سما الموج
25-05-2024, 05:03 PM
عبدالهادي بلخياط.. فنان اعتزل الغناء وانخرط في الدعوة والتبليغ
https://alhtoon.com/wp-content/uploads/2019/06/f236d64a52fa024f5fd0f17ab4540305.jpg.webp
يعتبر الفنان والمطرب المغربي عبدالهادي زوقاري الإدريسي الملقب فنيا بـ”بلخياط” من أعمدة الفن في المملكة المغربية، فنان بصم قرابة النصف قرن من الزمن على مسار غنائي متميز، أكسبه شهرة قل نظيرها داخل وخارج المغرب.
صاحب رائعة “القمر الأحمر”، “رموش”، “قطار الحياة”، “الشاطئ” “الأمس القريب” و”ميعاد”، وغيرها من الروائع الخالدة، ازداد بمدينة فاس خلال العام 1940م، ليغادرها مبكرا لأسباب خاصة متجها صوب مدينة الدارالبيضاء ثم العاصمة الرباط، حيث اشتغل سائقا لدى مصالح وزارة الشباب والرياضة.
https://www.alhtoon.com/wp-content/uploads/2019/06/23-271x300.jpg
ولم يعرف إلى الآن كيف جاء شغفه وولعه وحبه للموسيقى والطرب والغناء، إلا أن الأكيد أنه ظل يتردد على دار البريهي بالرباط حيث مقر الإذاعة الوطنية، فأقنع لجنة التحكيم التي كان يترأسها آنذلك الموسيقار المغربي الدائع الصيت، الأستاذ عبدالنبي الجيراري، بصوته وأدائه لعدد من الأغاني والموشحات، وهو الشيء الذي جعله يسند إليه في العام 1962م أداء “نشيد العرش”، احتفاء بأول عام يعتلي فيه ملك المغرب الراحل الحسن الثاني عرش أسلافه المنعمين، وكانت بحق لحظة فارقة لا تنسى ونقطة تحول في حياة الفنان عبدالهادي بلخياط.
ولعب السياق التاريخي، الذي ظهر فيه المطرب عبدالهادي بلخياط، بدوره دورا مهما في بزوغ نجم هذا الفنان، بحيث اعتبرت هذه الفترة بشهادة باحثين ومهتمين بالمجال، من أزهى فترات الأغنية المغربية، وهي المرحلة التي برزت فيها أسماء كبيرة في تاريخ الأغنية المغربية تخصصت في كتابة الكلمات واللحن ونظم القصيد، أمثال الموسيقار أحمد البيضاوي، محمد فيتح، عبد القادر الراشدي، عبد السلام عامر، والملحن عبدالوهاب أكومي، الذي أنشأ أول أركيسترا سمفونية بالمغرب، والفنان المعطي البيضاوي، والملحن محمد بن عبدالسلام وغيرهم..
يقول أشهر عازف على آلة القانون في المغرب الراحل صالح الشرقي عن هذه المرحلة في كتابه “أضواء على الموسيقى المغربية” (ص 188) عن هذه المجموعة التي تشكلت من أول جوق عصري وكانت تضم إلى جانب أحمد البيضاوي أسماء أخرى مثل كنون ومحمد التويزي وأحمد الكغاط وبوشعيب ولد المودن وقاسم العلمي ومحمد الحريزي ومحمد القزوي والغالي الخياطي وعباس الخياط، مضيفا أن هذه المجموعة “كانت أكثر شهرة وأرسخ قدما خاصة أحمد البيضاوي وعباس الخياطي”.
وسيبزغ نجم الفنان عبدالهادي بلخياط بشكل أكبر من ذي قبل في فترة السبعينيات والثمانينيان من القرن الماضي، خاصة عندما شكل إلى جانب الملحن عبدالسلام عامر والشاعر المراكشي عبدالرفيع الجواهري ثلاثيا فنيا، قدموا من خلاله أجمل وأروع الأعمال التي ظلت تردد إلى يومنا هذا بكثير من الحب والعشق والشجن.
http://www.alakhbar.press.ma/wp-content/uploads/2016/01/am.jpg
إلا أن اللقاء الذي جمعه ذات يوم في العاصمة البلجيكية بروكسيل مع الداعية المغربي سعيد الزياني وهو مطرب وممثل ومعد برامج سابق توفي إثر حادث أليم خلال العام 2009م، سيشكل مفترق طرق في مسار الفنان عبدالهادي بلخياط، بحيث سيغير الراحل الزياني سيكولوجية صاحب رائعة القمر الأحمر، بطريقة ستنقله في لحظة بحث عن الذات من عالم الغناء إلى عالم الدعوة والتبليغ.
يقول الموسيقار عبدالهادي بلخياط متحدثا عن هذا اللقاء بعد صلاة التراويح لجمع من المصلين في مسجد “أولاد ابراهيم” بمحافظة الناضور (شمال العاصمة الرباط) “سافرت يوما إلى بروكسيل ببلجيكا للالتقاء بالزياني، وكان لي في الفترة نفسها موعد فني لإحياء سهرة، وشاء الله تعالى أن أجد أمامي الطرفين معا، بضعة رجال بجلابيب وعمائم بيضاء ينتظرونني، وفي الجهة المقابلة أصحاب ربطة العنق يستعدون لأخذي من أجل سهرة فنية”، مضيفا “احترت في البداية مع من أذهب، حيث كان ذهني مازال لم يستوعب بعد مساري في الحياة، ولا الاتجاه الذي علي أن أسلكه، فقررت أن أتبع أصحاب العمائم واللحى”، موضحا أنه لم يجد بعد ذلك اللقاء سوى الراحة النفسية لكونه “اختار صف الدين والدعوة”، وأنه كان “يعيش في عالم آخر قبل أن يتوب إلى الله ويجد لنفسه موطئ قدم في عالم مغاير تماما أشعره بالسعادة”.
https://www.alhtoon.com/wp-content/uploads/2019/06/cheikhsaid-300x216.jpg
إلا أنه عاد في 4 يونيو من العام 2015م ضمن فعاليات مهرجان “موازين”، مجددا للغناء، لكن هذه المرة لأداء مجموعة من الأغاني الصوفية الدينية مثل “المنفرجة” (وهي قصيدة لابن الجوزي)، و”ياقاطعين لجبال”، و”سيد الناس” و”يامن إلى رحمته المفر”، وقد استحسن الجمهور المغربي هذه العودة لفنان أعطى الكثير للساحة الغنائية الوطنية ويحتل مكانة كبيرة في قلوب جميع المغاربة.
ويعد الفنان عبدالهادي بلخياط بحق علامة بارزة ومدوية في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في عقد الثلاتينات من القرن الماضي، استطاع بفطنته وذكائه وحسه الموسيقى الساحر والجذاب أن يرسخ في الأذهان، معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية العصرية بصفة خاصة.https://www.alhtoon.com/wp-content/uploads/2019/06/images.jpg
قدم للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات مشهودة، حمل مشعل التراث الفني الأصيل لحنا وأداء، وانتقل به بكل أمن وأمانة إلى ضفة الأجيال الصاعدة.
https://alhtoon.com/wp-content/uploads/2019/06/f236d64a52fa024f5fd0f17ab4540305.jpg.webp
يعتبر الفنان والمطرب المغربي عبدالهادي زوقاري الإدريسي الملقب فنيا بـ”بلخياط” من أعمدة الفن في المملكة المغربية، فنان بصم قرابة النصف قرن من الزمن على مسار غنائي متميز، أكسبه شهرة قل نظيرها داخل وخارج المغرب.
صاحب رائعة “القمر الأحمر”، “رموش”، “قطار الحياة”، “الشاطئ” “الأمس القريب” و”ميعاد”، وغيرها من الروائع الخالدة، ازداد بمدينة فاس خلال العام 1940م، ليغادرها مبكرا لأسباب خاصة متجها صوب مدينة الدارالبيضاء ثم العاصمة الرباط، حيث اشتغل سائقا لدى مصالح وزارة الشباب والرياضة.
https://www.alhtoon.com/wp-content/uploads/2019/06/23-271x300.jpg
ولم يعرف إلى الآن كيف جاء شغفه وولعه وحبه للموسيقى والطرب والغناء، إلا أن الأكيد أنه ظل يتردد على دار البريهي بالرباط حيث مقر الإذاعة الوطنية، فأقنع لجنة التحكيم التي كان يترأسها آنذلك الموسيقار المغربي الدائع الصيت، الأستاذ عبدالنبي الجيراري، بصوته وأدائه لعدد من الأغاني والموشحات، وهو الشيء الذي جعله يسند إليه في العام 1962م أداء “نشيد العرش”، احتفاء بأول عام يعتلي فيه ملك المغرب الراحل الحسن الثاني عرش أسلافه المنعمين، وكانت بحق لحظة فارقة لا تنسى ونقطة تحول في حياة الفنان عبدالهادي بلخياط.
ولعب السياق التاريخي، الذي ظهر فيه المطرب عبدالهادي بلخياط، بدوره دورا مهما في بزوغ نجم هذا الفنان، بحيث اعتبرت هذه الفترة بشهادة باحثين ومهتمين بالمجال، من أزهى فترات الأغنية المغربية، وهي المرحلة التي برزت فيها أسماء كبيرة في تاريخ الأغنية المغربية تخصصت في كتابة الكلمات واللحن ونظم القصيد، أمثال الموسيقار أحمد البيضاوي، محمد فيتح، عبد القادر الراشدي، عبد السلام عامر، والملحن عبدالوهاب أكومي، الذي أنشأ أول أركيسترا سمفونية بالمغرب، والفنان المعطي البيضاوي، والملحن محمد بن عبدالسلام وغيرهم..
يقول أشهر عازف على آلة القانون في المغرب الراحل صالح الشرقي عن هذه المرحلة في كتابه “أضواء على الموسيقى المغربية” (ص 188) عن هذه المجموعة التي تشكلت من أول جوق عصري وكانت تضم إلى جانب أحمد البيضاوي أسماء أخرى مثل كنون ومحمد التويزي وأحمد الكغاط وبوشعيب ولد المودن وقاسم العلمي ومحمد الحريزي ومحمد القزوي والغالي الخياطي وعباس الخياط، مضيفا أن هذه المجموعة “كانت أكثر شهرة وأرسخ قدما خاصة أحمد البيضاوي وعباس الخياطي”.
وسيبزغ نجم الفنان عبدالهادي بلخياط بشكل أكبر من ذي قبل في فترة السبعينيات والثمانينيان من القرن الماضي، خاصة عندما شكل إلى جانب الملحن عبدالسلام عامر والشاعر المراكشي عبدالرفيع الجواهري ثلاثيا فنيا، قدموا من خلاله أجمل وأروع الأعمال التي ظلت تردد إلى يومنا هذا بكثير من الحب والعشق والشجن.
http://www.alakhbar.press.ma/wp-content/uploads/2016/01/am.jpg
إلا أن اللقاء الذي جمعه ذات يوم في العاصمة البلجيكية بروكسيل مع الداعية المغربي سعيد الزياني وهو مطرب وممثل ومعد برامج سابق توفي إثر حادث أليم خلال العام 2009م، سيشكل مفترق طرق في مسار الفنان عبدالهادي بلخياط، بحيث سيغير الراحل الزياني سيكولوجية صاحب رائعة القمر الأحمر، بطريقة ستنقله في لحظة بحث عن الذات من عالم الغناء إلى عالم الدعوة والتبليغ.
يقول الموسيقار عبدالهادي بلخياط متحدثا عن هذا اللقاء بعد صلاة التراويح لجمع من المصلين في مسجد “أولاد ابراهيم” بمحافظة الناضور (شمال العاصمة الرباط) “سافرت يوما إلى بروكسيل ببلجيكا للالتقاء بالزياني، وكان لي في الفترة نفسها موعد فني لإحياء سهرة، وشاء الله تعالى أن أجد أمامي الطرفين معا، بضعة رجال بجلابيب وعمائم بيضاء ينتظرونني، وفي الجهة المقابلة أصحاب ربطة العنق يستعدون لأخذي من أجل سهرة فنية”، مضيفا “احترت في البداية مع من أذهب، حيث كان ذهني مازال لم يستوعب بعد مساري في الحياة، ولا الاتجاه الذي علي أن أسلكه، فقررت أن أتبع أصحاب العمائم واللحى”، موضحا أنه لم يجد بعد ذلك اللقاء سوى الراحة النفسية لكونه “اختار صف الدين والدعوة”، وأنه كان “يعيش في عالم آخر قبل أن يتوب إلى الله ويجد لنفسه موطئ قدم في عالم مغاير تماما أشعره بالسعادة”.
https://www.alhtoon.com/wp-content/uploads/2019/06/cheikhsaid-300x216.jpg
إلا أنه عاد في 4 يونيو من العام 2015م ضمن فعاليات مهرجان “موازين”، مجددا للغناء، لكن هذه المرة لأداء مجموعة من الأغاني الصوفية الدينية مثل “المنفرجة” (وهي قصيدة لابن الجوزي)، و”ياقاطعين لجبال”، و”سيد الناس” و”يامن إلى رحمته المفر”، وقد استحسن الجمهور المغربي هذه العودة لفنان أعطى الكثير للساحة الغنائية الوطنية ويحتل مكانة كبيرة في قلوب جميع المغاربة.
ويعد الفنان عبدالهادي بلخياط بحق علامة بارزة ومدوية في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في عقد الثلاتينات من القرن الماضي، استطاع بفطنته وذكائه وحسه الموسيقى الساحر والجذاب أن يرسخ في الأذهان، معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية العصرية بصفة خاصة.https://www.alhtoon.com/wp-content/uploads/2019/06/images.jpg
قدم للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات مشهودة، حمل مشعل التراث الفني الأصيل لحنا وأداء، وانتقل به بكل أمن وأمانة إلى ضفة الأجيال الصاعدة.