reda laby
30-03-2018, 04:24 PM
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى
من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا،
من يهد الله تعالى، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اما بعد...
ان لله على العبد عبوديتين
عبودية باطنة وعبودية ظاهرة
فله على قلبه عبودية وعلى لسانه وجوارحه عبودية
فقيامه بسورة العبودية الظاهرة مع تعريه عن حقيقة العبودية الباطنة مما لا يقربه إلى ربه ولا يوجب له الثواب وقبول عمله
فإن المقصود امتحان القلوب وابتلاء السرائر
فعمل القلب هو روح العبودية ولبها
فإذا خلا عمل الجوارح منه كان كالجسد الموات بلا روح.
والنية هي عمل القلب الذي هو ملك الأعضاء والمقصود بالأمر والنهي
فكيف يسقط واجبة ويعتبر واجب رعيته وجنده واتباعه اللاتي إنما شرعت واجباتها لأجله ولأجل صلاحه،
وهل هذا إلا عكس القضية وقلب الحقيقة والمقصود بالأعمال كلها ظاهرها وباطنها إنما هو صلاح القلب وكماله
وقيامه بالعبودية بين يدي ربه وقيومه وإلهه
ومن تمام ذلك قيامه هو وجنوده في حضرة معبوده وربه
فإذا بعث جنوده ورعيته وتغيب هو عن الخدمة والعبودية فما أجدر تلك الخدمة بالرد والمقت
وهذا مثل في غاية المطابقة.
وهل الأعمال الخالية عن عمل القلب إلا بمنزلة حركات العابثين وغايتها أن لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب.
ولما رأى بعض أرباب القلوب طريقة هؤلاء انحرف عنها إلى أن صرف همه إلى عبودية القلب وعطل عبودية الجوارح
وقال: المقصود قيام القلب بحقيقة الخدمة والجوارح تبع.
والطائفتان متقابلتان أعظم تقابل
هؤلاء لا التفات لهم إلى عبودية جوارحهم ففسدت عبودية قلوبهم
وأولئك لا التفات لهم إلى عبودية قلوبهم ففسدت عبودية جوارحهم.
والمؤمنون العارفون بالله وبأمره قاموا له بحقيقة العبودية ظاهرا وباطنا
وقدموا قلوبهم في الخدمة وجعلوا الأعضاء تبعا لها
فأقاموا الملك وجنوده في خدمة المعبود وهذا هو حقيقة العبودية.
ومن المعلوم أن هذا هو مقصود الرب تعالى بإرساله رسله وإنزاله كتبه وشرعه شرائعه فدعوى المدعي
أن المقصود من هذه العبودية حاصل وإن لم يصحبها عبودية القلب من أبطل الدعاوي وأفسدها
والله الموفق.
من كتاب بدائع الفوائد لابن القيم رحمه الله
https://c.top4top.net/p_6337qp4o1.png
من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا،
من يهد الله تعالى، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اما بعد...
ان لله على العبد عبوديتين
عبودية باطنة وعبودية ظاهرة
فله على قلبه عبودية وعلى لسانه وجوارحه عبودية
فقيامه بسورة العبودية الظاهرة مع تعريه عن حقيقة العبودية الباطنة مما لا يقربه إلى ربه ولا يوجب له الثواب وقبول عمله
فإن المقصود امتحان القلوب وابتلاء السرائر
فعمل القلب هو روح العبودية ولبها
فإذا خلا عمل الجوارح منه كان كالجسد الموات بلا روح.
والنية هي عمل القلب الذي هو ملك الأعضاء والمقصود بالأمر والنهي
فكيف يسقط واجبة ويعتبر واجب رعيته وجنده واتباعه اللاتي إنما شرعت واجباتها لأجله ولأجل صلاحه،
وهل هذا إلا عكس القضية وقلب الحقيقة والمقصود بالأعمال كلها ظاهرها وباطنها إنما هو صلاح القلب وكماله
وقيامه بالعبودية بين يدي ربه وقيومه وإلهه
ومن تمام ذلك قيامه هو وجنوده في حضرة معبوده وربه
فإذا بعث جنوده ورعيته وتغيب هو عن الخدمة والعبودية فما أجدر تلك الخدمة بالرد والمقت
وهذا مثل في غاية المطابقة.
وهل الأعمال الخالية عن عمل القلب إلا بمنزلة حركات العابثين وغايتها أن لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب.
ولما رأى بعض أرباب القلوب طريقة هؤلاء انحرف عنها إلى أن صرف همه إلى عبودية القلب وعطل عبودية الجوارح
وقال: المقصود قيام القلب بحقيقة الخدمة والجوارح تبع.
والطائفتان متقابلتان أعظم تقابل
هؤلاء لا التفات لهم إلى عبودية جوارحهم ففسدت عبودية قلوبهم
وأولئك لا التفات لهم إلى عبودية قلوبهم ففسدت عبودية جوارحهم.
والمؤمنون العارفون بالله وبأمره قاموا له بحقيقة العبودية ظاهرا وباطنا
وقدموا قلوبهم في الخدمة وجعلوا الأعضاء تبعا لها
فأقاموا الملك وجنوده في خدمة المعبود وهذا هو حقيقة العبودية.
ومن المعلوم أن هذا هو مقصود الرب تعالى بإرساله رسله وإنزاله كتبه وشرعه شرائعه فدعوى المدعي
أن المقصود من هذه العبودية حاصل وإن لم يصحبها عبودية القلب من أبطل الدعاوي وأفسدها
والله الموفق.
من كتاب بدائع الفوائد لابن القيم رحمه الله
https://c.top4top.net/p_6337qp4o1.png