تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ


وتين
08-04-2022, 12:04 AM
الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والآخرين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين،

والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير محمد بن عبد الله الصادق الأمين
صلى الله عليه، وعلى آله الأطهار، وصحابته الكرام وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فمن المتعارف عليه عند جميع العقلاء أن كل إنسان يحاول ويحرص على الشيء الذي ينفعه,
ويجتنب كل ما يضره, والناس في هذا ينقسمون إلى قسمين:
· قسم حرص على النفع المادي كالأكل الجيد الذي فيه غذاء للبدن, وعلى أخذ الدواء إذا أصيبوا بمرض,
ويحاولون أن ينالوا السعادة بجمع الأموال وغيرها من متاع الدنيا, وينسون آخرتهم حيث قد انهمكوا
في دنياهم وكأنهم سيخلدون فيها،فعجباً لهم يعمِّرون التي تزول، ويخربون التي ستبقى إلى أبد الآبدين.
· وقسم: أخذوا من الدنيا قدر ما يصلح دينهم ودنياهم، فأخذوا منها ما يخدم الدين، فهم لا يفرطون في أمر الدنيا بل يأخذون منها

ما يحتاجون إليه، فإذا جاعوا أكلوا، وإذا مرضوا أخذوا العلاج، ويحاولون أن يحققوا السعادة في الدنيا وفي الآخرة كما قال الله - تبارك وتعالى -:

{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ

لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}1, وكما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز،
وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان))
2,حيث في هذا الحديث فوائد منها: إثبات صفة المحبة لله - تبارك وتعالى - كما يليق بجلاله, ومنها:
أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله، وذلك لأنه يبادر ويكون نشيطاً في طاعة الله - تبارك وتعالى -
لأنه قوي بخلاف الضعيف، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, فالقوي يستطيع أن يكثر من صيام النوافل،
ويستطيع أن يقوم الليل، ويستطيع أن يجاهد في سبيل الله - تبارك وتعالى -، بخلاف الضعيف، وفي كل خير لأنهما
مؤمنين, ومنها قوله ((احرص على ما ينفعك)) والذي فيه النفع نوعان:أمور دينية، وأمور دنيوية، والإنسان محتاج إلى الدنيوية

كما أنه محتاج إلى الدينية, ومدار سعادته وتوفيقه على الحرص والاجتهاد في الأمور النافعة منهما، مع الاستعانة بالله - تبارك وتعالى -،
فمتى حرص العبد على الأمور النافعة، واجتهد فيها، وسلك أسبابها وطرقها، واستعان بربه - تبارك وتعالى - في حصولها وتكميلها؛
كان ذلك كماله، وعنوان فلاحه في الدنيا والآخرة، ومتى فاته واحد من هذه الأمور الثلاثة فإنه يفوته من الخير بحسبها, فمن
لم يكن حريصاً على الأمور النافعة بل كان كسلاناً؛ لم يدرك شيئاً وذلك لأنه لم يعمل, فالكسل هو أصل الخيبة والفشل,

والكسلان لا يدرك خيراً، ولا ينال مكرمة، ولا يحظى بدين ولا دنيا, ومتى كان حريصاً ولكن على غير الأمور النافعة:

إما على أمور ضارة، أو مفوتة للكمال؛ كان ثمرة حرصه الخيبة والخسران، وفوات الخير، وحصول الشر والضرر،
فكم من حريص على سلوك طرق وأحوال غير نافعة لم يستفد من حرصه إلا التعب والعناء والشقاء,

وكم من إنسان حرص على ما يضره وهو لا يشعر فحرص على جمع المال لا يبالي أمن حرام جمعه

أم من حلال, يأخذ الربا, ويأخذ الرشوة, ويخدع الناس ويغشهم في معاملته؛ والمهم عنده جمع المال,
وكأنه لا يعلم أن الله - تبارك وتعالى - سائله عن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه؟ كما جاء

في الحديث عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسئل: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه،
وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه))3, فعليه أن يعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً قال الله - تبارك وتعالى - في حال
من آثر الفانية على الباقية, وحال من خاف ربه وعمل لما بعد الموت: {فَأَمَّا مَن طَغَى*وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا *

فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى* وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}4.
عبد الله: العمر محدود، والدنيا فانية, والحياة الحقيقية هي الحياة الباقية التي لا تفنى، وما ذكر الله - تبارك وتعالى -

الدنيا في كتابه إلا وذمها، وكان مما قال في ذمها:

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ
الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ
}5, وقال موبخاً من رضي بالحياة الدنيا: {أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ

}6, وقال سبحانه في ذمها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
7, وقال عنها أنها متاع، وأن الذي هو عند الله خير: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ
}8, وقال:{فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
}9, وقال: {اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ}
10, وقال في زخرفها: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ
غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ

وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}11, وقال في حتمية الحياة وذم الدنيا: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ

يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}12.
فعلى الإنسان أن يتزود لآخرته يوم لا تنفعه الأموال التي جمعها، ولا الجاه والسلطان الذي أحرزه واكتسبه؛

وإنما ينفعه ما قدم من الخيرات إن أتى الله بقلب سليم قال الله {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}13.
نسأل الله تبارك وتعالى - أن لا يجعل الدنيا أكبر همنا، وأن يجعلنا ممن سخر دنياه لتكون مزرعة للآخرة بمنَّه وكرمه،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
.................................................. .......
1 سورة القصص (77).
2 رواه مسلم في صحيحه برقم(2664).
3 رواه الترمذي في سننه برقم (2417) وقال: حديث حسن صحيح؛

وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (126)؛

وقال: حسن صحيح في صحيح الترغيب والترهيب برقم (3592).
4 سورة النازعات (37-41).
5 سورة آل عمران (14).
6 سورة التوبة (38).
7 سورة يونس (23).
8 سورة القصص (60).
9 سورة الشورى (36).
10 سورة الرعد (26).
11 سورة الحديد (20).
12 سورة آل عمران (185).
13 سورة الشعراء

مسك
08-04-2022, 12:09 AM
شكراً يَ ألق
لـِ جمال هذا الانتقاء وَ التقديم
دمتم بخير

آسكَنتهآ آقدَآرِي♥»
08-04-2022, 11:20 AM
جزاك الله كل خير

امير بكلمتى
08-04-2022, 11:50 AM
شكراً يَ ألق
لـِ جمال هذا الانتقاء وَ التقديم
دمتم بخير :for_you2_by_vafiehy

- وهُــم .
08-04-2022, 01:04 PM
-

















حُرُوفٌ تَتَكَلَّمُ بِهُدُوءِ . .
مُعَتَّقَهُ بِرُوحَانِيَّاتِ بِفَضَاءِ آخَرَ مِنْ اَلْمَعَرَفَهَهْ . .
اِنْحِنَاءَةُ إِجْلَالِ لِرُوحِكَ ~
.
.
.
:100 (103):

قهوة المسا
09-04-2022, 05:08 PM
:100 (105):
يعطيك العافيه
وكلك ذوق
ويسعدك ربي
ويسلمك

بنت الخيال
09-04-2022, 08:00 PM
انتقائك جميــل
يعطيك العافيه يارب , ع الموضوع ! دمت ودام ابداعك
ودي

عيسى العنزي
11-04-2022, 11:26 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

♥..αмαℓ
14-04-2022, 01:16 AM
*,

جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري

:100 (103):

ماجد
16-04-2022, 12:44 PM
جزاك الله خير على اختيارك القيّم
وكل الشكر والتقدير لموضوعك الديني الهادف والمفيد
ونترقب المزيد من جديدك القادم
حفظك ربي ورعاك
***

عبير الليل
16-04-2022, 01:53 PM
‏ انتقاء بآذخ الجمآل ,
بِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لك من الشكر وافره,~
|
‏:bright_flower_by_va

كريزما
18-04-2022, 06:20 AM
إنتقاء ثري بالذائقه
سلمت ودام رقي ذوقك
بإنتظار القادم بشوق
كل الود لروحك

إحساس إنسان
06-05-2022, 12:30 AM
جزاك خير ل طرحك النافع والقيم
وجعله ميزان حسناتك يارب
تقديري لك

رهينة الماضي
06-05-2022, 03:49 PM
سلمت يداك ودام عطائك ومجهودك
ولك كل الشكر والامنتان
وبنتظار جديدك
تقديري واحترامي
https://a.top4top.io/p_2097dkxcq0.png

مانسيتك
08-05-2022, 03:49 AM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك

:100 (109):

عذبة المعاني
10-05-2022, 01:32 AM





فيضَ مَنَ الجَمــالْ الَذي سكبتهْ
تِلَكَ الَـأنــاملْ الَاَلمَــاَسيَةَ ..!
طًرّحٌ مٌخملَي ..,
كُلْ شَئَ مختلفْ هُنــا
يعطَيكـًم العآفية .. ولـآحرَمنآ منَكـًم
بإنتظَآرَ جَديِدكًـم بشغفَ .. :308773e9e2a1a279e65




امير بكلمتى
15-05-2022, 10:43 AM
سلمت أناملك على طرحك القيم
وسلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقاااء
بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك
تحياتي:flower_by_vafiehya-

دلآل.•
17-05-2022, 04:13 PM
جَلبَ ممُيَّز جِدَاً
وإنتقِاءَ رآِئعْ
تِسَلّمْ الأيَادِيْ
ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائك

سما الموج
25-05-2022, 01:36 PM
بارك الله فيك على طرحك القيم
جزيت جنة عرضها السماوات والارض
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
مع أطيب التحايا لـ جهودك القيمة
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/100%20(109).gif

مـخـمـلـيـة
20-08-2022, 03:32 AM
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
وييسر امرك ويرفع مقامك فى العلين :271:

ابتسامة الزهر
29-12-2022, 02:26 AM
جزاك الله خير
طرح يفوق الجمال
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي لك

البدر
17-04-2023, 07:22 AM
وتين
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-4-05527f2575:

محمد
05-06-2025, 03:04 PM
يعطيك العافيه على الطرح
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقديرشش
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ودي وعبق وردي
https://up6.cc/2025/05/1748575873361.gif

روحي تبيك
02-08-2025, 10:05 AM
عطرالله قلبك ب الايمان
ونور دربك بالغفران
طرح ف غاية الروعة والجمال
جعله ف ميزان حسناتك يوم القيامة
وجزاك الله خير ع حسن اختيارك