reda laby
28-02-2020, 10:13 PM
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
(أن رجلاً استأذن على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال:
بئسَ أخو العشيرة (الجماعة أو القبيلة)، وبئسَ ابن العشيرة،
فلما جلس تطلَّقَ (استبشر) النبيُّ صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسطَ إليه،
فلما انطلق الرجلُ قالت عائشة: يا رسول الله،
حين رأيتَ الرجلَ قلتَ له كذا وكذا، ثم تطلَّقْتَ في وجهِه وانبسطْتَ إليه؟!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، متى عَهِدتني فحَّاشاً،
إن شرَّ الناس عند اللهِ منزلةً يومَ القيامة من تركَه الناسُ اتقاءَ شرِّه) رواه البخاري.
وقد بوّب البخاري لهذا الحديث بقوله: "بابُ المداراة مع الناس". وقال ابن حجر:
"وهذا الحديث أصلٌ في المداراة". وفي رواية الترمذي أن عائشة رضي الله عنها قالت:
(استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده،
فقال: بئس ابن العشيرة، أو أخو العشيرة، ثمّ أذن له، فألان له القول،
فلما خرج، قلتُ: يا رسول الله قلتَ ما قلت، ثمّ ألنْتَ له القول؟!
فقال: يا عائشة، إنّ شرّ النّاس من تركه النّاس ـ أو ودعه النّاس ـ اتّقاء فحشه).
قال المناوي: "أي لأجل قبح فعله وقوله، أو لأجل اتقاء فحشه،
أي: مجاوزة الحدِّ الشرعي قولًا أو فعلًا، وهذا أصل في ندب المدَاراة إذا ترتب عليها
دفع ضرٍّ، أو جلب نفع، بخلاف المداهنة فحرامٌ مطلقاً،
إذ هي بذل الدين لصلاح الدنيا، والمدَاراة بذل الدنيا لصلاح دين أو دنيا،
بنحو رفقٍ بجاهلٍ في تعليم، وبفاسقٍ في نهيٍ عن منكر، وترك إغلاظ وتألُّف،
ونحوها مطلوبةٌ محبوبةٌ إن ترتب عليها نفع، فإن لم يترتب عليها نفع،
بأن لم يتقِ شرَّه بها كما هو معروف في بعض الأنام فلا تشرع"
. وقال الخطابي: "جمع هذا الحديث علماً وأدبا،
وليس قوله صلى الله عليه وسلم لأمته في الأمور التي ينصحهم بها،
ويضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض
بل الواجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يبين ذلك ويفصح به،
ويعرف الناس أمرهم، فإن ذلك من باب النصيحة، والشفقة على الأمة،
ولكنه لما جبل عليه من الكرم، وأعطيه من حسن الخلق،
أظهر له البشاشة ولم يجبهه بالمكروه ليفتدي به أمته في اتقاء شرّ من هذا سبيله،
وفي مداراته، ليسلموا من شره وغائلته".
وقال القرطبي: "في هذا الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق، أو بالفحش،
ونحو ذلك مع جواز مداراته اتقاء شره، ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى،
ثم قال تبعا للقاضي الحسين:
الفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا
، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بذل له من دنياه: حسن عشرته،
والرفق في مكالمته، ومع ذلك فلم يمدحه بقول يناقض قوله فيه فعله،
فإن قوله فيه حق، وفعله معه حسن معاشرته
، فيزول بهذا التقدير الإشكال".
(أن رجلاً استأذن على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال:
بئسَ أخو العشيرة (الجماعة أو القبيلة)، وبئسَ ابن العشيرة،
فلما جلس تطلَّقَ (استبشر) النبيُّ صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسطَ إليه،
فلما انطلق الرجلُ قالت عائشة: يا رسول الله،
حين رأيتَ الرجلَ قلتَ له كذا وكذا، ثم تطلَّقْتَ في وجهِه وانبسطْتَ إليه؟!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، متى عَهِدتني فحَّاشاً،
إن شرَّ الناس عند اللهِ منزلةً يومَ القيامة من تركَه الناسُ اتقاءَ شرِّه) رواه البخاري.
وقد بوّب البخاري لهذا الحديث بقوله: "بابُ المداراة مع الناس". وقال ابن حجر:
"وهذا الحديث أصلٌ في المداراة". وفي رواية الترمذي أن عائشة رضي الله عنها قالت:
(استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده،
فقال: بئس ابن العشيرة، أو أخو العشيرة، ثمّ أذن له، فألان له القول،
فلما خرج، قلتُ: يا رسول الله قلتَ ما قلت، ثمّ ألنْتَ له القول؟!
فقال: يا عائشة، إنّ شرّ النّاس من تركه النّاس ـ أو ودعه النّاس ـ اتّقاء فحشه).
قال المناوي: "أي لأجل قبح فعله وقوله، أو لأجل اتقاء فحشه،
أي: مجاوزة الحدِّ الشرعي قولًا أو فعلًا، وهذا أصل في ندب المدَاراة إذا ترتب عليها
دفع ضرٍّ، أو جلب نفع، بخلاف المداهنة فحرامٌ مطلقاً،
إذ هي بذل الدين لصلاح الدنيا، والمدَاراة بذل الدنيا لصلاح دين أو دنيا،
بنحو رفقٍ بجاهلٍ في تعليم، وبفاسقٍ في نهيٍ عن منكر، وترك إغلاظ وتألُّف،
ونحوها مطلوبةٌ محبوبةٌ إن ترتب عليها نفع، فإن لم يترتب عليها نفع،
بأن لم يتقِ شرَّه بها كما هو معروف في بعض الأنام فلا تشرع"
. وقال الخطابي: "جمع هذا الحديث علماً وأدبا،
وليس قوله صلى الله عليه وسلم لأمته في الأمور التي ينصحهم بها،
ويضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض
بل الواجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يبين ذلك ويفصح به،
ويعرف الناس أمرهم، فإن ذلك من باب النصيحة، والشفقة على الأمة،
ولكنه لما جبل عليه من الكرم، وأعطيه من حسن الخلق،
أظهر له البشاشة ولم يجبهه بالمكروه ليفتدي به أمته في اتقاء شرّ من هذا سبيله،
وفي مداراته، ليسلموا من شره وغائلته".
وقال القرطبي: "في هذا الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق، أو بالفحش،
ونحو ذلك مع جواز مداراته اتقاء شره، ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى،
ثم قال تبعا للقاضي الحسين:
الفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا
، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بذل له من دنياه: حسن عشرته،
والرفق في مكالمته، ومع ذلك فلم يمدحه بقول يناقض قوله فيه فعله،
فإن قوله فيه حق، وفعله معه حسن معاشرته
، فيزول بهذا التقدير الإشكال".