بنت الخيال
12-06-2022, 03:17 PM
﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ فِیمَا عَرَّضۡتُم بِهِۦ مِنۡ خِطۡبَةِ ٱلنِّسَاۤءِ أَوۡ أَكۡنَنتُمۡ فِیۤ أَنفُسِكُمۡۚ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ سَتَذۡكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّاۤ أَن تَقُولُوا۟ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰاۚ وَلَا تَعۡزِمُوا۟ عُقۡدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ یَبۡلُغَ ٱلۡكِتَـٰبُ أَجَلَهُۥۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِیمࣱ﴾ [البقرة ٢٣٥]
﴿ولا جُناحَ عَلَيْكم فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِن خِطْبَةِ النِّساءِ أوْ أكْنَنْتُمْ في أنْفُسِكم عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إلّا أنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا ولا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ﴾
عَطْفٌ عَلى الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها، فَهَذا مِنَ الأحْكامِ المُتَعَلِّقَةِ بِالعِدَّةِ، وقَدْ تَضَمَّنَتِ الآياتُ الَّتِي قَبْلَها أحْكامَ عِدَّةِ الطَّلاقِ، وعِدَّةِ الوَفاةِ، وأنَّ أمَدَ العِدَّةِ مُحْتَرَمٌ، وأنَّ المُطَلَّقاتِ إذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ جازَ أنْ يَفْعَلْنَ في أنْفُسِهِنَّ ما أرَدْنَ مِنَ المَعْرُوفِ، فَعُلِمَ مِن ذَلِكَ أنَّهُنَّ إذا لَمْ يَبْلُغْنَهُ لا يَجُوزُ ذَلِكَ فالتَّزَوُّجُ في مُدَّةِ الأجَلِ حَرامٌ، ولَمّا كانَ التَّحَدُّثُ في التَّزَوُّجِ إنَّما يَقْصِدُ مِنهُ المُتَحَدِّثُ حُصُولَ الزَّواجِ، وكانَ مِن عادَتِهِمْ أنْ يَتَسابَقُوا إلى خِطْبَةِ المُعْتَدَّةِ ومُواعَدَتِها، حِرْصًا عَلى الِاسْتِئْثارِ بِها بَعْدَ انْقِضاءِ العِدَّةِ فَبَيَّنَتِ الشَّرِيعَةُ لَهم تَحْرِيمَ ذَلِكَ، ورَخَّصَتْ في شَيْءٍ مِنهُ ولِذَلِكَ عَطَفَ هَذا الكَلامَ عَلى سابِقِهِ. والجُناحُ الإثْمُ وقَدْ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾ [البقرة: ١٥٨] .
وقَوْلُهُ ما عَرَّضْتُمْ بِهِ ما مَوْصُولَةٌ، وماصَدَقَها كَلامٌ، أيْ كَلامٌ عَرَّضْتُمْ بِهِ، لِأنَّ التَّعْرِيضَ يُطْلَقُ عَلى ضَرْبٍ مِن ضُرُوبِ المَعانِي المُسْتَفادِ مِنَ الكَلامِ، قَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ مِن خِطْبَةِ النِّساءِ فَدَلَّ عَلى أنَّ المُرادَ كَلامٌ.
ومادَّةُ فُعْلٍ فِيهِ دَلالَةٌ عَلى الجُعْلِ: مِثْلَ صُورٍ مُشْتَقَّةٌ مِنَ العُرْضِ بِضَمِّ العَيْنِ وهو الجانِبُ أيْ جَعَلَ كَلامَهُ بِجانِبٍ، والجانِبُ هو الطَّرَفُ، فَكَأنَّ المُتَكَلِّمَ يَحِيدُ بِكَلامِهِ مِن جادَّةِ المَعْنى إلى جانِبٍ. ونَظِيرُ هَذا قَوْلُهم جَنَّبَهُ، أيْ جَعَلَهُ في جانِبٍ.
﴿عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ أيْ عَلِمَ أنَّكم لا تَسْتَطِيعُونَ كِتْمانَ ما في أنْفُسِكم، فَأباحَ لَكُمُ التَّعْرِيضَ تَيْسِيرًا عَلَيْكم، فَحَصَلَ بِتَأْخِيرِ ذِكْرِ أوْ أكْنَنْتُمْ فائِدَةٌ أُخْرى وهي التَّمْهِيدُ لِقَوْلِهِ ﴿عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ وجاءَ النَّظْمُ بَدِيعًا مُعْجِزًا، ولَقَدْ أهْمَلَ مُعْظَمُ المُفَسِّرِينَ التَّعَرُّضَ لِفائِدَةِ هَذا العَطْفِ، وحاوَلَ الفَخْرُ تَوْجِيهَهُ بِما لا يَنْثَلِجُ لَهُ الصَّدْرُ ووَجَّهَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِما هو أقْرَبُ مِن تَوْجِيهِ الفَخْرِ، ولَكِنَّهُ لا تَطْمَئِنُّ لَهُ نَفْسُ البَلِيغِ.
فَقَوْلُهُ ﴿ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ اسْتِدْراكٌ دَلَّ عَلَيْهِ الكَلامُ، أيْ عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ صَراحَةً وتَعْرِيضًا؛ إذْ لا يَخْلُو ذُو عَزْمٍ مَن ذِكْرِ ما عَزَمَ عَلَيْهِ بِأحَدِ الطَّرِيقَيْنِ، ولَمّا كانَ ذِكْرُ العِلْمِ في مِثْلِ هَذا المَوْضِعِ كِنايَةً عَنِ الإذْنِ، كَما تَقُولُ: عَلِمْتُ أنَّكَ تَفْعَلُ كَذا تُرِيدُ: إنِّي لا أُؤاخِذُكَ لِأنَّكَ لَوْ كُنْتَ تُؤاخِذُهُ، وقَدْ عَلِمْتَ فِعْلَهُ، لَآخَذْتَهُ كَما قالَ: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أنْفُسَكم فَتابَ عَلَيْكم وعَفا عَنْكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] هَذا أظْهَرُ ما فُسِّرَ بِهِ هَذا الِاسْتِدْراكُ وقِيلَ: هَذا اسْتِدْراكٌ عَلى كَلامٍ مَحْذُوفٍ: أيْ فاذْكُرُوهُنَّ ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ، أيْ لا تُصَرِّحُوا وتُواعِدُوهُنَّ، أيْ تَعِدُوهُنَّ ويَعِدْنَكم بِالتَّزَوُّجِ.
﴿ولا جُناحَ عَلَيْكم فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِن خِطْبَةِ النِّساءِ أوْ أكْنَنْتُمْ في أنْفُسِكم عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إلّا أنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا ولا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ﴾
عَطْفٌ عَلى الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها، فَهَذا مِنَ الأحْكامِ المُتَعَلِّقَةِ بِالعِدَّةِ، وقَدْ تَضَمَّنَتِ الآياتُ الَّتِي قَبْلَها أحْكامَ عِدَّةِ الطَّلاقِ، وعِدَّةِ الوَفاةِ، وأنَّ أمَدَ العِدَّةِ مُحْتَرَمٌ، وأنَّ المُطَلَّقاتِ إذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ جازَ أنْ يَفْعَلْنَ في أنْفُسِهِنَّ ما أرَدْنَ مِنَ المَعْرُوفِ، فَعُلِمَ مِن ذَلِكَ أنَّهُنَّ إذا لَمْ يَبْلُغْنَهُ لا يَجُوزُ ذَلِكَ فالتَّزَوُّجُ في مُدَّةِ الأجَلِ حَرامٌ، ولَمّا كانَ التَّحَدُّثُ في التَّزَوُّجِ إنَّما يَقْصِدُ مِنهُ المُتَحَدِّثُ حُصُولَ الزَّواجِ، وكانَ مِن عادَتِهِمْ أنْ يَتَسابَقُوا إلى خِطْبَةِ المُعْتَدَّةِ ومُواعَدَتِها، حِرْصًا عَلى الِاسْتِئْثارِ بِها بَعْدَ انْقِضاءِ العِدَّةِ فَبَيَّنَتِ الشَّرِيعَةُ لَهم تَحْرِيمَ ذَلِكَ، ورَخَّصَتْ في شَيْءٍ مِنهُ ولِذَلِكَ عَطَفَ هَذا الكَلامَ عَلى سابِقِهِ. والجُناحُ الإثْمُ وقَدْ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما﴾ [البقرة: ١٥٨] .
وقَوْلُهُ ما عَرَّضْتُمْ بِهِ ما مَوْصُولَةٌ، وماصَدَقَها كَلامٌ، أيْ كَلامٌ عَرَّضْتُمْ بِهِ، لِأنَّ التَّعْرِيضَ يُطْلَقُ عَلى ضَرْبٍ مِن ضُرُوبِ المَعانِي المُسْتَفادِ مِنَ الكَلامِ، قَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ مِن خِطْبَةِ النِّساءِ فَدَلَّ عَلى أنَّ المُرادَ كَلامٌ.
ومادَّةُ فُعْلٍ فِيهِ دَلالَةٌ عَلى الجُعْلِ: مِثْلَ صُورٍ مُشْتَقَّةٌ مِنَ العُرْضِ بِضَمِّ العَيْنِ وهو الجانِبُ أيْ جَعَلَ كَلامَهُ بِجانِبٍ، والجانِبُ هو الطَّرَفُ، فَكَأنَّ المُتَكَلِّمَ يَحِيدُ بِكَلامِهِ مِن جادَّةِ المَعْنى إلى جانِبٍ. ونَظِيرُ هَذا قَوْلُهم جَنَّبَهُ، أيْ جَعَلَهُ في جانِبٍ.
﴿عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ أيْ عَلِمَ أنَّكم لا تَسْتَطِيعُونَ كِتْمانَ ما في أنْفُسِكم، فَأباحَ لَكُمُ التَّعْرِيضَ تَيْسِيرًا عَلَيْكم، فَحَصَلَ بِتَأْخِيرِ ذِكْرِ أوْ أكْنَنْتُمْ فائِدَةٌ أُخْرى وهي التَّمْهِيدُ لِقَوْلِهِ ﴿عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ وجاءَ النَّظْمُ بَدِيعًا مُعْجِزًا، ولَقَدْ أهْمَلَ مُعْظَمُ المُفَسِّرِينَ التَّعَرُّضَ لِفائِدَةِ هَذا العَطْفِ، وحاوَلَ الفَخْرُ تَوْجِيهَهُ بِما لا يَنْثَلِجُ لَهُ الصَّدْرُ ووَجَّهَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِما هو أقْرَبُ مِن تَوْجِيهِ الفَخْرِ، ولَكِنَّهُ لا تَطْمَئِنُّ لَهُ نَفْسُ البَلِيغِ.
فَقَوْلُهُ ﴿ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ اسْتِدْراكٌ دَلَّ عَلَيْهِ الكَلامُ، أيْ عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم سَتَذْكُرُونَهُنَّ صَراحَةً وتَعْرِيضًا؛ إذْ لا يَخْلُو ذُو عَزْمٍ مَن ذِكْرِ ما عَزَمَ عَلَيْهِ بِأحَدِ الطَّرِيقَيْنِ، ولَمّا كانَ ذِكْرُ العِلْمِ في مِثْلِ هَذا المَوْضِعِ كِنايَةً عَنِ الإذْنِ، كَما تَقُولُ: عَلِمْتُ أنَّكَ تَفْعَلُ كَذا تُرِيدُ: إنِّي لا أُؤاخِذُكَ لِأنَّكَ لَوْ كُنْتَ تُؤاخِذُهُ، وقَدْ عَلِمْتَ فِعْلَهُ، لَآخَذْتَهُ كَما قالَ: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أنَّكم كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أنْفُسَكم فَتابَ عَلَيْكم وعَفا عَنْكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] هَذا أظْهَرُ ما فُسِّرَ بِهِ هَذا الِاسْتِدْراكُ وقِيلَ: هَذا اسْتِدْراكٌ عَلى كَلامٍ مَحْذُوفٍ: أيْ فاذْكُرُوهُنَّ ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ، أيْ لا تُصَرِّحُوا وتُواعِدُوهُنَّ، أيْ تَعِدُوهُنَّ ويَعِدْنَكم بِالتَّزَوُّجِ.