уαѕмєєη..❀❀
30-11-2017, 01:27 PM
https://lh5.googleusercontent.com/-a6dYRJUy3VA/Tx2egDfLzmI/AAAAAAAABIc/WWzKAcquPkU/h80/47293458_IN091.png
https://lh5.googleusercontent.com/-onom5NykSRQ/AAAAAAAAAAI/AAAAAAAACw0/OBHSpK1RIx0/photo.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
مساء عبق بذكر الله
الحمد لله اللطيف الخبير؛ عم بلطفه العالمين،
وخص به عباده المؤمنين فما من مخلوق إلا وناله
من لطف الله تعالى ما صلح به عيشه، وتجاوز محنته وكربه،
نحمده سبحانه فهو أهل الحمد كله، وإليه يرجع الأمر كله،
علانيته وسره؛ فأهل أن يحمد وهو على كل شيء قدير،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
{ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
* وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [الزخرف: 84-85]
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أخبر عن ربه تبارك وتعالى
بما يملأ القلوب عبودية له وتعظيما ومحبة وخوفا ورجاء،
وما تسكن الأنفس إليه حمدا وشكرا ورضا وتسليما؛
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله
وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
أما بعد:
حين تتابع الكوارث والنكبات، وتتفاقم الأزمات والمشكلات
وتزداد الأخطار والمخاوف، فلا ملجأ إلا إلى الله تعالى،
ولا مفزع إلا إلى عبادته سبحانه، ولا سلوان إلا في كتابه
عز وجل. وفي كتابه أسماؤه وصفاته وأفعاله التي
من أدمن على مطالعتها وفهمها امتلأ قلبه بالإيمان واليقين،
فزاد توكله وتبددت مخاوفه فواجه الأخطار بعزم وثبات.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ومن أسماء الله تعالى اللطيف، ومن صفاته سبحانه
لطفه بعباده، وقد كرر ذكره في القرآن؛ ليركن قارئه
إلى الله تعالى، ويطمئن للطفه سبحانه مهما عظمت
الكروب والشدائد، وازدادت الأخطار والمخاوف؛ ذلك
أن علم المؤمن بلطف الله تعالى به يعينه على ذلك كله.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولطفه سبحانه يدور على معنيين عظيمين
يحتاجهما المؤمن وهما: أن علمه سبحانه دقَّ ولطف
حتى أدرك السرائر والضمائر والخفايا والمعنى الثاني:
أنه يوصل لعباده المؤمنين مصالحهم، ويدفع عنهم
ما أهمهم من أخطارهم بطرق لا يشعرون بها ولا يتوقعونها
وكم في هذين المعنيين من طمأنينة لقلوب المؤمنين
وربط عليها وتثبيت لها.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وفي المعنى الأول آيات عدة تدل على دقة علم الله تعالى
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ
الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 102-103].
وفي آية أخرى { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ
إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
* أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }
[الملك: 13- 14].
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولما نهى سبحانه نساء النبي صلى الله عليه وسلم
عن الخضوع بالقول وتبرج الجاهلية، وأمرهن بالقول
المعروف ختم الآيات بقوله سبحانه
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } [الأحزاب: 34]
ومنه قول لقمان الحكيم { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ
مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ
يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16].
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وذات ليلة تسلل النبي صلى الله عليه وسلم برفق
من فراش عائشة رضي الله عنها لئلا يوقظها،
أراد أن يستغفر لأهل البقيع بأمر من الله تعالى فلحقته
عائشة متخفية تنظر ماذا يفعل، فلما انحرف راجعا
رجعت عائشة فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت،
فسبقته إلى فراشها كأنها نائمة لكن أنفاسها من الهرولة عالية،
فسألها ما بها، فلم تخبره، فقال صلى الله عليه وسلم:
"لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، فأَخْبَرَتُه
وقالت: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ" رواه مسلم.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وأما المعنى الثاني للطفه سبحانه، وهو إيصال المصالح
لعباده من حيث لا يشعرون ولا يتوقعون، فجاء في قصة
يوسف عليه السلام فإنه أُلقي في الجب وهو مظنة الهلكة،
ثم بيع عبدا وهذا مظنة الاستمرار في العبودية، وقضاء العمر
في خدمة من اشتروه، ثم اتهم بامرأة العزيز فسجن،
وهذا مظنة البقاء في السجن إلى الموت؛
لقوة العزيز وتمكنه.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولو نجا يوسف من بعضها لم ينج من جميعها؛
فجب ثم رق ثم سجن، ولكن ألطاف الله عز وجل
على غير حسابات البشر؛ إذ جعل ابتلاءات يوسف
عليه السلام هي السلم الذي يوصله للمجد والعلياء،
والتمكين في الأرض؛ إذ برميه في الجب نقلته القافلة
من مكانه في الصحراء إلى المدينة التي بها قصر الملك،
وبيعه رقيقا أوصله إلى بيت العزيز، وفتنة امرأة العزيز به
أوصلته إلى السجن، وهو العتبة الأخيرة ليصل إلى الملك
عن طريق تعبير رؤياه بعد أن عبر للسجينين رؤياهما.
وفي هذه السلسلة من الابتلاءات التي يكتنفها لطف الله تعالى
ويحيط بها من كل جانب بلغ يوسف عليه السلام المنزلة،
وجعل على خزائن الأرض، وجيء بأبويه وإخوته إليه،
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وبعد أن استعرض يوسف لأبيه ما جرى عليه
ختم ذلك بما أخبر الله تعالى عنه أنه قال:
{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }
[يوسف: 100] فجعل سبحانه ابتلاءات يوسف ممهدات
لرفعة منزلته وعلو مكانته، وذلك بلطفه سبحانه
بحيث لم يشعر يوسف بذلك، ولا شعر به إخوته الذين مكروا به.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ويتجلى لطف الله تعالى أيضا في رزق العباد،
فهو سبحانه خلقهم ويرزقهم، ورزقه لعباده بما يحتسبون
وما لا يحتسبون، وبما يظنون وما لا يظنون. وما لا يحتسبونه
ولا يظنونه من رزق الله تعالى هو من لطفه سبحانه،
قدره لهم من حيث لا يشعرون
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ
مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [الحج: 63] وفي آية أخرى
{ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ }
[الشورى: 19] فرزقه سبحانه لعباده من لطفه بهم،
وهو يجريه لهم أيضا بلطفه عز وجل.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولو كُشف الغطاءُ عن ألطاف ربنا سبحانه بعباده
وبره وصنعه لهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون
لذابت قلوبهم حبا له، وشوقاً إليه، ولخروا شكراً له.
ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك إخلادها إلى
عالم الشهوات، والتعلق بالأسباب، فصدت عن كمال
نعيمها وذلك تقدير العزيز العليم.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وحين يتأمل المؤمن اتصاف الله تعالى باللطف
فإنه يوقن بدقة علمه سبحانه، وإحاطته بكل شيء
صغيرا كان أم كبيرا، فيدعوه ذلك لمراقبته عز وجل،
ومحاسبة نفسه على كل قول وفعل.
ولطف الله تعالى بالعبد يحيط به في كل شؤونه وأحيانه
ويسعفه في كل مخاطره ويؤمنه من كل مخاوفه
ولولا لطف اللطيف الخبير لامتلأت القلوب
وحشة وخوفا ورعبا ولما طابت بالحياة عيشا.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولطف الله تعالى عام وخاص فالعام يشمل كل خلقه
مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم؛ فهو سبحانه
خلقهم ويرزقهم ويشفيهم ويعافيهم، ويدفع عنهم؛
لأنه سبحانه ربهم فهو لطيف بهم. ولطف خاص
بأهل الإيمان يحيطهم به ولا يقدر لهم إلا ما هو خير لهم
ولو كرهوه؛ لأنه عليم بما يصلحهم، خبير بما ينفعهم.
فإذا أصابهم بما يحبون لطف بهم فرزقهم الشكر عليه
ليتضاعف أجرهم، ويبارك لهم فيما رزقهم.
وإن أصابهم بما يكرهون لطف بهم فأنزل عليهم
الصبر والرضا ليوفوا أجرهم بغير حساب
{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10].
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وحري بالعباد أن يشكروه في النعماء ويصبروا في الضراء
ولا يجزعوا في البلاء؛ فإن الله تعالى لطيف بعباده
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة: 216].
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
أيها المسلمون:
حين يصيبُ الناسَ نقص في أرزاقهم، ويتكالب الأعداء
عليهم بشتى مللهم، ويحيطون بهم من جميع جوانبهم،
ويؤذونهم أشد الأذى في إخوانهم، ويرومون تبديل دينهم،
ومسخ شريعتهم ويهددونهم ويتوعدونهم.
وحين يشتد الكرب، ويعظم الخطب، فإنه لا غنى لأهل
الإيمان عن ملاحظة لطف الله تعالى في كل أمر يقع.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
فمن لطف الله تعالى انكشاف الأعداء وظهورهم
على حقيقتهم وتجلي آيات القرآن في الكفار والمنافقين
وكأنها تتنزل هذه الأيام والوعي بحقيقة الأعداء
هو أول مراحل النصر.
ومن لطف الله تعالى ذهاب جميع الأسباب المادية
إلا سبب الله تعالى وانقطاع الحبال إلا حبله،
فلا حول للعباد ولا قوة إلا به سبحانه في مقابلة بلائهم،
ومواجهة أعدائهم وهذا سبب لطيف من اللطيف الخبير
يُرجع الناس لدينهم ويزيد في إيمانهم وعبادتهم.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وفيها أن الله تعالى بلطفه وخفاء تقديره على البشر
قد يسوق الأعداء بمكرهم وكيدهم إلى هلاكهم ودمارهم
من حيث لا يشعرون كما قد مكر سبحانه بالمكذبين
من الأمم السابقة لما مكروا بالرسل بالمؤمنين
وما على أهل الإيمان إلا اللجوء لربهم سبحانه
ومراجعة دينهم وتجديد توبتهم وملاحظة لطف الله تعالى
في كل ما يجري عليهم وعلى أمتهم وسيبدل الله تعالى
حالهم من حيث لا يشعرون وما ذلك على الله بعزيز
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسول
محمد وآله وصحبه أجمعين.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
https://lh5.googleusercontent.com/-a6dYRJUy3VA/Tx2egDfLzmI/AAAAAAAABIc/WWzKAcquPkU/h80/47293458_IN091.png
ALIGN]
https://lh5.googleusercontent.com/-onom5NykSRQ/AAAAAAAAAAI/AAAAAAAACw0/OBHSpK1RIx0/photo.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
مساء عبق بذكر الله
الحمد لله اللطيف الخبير؛ عم بلطفه العالمين،
وخص به عباده المؤمنين فما من مخلوق إلا وناله
من لطف الله تعالى ما صلح به عيشه، وتجاوز محنته وكربه،
نحمده سبحانه فهو أهل الحمد كله، وإليه يرجع الأمر كله،
علانيته وسره؛ فأهل أن يحمد وهو على كل شيء قدير،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
{ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
* وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [الزخرف: 84-85]
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أخبر عن ربه تبارك وتعالى
بما يملأ القلوب عبودية له وتعظيما ومحبة وخوفا ورجاء،
وما تسكن الأنفس إليه حمدا وشكرا ورضا وتسليما؛
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله
وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
أما بعد:
حين تتابع الكوارث والنكبات، وتتفاقم الأزمات والمشكلات
وتزداد الأخطار والمخاوف، فلا ملجأ إلا إلى الله تعالى،
ولا مفزع إلا إلى عبادته سبحانه، ولا سلوان إلا في كتابه
عز وجل. وفي كتابه أسماؤه وصفاته وأفعاله التي
من أدمن على مطالعتها وفهمها امتلأ قلبه بالإيمان واليقين،
فزاد توكله وتبددت مخاوفه فواجه الأخطار بعزم وثبات.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ومن أسماء الله تعالى اللطيف، ومن صفاته سبحانه
لطفه بعباده، وقد كرر ذكره في القرآن؛ ليركن قارئه
إلى الله تعالى، ويطمئن للطفه سبحانه مهما عظمت
الكروب والشدائد، وازدادت الأخطار والمخاوف؛ ذلك
أن علم المؤمن بلطف الله تعالى به يعينه على ذلك كله.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولطفه سبحانه يدور على معنيين عظيمين
يحتاجهما المؤمن وهما: أن علمه سبحانه دقَّ ولطف
حتى أدرك السرائر والضمائر والخفايا والمعنى الثاني:
أنه يوصل لعباده المؤمنين مصالحهم، ويدفع عنهم
ما أهمهم من أخطارهم بطرق لا يشعرون بها ولا يتوقعونها
وكم في هذين المعنيين من طمأنينة لقلوب المؤمنين
وربط عليها وتثبيت لها.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وفي المعنى الأول آيات عدة تدل على دقة علم الله تعالى
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ
الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 102-103].
وفي آية أخرى { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ
إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
* أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }
[الملك: 13- 14].
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولما نهى سبحانه نساء النبي صلى الله عليه وسلم
عن الخضوع بالقول وتبرج الجاهلية، وأمرهن بالقول
المعروف ختم الآيات بقوله سبحانه
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } [الأحزاب: 34]
ومنه قول لقمان الحكيم { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ
مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ
يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16].
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وذات ليلة تسلل النبي صلى الله عليه وسلم برفق
من فراش عائشة رضي الله عنها لئلا يوقظها،
أراد أن يستغفر لأهل البقيع بأمر من الله تعالى فلحقته
عائشة متخفية تنظر ماذا يفعل، فلما انحرف راجعا
رجعت عائشة فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت،
فسبقته إلى فراشها كأنها نائمة لكن أنفاسها من الهرولة عالية،
فسألها ما بها، فلم تخبره، فقال صلى الله عليه وسلم:
"لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، فأَخْبَرَتُه
وقالت: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ" رواه مسلم.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وأما المعنى الثاني للطفه سبحانه، وهو إيصال المصالح
لعباده من حيث لا يشعرون ولا يتوقعون، فجاء في قصة
يوسف عليه السلام فإنه أُلقي في الجب وهو مظنة الهلكة،
ثم بيع عبدا وهذا مظنة الاستمرار في العبودية، وقضاء العمر
في خدمة من اشتروه، ثم اتهم بامرأة العزيز فسجن،
وهذا مظنة البقاء في السجن إلى الموت؛
لقوة العزيز وتمكنه.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولو نجا يوسف من بعضها لم ينج من جميعها؛
فجب ثم رق ثم سجن، ولكن ألطاف الله عز وجل
على غير حسابات البشر؛ إذ جعل ابتلاءات يوسف
عليه السلام هي السلم الذي يوصله للمجد والعلياء،
والتمكين في الأرض؛ إذ برميه في الجب نقلته القافلة
من مكانه في الصحراء إلى المدينة التي بها قصر الملك،
وبيعه رقيقا أوصله إلى بيت العزيز، وفتنة امرأة العزيز به
أوصلته إلى السجن، وهو العتبة الأخيرة ليصل إلى الملك
عن طريق تعبير رؤياه بعد أن عبر للسجينين رؤياهما.
وفي هذه السلسلة من الابتلاءات التي يكتنفها لطف الله تعالى
ويحيط بها من كل جانب بلغ يوسف عليه السلام المنزلة،
وجعل على خزائن الأرض، وجيء بأبويه وإخوته إليه،
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وبعد أن استعرض يوسف لأبيه ما جرى عليه
ختم ذلك بما أخبر الله تعالى عنه أنه قال:
{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }
[يوسف: 100] فجعل سبحانه ابتلاءات يوسف ممهدات
لرفعة منزلته وعلو مكانته، وذلك بلطفه سبحانه
بحيث لم يشعر يوسف بذلك، ولا شعر به إخوته الذين مكروا به.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ويتجلى لطف الله تعالى أيضا في رزق العباد،
فهو سبحانه خلقهم ويرزقهم، ورزقه لعباده بما يحتسبون
وما لا يحتسبون، وبما يظنون وما لا يظنون. وما لا يحتسبونه
ولا يظنونه من رزق الله تعالى هو من لطفه سبحانه،
قدره لهم من حيث لا يشعرون
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ
مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [الحج: 63] وفي آية أخرى
{ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ }
[الشورى: 19] فرزقه سبحانه لعباده من لطفه بهم،
وهو يجريه لهم أيضا بلطفه عز وجل.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولو كُشف الغطاءُ عن ألطاف ربنا سبحانه بعباده
وبره وصنعه لهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون
لذابت قلوبهم حبا له، وشوقاً إليه، ولخروا شكراً له.
ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك إخلادها إلى
عالم الشهوات، والتعلق بالأسباب، فصدت عن كمال
نعيمها وذلك تقدير العزيز العليم.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وحين يتأمل المؤمن اتصاف الله تعالى باللطف
فإنه يوقن بدقة علمه سبحانه، وإحاطته بكل شيء
صغيرا كان أم كبيرا، فيدعوه ذلك لمراقبته عز وجل،
ومحاسبة نفسه على كل قول وفعل.
ولطف الله تعالى بالعبد يحيط به في كل شؤونه وأحيانه
ويسعفه في كل مخاطره ويؤمنه من كل مخاوفه
ولولا لطف اللطيف الخبير لامتلأت القلوب
وحشة وخوفا ورعبا ولما طابت بالحياة عيشا.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
ولطف الله تعالى عام وخاص فالعام يشمل كل خلقه
مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم؛ فهو سبحانه
خلقهم ويرزقهم ويشفيهم ويعافيهم، ويدفع عنهم؛
لأنه سبحانه ربهم فهو لطيف بهم. ولطف خاص
بأهل الإيمان يحيطهم به ولا يقدر لهم إلا ما هو خير لهم
ولو كرهوه؛ لأنه عليم بما يصلحهم، خبير بما ينفعهم.
فإذا أصابهم بما يحبون لطف بهم فرزقهم الشكر عليه
ليتضاعف أجرهم، ويبارك لهم فيما رزقهم.
وإن أصابهم بما يكرهون لطف بهم فأنزل عليهم
الصبر والرضا ليوفوا أجرهم بغير حساب
{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10].
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وحري بالعباد أن يشكروه في النعماء ويصبروا في الضراء
ولا يجزعوا في البلاء؛ فإن الله تعالى لطيف بعباده
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة: 216].
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
أيها المسلمون:
حين يصيبُ الناسَ نقص في أرزاقهم، ويتكالب الأعداء
عليهم بشتى مللهم، ويحيطون بهم من جميع جوانبهم،
ويؤذونهم أشد الأذى في إخوانهم، ويرومون تبديل دينهم،
ومسخ شريعتهم ويهددونهم ويتوعدونهم.
وحين يشتد الكرب، ويعظم الخطب، فإنه لا غنى لأهل
الإيمان عن ملاحظة لطف الله تعالى في كل أمر يقع.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
فمن لطف الله تعالى انكشاف الأعداء وظهورهم
على حقيقتهم وتجلي آيات القرآن في الكفار والمنافقين
وكأنها تتنزل هذه الأيام والوعي بحقيقة الأعداء
هو أول مراحل النصر.
ومن لطف الله تعالى ذهاب جميع الأسباب المادية
إلا سبب الله تعالى وانقطاع الحبال إلا حبله،
فلا حول للعباد ولا قوة إلا به سبحانه في مقابلة بلائهم،
ومواجهة أعدائهم وهذا سبب لطيف من اللطيف الخبير
يُرجع الناس لدينهم ويزيد في إيمانهم وعبادتهم.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
وفيها أن الله تعالى بلطفه وخفاء تقديره على البشر
قد يسوق الأعداء بمكرهم وكيدهم إلى هلاكهم ودمارهم
من حيث لا يشعرون كما قد مكر سبحانه بالمكذبين
من الأمم السابقة لما مكروا بالرسل بالمؤمنين
وما على أهل الإيمان إلا اللجوء لربهم سبحانه
ومراجعة دينهم وتجديد توبتهم وملاحظة لطف الله تعالى
في كل ما يجري عليهم وعلى أمتهم وسيبدل الله تعالى
حالهم من حيث لا يشعرون وما ذلك على الله بعزيز
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسول
محمد وآله وصحبه أجمعين.
http://up.3dlat.com/uploads/134677010915.gif
https://lh5.googleusercontent.com/-a6dYRJUy3VA/Tx2egDfLzmI/AAAAAAAABIc/WWzKAcquPkU/h80/47293458_IN091.png
ALIGN]