تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جبر الله للقلــــوب


مانسيتك
11-08-2022, 09:47 PM
الحمد لله أعطانا بسخاء، ونعمهُ علينا لا حدَّ لها ولا انتهاء، وأشهدُ أن لا إله إلَّا هو العالمُ بالسِّرِّ والخفاء، جبَّار الخواطرِ بلا قيدٍ ولا استثناء، لا يَردُّ لعبده حاجةً ولا دعاء، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسوله، خاتم الأنبياء صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الشرفاء، وبعد:

: هل تشعر بانكسار يعتري نفسك، وضعف يُغلفها؟ هل تحاوطك الهموم ولا تدري كيف الخلاص منها؟

هل تودُّ أنْ تبكي وتبكي ولكنك لا تجد من تستطيع أنْ تبثه شكواك، وتحكي له عن خباياك؟
هل عانيت من ظلم البشر حتى ضاقت عليك الأرضُ بما رحبت، وعمَّتْ ظلمات ذاك الظلم حتى حجبت عنك أنوار البهجة والراحة والأمان؟

فإلى كل نفس مُتعبة، وإلى كل قلب انكسر، لا تحزن ولا تتألم أيها المنكسر الضعيف، ولا تيئس أيها الوحيد الغريب، ولا تبكِ أيها الفقير المعوز، ولا تهتم أيها العائل المحزون، ولا تبتئس أيها المظلوم المحروم؛ فإن ربَّك هو الجبار سبحانه... سيذهب حزنك، ويجبر كسرك، ويزيل يأسك، ويؤنس غربتك، ويطمئن وحدتك، سيغنيك بعد فقر، ويسترك بعد عري، ويسعدك بعد همٍّ، ويقويك بعد ضعف، وينصرك بعد ظلم.
ويا أيتها الأمة المنكسرة المستضعَفة، سيجبرك جبار السموات والأرض، إنه هو الجبار سبحانه، قال تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ ﴾ [الحشر: 23].
وقد يتخيل البعض أن أسماء مثل الجبار والمنتقم والقهار هي أسماء لقصم الظالمين والانتقام من الجبابرة فقط! المشكلة هي أنك قد تكون عشت عمرًا طويلًا ولكنك لم تشعر أبدًا بأسماء الله الحسنى!
فالجبار يجمع ثلاثة معانٍ، هي: الملك الذي يجبر كسر عبيده، والقهر فوق العباد، والعلو على الخلق، يقول الطبري: "الجبار يعني المصلح أمور خلقه، المُصَرِّفهم فيما فيه صلاحهم"، ويقول الخطابي: "الجبار هو الذي جبر مفاقر الخلق، وكفاهم أسباب المعاش والرزق".
ويقول السعدي: "هو بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى القهار، وبمعنى الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة، وللضعيف العاجز، ولمن لاذ به ولجأ إليه".
فهو سبحانه جبار جبر قوة؛ يقهر الجبابرة ويغلبهم بجبروته وعظمته، فكل جبار فهو تحت قهر الله عز وجل وجبروتِه، وفي يده وقبضته.
وهو سبحانه جبار جبر رحمة؛ يصلح حال عباده فيجبر الضعيف والكسير والحزين والفقير وغيرهم.
وهو سبحانه جبار جبر علو؛ فإنه سبحانه عالٍ فوق خلقه وهو قريب منهم، يعلم ما يسرُّون وما يعلنون... لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه مسبحًا: ((سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة))؛ أخرجه أبو داود والنسائي.

وكان يدعو بين السجدتين فيقول: ((اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وعافني وارزقني))؛ أخرجه أحمد وأبو داود.
فالجبار اسم يُطمئنُ القلبَ ويريحُ النفس؛ فالله يَجْبُرُ الفَقرَ بِالغِنَى، والمَرَضَ بِالصِّحَّةِ، والخَيبَةَ والفَشَلَ بالتَّوْفِيقِ والأَمَلِ، والخَوفَ والحزنَ بالأَمنِ والاطمِئنانِ، هُوَ جَبَّارٌ مُتصِفٌ بِكَثْرَةِ جَبْرِهِ حَوَائِجَ الخَلَائِقِ. "تفسير أسماء الله الحسنى" للزجاج.
فالله للقلوب جابر: ألا ترى الله قد جبر بخاطر الخليل إبراهيم حين كسر بخاطره فلم يؤمِن معه إلا القليلُ حتى أبوه لم يؤمن به، ظلَّ يدعوه: ﴿ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ﴾ [مريم: 44] ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 45]، فكان الرد ﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴾ [مريم: 46]، فانظر كيف جبر الله بخاطر إبراهيم بأن جعل في ذريته النبوة والكتاب ﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 49]، وفي موضع آخر يقول الله: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [العنكبوت: 27]، ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ [الأنبياء: 72، 73]، ألم أقل لك: إن الله للقلوب جابر؟
♦ وهذا يوسف عليه السلام، ومَن منَّا لا يعرفُ قصته وكيف أنَّ إخوته آذوه وأرادوا قتله؟ يخرج مع إخوته يلعب معهم فرحًا مسرورًا، فإذا بهم بالحبال ربطوه، وبالجب أنزلوه، ويوسف يظن أنهم يلعبون معه ويمازحوه، إلا أنهم تركوه؛ ليبقى في الجب وحده لا يسمع إلا أصوات الذئاب فكُسر خاطره بما فعلوه، فجبَرَ الله خاطره بوحيٍ يُثبِّت قلبه: ﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [يوسف: 15].
ثم مرة أخرى لما اتهمتْه امرأة العزيز زورًا وبهتانًا، فيدخل السجن فيكسر بخاطره، فانظر كيف جبر الله بخاطر يوسف فيخرج من السجن وبراءته ناصعة أمام الجميع وصفحته بيضاء، ثم يزداد الله في جبر خاطره فيجعله على خزائن الأرض، ثم يأتي إليه إخوته قائلين: ﴿ يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ﴾ [يوسف: 88]، ثم يبالغ الله في إكرامه وجبر خاطره بأن يأتي بأبيه إليه وقد ردَّ الله عليه بصره.
♦ ثم انظر إلى نبيِّ الله أيوب عليه السلام كيف جبر الله بخاطره لما مسَّه الضر وفقد صحته وماله، وكسر بخاطره حين لَبِثَ في بلائِه ثمانيَ عشرةَ سنةً، فرفضه القريبُ والبعيدُ إلَّا رجلَيْن من إخوانِه كانا يغدُوان إليه ويروحان، فقال أحدُهما لصاحبِه: تعلمُ واللهِ لقد أذنب أيُّوبُ ذنبًا ما أذنبه أحدٌ من العالمين، فقال له صاحبُه: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرةَ سنةً لم يرحَمْه اللهُ فيكشِفْ ما به، فلمَّا راح إليه لم يصبِرِ الرَّجلُ حتَّى ذكر ذلك لأيوب، فازداد حزنًا.

صار حتى هؤلاء الاثنان أقرب الناس واحدًا منهما يظن أيوب هذا عمل معصية شنيعة جدًّا، ولولا ذلك ما جاءه هذا البلاء، فحزن ودعا الله حينئذٍ ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83]، فانظر كيف جبر الله بخاطره ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 84] (السلسلة الصحيحة).

أخي، هل تعلم أن الله أنزل سورة في القرآن يجبر بها خاطر رجل؟ ألم يُعاتب الله تعالى حبيبه المصطفى من أجل عبدٍ ضعيفٍ أعمى، كما وصفه القرآن؟ جاء ابن أم مكتوم يطلب الهداية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد انشغل بدعوة غيره طمعًا في هداية كبار قريش، فجاء القرآن معاتبًا المصطفى وجابرًا لخاطر ذلك العبدِ الضعيف، قال الله: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾ [عبس: 1 - 4]، قال القرطبي في التفسير: (فعاتبه الله على ذلك؛ لكي لا تنكسر قلوبُ أهل الإيمان)، فكان رسول الله يقول له حين يراه: ((مرحبًا بمن عاتَبَني فيه ربي!))...

صٌوتِكْ حَضِنْ ♩
11-08-2022, 09:55 PM
جداول الألق تنسابُ ب إنسيابك
وتزداد نورًا كثيفًا بك
عبقكِ مختلفٌ ي جميلة
وتحيةٌ عُظمى لجمآل آنتقآئك

ابتسامة الزهر
11-08-2022, 11:11 PM
جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
حَمآك آلرحمَن

كريزما
11-08-2022, 11:18 PM
روعه موضوع رائع ومميز
عاشت الايادي دوم التالق
تحياتي

علاااء
12-08-2022, 12:45 AM
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز، وفي انتظار جديدك الأروع والمميز.. لك مني أجمل التحيات، وكل التوفيق لك يا رب.

إحساس إنسان
12-08-2022, 01:03 AM
جزاك خير ل طرحك النافع والقيم
وجعله ميزان حسناتك يارب
تقديري لك

همس الروح
12-08-2022, 02:45 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
تحيتي وتقديري

أميرة الاحساس
12-08-2022, 03:28 AM
سَلمتَ آناملكَ المتآلقه لروعةَ طرحهآ
بـِ آنتظار تمَيز آخرِ

عبير الليل
12-08-2022, 04:04 AM
‏ انتقاء بآذخ الجمآل ,
بِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لك من الشكر وافره,~
|
‏:bright_flower_by_va

سما الموج
12-08-2022, 08:47 AM
بارك الله فيك على طرحك القيم
جزيت جنة عرضها السماوات والارض
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
مع أطيب التحايا لـ جهودك القيمة
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/100%20(109).gif

امير بكلمتى
12-08-2022, 11:56 AM
شكراً يَ ألق
لـِ جمال هذا الانتقاء وَ التقديم
دمتم بخير

:200 (53):

- وهُــم .
12-08-2022, 02:38 PM
-

















حُرُوفٌ تَتَكَلَّمُ بِهُدُوءِ . .
مُعَتَّقَهُ بِرُوحَانِيَّاتِ بِفَضَاءِ آخَرَ مِنْ اَلْمَعَرَفَهَهْ . .
اِنْحِنَاءَةُ إِجْلَالِ لِرُوحِكَ ~
.
.
.
:100 (103):

مـخـمـلـيـة
12-08-2022, 05:56 PM
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
وييسر امرك ويرفع مقامك فى العلين :271:

بنت الخيال
12-08-2022, 06:32 PM
أنرتم سَمانا بـ جَمال العَطاء
سَلمت الأنامل وَدام وهج التَألق
كل الود والإحترام

رهينة الماضي
13-08-2022, 01:21 AM
موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاحتيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم
https://wow.mrkzy.com/breaks/rose/18.gif

♥..αмαℓ
15-08-2022, 02:28 AM
*,

جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري

:100 (103):

النجمة المضيئة
17-08-2022, 06:56 PM
جزاك الله خير على طرحك القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم

وتين
26-09-2022, 07:44 PM
جزاك الله الف خير
وجعله بموازين حسناتك

عيسى العنزي
25-10-2022, 02:40 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

رحووله
02-11-2022, 06:17 PM
بارك الله فيك وجزاك خير جزاء
تقبلي مرووووووري المتوااااااااضع تحياتي

عذبة المعاني
23-11-2022, 03:02 AM
جُزيت الجنان ورضى الرحمن
على طرحك القيّم
وجُعل في موازين حسناتك
~:red_rose_by_jasmine~

البدر
18-05-2023, 01:03 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-4-05527f2575:

علياء
31-10-2023, 01:45 PM
بارك الله فيك و جزاك كل خير
وسلمت اناملك على الانتقاء العذب والرائع
بـ إنتظآر جديدك الاجمل وعذب أطرٌوحآتك
كل الوووود والووورد
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/100%20(103).gif

امير بكلمتى
14-12-2023, 10:59 AM
مشاء الله
ابداع رسمته هنا وتألق

مكتمل الروعة والإبهار
اتمنى لك مزيداً
من الإبداع والتألق
بارك الله فيك ويسلم احساسك
تحياتي
:ezgif-4-c8829dfcbe:

محمد
05-06-2025, 11:31 AM
يعطيك العافيه على الطرح
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقديرشش
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ودي وعبق وردي
https://up6.cc/2025/05/1748575873361.gif

روحي تبيك
02-08-2025, 05:22 PM
عطرالله قلبك ب الايمان
ونور دربك بالغفران
طرح ف غاية الروعة والجمال
جعله ف ميزان حسناتك يوم القيامة
وجزاك الله خير ع حسن اختيارك