نور
05-04-2024, 08:12 AM
يكاد يكون من الصعب فصل السلوك الإنسانى عن ضوابط الشرع والتقاليد المجتمعية، وإلا تحول المجتمع لحالة من الانفلات وضياع القيم، وقد شاعت أخيرا ظواهر سلبية مرتبطة بتوظيف وسائط التواصل الاجتماعى سواء للبحث عن الشهرة أو المال أو جلب اهتمام الآخرين، حتى لو اقتضى الأمر اختلاق وقائع لم تحدث مطلقاً، إذ أن البحث عن الجديد دوماً عبر تلك الوسائط، لقى هوى من قبل آخرين لتسويق الأكاذيب وادعاء البطولة أو حتى المجيء بغرائب السلوك الإنسانى من أجل تصدر محركات البحث، وجنى الشهرة والمال وحديث الناس.
لذا، بات لدينا طلب نردده بصوت عال على كل ما هو جديد يومياً، بعدما اعتاد البعض منذ الصباح حتى المساء البحث عن كل جديد ومُثير، وأضحى «هوس الترند» حديث الناس، وفى المقابل تطور عرض كبير عبر فضاء تلك الوسائط من غرائب السلوك والأفعال الإنسانية استجابة لهذا الطلب، الإقبال على تلك الغرائب بشكل مبالغ فيه، ما أعطى لهؤلاء المغمورين مساحة الانتشار، وجنى الأرباح بوصفهم حديث الترند، بعدما سهلت التقنيات الحديثة تنشيط واتساع مساحة جانبى الطلب والعرض، وفى ظل ذلك تناسى الجميع الحكمة التى صكها الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه بقوله... «أميتوا الباطل بالسكوت عنه»، إلا أن الكثير لا يشاهد هذا الإسفاف فحسب، بل يساعد أيضاً فى الترويج له ونشره، ما حقق لكل مجاهر بالسوء أو كذاب وأصحاب الأعمال غير الهادفة الشهرة والربح المالى السريع، يا للأسف أصبح الكثير منهم قدوة للشباب والأطفال، عبر التقليد والاقتداء.
وقد أرجع الدكتور عبد الشافى الشيخ، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، شيوع الظاهرة لاختلاف معايير الاحتكام بين الله سبحانه وتعالى والبشر، فالمعيار الأساسى عند الله التقوي، «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، فمن يريد أن يجلب سعادة الله وحب الناس فى الدنيا فعليه بالتقوي، من ثم، تقاس قيمة الإنسان داخل المجتمع بقدر تقواه، أما المعيار الآن عند البعض، البحث عن الشهرة والمال، أياً كانت وسائله لذلك، إذ يريد بهذا الفعل أن يستجلب محّبة الناس أو يستحل بها رزقاً أو مصلحة دنيوية، يتمتع بها الناس ويتصدر أولوياتهم ولكن بغضب الله عز وجل، كما أن المال المتحصل من تلك الأعمال حرام شرعاً.
وتكمن خطورة الظاهرة، مع غيرها من تعابير الإسفاف والابتذال فى كونها تشكل تحديا كبيرا أمام الثوابت الكونية، فالبقاء لم يعد للأصلح أو الأنفع للناس، وإنما لمن يستطيع أن يكون أكثر إثارة للجدل ونشر كل ما هو مسيء، فتسقط الثوابت، وتحدث البلبلة، وتعم الفوضى والفتن، من هنا يؤكد د.الشيخ أن أحد مقاصد الشريعة الإسلامية وجميع الشرائع، الحفاظ على الأمن الفكرى بالمجتمع، بما فيها منع هذه الأفعال ونشر الأكاذيب وتزييف الحقائق بقصد نيل الشهرة أو التربح المالي، وقد عّد الله هؤلاء من المرجفين، كما فى قوله تعالي... «لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا» (60- الأحزاب)، من هنا توعد الله من يزعزع الأمن الفكرى بمثل تلك الأفعال التى لا تثير سوى الجدل ونشر الرذيلة والكذب باللعن فى الدنيا والعذاب بالآخرة.
وفى أحيان كثيرة يسأل المرء نفسه، ما هى القضية التى يروج لها أمثال هؤلاء المهوسون بهوس الترند، لا تجد سوى افتعال السخافات والأعمال التافهة والتجارة بالسمعة والأعراض وغرائب الممارسات والأفعال، دون منافع حقيقية، سعياً وراء الشهرة والمال بانتهاك حرمات الله، الأمر الذى اعتبره د. الشيخ ليس من المروءة الاجتماعية أو أخلاق الدين التى تربى عليها أغلب المصريين، والأخطر تقديم صورة زائفة عن المجتمع المصرى تضر بشرائح عديدة.
بل عد د.الشيخ هؤلاء من قبيل من يروج للأمور المسيئة التى لا يتحملون وزرها عبر نشر هذه الأعمال والممارسات فحسب، بل وأيضاً وزر من اقتدى وعمل بها، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم... «من سّن فى الإسلام سّنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن سّن فى الإسلام سّنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئاً»، لكون تلك الممارسات بات تأثيرها الضار كبيراً على العلاقات الأسرية، وإلهاء المجتمع عن القضايا الجوهرية بما غير مُجد، مما يهدم المجتمع ومنظومة القيم التى تحكم سلوك أفراده، والخطورة ليست بتأثير تلك السخافات على الشباب والنشء الآن، وإنما المستقبلية حينما ينشأ جيل تعود على تلك الممارسات، وانغمس فيها بشكل أكثر جرأة.
الحل الذى يقدمه د.الشيخ لوأد تلك الفتنة، يكمن فى تكاتف الجميع والمسئولية المشتركة، بين الردع القانونى الذى تمارسه الدولة حالياً من خلال تعقب وتجريم تلك الأفعال عبر وسائط التواصل الاجتماعي، جنباً إلى جنب مع زيادة جرعات التوعية والإرشاد من قبل علماء الدين ورجال التربية، لكون القضية باتت قضية أمن قومى سواء بنشر تلك السخافات أو إهدار أثمن ما يملك الإنسان الوقت، بينهما التحرك الإعلامى فى مجالى التوعية بمخاطر تلك الممارسات الدينية والأخلاقية ما تمثله من تهديد للمستقبل لكون النشء اليوم الذين يتأثرون بمثل تلك الممارسات سوف يكونون آباء وأمهات المستقبل.
ويؤكد الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن من الواجب على المسلم الالتزام بمقاصد الشرع الكريم فى كل ما أمر ونهى عنه الله سبحانه وتعالي، ومن هذه المنهيات كشف الأسرار ونشر الأخبار الزائفة عبر «وسائط التواصل الاجتماعي» بهدف تحقيق أعلى المشاهدات وجنى الأرباح من ممارسة لا تقدم أو تؤخر، وإنما تمثل إلهاء للمجتمع وصرفه عن حقيقة المشاكل الكثيرة التى يتعرض لها وتتطلب منا البحث عن حلول موضوعية لها بدلاً من شغل الأوقات بالحديث عن من تصدر «الترند» اليوم، فكل من قام بصنع محتوى لا يبغى من ورائه مقاصد تفيد الناس وكل من أسهم فى نشرها عليه إثم كبير مصداقاً لقوله تعالي«إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا» (الإسراء: 36).
وينوه إلى أن كل ربح يتم الحصول عليه من خلال تلك المحتويات غير الهادفة حرام شرعاً، حيث إن الإسلام اهتم بقطع الطريق عن كل ما يؤدى لانتشار الفتن والمفاسد بل الإلهاء عن الغايات التى خلق من أجلها الإنسان، من ثم، أتى الشرع الحنيف لحفظ العورات وصيانتها بل والكرامة الإنسانية، ويغلق باب الفتنة والحرمة نهائياً وحتى يؤمن للفرد والأسرة ومن ورائهما المجتمع بأسره علاقات سوية، خالية من الخلافات، أو تضيع الوقت بما لا طائل منه، كما أن المحافظة والالتزام بشرع الله سبحانه وتعالى وهدى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يحقق أعظم مقاصد الشريعة التى تسمو بها الأسرة ويستقيم بها حال الأمة.
لذا، بات لدينا طلب نردده بصوت عال على كل ما هو جديد يومياً، بعدما اعتاد البعض منذ الصباح حتى المساء البحث عن كل جديد ومُثير، وأضحى «هوس الترند» حديث الناس، وفى المقابل تطور عرض كبير عبر فضاء تلك الوسائط من غرائب السلوك والأفعال الإنسانية استجابة لهذا الطلب، الإقبال على تلك الغرائب بشكل مبالغ فيه، ما أعطى لهؤلاء المغمورين مساحة الانتشار، وجنى الأرباح بوصفهم حديث الترند، بعدما سهلت التقنيات الحديثة تنشيط واتساع مساحة جانبى الطلب والعرض، وفى ظل ذلك تناسى الجميع الحكمة التى صكها الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه بقوله... «أميتوا الباطل بالسكوت عنه»، إلا أن الكثير لا يشاهد هذا الإسفاف فحسب، بل يساعد أيضاً فى الترويج له ونشره، ما حقق لكل مجاهر بالسوء أو كذاب وأصحاب الأعمال غير الهادفة الشهرة والربح المالى السريع، يا للأسف أصبح الكثير منهم قدوة للشباب والأطفال، عبر التقليد والاقتداء.
وقد أرجع الدكتور عبد الشافى الشيخ، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، شيوع الظاهرة لاختلاف معايير الاحتكام بين الله سبحانه وتعالى والبشر، فالمعيار الأساسى عند الله التقوي، «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، فمن يريد أن يجلب سعادة الله وحب الناس فى الدنيا فعليه بالتقوي، من ثم، تقاس قيمة الإنسان داخل المجتمع بقدر تقواه، أما المعيار الآن عند البعض، البحث عن الشهرة والمال، أياً كانت وسائله لذلك، إذ يريد بهذا الفعل أن يستجلب محّبة الناس أو يستحل بها رزقاً أو مصلحة دنيوية، يتمتع بها الناس ويتصدر أولوياتهم ولكن بغضب الله عز وجل، كما أن المال المتحصل من تلك الأعمال حرام شرعاً.
وتكمن خطورة الظاهرة، مع غيرها من تعابير الإسفاف والابتذال فى كونها تشكل تحديا كبيرا أمام الثوابت الكونية، فالبقاء لم يعد للأصلح أو الأنفع للناس، وإنما لمن يستطيع أن يكون أكثر إثارة للجدل ونشر كل ما هو مسيء، فتسقط الثوابت، وتحدث البلبلة، وتعم الفوضى والفتن، من هنا يؤكد د.الشيخ أن أحد مقاصد الشريعة الإسلامية وجميع الشرائع، الحفاظ على الأمن الفكرى بالمجتمع، بما فيها منع هذه الأفعال ونشر الأكاذيب وتزييف الحقائق بقصد نيل الشهرة أو التربح المالي، وقد عّد الله هؤلاء من المرجفين، كما فى قوله تعالي... «لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا» (60- الأحزاب)، من هنا توعد الله من يزعزع الأمن الفكرى بمثل تلك الأفعال التى لا تثير سوى الجدل ونشر الرذيلة والكذب باللعن فى الدنيا والعذاب بالآخرة.
وفى أحيان كثيرة يسأل المرء نفسه، ما هى القضية التى يروج لها أمثال هؤلاء المهوسون بهوس الترند، لا تجد سوى افتعال السخافات والأعمال التافهة والتجارة بالسمعة والأعراض وغرائب الممارسات والأفعال، دون منافع حقيقية، سعياً وراء الشهرة والمال بانتهاك حرمات الله، الأمر الذى اعتبره د. الشيخ ليس من المروءة الاجتماعية أو أخلاق الدين التى تربى عليها أغلب المصريين، والأخطر تقديم صورة زائفة عن المجتمع المصرى تضر بشرائح عديدة.
بل عد د.الشيخ هؤلاء من قبيل من يروج للأمور المسيئة التى لا يتحملون وزرها عبر نشر هذه الأعمال والممارسات فحسب، بل وأيضاً وزر من اقتدى وعمل بها، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم... «من سّن فى الإسلام سّنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن سّن فى الإسلام سّنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئاً»، لكون تلك الممارسات بات تأثيرها الضار كبيراً على العلاقات الأسرية، وإلهاء المجتمع عن القضايا الجوهرية بما غير مُجد، مما يهدم المجتمع ومنظومة القيم التى تحكم سلوك أفراده، والخطورة ليست بتأثير تلك السخافات على الشباب والنشء الآن، وإنما المستقبلية حينما ينشأ جيل تعود على تلك الممارسات، وانغمس فيها بشكل أكثر جرأة.
الحل الذى يقدمه د.الشيخ لوأد تلك الفتنة، يكمن فى تكاتف الجميع والمسئولية المشتركة، بين الردع القانونى الذى تمارسه الدولة حالياً من خلال تعقب وتجريم تلك الأفعال عبر وسائط التواصل الاجتماعي، جنباً إلى جنب مع زيادة جرعات التوعية والإرشاد من قبل علماء الدين ورجال التربية، لكون القضية باتت قضية أمن قومى سواء بنشر تلك السخافات أو إهدار أثمن ما يملك الإنسان الوقت، بينهما التحرك الإعلامى فى مجالى التوعية بمخاطر تلك الممارسات الدينية والأخلاقية ما تمثله من تهديد للمستقبل لكون النشء اليوم الذين يتأثرون بمثل تلك الممارسات سوف يكونون آباء وأمهات المستقبل.
ويؤكد الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن من الواجب على المسلم الالتزام بمقاصد الشرع الكريم فى كل ما أمر ونهى عنه الله سبحانه وتعالي، ومن هذه المنهيات كشف الأسرار ونشر الأخبار الزائفة عبر «وسائط التواصل الاجتماعي» بهدف تحقيق أعلى المشاهدات وجنى الأرباح من ممارسة لا تقدم أو تؤخر، وإنما تمثل إلهاء للمجتمع وصرفه عن حقيقة المشاكل الكثيرة التى يتعرض لها وتتطلب منا البحث عن حلول موضوعية لها بدلاً من شغل الأوقات بالحديث عن من تصدر «الترند» اليوم، فكل من قام بصنع محتوى لا يبغى من ورائه مقاصد تفيد الناس وكل من أسهم فى نشرها عليه إثم كبير مصداقاً لقوله تعالي«إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا» (الإسراء: 36).
وينوه إلى أن كل ربح يتم الحصول عليه من خلال تلك المحتويات غير الهادفة حرام شرعاً، حيث إن الإسلام اهتم بقطع الطريق عن كل ما يؤدى لانتشار الفتن والمفاسد بل الإلهاء عن الغايات التى خلق من أجلها الإنسان، من ثم، أتى الشرع الحنيف لحفظ العورات وصيانتها بل والكرامة الإنسانية، ويغلق باب الفتنة والحرمة نهائياً وحتى يؤمن للفرد والأسرة ومن ورائهما المجتمع بأسره علاقات سوية، خالية من الخلافات، أو تضيع الوقت بما لا طائل منه، كما أن المحافظة والالتزام بشرع الله سبحانه وتعالى وهدى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يحقق أعظم مقاصد الشريعة التى تسمو بها الأسرة ويستقيم بها حال الأمة.