبَّرْتُما أَنْ إنَّما بَينَ بِيشَةٍ *** وَنَجرانَ أَحوَىُ، والمَحَلُّ خَصِيبُ
فأَدخَلَ (أنْ) على إنَّما[4].
تعليق ومقارنة:
أَرادَ هُنا فِي هذا الأُسلُوبِ أنْ يَقُولَ لَنا: إنَّ العِلمَ والظَّنَّ قَسَمٌ، وجَوابُ القَسَمِ ما بَعدَ (ما) أي: مَا هؤلاءِ يَنطِقُونَ، فجَوابُ القَسَمِ جَاءَ مُقترِناً بِحرفِ النَّفيِ (ما) وأرادَ أيضاً أَنْ يَقُولَ لَنا: إنَّ العَرَبَ تَضَعُ (أنْ) قبل (ما) وهذا صَوابٌ عِندَهُم، ولَيسَ بِخطأ، وأتى بِشَاهِدٍ علَى ذلِكَ.
ومِن مِثلِ ذلِكَ أيضاً قَولُهُ تعالَى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [5].
العِدَةُ قَولٌ يَصلُحُ فِيها (أنْ) وجَوابُ اليَمِينِ، وإنَّ (أنْ) تَصلُحُ فِي مِثلِهِ من الكَلام[6].
ـــــــــــــــــ
[1] الآية 65 من سورة الأنبياء.
[2] الآية 48 من سورة فصلت.
[3] الآية 35 من سورة يوسف.
[4] معاني القرآن 2: 207.
[5] الآية 55 من سورة النور.
[6] معاني القرآن للفراء 2: 258.