غرآم الروح
12-04-2020, 10:58 AM
https://up.hmsat3shg.com/do.php?img=10998
قيمتان عظيمتان رسخهما القرآن الكريم هما أساس كل دولة قوية في كل العصور هما: (العلم.. والعمل) والمدقق في كتاب الله الخاتم، والمقارن بينه وبين ما سبقه من كتب سماوية؛ يجد اهتماماً ملحوظاً للقرآن بهذين الأمرين العظيمين، فقد جعل القرآن تحصيل العلم المفيد النافع واجباً، وتقديمه للآخرين أيضا من الواجبات، والعلم النافع يهدي إلى صالح العمل، كما أنه يهدي إلى الإيمان، فالعلم دليل الإيمان، كما أرشد إلى ذلك قول الحق سبحانه: oوليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم فالعلم الصحيح يترتب عليه الإيمان، والإيمان يترتب عليه الإخبات والخشوع.
يقول المفكر العلمي د. أحمد فؤاد باشا، النائب الأسبق لرئيس جامعة القاهرة: العلم الصحيح هو أساس الإيمان والعمل، ولذلك كان اهتمام القرآن به منذ بدأ نزوله في مخاطبة الخالق لنبيه العظيم صلى الله عليه وسلم: ;اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم ففي الآيات أمر مكرر بالقراءة، وهي مفتاح العلم، وفيها تنويه بالقلم، وهو أداة نقل العلم وتثبيته.
وانطلاقاً من ترسيخ القرآن لقيمة العلم وجعله منهج حياة للمسلم حتى في التعرف على خالقه، وأداء ما عليه من عبادات فقد كان من أبرز تعاليم القرآن الحث على العلم، فقد خلق الله الإنسان، ومنحه أدوات تحصيل العلم من سمع وبصر وعقل، ولذلك يقول سبحانه: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون وقال عز وجل في موضع آخر:;ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فالقرآن أشار في كثير من آياته إلى الأدوات الثلاث الرئيسية في التعلم وهي: السمع، والبصر، والفؤاد وهو العقل.
فضل العلم والعلماء
وبما أن للعلم أهميته وقيمته في توجيه الإنسان وقيادته إلى الحياة الطيبة فقد عني القرآن الكريم بإبراز فضل العلماء، وبيان قيمة من يقدم العلم للناس، فقال سبحانه في سورة الزمر: ;قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمو وقال في سورة آل عمران: ;شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط وفي هذه الآية الكريمة بدأ الخالق بنفسه ثم الملائكة، وذكر بعدهم أولي العلم.. ويقول سبحانه أيضا في سورة فاطر: إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ، فخشية الله هي ثمرة معرفته، فمن عرف خالقه حق المعرفة، خشيه حق خشيته، ومن هنا اعتبر النبي عليه الصلاة والسلام مداد العلماء مساوياً لدماء الشهداء.
والعلم الذي يحثنا عليه القرآن لا يقف عند حد معين، ولا عند سن معينة، بل واجب الإنسان أن يتعلم طوال عمره حتى يلقى خالقه سبحانه، وأن ينقل علمه النافع إلى غيره ليستفيد منه، وهكذا يتم تداول العلم ليستفيد منه أهل الأرض جميعا من مسلمين وغير مسلمين. وقد أكد الباحثون في مجالات العلوم المختلفة أن القرآن دستور شامل لحياة علمية من شأنها أن تنهض بالمجتمع الإسلامي ولا خلاف على أن التطبيق الصحيح لتوجيهات القرآن فيما يتعلق بالعلم وتقدير العلماء يحقق ما تتطلع إليه مجتمعاتنا من نهضة وتقدم، ويخلصها من مشكلة التخلف التي تعاني منها معظم أقطار العالم الإسلامي.
دين ودنيا
ومن الحقائق التي لا يجوز تجاهلها أن العلم الذي حثنا القرآن على تحصيله، ونشره بين الناس؛ ليس هو العلم الديني فقط كما يفهم بعض أدعياء التدين، فهذا جانب واحد من جوانب متعددة، فالعلم الديني - بنص القرآن - تختص به طائفة معينة مصداقاً لقوله تعالى: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون أما بقية فئات الأمة فكل فئة منها تختص بمجال من مجالات العلم المختلفة، وه ذه الجهود جميعها تتكامل في النهاية ولا تتناقض لتحقق للأمة نهضتها وتقدمها.
والعلم كما حثنا عليه القرآن ليس هدفاً في حد ذاته، فنحن لا نتعلم العلم لمجرد تحصيله، فهو ليس غاية مقطوعة الصلة عن النتائج والثمار، ولكنه طريق لتحصيل خيرَي الدين والدنيا، فهو في مجال الدين أداة لمعرفة أحكامه والوقوف على أسراره حتى تكون عبادة الله عن رشاد وهداية، وهو في مجال الدنيا وسيلة لتحصيل عزها وكشف أسرارها وتبادل الحوار، ونقل الأفكار، وتطوير الحياة على نحو ما هو أسمى وأفضل.
قيمة العمل
وكما رسخ القرآن الكريم قيمة العلم في نفوس المسلمين وجعل تحصيله فريضة واجبة قبل أن يكون حقاً، رسخ القرآن أيضاً قيمة العمل في نفس كل إنسان قادر عليه، وجعل من الواجب على كل إنسان أن يسعى إلى العمل بجد ونشاط، وأن يؤهل نفسه ليكون صالحا لأداء العمل بكفاءة كبيرة. ومن مظاهر عناية القرآن بالعمل وتقديره لقيمته وثنائه على القائمين به أن كلمة العمل ومشتقاتها قد وردت في القرآن الكريم أكثر من ثلاثمئة وخمسين مرة.
يقول د. عبد الله النجار، أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث بالأزهر: القرآن لا ينظر إلى العمل على أنه مجرد حق للإنسان، بل هو واجب وفريضة، فالعمل هو وسيلة لعمارة الأرض، وهذه المهمة العظيمة والرسالة الكبيرة لا تتحقق إلا بالعمل الدؤوب.
وهكذا يكون العمل في نظر القرآن - كما يقول د. النجار - قيمة إنسانية خلاقة يتوقف عليها إعمار الكون واستمرار الحياة، واستخلاف الإنسان، وقد أوضح القرآن أنه بدون العمل لا يكون للحياة معنى، لأن قيمة الإنسان بعقله، إذ العقل هو الدرة التي امتن الله بها عليه، وجعله مفضلاً على جميع المخلوقات، وبالعقل استحق الكرامة الإنسانية، وأن تكون حرماته مصونة، وهو لم يعط كل ذلك لمجرد وجود العقل، وإنما لأن العقل يمثل طاقة الإبداع فيه، وبه يستطيع أن يعمل عملا نافعا في حياته، وأن يتعاون مع الآخرين من أجل صناعة الحضارة وتحقيق الرخاء.
مطلوب لذاته
ويضيف: القراءة المتأنية للآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن العمل تؤكد أنه واجب على كل قادر عليه ومطلوب لذاته، وبصرف النظر عما يدره من عائد مادي للعامل، فالقادرون على العمل يجب عليهم أن يعملوا حتى لو كان العمل لا يحقق لهم المستوى المادي الذي يرجونه، كما يجب على القادرين على العمل أن يعملوا حتى ولو كان لديهم فائض مادي يكفي معيشتهم ويقضي حوائجهم، فالعمل يطهر اليد ويكرم الإنسان ويسمو بالحياة، وعلينا أن نتأمل قول الله تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنونفقد طلب الله العمل أولاً بالأمر الدال على الوجوب، وإذا كان الأمر بالعمل صادرا من الله عز وجل فإنه لا بد وأن يكون عملا نافعا، وفي المجالات التي تعود بالخير على الإنسان في دينه ودنياه.
ومما يؤكد قيمة العمل وفرضيته قول الله تعالى: هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور، حيث طلب السعي في الأرض قبل الأكل من رزقه، وفي هذا ما يؤكد وجه الدلالة على أن العمل مطلوب لذاته.
والقرآن لا يلزم الإنسان بأداء أي عمل، بل يلزمه بالعمل النافع المفيد له وللآخرين والمجتمع الذي يعيش فيه، ولذلك يطالب القرآن بإتقان العمل وإحسانه، وكلمة الإحسان ومشتقاتها وردت في القرآن الكريم أكثر من مئة وثمانين مرة، ومن هنا ينبغي أن يكون العمل الذي يؤديه الإنسان عملا صالحا، والعمل الصالح هو الذي يتسم بالإحسان، والعامل المسلم يراقب خالقه في كل عمل يؤديه، ويؤدي هذا العمل وهو في رقابة ذاتية من نفسه وضميره، مؤمناً في قرارة نفسه بأن الله يراه، كما جاء في الحديث الشريف.
والقرآن الكريم كفل حقوق العامل، وأرقى هذه الحقوق أن يحيا العامل الملتزم حياة طيبة، وأن يلقى جزاء عمله وما أروع الجزاء عندما يكون من الخالق سبحانه: من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملونولهذا قرر رسول الله للعامل حقاً في المسكن والزواج وبدل الانتقال بما يتلاءم مع مرتبة العامل مصداقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: أجرك على قدر نصبك وفي هذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام:من استعملناه على عمل فإن لم يكن له زوجة فليتخذ زوجة، فإن لم يكن له مسكن فليتخذ مسكناً، فإن لم يكن له دابة فليتخذ دابة وبهذا التوجيه الإسلامي الرشيد أقام الإسلام علاقة متوازنة بين العمال وأصحاب العمل، وضمن للعمال حياة كريمة.
قيمتان عظيمتان رسخهما القرآن الكريم هما أساس كل دولة قوية في كل العصور هما: (العلم.. والعمل) والمدقق في كتاب الله الخاتم، والمقارن بينه وبين ما سبقه من كتب سماوية؛ يجد اهتماماً ملحوظاً للقرآن بهذين الأمرين العظيمين، فقد جعل القرآن تحصيل العلم المفيد النافع واجباً، وتقديمه للآخرين أيضا من الواجبات، والعلم النافع يهدي إلى صالح العمل، كما أنه يهدي إلى الإيمان، فالعلم دليل الإيمان، كما أرشد إلى ذلك قول الحق سبحانه: oوليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم فالعلم الصحيح يترتب عليه الإيمان، والإيمان يترتب عليه الإخبات والخشوع.
يقول المفكر العلمي د. أحمد فؤاد باشا، النائب الأسبق لرئيس جامعة القاهرة: العلم الصحيح هو أساس الإيمان والعمل، ولذلك كان اهتمام القرآن به منذ بدأ نزوله في مخاطبة الخالق لنبيه العظيم صلى الله عليه وسلم: ;اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم ففي الآيات أمر مكرر بالقراءة، وهي مفتاح العلم، وفيها تنويه بالقلم، وهو أداة نقل العلم وتثبيته.
وانطلاقاً من ترسيخ القرآن لقيمة العلم وجعله منهج حياة للمسلم حتى في التعرف على خالقه، وأداء ما عليه من عبادات فقد كان من أبرز تعاليم القرآن الحث على العلم، فقد خلق الله الإنسان، ومنحه أدوات تحصيل العلم من سمع وبصر وعقل، ولذلك يقول سبحانه: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون وقال عز وجل في موضع آخر:;ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فالقرآن أشار في كثير من آياته إلى الأدوات الثلاث الرئيسية في التعلم وهي: السمع، والبصر، والفؤاد وهو العقل.
فضل العلم والعلماء
وبما أن للعلم أهميته وقيمته في توجيه الإنسان وقيادته إلى الحياة الطيبة فقد عني القرآن الكريم بإبراز فضل العلماء، وبيان قيمة من يقدم العلم للناس، فقال سبحانه في سورة الزمر: ;قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمو وقال في سورة آل عمران: ;شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط وفي هذه الآية الكريمة بدأ الخالق بنفسه ثم الملائكة، وذكر بعدهم أولي العلم.. ويقول سبحانه أيضا في سورة فاطر: إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ، فخشية الله هي ثمرة معرفته، فمن عرف خالقه حق المعرفة، خشيه حق خشيته، ومن هنا اعتبر النبي عليه الصلاة والسلام مداد العلماء مساوياً لدماء الشهداء.
والعلم الذي يحثنا عليه القرآن لا يقف عند حد معين، ولا عند سن معينة، بل واجب الإنسان أن يتعلم طوال عمره حتى يلقى خالقه سبحانه، وأن ينقل علمه النافع إلى غيره ليستفيد منه، وهكذا يتم تداول العلم ليستفيد منه أهل الأرض جميعا من مسلمين وغير مسلمين. وقد أكد الباحثون في مجالات العلوم المختلفة أن القرآن دستور شامل لحياة علمية من شأنها أن تنهض بالمجتمع الإسلامي ولا خلاف على أن التطبيق الصحيح لتوجيهات القرآن فيما يتعلق بالعلم وتقدير العلماء يحقق ما تتطلع إليه مجتمعاتنا من نهضة وتقدم، ويخلصها من مشكلة التخلف التي تعاني منها معظم أقطار العالم الإسلامي.
دين ودنيا
ومن الحقائق التي لا يجوز تجاهلها أن العلم الذي حثنا القرآن على تحصيله، ونشره بين الناس؛ ليس هو العلم الديني فقط كما يفهم بعض أدعياء التدين، فهذا جانب واحد من جوانب متعددة، فالعلم الديني - بنص القرآن - تختص به طائفة معينة مصداقاً لقوله تعالى: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون أما بقية فئات الأمة فكل فئة منها تختص بمجال من مجالات العلم المختلفة، وه ذه الجهود جميعها تتكامل في النهاية ولا تتناقض لتحقق للأمة نهضتها وتقدمها.
والعلم كما حثنا عليه القرآن ليس هدفاً في حد ذاته، فنحن لا نتعلم العلم لمجرد تحصيله، فهو ليس غاية مقطوعة الصلة عن النتائج والثمار، ولكنه طريق لتحصيل خيرَي الدين والدنيا، فهو في مجال الدين أداة لمعرفة أحكامه والوقوف على أسراره حتى تكون عبادة الله عن رشاد وهداية، وهو في مجال الدنيا وسيلة لتحصيل عزها وكشف أسرارها وتبادل الحوار، ونقل الأفكار، وتطوير الحياة على نحو ما هو أسمى وأفضل.
قيمة العمل
وكما رسخ القرآن الكريم قيمة العلم في نفوس المسلمين وجعل تحصيله فريضة واجبة قبل أن يكون حقاً، رسخ القرآن أيضاً قيمة العمل في نفس كل إنسان قادر عليه، وجعل من الواجب على كل إنسان أن يسعى إلى العمل بجد ونشاط، وأن يؤهل نفسه ليكون صالحا لأداء العمل بكفاءة كبيرة. ومن مظاهر عناية القرآن بالعمل وتقديره لقيمته وثنائه على القائمين به أن كلمة العمل ومشتقاتها قد وردت في القرآن الكريم أكثر من ثلاثمئة وخمسين مرة.
يقول د. عبد الله النجار، أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث بالأزهر: القرآن لا ينظر إلى العمل على أنه مجرد حق للإنسان، بل هو واجب وفريضة، فالعمل هو وسيلة لعمارة الأرض، وهذه المهمة العظيمة والرسالة الكبيرة لا تتحقق إلا بالعمل الدؤوب.
وهكذا يكون العمل في نظر القرآن - كما يقول د. النجار - قيمة إنسانية خلاقة يتوقف عليها إعمار الكون واستمرار الحياة، واستخلاف الإنسان، وقد أوضح القرآن أنه بدون العمل لا يكون للحياة معنى، لأن قيمة الإنسان بعقله، إذ العقل هو الدرة التي امتن الله بها عليه، وجعله مفضلاً على جميع المخلوقات، وبالعقل استحق الكرامة الإنسانية، وأن تكون حرماته مصونة، وهو لم يعط كل ذلك لمجرد وجود العقل، وإنما لأن العقل يمثل طاقة الإبداع فيه، وبه يستطيع أن يعمل عملا نافعا في حياته، وأن يتعاون مع الآخرين من أجل صناعة الحضارة وتحقيق الرخاء.
مطلوب لذاته
ويضيف: القراءة المتأنية للآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن العمل تؤكد أنه واجب على كل قادر عليه ومطلوب لذاته، وبصرف النظر عما يدره من عائد مادي للعامل، فالقادرون على العمل يجب عليهم أن يعملوا حتى لو كان العمل لا يحقق لهم المستوى المادي الذي يرجونه، كما يجب على القادرين على العمل أن يعملوا حتى ولو كان لديهم فائض مادي يكفي معيشتهم ويقضي حوائجهم، فالعمل يطهر اليد ويكرم الإنسان ويسمو بالحياة، وعلينا أن نتأمل قول الله تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنونفقد طلب الله العمل أولاً بالأمر الدال على الوجوب، وإذا كان الأمر بالعمل صادرا من الله عز وجل فإنه لا بد وأن يكون عملا نافعا، وفي المجالات التي تعود بالخير على الإنسان في دينه ودنياه.
ومما يؤكد قيمة العمل وفرضيته قول الله تعالى: هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور، حيث طلب السعي في الأرض قبل الأكل من رزقه، وفي هذا ما يؤكد وجه الدلالة على أن العمل مطلوب لذاته.
والقرآن لا يلزم الإنسان بأداء أي عمل، بل يلزمه بالعمل النافع المفيد له وللآخرين والمجتمع الذي يعيش فيه، ولذلك يطالب القرآن بإتقان العمل وإحسانه، وكلمة الإحسان ومشتقاتها وردت في القرآن الكريم أكثر من مئة وثمانين مرة، ومن هنا ينبغي أن يكون العمل الذي يؤديه الإنسان عملا صالحا، والعمل الصالح هو الذي يتسم بالإحسان، والعامل المسلم يراقب خالقه في كل عمل يؤديه، ويؤدي هذا العمل وهو في رقابة ذاتية من نفسه وضميره، مؤمناً في قرارة نفسه بأن الله يراه، كما جاء في الحديث الشريف.
والقرآن الكريم كفل حقوق العامل، وأرقى هذه الحقوق أن يحيا العامل الملتزم حياة طيبة، وأن يلقى جزاء عمله وما أروع الجزاء عندما يكون من الخالق سبحانه: من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملونولهذا قرر رسول الله للعامل حقاً في المسكن والزواج وبدل الانتقال بما يتلاءم مع مرتبة العامل مصداقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: أجرك على قدر نصبك وفي هذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام:من استعملناه على عمل فإن لم يكن له زوجة فليتخذ زوجة، فإن لم يكن له مسكن فليتخذ مسكناً، فإن لم يكن له دابة فليتخذ دابة وبهذا التوجيه الإسلامي الرشيد أقام الإسلام علاقة متوازنة بين العمال وأصحاب العمل، وضمن للعمال حياة كريمة.