صادق الاحساس
01-10-2024, 06:58 PM
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ
د. خالد سعد النجار
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)
{إِنَّ} للتوكيد {اللَّهَ اصْطَفَى} لما قدم قبل: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران:31] ويليه {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران:32] وختمها {فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} ذكر المصطفين الذين يجب اتباعهم، فبدأ أولاً بآدم أولهم وجوداً وأصلهم، وثنى بنوح عليه السلام إذ هو «آدم الأصغر» ليس أحد على وجه الأرض إلاَّ من نسله، ثم أتى ثالثاً بآل إبراهيم، فاندرج فيهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، المأمور باتباعه وطاعته، وموسى عليه السلام، ثم أتى رابعاً بآل عمران، فاندرج في آله: مريم وعيسى عليهما السلام، ونص على آل إبراهيم لخصوصية اليهود بهم، وعلى آل عمران لخصوصية النصارى بهم، فذكر تعالى جعلَ هؤلاءِ صفوة، أي مختارين نقاوة. والمعنى أنه نقاهم من الكدر. وهذا من تمثيل المعلوم بالمحسوس.
{آدَمَ} واصطفاء آدم بوجوه: فهو أبو البشر، خلقه الله تعالى بيده خلقاً مستقلاً، وجعله خليفة في الأرض، وإسجاد الملائكة له، واسكانه جنته، إلى غير ذلك مما شرّفه به.
وآدم أبو البشر، خلقه الله تعالى خلقاً مستقلاً وليس متطوراً من جنس آخر أو من نوع آخر قبله كما يقول أهل الإلحاد. ومن ادعى ذلك فقد كفر بالله؛ لأن الله تعالى أخبر في كتابه في عدة مواضع أن الله خلق آدم من تراب، من صلصال كالفخار، من طين خلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته. فمن زعم غير ذلك فهو كافر مصدق لغير الله مكذب الله -والعياذ بالله- مع العلم بأنه لن يأتي أحد بكلام عن آدم وابتداء خلقه وكيفية خلقه غير مستند في ذلك إلى الوحي فإن قوله غير مقبول، لأنه لم يشاهده، قال الله تعالى: {ما أَشْهَدتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ} [الكهف:٥١]، وقال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ} [إبراهيم:9]، فمن ادعى علم شيء ممن سبق فهو كاذب إلا ببرهان، وآدم كما نعلم بيننا وبينه أزمنة طويلة جدا، فلا يمكن أن نقبل قولاً فيه إلا عن طريق الوحي الصحيح.
د. خالد سعد النجار
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)
{إِنَّ} للتوكيد {اللَّهَ اصْطَفَى} لما قدم قبل: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران:31] ويليه {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران:32] وختمها {فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} ذكر المصطفين الذين يجب اتباعهم، فبدأ أولاً بآدم أولهم وجوداً وأصلهم، وثنى بنوح عليه السلام إذ هو «آدم الأصغر» ليس أحد على وجه الأرض إلاَّ من نسله، ثم أتى ثالثاً بآل إبراهيم، فاندرج فيهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، المأمور باتباعه وطاعته، وموسى عليه السلام، ثم أتى رابعاً بآل عمران، فاندرج في آله: مريم وعيسى عليهما السلام، ونص على آل إبراهيم لخصوصية اليهود بهم، وعلى آل عمران لخصوصية النصارى بهم، فذكر تعالى جعلَ هؤلاءِ صفوة، أي مختارين نقاوة. والمعنى أنه نقاهم من الكدر. وهذا من تمثيل المعلوم بالمحسوس.
{آدَمَ} واصطفاء آدم بوجوه: فهو أبو البشر، خلقه الله تعالى بيده خلقاً مستقلاً، وجعله خليفة في الأرض، وإسجاد الملائكة له، واسكانه جنته، إلى غير ذلك مما شرّفه به.
وآدم أبو البشر، خلقه الله تعالى خلقاً مستقلاً وليس متطوراً من جنس آخر أو من نوع آخر قبله كما يقول أهل الإلحاد. ومن ادعى ذلك فقد كفر بالله؛ لأن الله تعالى أخبر في كتابه في عدة مواضع أن الله خلق آدم من تراب، من صلصال كالفخار، من طين خلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته. فمن زعم غير ذلك فهو كافر مصدق لغير الله مكذب الله -والعياذ بالله- مع العلم بأنه لن يأتي أحد بكلام عن آدم وابتداء خلقه وكيفية خلقه غير مستند في ذلك إلى الوحي فإن قوله غير مقبول، لأنه لم يشاهده، قال الله تعالى: {ما أَشْهَدتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ} [الكهف:٥١]، وقال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ} [إبراهيم:9]، فمن ادعى علم شيء ممن سبق فهو كاذب إلا ببرهان، وآدم كما نعلم بيننا وبينه أزمنة طويلة جدا، فلا يمكن أن نقبل قولاً فيه إلا عن طريق الوحي الصحيح.