سما الموج
08-11-2022, 06:31 PM
http://3b8-y.com/vb/uploaded/1_81530754749.png
تعـدّد الزوجـات
جاء الإسلام إلى مجتمع كان التعدّد فيه من الظواهر المألوفة، ليس له حدود ولا توضع عليه أي قيود. وكان العربي يمارس الجور والظلم مع نسائه، في الوقت الذي يتحـرّج فيه من ولايته على اليتامى مخافة الجور عليهم في أمـوالهم، ثم نزلت الآية الكريمة ﴿وإن خفتم ألاّ تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم﴾ (النساء: 3)، فأصبح واضحاً أن الآية جاءت لتحـديد التعدّد، والتضييق فيه، والتحـــذير منه ولم تأت لتفتح الباب على مصراعيه لإشباع الرغبات، وتلبية نداء الشهوات، وهو ما سوف نبيِّنه إن شاء اللّـه. ويـروي الطـبري عن ابن عباس وسعيد بن جبـير وقتـادة والسدي وغيرهم «أن القوم كانوا يخافون الجور في أموال اليتامى، ولا يخافون الجور في النساء، فقيل لهم: كما خفتم ألاًّ تعدلوا في اليتامى فكذلك خـافوا في النساء ألاًّ تعدلوا فيهن»، هذا ويظن البعض أن العدل هو في الأمـور المـادية فقط، والواقع أن العدل يشمل الأمـور الوجدانية، فقد نقل الـطبي عن الضحاك وغيره في تفسير قـوله تعالى: ﴿فإن خفتم ألاّ تـــعدلوا فواحدة﴾ أن ألاّ تعدلوا «في الميل والمحبة والجماع والعشرة، والقسم بين الزوجات، فمنع من الزيادة التي تؤدي إلى ترك العدل في القسم وحسن العشرة، وذلك دليل على وجوب ذلك»، ومـرادهم بالميل والمحبة وما يترتّب عليهما من الملاطفة وفعل ما يدخل السرور على القلب.
والقرطبي والضحاك والطبري والزمخشري، ومن قبلهم ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي وقتادة وغيرهم، يرون الآية «تمنع من الزيادة التي تؤدي إلى ترك العدل .. الخ»،( ويرى الطبري أنها بمعنى الدلالة على النهي عن نكاح ما خاف الناكح الجور فيه من عدد النساء. مما سبق يتّضح أن التعدّد تحيط به مخاوف دينية تحذر المسلم المؤمن المتديّن، لتقول له إن الطريق الذي يسلك في التعدّد مخيف يجب الحذر منه، كما أن التعدّد له حدود يجب أن نبصرها قبل أن نتعدّاها وهي كثيرة منها: امتناع التعدّد إذا كان يؤدّي لضيق المعيشة، وهذا عامل اقتصادي يجب مراعاته لمن يرغب الزواج بأكثر من واحدة. وسند هذا الرأي قوله تعالى: ﴿ذلك أدنى ألاّ تعولوا﴾ (النساء:3)، أي ألاّ تفتقروا، فالرجل إذا قَلَّ عياله قلّت نفقاته ولم يفتقر. ويقول الإمام الشافعي في تفسير ذلك الجـزء من الآية: «معناه أدنى ألاّ تكثر عيالكم»، وهناك من المفسّـرين من يقول بأن عَالَ تعني مَالَ وجَالَ، وفسّـروها بأن ذلك أدنى ألاًّ تميلوا وتجوروا، ولكن هذا التفسير يؤدّي إلى تكرار المعنى في الآية: فإن خفتم ألاّ تعدلوا و ذلك أدنى ألاّ تعولوا، ولهذا رجَّح الفخر الـرازي رأي الشـافعي لاتّقاء التكرار. ورأّيُ الشافعي مسبوق برأي سفيان بن عيينة وإمامين آخرين من علماء المسلمين هما زيد بن أسلم وجــــابر بن زيد. ويضاف إلى ذ-لك أن طـاووساً وطـلحة بن مصـرف كانا يقرآن ذلك أدنى ألاّ تــعيلوا، فإذا كانت هذه قراءة معتمدة فهي من باب أولى تفسير للآيـة.
ويكـفينا الإمام الشافعي حجةً على هذا الـرأي، فهو الذي تربَّـى في البـادية وأصبح مصـدراً للعلماء في مادة اللغة العربية، يعتد برأيه دون جدل.
ومن القـيـود التي ترد على التعدد، أنه يباح للضرورة فقط، ولكي تتضح الصورة نعود إلى نصوص التعدد في الكتاب المبين، إذ يقول تعالى: فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة ، ثم يقول: ﴿فلا تميلوا كل الميل﴾، وذلك عقب قوله: ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم﴾ (النساء:129). ومعنى النص الأول، فإن خفتم أن تظلموا فاكتفوا بزوجة واحدة، والظلم حرَّمه اللّـه على نفسه، وحرّمه على عباده، ففي الحديث القدسي «يا عبادي، إني حـرّمـت الظـلـم على نفـسي، وجـعـلـته بينكم مـحـرّماً، فلا تـظـالمـوا»، ومعنى الخوف في الآية هو الظن، فيقـول القـــــرطبي: «إن خفتم: إن ظننتـم». ولـذلك فإن من أراد الـزواج بأخرى لا يقدم على الزواج أولا ثم ينظر في حاله فإن ظن ألاّ يعدل طلق واكتفى بواحدة، فالآيـة تقضي بمنع الـزواج من ثانية إذا ظن أن دواعي الظلم سوف تغلبه.
أما الآية الثانية في قوله تعالى: ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل﴾ فإن اللّـه يرخص لنا في بعض الميل لا في كل الميل، أو بمعنى آخر في بعض الظلم لا في كل الظلم، والسؤال هنا هو أنه ما دام الظلم محرّماً فما هي المصلحة في الترخيص ببعضه؟
وأحكام الشرع وأوامـره تعـالى قـائمة على تحقيق المصـلحة، وهنا نتساءل عن المصلحة التي اقتضت هذا الاستدراك؟ هل هي للتوسعة على الذوّاقين الذين يريدون إشباع رغبات البدن؟ والجواب يــــأتي في قــــوله ﷺ: «إن الله لا يحب الذوّاقين ولا الذوّاقات»،وهو حديث – وإن ضعّفه البعض – إلا أنه يعكس روح الشريعة، ولـذلك فإنناَّ نبحث عن الضرورات التي أباحت بعض الظلم وأباحت الزواج بأكثر من واحدة.
وقد يــدلّنا البحث إلى الــرجل الذي ينشد الذريّة، وثبت طبياً أن زوجـه عاقر، كما يدلّـنا إلى زوج مـرضت زوجته مـرضاً لا يرجـى برؤه، والـزنا محـرّم في الإسلام. وقد تكون الزوجة شاذة ولها طبع سلبـي لا يألف الرجال ولا ترغبهم، فيكون الزوج أمام أمـرين: إما طلاقها وقد يكون في ذلك تشريدها، أو الزواج من أخــرى.
وقد يجـــرنا البحث عن الضـرورات التي تبيح بعض الظلم وتبيح الزواج بأكثر من واحدة إلى أسباب عامة تكون عادةً مؤقتة في مجتمع من المجتمعات، كأن تقضي الحروب على عدد كبير من الرجال، فتختل النسبة بين الــرجال والنساء بحيث يزداد عددهن كثيراً وتسدّ أبواب الزواج في وجوه أكثرهن. كما أن الحروب تنقص تعداد الأمم ولولا تعدّد الزوجات في عصور الفـتـوحات لما كثر النسل وزاد عدد المجــاهدين، ولأكلت الحروب معظم المسلمين. ويقال إن هتلر فكَّر في إباحة الـزواج من اثنتين لضمان قوة الشعب الألماني، كما ورد في وثيقة بخط يد نائبه مـارتن بورمان كتبها عام 1944م. ومع ذلك فهذه حالات عامة نادرة، فـنحن نعـيش الـيوم ظـروفاً مغايرة تدعو إلـى تحديد النسل، ومحـاربة النمو السكاني الذي يضر بالنمو الاقتصادي.
http://3b8-y.com/vb/uploaded/1_31530754749.png
تعـدّد الزوجـات
جاء الإسلام إلى مجتمع كان التعدّد فيه من الظواهر المألوفة، ليس له حدود ولا توضع عليه أي قيود. وكان العربي يمارس الجور والظلم مع نسائه، في الوقت الذي يتحـرّج فيه من ولايته على اليتامى مخافة الجور عليهم في أمـوالهم، ثم نزلت الآية الكريمة ﴿وإن خفتم ألاّ تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم﴾ (النساء: 3)، فأصبح واضحاً أن الآية جاءت لتحـديد التعدّد، والتضييق فيه، والتحـــذير منه ولم تأت لتفتح الباب على مصراعيه لإشباع الرغبات، وتلبية نداء الشهوات، وهو ما سوف نبيِّنه إن شاء اللّـه. ويـروي الطـبري عن ابن عباس وسعيد بن جبـير وقتـادة والسدي وغيرهم «أن القوم كانوا يخافون الجور في أموال اليتامى، ولا يخافون الجور في النساء، فقيل لهم: كما خفتم ألاًّ تعدلوا في اليتامى فكذلك خـافوا في النساء ألاًّ تعدلوا فيهن»، هذا ويظن البعض أن العدل هو في الأمـور المـادية فقط، والواقع أن العدل يشمل الأمـور الوجدانية، فقد نقل الـطبي عن الضحاك وغيره في تفسير قـوله تعالى: ﴿فإن خفتم ألاّ تـــعدلوا فواحدة﴾ أن ألاّ تعدلوا «في الميل والمحبة والجماع والعشرة، والقسم بين الزوجات، فمنع من الزيادة التي تؤدي إلى ترك العدل في القسم وحسن العشرة، وذلك دليل على وجوب ذلك»، ومـرادهم بالميل والمحبة وما يترتّب عليهما من الملاطفة وفعل ما يدخل السرور على القلب.
والقرطبي والضحاك والطبري والزمخشري، ومن قبلهم ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي وقتادة وغيرهم، يرون الآية «تمنع من الزيادة التي تؤدي إلى ترك العدل .. الخ»،( ويرى الطبري أنها بمعنى الدلالة على النهي عن نكاح ما خاف الناكح الجور فيه من عدد النساء. مما سبق يتّضح أن التعدّد تحيط به مخاوف دينية تحذر المسلم المؤمن المتديّن، لتقول له إن الطريق الذي يسلك في التعدّد مخيف يجب الحذر منه، كما أن التعدّد له حدود يجب أن نبصرها قبل أن نتعدّاها وهي كثيرة منها: امتناع التعدّد إذا كان يؤدّي لضيق المعيشة، وهذا عامل اقتصادي يجب مراعاته لمن يرغب الزواج بأكثر من واحدة. وسند هذا الرأي قوله تعالى: ﴿ذلك أدنى ألاّ تعولوا﴾ (النساء:3)، أي ألاّ تفتقروا، فالرجل إذا قَلَّ عياله قلّت نفقاته ولم يفتقر. ويقول الإمام الشافعي في تفسير ذلك الجـزء من الآية: «معناه أدنى ألاّ تكثر عيالكم»، وهناك من المفسّـرين من يقول بأن عَالَ تعني مَالَ وجَالَ، وفسّـروها بأن ذلك أدنى ألاًّ تميلوا وتجوروا، ولكن هذا التفسير يؤدّي إلى تكرار المعنى في الآية: فإن خفتم ألاّ تعدلوا و ذلك أدنى ألاّ تعولوا، ولهذا رجَّح الفخر الـرازي رأي الشـافعي لاتّقاء التكرار. ورأّيُ الشافعي مسبوق برأي سفيان بن عيينة وإمامين آخرين من علماء المسلمين هما زيد بن أسلم وجــــابر بن زيد. ويضاف إلى ذ-لك أن طـاووساً وطـلحة بن مصـرف كانا يقرآن ذلك أدنى ألاّ تــعيلوا، فإذا كانت هذه قراءة معتمدة فهي من باب أولى تفسير للآيـة.
ويكـفينا الإمام الشافعي حجةً على هذا الـرأي، فهو الذي تربَّـى في البـادية وأصبح مصـدراً للعلماء في مادة اللغة العربية، يعتد برأيه دون جدل.
ومن القـيـود التي ترد على التعدد، أنه يباح للضرورة فقط، ولكي تتضح الصورة نعود إلى نصوص التعدد في الكتاب المبين، إذ يقول تعالى: فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة ، ثم يقول: ﴿فلا تميلوا كل الميل﴾، وذلك عقب قوله: ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم﴾ (النساء:129). ومعنى النص الأول، فإن خفتم أن تظلموا فاكتفوا بزوجة واحدة، والظلم حرَّمه اللّـه على نفسه، وحرّمه على عباده، ففي الحديث القدسي «يا عبادي، إني حـرّمـت الظـلـم على نفـسي، وجـعـلـته بينكم مـحـرّماً، فلا تـظـالمـوا»، ومعنى الخوف في الآية هو الظن، فيقـول القـــــرطبي: «إن خفتم: إن ظننتـم». ولـذلك فإن من أراد الـزواج بأخرى لا يقدم على الزواج أولا ثم ينظر في حاله فإن ظن ألاّ يعدل طلق واكتفى بواحدة، فالآيـة تقضي بمنع الـزواج من ثانية إذا ظن أن دواعي الظلم سوف تغلبه.
أما الآية الثانية في قوله تعالى: ﴿ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل﴾ فإن اللّـه يرخص لنا في بعض الميل لا في كل الميل، أو بمعنى آخر في بعض الظلم لا في كل الظلم، والسؤال هنا هو أنه ما دام الظلم محرّماً فما هي المصلحة في الترخيص ببعضه؟
وأحكام الشرع وأوامـره تعـالى قـائمة على تحقيق المصـلحة، وهنا نتساءل عن المصلحة التي اقتضت هذا الاستدراك؟ هل هي للتوسعة على الذوّاقين الذين يريدون إشباع رغبات البدن؟ والجواب يــــأتي في قــــوله ﷺ: «إن الله لا يحب الذوّاقين ولا الذوّاقات»،وهو حديث – وإن ضعّفه البعض – إلا أنه يعكس روح الشريعة، ولـذلك فإنناَّ نبحث عن الضرورات التي أباحت بعض الظلم وأباحت الزواج بأكثر من واحدة.
وقد يــدلّنا البحث إلى الــرجل الذي ينشد الذريّة، وثبت طبياً أن زوجـه عاقر، كما يدلّـنا إلى زوج مـرضت زوجته مـرضاً لا يرجـى برؤه، والـزنا محـرّم في الإسلام. وقد تكون الزوجة شاذة ولها طبع سلبـي لا يألف الرجال ولا ترغبهم، فيكون الزوج أمام أمـرين: إما طلاقها وقد يكون في ذلك تشريدها، أو الزواج من أخــرى.
وقد يجـــرنا البحث عن الضـرورات التي تبيح بعض الظلم وتبيح الزواج بأكثر من واحدة إلى أسباب عامة تكون عادةً مؤقتة في مجتمع من المجتمعات، كأن تقضي الحروب على عدد كبير من الرجال، فتختل النسبة بين الــرجال والنساء بحيث يزداد عددهن كثيراً وتسدّ أبواب الزواج في وجوه أكثرهن. كما أن الحروب تنقص تعداد الأمم ولولا تعدّد الزوجات في عصور الفـتـوحات لما كثر النسل وزاد عدد المجــاهدين، ولأكلت الحروب معظم المسلمين. ويقال إن هتلر فكَّر في إباحة الـزواج من اثنتين لضمان قوة الشعب الألماني، كما ورد في وثيقة بخط يد نائبه مـارتن بورمان كتبها عام 1944م. ومع ذلك فهذه حالات عامة نادرة، فـنحن نعـيش الـيوم ظـروفاً مغايرة تدعو إلـى تحديد النسل، ومحـاربة النمو السكاني الذي يضر بالنمو الاقتصادي.
http://3b8-y.com/vb/uploaded/1_31530754749.png