تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أولادنا وتعليمهم بر الوالدين


نور
03-02-2024, 07:11 AM
إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، وقال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36]، أما بعدُ:
جعل الله للوالدين منزلةً عظيمةً لا تعادلها منزلة، فجعل بِرَّهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرضًا عظيمًا، بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال، والحديث معهما بكل أدب وتقدير، والإنصات إليهما عندما يتحدثان، وعدم التضجر وإظهار الضيق منهما، وقد دعا الإسلام إلى البر بالوالدين والإحسان إليهما وذكره بعد الأمر بعبادة الله تعالى.

يا عباد الله، تقول فتاة: طلَّقَني زوجي وأنا صغيرة، ومعي طفل صغير، نذرت نفسي وحياتي لابني؛ كي أربِّيَه أحسنَ تربية، لم أقصِّر تجاهه في شيء، حرمت نفسي اللقمة والثياب والزيارة من أجله، لما كبر وصار عمره 20 سنة، بدأ والده بالتقرب إليه أكثر وأكثر، حتى أقنعه بالزواج من بنت أخت زوجته، لم أكن أرغب في هذا الزواج، حزنتُ كثيرًا، لكن ولدي لم يهتم، بدأت المشاكل تزداد مع زوجته وأسرته، وولدي مع الأسف صار معهم ضدي، لم أحتمل، خرجت وسكنت عند أخي، لكن قلبي يتقطع كمدًا على ابني، هل هذا هو جزائي؟ ماذا أفعل؟

قال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، يا ألله من قلوب قد تحجَّرت وماتت، وانعدم فيها الإحسان والخوف من الله، قلوب نسيت المعروف وماتت الرحمة فيها!

يا عباد الله، وحتى لا نصل إلى مثل هذه القصص، علينا أن نعلِّم أولادنا بِرَّ الوالدين، وأنه من أحب الأعمال إلى الله بعد الصلاة؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحَبُّ إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها))، قلت: ثم أي؟ قال: ((بِرُّ الوالدين))؛ [رواه مسلم].

علينا أنْ نعلِّمهم أنَّ رضا الوالدين من أسباب رضا الله سبحانه وتعالى؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((رضا الله في رضا الوالدين، وسَخَطُ الله في سخط الوالدين))؛ [رواه الترمذي]، وحتى نكسب بر أولادنا؛ علينا أن نعلمهم أن بِرَّ الوالدين يُطيل في العمر، ويزيد في الرزق؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من سرَّهُ أن يُمَدَّ له في عمره، ويُزاد في رزقه، فَلْيَبَرَّ والديه، ولْيَصِلْ رَحِمه))؛ [رواه الإمام أحمد].

أيها المسلمون، علينا أن نعلم أولادنا أن كل الأعمال الصالحة تُقرِّب إلى الله، لكن الأعمال تتفاوت، تتفاوت درجاتها وفضلها، وأفضلها بر الوالدين؛ كما قال ابن عباس: "إني لا أعلم عملًا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة"؛ [أخرجه البخاري في الأدب المفرد]، وعلينا أن نعلم أولادنا أن بر الوالدين سبب في غفران الذنوب؛ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ ذنبًا عظيمًا، فهل لي من توبة؟ قال: ((هل لك من أمٍّ؟))، قال: لا، قال: ((هل لك من خالة؟))، قال: نعم، قال: ((فبرَّها))؛ [رواه الترمذي].

نفعني الله وإيَّاكم بهدي نبيه وبسنته -صلى الله عليه وسلم- أقول قولِي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهَدَى، وَصَلَّى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.

قال الله تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 8]، أما بعد:
أيها المسلمون، وحتى نساعد أولادنا على بِرِّ الوالدين علينا أن نجلس معهم، ونتحاور معهم، ونعلمهم وسائل البر التي يحتاج إليها الوالدان وهم كبار؛ مثل الإحسان لهما بالفعل والكلام والحركة؛ كما قال تعالى: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23] وبرهما حتى وإن كانا عاصِيَيْنِ لله أو كافرَينِ؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15]، وأن يكون البر خاصة في حالة الكبر؛ لأن الوالدين محتاجان إلى ذلك.

يا عباد الله، علينا أن نُعلِّم أولادنا إكرام الوالدين وأصدقائهما، والحذر من مضايقتهما بالقول أو بالفعل أو تحديق النظر إليهما، وعلينا إكثار الدعاء لهما، والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، والعافية وحسن الخاتمة، والصلاح، ودخول الجنة، والشفاء، علينا أن نعلمهم الصدقة عنهما؛ كبناء المساجد، وحفر الآبار، وطباعة الكتب، وغيرها من الأعمال الصالحة.

أيها المسلمون، نحن - كآباء - محتاجون إلى بِرِّ أولادنا؛ ولذا علينا أن نعلمهم البِرَّ وهم صغار؛ كي يبرونا كبارًا.

هذا وصلُّوا وسلِّموا عباد الله، على نبيِّكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأعلِ بفضلكَ كلمةَ الحق والدين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وَفِّقْه لِمَا تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد، ولما فيه الخير للإسلام والمسلمين، اللهم ارزقهما البطانة الصالحة، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفظ على هذه البلاد عقيدتها، وقيادتها، وأمنها، ورخاءها واستقرارها، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم اجعلها دائمًا حائزة للخيرات والبركات، سالمة من الشرور والآفات، اللهم اصرف عَنَّا شر الأشرار وكيد الفجار، وشرَّ طوارق الليل والنهار، رُدَّ عَنَّا كيدَ الكائدين، وعدوانَ المعتدين، ومكرَ الماكرين، وحقدَ الحاقدينَ، وحسدَ الحاسدينَ، حسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ.

اللهم أبرم لأمة الإسلام أمرًا رشدًا، يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمَر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألِّف ذات بينهم، وأصلح قلوبهم وأعمالهم، واجمعهم يا حي يا قيوم على العطاء والسنة، يا ذا العطاء والفضل والمِنَّة.

اللهم انصر جنودنا، ورجال أمننا، المرابطين على ثغورنا وحدودنا، اللهم تقبَّل شهداءهم، اللهم اشفِ مرضاهم، وعافِ جرحاهم، وردَّهم سالمين غانمين.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127] ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم، والمسلمين والمسلمات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].

سلسال ورد
03-02-2024, 07:16 AM
انتقاء بآذخ الجمآل ,
بِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لك من الشكر وافره,~

سلمى
03-02-2024, 01:01 PM
بارك الله فيك وجزاك كل خير..
على ما طرحت هنا من درر قيمة..
جعلها الله بموازين حسناتك..
وأتابك الجنة..
وأظلك الله يوم لا ظل الا ظله..
وحفظك ورعاك..
تحيتي والتقدير.
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/200%20(28).gif

reda laby
03-02-2024, 07:42 PM
حتى نرضى الله :: و نسعد بعد الحياة
فى جنات الفردوس :: جائزة من الإله

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى
https://c.top4top.net/p_844k81p81.png
https://d.top4top.net/p_844kfa1h2.gif
https://c.top4top.net/p_6337qp4o1.png
http://3b8-y.com/vb/uploaded/580_21536911659.gif

علياء
04-02-2024, 05:15 AM
طرح بغاية الروعه جزاك الله خيرا وبارك فيك
وسلمت اناملك على الانتقاء العذب والذوق الرائع
بـ إنتظآر جديدك الاجمل وعذب أطرٌوحآتك
كل الوووود و الووورد
:ezgif-2-422404efb1:

البدر
04-02-2024, 05:44 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-4-c8829dfcbe:

♥..αмαℓ
04-02-2024, 10:02 AM
*,

جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري

:100 (103):

- وهُــم .
04-02-2024, 04:51 PM
-

















حُرُوفٌ تَتَكَلَّمُ بِهُدُوءِ . .
مُعَتَّقَهُ بِرُوحَانِيَّاتِ بِفَضَاءِ آخَرَ مِنْ اَلْمَعَرَفَهَهْ . .
اِنْحِنَاءَةُ إِجْلَالِ لِرُوحِكَ ~
.
.
.
:100 (103):

ابتسامة الزهر
04-02-2024, 09:21 PM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
تحيتي وتقديري

رهينة الماضي
04-02-2024, 11:31 PM
طرح قمه الروعه في والجمال
سلمت اناملك ويعطيك العافيه علي مجهودك
في أنتظار المزيد من مواضيعك الرائعة والجميله
:ezgif-2-35ceea1374:

امير بكلمتى
05-02-2024, 10:54 AM
مشاء الله
ابداع رسمته هنا وتألق

مكتمل الروعة والإبهار
اتمنى لك مزيداً
من الإبداع والتألق
بارك الله فيك ويسلم احساسك
تحياتي

:ezgif-7-ffb196e8f9:

وتين
05-02-2024, 09:28 PM
جزاك الله الف خير
وجعله بموازين حسناتك

حسن الوائلي
14-02-2024, 04:41 PM
جزاكم الله كل الخير واثابكم
بوركتم وجعل ما تقدمونه في
ميزان اعمالكم
دمتم بحفظ الرحمن وتوفيقه
:ezgif-5-d71d5d6243:

بنت الخيال
01-03-2024, 05:41 PM
.



;


أنرتم سَمانا بـ جَمال العَطاء
سَلمت الأنامل وَدام وهج التَألق
كل الود والإحترام

إرتواء
27-12-2024, 08:04 AM
موضوع جميل
الله يعطيك العافيه
سلمت يداك ودام عطائك

:100 (105):

كريزما
28-12-2024, 02:42 PM
___





متصفح ينساب
عذوبة وشهد
جميل هو سمو ذآئقتك
دمتِ عامره بِ العطاء
إمتناني

.
.
:ezgif-2-148211fbdf:

سما الموج
02-02-2025, 09:12 PM
بارك الله فيك على طرحك القيم
جزيت جنة عرضها السماوات والارض
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
مع أطيب التحايا لـ جهودك القيمة
:ezgif-3-dc81ea9bb0:

محمد
28-05-2025, 09:36 PM
يعطيك العافيه على الطرح
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقديرشش
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ودي وعبق وردي
https://up6.cc/2025/05/174845640907762.gif