همس الروح
07-07-2024, 02:00 AM
فضل احترام الكبير وصلة الأقارب
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاَةَ وَ السُّلَّامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدَ النَّبِيِّ الْأَمينِ وَ عَلَى آله وَ صَحْبُهُ اجمعين .
لقد أوصانا الله تعالى في القرآن الكريم باحترام الكبير وصلة الأقارب، وكذلك أوصانا نبينا محمد ﷺ في سنته المباركة:
أولًا: احترام الكبير:
روى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَبْطَأَ القَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا»؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 1565).
قوله: «لَيْسَ مِنَّا»؛ أَيْ: لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا.
قال الحافظ العراقي (رَحِمَهُ اللهُ): هذا الحديثُ فيه التوسعة للقادم على أهل المجلس إذا أمكنَ توسعهم له، لا سيما إن كانَ ممن أُمِرَ بإكرامه مِنَ الشيوخ شيبًا أو عِلمًا، أو كونه كبير قوم؛ (فيض القدير ـ عبدالرؤوف المناوي ـ جـ5 ـ صـ 388).
روى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْن الْعَاص، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ َ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا»؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 1566).
قوله: (وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا)؛ أي: بما يستحق مِن التبجيل والتعظيم.
ثانيًا: الإنفاق على الأقارب:
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 215].
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً»؛ (البخاري ـ حديث: 5351/ مسلم ـ حديث: 1002).
قال الإمام النووي (رحمه الله): هذا الحديثُ فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَأَنَّ فِيهَا أَجْرَيْنِ؛ (صحيح مسلم بشرح النووي ـ جـ7 ـ صـ88).
روى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺَ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ»؛ (مسلم ـ حديث: 995).
روى الشيخانِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "عَادَنِي النَّبِيُّ ﷺ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي (أيْ: فَمِ) امْرَأَتِكَ"؛ (البخاري ـ حديث: 3936/ مسلم ـ حديث: 1628).
روى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِي أَجْرٌ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لَكِ فِيهِمْ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ"؛ (مسلم ـ حديث 1001).
رَوَى الشيخانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ (حَدِيقَة)، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ"؛ (البخاري ـ حديث: 1461/ مسلم ـ حديث: 998).
خِتَامًا: أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الْـحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَـجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَيَـجْعَلهُ سُبْحَانَهُ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِي يَوْمَ القِيَامَة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسألهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينفعَ بهذا العمل طلاب العِلْمِ الكِــرَامِ، وَآخِــرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَـمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُـحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِـهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَـهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
:ezgif-3-423b51605a:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاَةَ وَ السُّلَّامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدَ النَّبِيِّ الْأَمينِ وَ عَلَى آله وَ صَحْبُهُ اجمعين .
لقد أوصانا الله تعالى في القرآن الكريم باحترام الكبير وصلة الأقارب، وكذلك أوصانا نبينا محمد ﷺ في سنته المباركة:
أولًا: احترام الكبير:
روى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَبْطَأَ القَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا»؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 1565).
قوله: «لَيْسَ مِنَّا»؛ أَيْ: لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا.
قال الحافظ العراقي (رَحِمَهُ اللهُ): هذا الحديثُ فيه التوسعة للقادم على أهل المجلس إذا أمكنَ توسعهم له، لا سيما إن كانَ ممن أُمِرَ بإكرامه مِنَ الشيوخ شيبًا أو عِلمًا، أو كونه كبير قوم؛ (فيض القدير ـ عبدالرؤوف المناوي ـ جـ5 ـ صـ 388).
روى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْن الْعَاص، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ َ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا»؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 1566).
قوله: (وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا)؛ أي: بما يستحق مِن التبجيل والتعظيم.
ثانيًا: الإنفاق على الأقارب:
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 215].
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً»؛ (البخاري ـ حديث: 5351/ مسلم ـ حديث: 1002).
قال الإمام النووي (رحمه الله): هذا الحديثُ فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَأَنَّ فِيهَا أَجْرَيْنِ؛ (صحيح مسلم بشرح النووي ـ جـ7 ـ صـ88).
روى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺَ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ»؛ (مسلم ـ حديث: 995).
روى الشيخانِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "عَادَنِي النَّبِيُّ ﷺ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي (أيْ: فَمِ) امْرَأَتِكَ"؛ (البخاري ـ حديث: 3936/ مسلم ـ حديث: 1628).
روى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِي أَجْرٌ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لَكِ فِيهِمْ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ"؛ (مسلم ـ حديث 1001).
رَوَى الشيخانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ (حَدِيقَة)، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ"؛ (البخاري ـ حديث: 1461/ مسلم ـ حديث: 998).
خِتَامًا: أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الْـحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَـجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَيَـجْعَلهُ سُبْحَانَهُ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِي يَوْمَ القِيَامَة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسألهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينفعَ بهذا العمل طلاب العِلْمِ الكِــرَامِ، وَآخِــرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَـمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُـحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِـهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَـهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
:ezgif-3-423b51605a: