حسن الوائلي
18-12-2020, 02:52 PM
أوّلًا: إنّ فريضةَ الحجاب لا تقتصرُ على كونها مجرّد غطاءٍ للرأس، تخفي به المرأة شعرها، وانتهى الأمر، بل الأمر أوسع من هذا بكثير. فحجابُ المرأة، عنوانٌ عريضٌ يحكي عن مبادئها، وقيمها، وثوابتها التي لا تتخلّى عنها.. وحجابُ المرأة هويّتها التي تشيرُ إلى كونِها مسلمة، وهذا العنوان يحذّرُ كلّ من يريدُ أن يقتربَ منها، أو يمسّها بسوءٍ، أو أن يتخطّى حدوده في التعامل معها، أن احترس، فأنا محجّبة، وهذا الحجابُ أوسعُ من أعضائي بكثير، فهو يتخطاها، ويصلُ إلى مبادئي شتّى، ويرسمُ شخصيّتي، ويروي سيرتي، ويحدّد توجّهاتي، ومعاملاتي، وكيفيّة تصرّفي وتفاعلي مع المجتمع الحيّ المتحرّك عامّةً، أيًّا كان نوع هذا المجتمع، وأيًّا كان الدورُ الذي أؤدّيه فيه.. إنّ هذا الحجاب، يعيدُ طرحَ حساباتي كلّها، ويجعلني أعيد النظر في خططي وأهدافي وغاياتي كلّها، ورسالتي في الحياة، ونظرتي إليها، ويتطلّب منّي تضحيةً قد تبدو خسارةً في ظاهرها، إلاّ أنّها هي الربحُ الأكيد الذي لا خسارة فيه، فهو الخطوة التي ستضمنُ دخولي الجنة والفوز برضوان الله..
فكما أنّ الصلاة الصحيحة هي تلك التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإنّ الحجاب الصحيح هو ذاك الذي ينهى المسلمة عن كلّ معصيةٍ وحرامٍ وتجاوزٍ للحدود، وهو الذي يشكّل لها مانعًا وعازلًا قويا يمنعها من ارتكاب الآثام والأخطاء التي قد تراها صغيرة وبسيطة فيما لو كانت لا تحملُ هذه الهوية التي تمثّل إسلامها وتجلّيه للملأ.. فالحجابُ هو الوقاية والمناعة للرجل والمرأة على حدٍّ سواء.
ثانيًا: أنّ على كلّ مسلمٍ أن يكونَ واضحًا مع نفسه، صريحًا معها، وأن يقيم معها هذا الحوار الصادقَ والبليغ، الذي لا يضحك فيه المرء على نفسه ولا يخدعها.. على كلّ امرئ منّا أن يخرج عن هذا الفصام الذي يعتري كثيرا من المسلمين في أيامنا هذه، حيث العناوين والظواهر تتعارضُ مع مضمونها.. فليست العبرة بالأسماء ولا المظاهر فحسب، مع كلّ ما للمظهر في الإسلام من أهميّةٍ وضرورة، لأنّه يمثّل الطاعة لله والاستسلام لأوامره، أيا كانت ومهما كانت.. إلاّ أنّ المظهر ينبغي أن يكون مرتبطا دائمًا بالمضمون، وألا يفترق عنه قيد أنملة، وينبغي للمضمون والتصرفات أن تكون ترجمة حيّةً لرسالة الحجاب، بشكلها الكامل المتكامل، وبهذا، تكون المرأة المسلمة، بحجابها، مثالا حيًّا وقدوة يقتدى بها، فلا تضلُّ ولا تخدع من يراها، ولا تتسبّبُ بالإساءة إلى هذا الدين الذي تدعو إليه بشكلها الواضح الصريح، الذي يشير إلى خلفيتها وثقافتها الإسلاميّة، والتي قد تتضرّرُ فيما لو أساءت إليهِا بموقفٍ أو سلوكٍ أو حوارٍ أو مشهدٍ، أو أيٍّ كان..
فالحجابُ كما قالت الفنّانة هو حجابٌ بالمطلق، وهو ليس مجرّد غطاءٍ للرأس فحسب.. بل هو سلسلة متكاملة من الالتزامات، وعقد متراصّ من الجواهر التي إذا انفرطت إحداها، انفرط العقد بأكمله، ولم يعد هناك من داعٍ لارتداء هيكله الفارغ، الذي لن يؤدّي دوره الذي وضع له.. فالأمور في الإسلام وكلّ القضايا، تؤخذُ كاملةً متكاملة دون إنقاص، ولا يمكن ترك شيءٍ وأخذ شيءٍ حسب الهوى، وكما قيل: (خذوا الإسلامَ جملةً أو دعوه). فأنتِ أمرتِ بالحجاب، هذا يعني أن تلتزمي بكلّ ما يناسب المرأة المحجبة، وأن تحترمي حجابكِ الذي يمهّد لترجمةٍ وتعريفٍ حيٍّ عن المرأة المسلمة في أيّ مكان تتوجهُ إليه، فحاولي أن تعطي صورةً رائعةً مشرقة، وأن تكوني مثالًا يُحتذى به، لتشجّعي من حولكِ للقيام بهذه الخطوة التي تحفظُكِ وتحفظ المجتمع وتضمنُ استقرارهُ وحمايته.
ثالثًا: أنّ الإنسان الصادق والمخلص، الذي يعترفُ بأخطائه، هو الوحيدُ القادر على إصلاح هذه الأخطاء والوصول إلى حلٍّ ملموسٍ لها. فها هي هذه الفنّانة المحترمة تعلن اعتزالها للفنّ، وتركها للمحيط كلّه بعد مدّة وجيزة من استضافتها في هذا البرنامج، وها هي بحمد الله وفضله، قد منّ الله عليها بحياةٍ رائعةٍ جليلة، تصبُّ فيها جام اهتمامها وعنايتها على أسرتها وأبنائها وتربيتهم على أسسٍ إسلاميّةٍ قويمة لا ترضى بالدون، وترتاح من كلّ ما عليها من التزاماتٍ فنيّةٍ وتجاوزاتٍ وسقطاتٍ تسبّبت لها بكلّ هذا الصراع، الذي لا بدّ أن يشعر به أيّ إنسانٍ مسلمٍ صادقٍ سليم الفطرة، لا يرضى بالازدواجيّة، ولا التناقض، ويرفض الوقوع في شراكِ الظاهريّة، والرياء، والدين الصوَري الظاهريّ الفارغ من مضمونهِ وحكمته.
رابعًا: وهي الرسالة الأهمّ والأروع التي وصلتني من هذا المقطع، ألا وهي أنّ المسلم الذي يصدقُ مع نفسه، ومع الله، والذي يخشى الله حقًّا، ويحاول أن يطيعه بكلّ ما أوتيَ من إمكانات، والذي يبذلُ في سبيل هذا كلّ ما في جعبته من تضحياتٍ، لقاء نيل رضا الله، وتحقيق طاعته، والتسليم لأوامره بالكامل.. إنّ مسلمًا كهذا لا بدّ أن يترك أثرًا عميقًا في قلوبِ العالمين، المسلمين منهم وغير المسلمين، وإن لم يُظهروا هذا جميعًا ويعترفوا به علنًا.. وها هو المقدّم النصرانيّ خير دليلٍ على هذا، وهو يبدي احترامه وتشرّفه بالفنّانة المعتزّةِ بإسلامها وحجابِها، وثوابتها ومبادئها، ويثني على صدقها وصراحتها ووضوحها مع نفسها، ويُعجَبُ بأفكارها وحوارها الرائع، بل ويتمنّى أن تكون كلَّ المحجّبات بهذه العقليّة وهذا الفكر المبهر..
والأمرُ الذي لفت نظري فعلًا في المقطع، هو استنتاجٌ آخر يستخلصهُ المشاهدُ منه.. بأنّ الإنسان بشكلٍ عامّ، أيًّا كان دينه، ومهما كانت خلفيّته، يحترمُ الإنسان الزاهدَ في متاعِ الدنيا، الطالب لما عند الله.. وهذا ما جعلني أتذكّرُ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي يقول: ((ازهد في الدنيا يحبّك الله عزّ وجل، وازهد فيما في أيدي الناس يحبّك الناس)).. فعلًا والله، فإن شعر الناس أنّك زاهدُ فيما بين أيديهم، متخلٍّ عن أطماع الدنيا وملذّاتها المحرّمة، منعتقٌ من سرابها وأوهامها وبريقها الخادع، متوجّهٌ بكليّتكَ إلى الله، سيحترمونك، وسيطمئنّون إليك، وسيصدّقون أقوالك، وربّما تكون أنتَ بنفسكَ سببًا لهدايتهم دون أن تعي ذلك أو تقصده، لمجرّد كونكَ تؤدّي الرسالة كما ينبغي، وتطبّقُ ما أُمرتَ به على أكمل وجه.. وهذا بالتحديد هو المقصد والغاية من وراء كوننا أمّةً وسطًا، عدلًا، تبلّغ الرسالة، بالفعل قبل القول، وتدعو إلى اللهِ بصدقٍ وإخلاصٍ واقتداءٍ بالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، الذي سيشهدُ لها يومَ القيامة.. قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكونَ الرسولُ عليكم شهيداً) البقرة: 143.
صدقًا، لو تحلّت كلّ مسلمة منّا، وكلّ محجّبة بهذا التفكير، وجرّبت أن تكون أكثر صدقًا مع نفسها ومع الله، لكُنّا اليوم في أفضل الأحوال، ولصار للمسلمين شأنٌ آخر في بلداننا العربيّة، بل وفي بقاعِ الأرض أجمع. لكنّها شهوة الدنيا كما قالت الممثلة، هي التي سحرتنا، وأخذتنا ببريقها، وألهتنا بسفاسفِ الحياة وقشورها، وزينتها الخادعة العابرة.. وكلّنا لديهِ شيءٌ من هذه الشهوة الخفيّة في جهةٍ ما من جهاتِ نفسهِ، والبطولةُ تتجلّى في اعترافنا بهذا الأمر، ومن ثمّ تخلّينا عن آخرِ أثرٍ من آثار هذه الشهوة الخفيّة، متمثّلة في الموهبة، أو الهواية، أو المهنة، أو الرسالة التي خُلقَ كلٌّ منّا ليؤدّيها كما أراد الله..
فلنكن على قدر الرسالة، ولنحاول جاهدين أن نؤدّي رسالتنا بكامل الأمانةِ والصدقِ والوضوح والإخلاص، ولنوظّف ما لدينا من مواهب وعطايا من الله تعالى لخدمة هذا الدين العظيم، ليبارك لنا الله في حياتنا وأعمالنا، ويجعلها تؤتي أكُلها وثمارها ولو بعد حين..
فاللهمّ اجعلنا مسلمين لكَ كما تحبُّ وترضى، طائعين بكليّتنا، خاضعين لأوامرك، مستسلمين لدينك، طالبين لوجهكَ الكريم فحسب، واجعلنا ممّن جعلتَ لهم قدم صدقٍ لديك، وطهّر قلوبنا من شهوةِ الدنيا، وألهمنا رشدنا، وقنا شرّ أنفسنا، واجعلنا نعبدكَ كأنّا نراكَ أبدًا ما حيينا...
فكما أنّ الصلاة الصحيحة هي تلك التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإنّ الحجاب الصحيح هو ذاك الذي ينهى المسلمة عن كلّ معصيةٍ وحرامٍ وتجاوزٍ للحدود، وهو الذي يشكّل لها مانعًا وعازلًا قويا يمنعها من ارتكاب الآثام والأخطاء التي قد تراها صغيرة وبسيطة فيما لو كانت لا تحملُ هذه الهوية التي تمثّل إسلامها وتجلّيه للملأ.. فالحجابُ هو الوقاية والمناعة للرجل والمرأة على حدٍّ سواء.
ثانيًا: أنّ على كلّ مسلمٍ أن يكونَ واضحًا مع نفسه، صريحًا معها، وأن يقيم معها هذا الحوار الصادقَ والبليغ، الذي لا يضحك فيه المرء على نفسه ولا يخدعها.. على كلّ امرئ منّا أن يخرج عن هذا الفصام الذي يعتري كثيرا من المسلمين في أيامنا هذه، حيث العناوين والظواهر تتعارضُ مع مضمونها.. فليست العبرة بالأسماء ولا المظاهر فحسب، مع كلّ ما للمظهر في الإسلام من أهميّةٍ وضرورة، لأنّه يمثّل الطاعة لله والاستسلام لأوامره، أيا كانت ومهما كانت.. إلاّ أنّ المظهر ينبغي أن يكون مرتبطا دائمًا بالمضمون، وألا يفترق عنه قيد أنملة، وينبغي للمضمون والتصرفات أن تكون ترجمة حيّةً لرسالة الحجاب، بشكلها الكامل المتكامل، وبهذا، تكون المرأة المسلمة، بحجابها، مثالا حيًّا وقدوة يقتدى بها، فلا تضلُّ ولا تخدع من يراها، ولا تتسبّبُ بالإساءة إلى هذا الدين الذي تدعو إليه بشكلها الواضح الصريح، الذي يشير إلى خلفيتها وثقافتها الإسلاميّة، والتي قد تتضرّرُ فيما لو أساءت إليهِا بموقفٍ أو سلوكٍ أو حوارٍ أو مشهدٍ، أو أيٍّ كان..
فالحجابُ كما قالت الفنّانة هو حجابٌ بالمطلق، وهو ليس مجرّد غطاءٍ للرأس فحسب.. بل هو سلسلة متكاملة من الالتزامات، وعقد متراصّ من الجواهر التي إذا انفرطت إحداها، انفرط العقد بأكمله، ولم يعد هناك من داعٍ لارتداء هيكله الفارغ، الذي لن يؤدّي دوره الذي وضع له.. فالأمور في الإسلام وكلّ القضايا، تؤخذُ كاملةً متكاملة دون إنقاص، ولا يمكن ترك شيءٍ وأخذ شيءٍ حسب الهوى، وكما قيل: (خذوا الإسلامَ جملةً أو دعوه). فأنتِ أمرتِ بالحجاب، هذا يعني أن تلتزمي بكلّ ما يناسب المرأة المحجبة، وأن تحترمي حجابكِ الذي يمهّد لترجمةٍ وتعريفٍ حيٍّ عن المرأة المسلمة في أيّ مكان تتوجهُ إليه، فحاولي أن تعطي صورةً رائعةً مشرقة، وأن تكوني مثالًا يُحتذى به، لتشجّعي من حولكِ للقيام بهذه الخطوة التي تحفظُكِ وتحفظ المجتمع وتضمنُ استقرارهُ وحمايته.
ثالثًا: أنّ الإنسان الصادق والمخلص، الذي يعترفُ بأخطائه، هو الوحيدُ القادر على إصلاح هذه الأخطاء والوصول إلى حلٍّ ملموسٍ لها. فها هي هذه الفنّانة المحترمة تعلن اعتزالها للفنّ، وتركها للمحيط كلّه بعد مدّة وجيزة من استضافتها في هذا البرنامج، وها هي بحمد الله وفضله، قد منّ الله عليها بحياةٍ رائعةٍ جليلة، تصبُّ فيها جام اهتمامها وعنايتها على أسرتها وأبنائها وتربيتهم على أسسٍ إسلاميّةٍ قويمة لا ترضى بالدون، وترتاح من كلّ ما عليها من التزاماتٍ فنيّةٍ وتجاوزاتٍ وسقطاتٍ تسبّبت لها بكلّ هذا الصراع، الذي لا بدّ أن يشعر به أيّ إنسانٍ مسلمٍ صادقٍ سليم الفطرة، لا يرضى بالازدواجيّة، ولا التناقض، ويرفض الوقوع في شراكِ الظاهريّة، والرياء، والدين الصوَري الظاهريّ الفارغ من مضمونهِ وحكمته.
رابعًا: وهي الرسالة الأهمّ والأروع التي وصلتني من هذا المقطع، ألا وهي أنّ المسلم الذي يصدقُ مع نفسه، ومع الله، والذي يخشى الله حقًّا، ويحاول أن يطيعه بكلّ ما أوتيَ من إمكانات، والذي يبذلُ في سبيل هذا كلّ ما في جعبته من تضحياتٍ، لقاء نيل رضا الله، وتحقيق طاعته، والتسليم لأوامره بالكامل.. إنّ مسلمًا كهذا لا بدّ أن يترك أثرًا عميقًا في قلوبِ العالمين، المسلمين منهم وغير المسلمين، وإن لم يُظهروا هذا جميعًا ويعترفوا به علنًا.. وها هو المقدّم النصرانيّ خير دليلٍ على هذا، وهو يبدي احترامه وتشرّفه بالفنّانة المعتزّةِ بإسلامها وحجابِها، وثوابتها ومبادئها، ويثني على صدقها وصراحتها ووضوحها مع نفسها، ويُعجَبُ بأفكارها وحوارها الرائع، بل ويتمنّى أن تكون كلَّ المحجّبات بهذه العقليّة وهذا الفكر المبهر..
والأمرُ الذي لفت نظري فعلًا في المقطع، هو استنتاجٌ آخر يستخلصهُ المشاهدُ منه.. بأنّ الإنسان بشكلٍ عامّ، أيًّا كان دينه، ومهما كانت خلفيّته، يحترمُ الإنسان الزاهدَ في متاعِ الدنيا، الطالب لما عند الله.. وهذا ما جعلني أتذكّرُ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي يقول: ((ازهد في الدنيا يحبّك الله عزّ وجل، وازهد فيما في أيدي الناس يحبّك الناس)).. فعلًا والله، فإن شعر الناس أنّك زاهدُ فيما بين أيديهم، متخلٍّ عن أطماع الدنيا وملذّاتها المحرّمة، منعتقٌ من سرابها وأوهامها وبريقها الخادع، متوجّهٌ بكليّتكَ إلى الله، سيحترمونك، وسيطمئنّون إليك، وسيصدّقون أقوالك، وربّما تكون أنتَ بنفسكَ سببًا لهدايتهم دون أن تعي ذلك أو تقصده، لمجرّد كونكَ تؤدّي الرسالة كما ينبغي، وتطبّقُ ما أُمرتَ به على أكمل وجه.. وهذا بالتحديد هو المقصد والغاية من وراء كوننا أمّةً وسطًا، عدلًا، تبلّغ الرسالة، بالفعل قبل القول، وتدعو إلى اللهِ بصدقٍ وإخلاصٍ واقتداءٍ بالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، الذي سيشهدُ لها يومَ القيامة.. قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكونَ الرسولُ عليكم شهيداً) البقرة: 143.
صدقًا، لو تحلّت كلّ مسلمة منّا، وكلّ محجّبة بهذا التفكير، وجرّبت أن تكون أكثر صدقًا مع نفسها ومع الله، لكُنّا اليوم في أفضل الأحوال، ولصار للمسلمين شأنٌ آخر في بلداننا العربيّة، بل وفي بقاعِ الأرض أجمع. لكنّها شهوة الدنيا كما قالت الممثلة، هي التي سحرتنا، وأخذتنا ببريقها، وألهتنا بسفاسفِ الحياة وقشورها، وزينتها الخادعة العابرة.. وكلّنا لديهِ شيءٌ من هذه الشهوة الخفيّة في جهةٍ ما من جهاتِ نفسهِ، والبطولةُ تتجلّى في اعترافنا بهذا الأمر، ومن ثمّ تخلّينا عن آخرِ أثرٍ من آثار هذه الشهوة الخفيّة، متمثّلة في الموهبة، أو الهواية، أو المهنة، أو الرسالة التي خُلقَ كلٌّ منّا ليؤدّيها كما أراد الله..
فلنكن على قدر الرسالة، ولنحاول جاهدين أن نؤدّي رسالتنا بكامل الأمانةِ والصدقِ والوضوح والإخلاص، ولنوظّف ما لدينا من مواهب وعطايا من الله تعالى لخدمة هذا الدين العظيم، ليبارك لنا الله في حياتنا وأعمالنا، ويجعلها تؤتي أكُلها وثمارها ولو بعد حين..
فاللهمّ اجعلنا مسلمين لكَ كما تحبُّ وترضى، طائعين بكليّتنا، خاضعين لأوامرك، مستسلمين لدينك، طالبين لوجهكَ الكريم فحسب، واجعلنا ممّن جعلتَ لهم قدم صدقٍ لديك، وطهّر قلوبنا من شهوةِ الدنيا، وألهمنا رشدنا، وقنا شرّ أنفسنا، واجعلنا نعبدكَ كأنّا نراكَ أبدًا ما حيينا...