المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين


فريال سليمي
09-10-2024, 08:51 PM
قال صاحب " المنازل " :

الحياء : من أول مدارج أهل الخصوص . يتولد من تعظيم منوط بود .

إنما جعل الحياء من أول مدارج أهل الخصوص : لما فيه من ملاحظة حضور من يستحيي منه . وأول سلوك أهل الخصوص : أن يروا الحق سبحانه حاضرا معهم ، وعليه بناء سلوكهم .

وقوله : إنه يتولد من تعظيم منوط بود .

يعني : أن الحياء حالة حاصلة من امتزاج التعظيم بالمودة . فإذا اقترنا تولد بينهما الحياء .

و الجنيد يقول : إن تولده من مشاهدة النعم . ورؤية التقصير .

ومنهم من يقول : تولده من شعور القلب بما يستحيي منه . فيتولد من هذا الشعور والنفرة حالة تسمى الحياء .

ولا تنافي بين هذه الأقوال . فإن للحياء عدة أسباب . قد تقدم ذكرها فكل أشار إلى بعضها . والله أعلم
إسلام ويب
المكتبة الإسلامية
الرئيسيةمدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعينفصل في منازل إياك نعبدفصل منزلة الحياءفصل درجات الحياءالدرجة الأولى حياء يتولد من علم العبد بنظر الحق إليه
معلومات الكتاب
مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية
صفحة
254
جزء
2
إظهار / إخفاء التشكيل بحث في الكتاب
فصل

قال : وهو على ثلاث درجات . الدرجة الأولى : حياء يتولد من علم العبد بنظر الحق إليه . فيجذبه إلى تحمل هذه المجاهدة . ويحمله على استقباح الجناية . ويسكته عن الشكوى .

يعني : أن العبد متى علم أن الرب تعالى ناظر إليه أورثه هذا العلم حياء منه . يجذبه إلى احتمال أعباء الطاعة ، مثل العبد إذا عمل الشغل بين يدي سيده ، فإنه يكون نشيطا فيه ، محتملا لأعبائه . ولا سيما مع الإحسان من سيده إليه ، ومحبته لسيده . بخلاف ما إذا كان غائبا عن سيده . والرب تعالى لا يغيب نظره عن عبده . ولكن يغيب نظر القلب والتفاته إلى نظره سبحانه إلى العبيد . فإن القلب إذا غاب نظره ، وقل التفاته إلى نظر الله تبارك وتعالى إليه : تولد من ذلك قلة الحياء والقحة .

[ ص: 254 ] وكذلك يحمله على استقباح جنايته . وهذا الاستقباح الحاصل بالحياء قدر زائد على استقباح ملاحظة الوعيد . وهو فوقه .

وأرفع منه درجة : الاستقباح الحاصل عن المحبة . فاستقباح المحب أتم من استقباح الخائف . ولذلك فإن هذا الحياء يكف العبد أن يشتكي لغير الله . فيكون قد شكا الله إلى خلقه . ولا يمنع الشكوى إليه سبحانه . فإن الشكوى إليه سبحانه فقر ، وذلة ، وفاقة ، وعبودية . فالحياء منه في مثل ذلك لا ينافيها .
إسلام ويب
المكتبة الإسلامية
الرئيسيةمدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعينفصل في منازل إياك نعبدفصل منزلة الحياءفصل درجات الحياءفصل الدرجة الثانية حياء يتولد من النظر في علم القرب
معلومات الكتاب
مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية
صفحة
255
جزء
2
إظهار / إخفاء التشكيل بحث في الكتاب
فصل

قال : الدرجة الثانية : حياء يتولد من النظر في علم القرب . فيدعوه إلى ركوب المحبة . ويربطه بروح الأنس . ويكره إليه ملابسة الخلق .

النظر في علم القرب : تحقق القلب بالمعية الخاصة مع الله . فإن المعية نوعان : عامة . وهي : معية العلم والإحاطة . كقوله تعالى : وهو معكم أين ما كنتم وقوله : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا .

وخاصة : وهي معية القرب ، كقوله تعالى : إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقوله : إن الله مع الصابرين وقوله : وإن الله لمع المحسنين .

فهذه معية قرب . تتضمن الموالاة ، والنصر ، والحفظ . وكلا المعنيين مصاحبة منه للعبد . لكن هذه مصاحبة اطلاع وإحاطة . وهذه مصاحبة موالاة ونصر وإعانة . ف " مع " في لغة العرب تفيد الصحبة اللائقة ، لا تشعر بامتزاج ولا اختلاط ، ولا مجاورة ، ولا مجانبة . فمن ظن منها شيئا من هذا فمن سوء فهمه أتي .

وأما القرب : فلا يقع القرآن إلا خاصا . وهو نوعان : قربه من داعيه بالإجابة . وقربه من عابده بالإثابة .

[ ص: 255 ] فالأول : كقوله تعالى : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان . ولهذا نزلت جوابا للصحابة رضي الله عنهم . وقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ربنا قريب فنناجيه ؟ أم بعيد فنناديه ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .

والثاني : قوله صلى الله عليه وسلم : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . وأقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل . فهذا قربه من أهل طاعته .

وفي الصحيح : عن أبي موسى رضي الله عنه . قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر . فارتفعت أصواتنا بالتكبير . فقال : يا أيها الناس ، أربعوا على أنفسكم . إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا . إن الذي تدعونه سميع قريب . أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته .

فهذا قرب خاص بالداعي دعاء العبادة والثناء والحمد . وهذا القرب لا ينافي كمال مباينة الرب لخلقه ، واستواءه على عرشه . بل يجامعه ويلازمه . فإنه ليس كقرب الأجسام بعضها من بعض . تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . ولكنه نوع آخر . والعبد في الشاهد يجد روحه قريبة جدا من محبوب بينه وبينه مفاوز تتقطع فيها أعناق المطي . ويجده أقرب إليه من جليسه . كما قيل .


ألا رب من يدنو . ويزعم أنه يحبك . والنائي أحب وأقرب

وأهل السنة أولياء رسول الله صلى الله عليه وسلم وورثته وأحباؤه ، الذين هو عندهم أولى بهم من أنفسهم . وأحب إليهم منها : يجدون نفوسهم أقرب إليه . وهم في الأقطار النائية عنه من جيران حجرته في المدينة ، والمحبون المشتاقون للكعبة والبيت الحرام يجدون قلوبهم وأرواحهم أقرب إليها من جيرانها ومن حولها . هذا مع عدم تأتي القرب منها . فكيف بمن يقرب من خلقه كيف يشاء ، وهو مستو على عرشه . وأهل الذوق لا يلتفتون في ذلك إلى شبهة معطل بعيد من الله ، خلي من محبته ومعرفته .

والقصد : أن هذا القرب يدعو صاحبه إلى ركوب المحبة . وكلما ازداد حبا ازداد قربا . فالمحبة بين قربين : قرب قبلها ، وقرب بعدها ، وبين معرفتين : معرفة قبلها حملت عليها ، ودعت إليها ، ودلت عليها . ومعرفة بعدها . هي من نتائجها وآثارها .

[ ص: 256 ] وأما ربطه بروح الأنس : فهو تعلق قلبه بروح الأنس بالله ، تعلقا لازما لا يفارقه . بل يجعل بين القلب والأنس رابطة لازمة . ولا ريب أن هذا يكره إليه ملابسة الخلق . بل يجد الوحشة في ملابستهم بقدر أنسه بربه ، وقرة عينه بحبه وقربه منه . فإنه ليس مع الله غيره . فإن لابسهم لابسهم برسمه دون سره وروحه وقلبه . فقلبه وروحه في ملأ ، وبدنه ورسمه في ملأ .

السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
فصل في منازل إياك نعبدفصل منزلة الحياءفصل درجات الحياءفصل الدرجة الثالثة حياء يتولد من شهود الحضرة



فصل

قال الدرجة الثالثة : حياء يتولد من شهود الحضرة . وهي التي لا تشوبها هيبة . ولا تقارنها تفرقة . ولا يوقف لها على غاية .

شهود الحضرة : انجذاب الروح والقلب من الكائنات ، وعكوفه على رب البريات ، فهو في حضرة قربه مشاهدا لها . وإذا وصل القلب إليها غشيته الهيبة وزالت عنه التفرقة . إذ ما مع الله سواه . فلا يخطر بباله في تلك الحال سوى الله وحده . وهذا مقام الجمعية .

وأما قوله : ولا يوقف لها على غاية .

فيعني أن كل من وصل إلى مطلوبه ، وظفر به : وصل إلى الغاية ، إلا صاحب هذا المشهد . فإنه لا يقف بحضرة الربوبية على غاية . فإن ذلك مستحيل . بل إذا شهد تلك الروابي . ووقف على تلك الربوع ، وعاين الحضرة التي هي غاية الغايات ، شارف أمرا لا غاية له ولا نهاية . والغايات والنهايات كلها إليه تنتهي وأن إلى ربك المنتهى فانتهت إليه الغايات والنهايات . وليس له سبحانه غاية ولا نهاية . لا في وجوده ، ولا في مزيد جوده . إذ هو الأول الذي ليس قبله شيء . والآخر الذي ليس بعده شيء . ولا نهاية لحمده وعطائه . بل كلما ازداد له العبد شكرا زاده فضلا . وكلما ازداد له طاعة زاده لمجده مثوبة . وكلما ازداد منه قربا لاح له من جلاله وعظمته ما لم يشاهده قبل ذلك . وهكذا أبدا لا يقف على غاية ولا نهاية . ولهذا جاء أن أهل الجنة في مزيد دائم بلا انتهاء فإن نعيمهم متصل ممن لا نهاية لفضله ولا لعطائه ، ولا لمزيده ولا لأوصافه . فتبارك الله ذو الجلال والإكرام إن هذا لرزقنا ما له من نفاد . يا عبادي لو أن أولكم [ ص: 257 ] وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر .
فصل منزلة الصدق

ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الصدق وهي منزلة القوم الأعظم . الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين ، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين . وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان ، وسكان الجنان من أهل النيران . وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه . ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه . من صال به لم ترد صولته . ومن نطق به علت على الخصوم كلمته . فهو روح الأعمال ، ومحك الأحوال ، والحامل على اقتحام الأهوال ، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال . وهو أساس بناء الدين ، وعمود فسطاط اليقين . ودرجته تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين . ومن مساكنهم في الجنات تجرى العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين . كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين .

وقد أمر الله سبحانه أهل الإيمان : أن يكونوا مع الصادقين . وخص المنعم عليهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين . فقال تعالى ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وقال تعالى : ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فهم الرفيق الأعلى وحسن أولئك رفيقا ولا يزال الله يمدهم بأنعمه وألطافه ومزيده إحسانا منه وتوفيقا . ولهم مرتبة المعية مع الله . فإن الله مع الصادقين ، ولهم منزلة القرب منه . إذ درجتهم منه ثاني درجة النبيين .

وأخبر تعالى أن من صدقه فهو خير له . فقال فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم .

[ ص: 258 ] وأخبر تعالى عن أهل البر . وأثنى عليهم بأحسن أعمالهم : من الإيمان ، والإسلام ، والصدقة ، والصبر . بأنهم أهل الصدق فقال ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون وهذا صريح في أن الصدق بالأعمال الظاهرة والباطنة . وأن الصدق هو مقام الإسلام والإيمان .

وقسم الله سبحانه الناس إلى صادق ومنافق . فقال ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم .

والإيمان أساسه الصدق . والنفاق أساسه الكذب . فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما محارب للآخر .

وأخبر سبحانه : أنه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذابه إلا صدقه . قال تعالى هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم وقال تعالى : والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون فالذي جاء بالصدق : هو من شأنه الصدق في قوله وعمله وحاله . فالصدق : في هذه الثلاثة .

فالصدق في الأقوال : استواء اللسان على الأقوال ، كاستواء السنبلة على ساقها . والصدق في الأعمال : استواء الأفعال على الأمر والمتابعة . كاستواء الرأس على الجسد . والصدق في الأحوال : استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص . واستفراغ الوسع ، وبذل الطاقة ، فبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق . وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به : تكون صديقيته . ولذلك كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه : ذروة سنام الصديقية ، سمي الصديق على الإطلاق ، والصديق أبلغ من الصدوق والصدوق أبلغ من الصادق .

فأعلى مراتب الصدق : مرتبة الصديقية . وهي كمال الانقياد للرسول صلى الله عليه وسلم ، مع كمال الإخلاص للمرسل .

[ ص: 259 ] وقد أمر الله تعالى رسوله : أن يسأله أن يجعل مدخله ومخرجه على الصدق . فقال وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وأخبر عن خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، أنه سأله أن يهب له لسان صدق في الآخرين . فقال واجعل لي لسان صدق في الآخرين وبشر عباده بأن لهم عنده قدم صدق ، ومقعد صدق . فقال تعالى وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم وقال إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

فهذه خمسة أشياء : مدخل الصدق ، ومخرج الصدق . ولسان الصدق ، وقدم الصدق ، ومقعد الصدق .

وحقيقة الصدق في هذه الأشياء : هو الحق الثابت ، المتصل بالله ، الموصل إلى الله . وهو ما كان به وله ، من الأقوال والأعمال . وجزاء ذلك في الدنيا والآخرة .

فمدخل الصدق ، ومخرج الصدق : أن يكون دخوله وخروجه حقا ثابتا بالله ، وفي مرضاته . بالظفر بالبغية ، وحصول المطلوب ، ضد مخرج الكذب ومدخله الذي لا غاية له يوصل إليها . ولا له ساق ثابتة يقوم عليها . كمخرج أعدائه يوم بدر . ومخرج الصدق كمخرجه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه في تلك الغزوة .

وكذلك مدخله صلى الله عليه وسلم المدينة : كان مدخل صدق بالله ، ولله ، وابتغاء مرضاة الله . فاتصل به التأييد ، والظفر والنصر ، وإدراك ما طلبه في الدنيا والآخرة ، بخلاف مدخل الكذب الذي رام أعداؤه أن يدخلوا به المدينة يوم الأحزاب . فإنه لم يكن بالله ، ولا لله . بل كان محادة لله ورسوله ، فلم يتصل به إلا الخذلان والبوار .

وكذلك مدخل من دخل من اليهود المحاربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصن بني قريظة . فإنه لما كان مدخل كذب : أصابه معهم ما أصابهم .

فكل مدخل معهم ومخرج كان بالله ولله . فصاحبه ضامن على الله . فهو مدخل صدق ، ومخرج صدق .

وكان بعض السلف إذا خرج من داره : رفع رأسه إلى السماء ، وقال : اللهم إني [ ص: 260 ] أعوذ بك أن أخرج مخرجا لا أكون فيه ضامنا عليك .

يريد : أن لا يكون المخرج مخرج صدق . ولذلك فسر مدخل الصدق ومخرجه : بخروجه صلى الله عليه وسلم من مكة ، ودخوله المدينة . ولا ريب أن هذا على سبيل التمثيل . فإن هذا المدخل والمخرج من أجل مداخله ومخارجه صلى الله عليه وسلم . وإلا فمداخله كلها مداخل صدق ، ومخارجه مخارج صدق . إذ هي لله وبالله وبأمره ، ولابتغاء مرضاته .

وما خرج أحد من بيته ودخل سوقه - أو مدخلا آخر - إلا بصدق أو بكذب ، فمخرج كل واحد ومدخله : لا يعدو الصدق والكذب . والله المستعان .

وأما لسان الصدق : فهو الثناء الحسن عليه صلى الله عليه وسلم من سائر الأمم بالصدق . ليس ثناء بالكذب . كما قال عن إبراهيم وذريته من الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه وجعلنا لهم لسان صدق عليا والمراد باللسان هاهنا : الثناء الحسن . فلما كان الصدق باللسان ، وهو محله . أطلق الله سبحانه ألسنة العباد بالثناء على الصادق ، جزاء وفاقا . وعبر به عنه .

فإن اللسان يراد به ثلاثة معان : هذا ، واللغة . كقوله تعالى : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم وقوله : واختلاف ألسنتكم وألوانكم وقوله : لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ويراد به الجارحة نفسها . كقوله تعالى : لا تحرك به لسانك لتعجل به .

وأما قدم الصدق : ففسر بالجنة . وفسر بمحمد صلى الله عليه وسلم . وفسر بالأعمال الصالحة .

وحقيقة القدم ما قدموه . وما يقدمون عليه يوم القيامة . وهم قدموا الأعمال والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ويقدمون على الجنة التي هي جزاء ذلك .

فمن فسره بها أراد : ما يقدمون عليه . ومن فسره بالأعمال وبالنبي صلى الله عليه وسلم : فلأنهم قدموها . وقدموا الإيمان به بين أيديهم . فالثلاثة قدم صدق . وأما مقعد الصدق : فهو الجنة عند الرب تبارك وتعالى .

[ ص: 261 ] ووصف ذلك كله بالصدق مستلزم ثبوته واستقراره ، وأنه حق ، ودوامه ونفعه ، وكمال عائدته . فإنه متصل بالحق سبحانه ، كائن به وله . فهو صدق غير كذب . وحق غير باطل . ودائم غير زائل . ونافع غير ضار . وما للباطل ومتعلقاته إليه سبيل ولا مدخل .

ومن علامات الصدق : طمأنينة القلب إليه . ومن علامات الكذب : حصول الريبة ، كما في الترمذي - مرفوعا - من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الصدق طمأنينة . والكذب ريبة . وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الصدق يهدي إلى البر . وإن البر يهدي إلى الجنة . وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا . وإن الكذب يهدي إلى الفجور . وإن الفجور يهدي إلى النار . وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا فجعل الصدق مفتاح الصديقية ومبدأها . وهي غايته . فلا ينال درجتها كاذب ألبتة . لا في قوله : ، ولا في عمله ، ولا في حاله . ولا سيما كاذب على الله في أسمائه وصفاته ، ونفي ما أثبته . أو إثبات ما نفاه عن نفسه . فليس في هؤلاء صديق أبدا .

وكذلك الكذب عليه في دينه وشرعه . بتحليل ما حرمه . وتحريم ما لم يحرمه . وإسقاط ما أوجبه ، وإيجاب ما لم يوجبه ، وكراهة ما أحبه ، واستحباب ما لم يحبه . كل ذلك مناف للصديقية .

وكذلك الكذب معه في الأعمال : بالتحلي بحلية الصادقين المخلصين ، والزاهدين المتوكلين . وليس في الحقيقة منهم .

فلذلك كانت الصديقية : كمال الإخلاص والانقياد ، والمتابعة للخبر والأمر ، ظاهرا [ ص: 262 ] وباطنا ، حتى إن صدق المتبايعين يحل البركة في بيعهما . وكذبهما يمحق بركة بيعهما . كما في الصحيحين عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا . فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما . وإن كذبا وكتما : محقت بركة بيعهما .

عطر المساء
09-10-2024, 08:51 PM
موضوعٌ فِي قمة الجَمال
وأضَاء بجمالِه أرجاء المكانِ ، شكرا للإبدَآعِ
يعطِيك العّآفية

نبض الاحاسيس❁♩‏
09-10-2024, 08:51 PM
الله الله إمتاع لـ أبعد حد !
ذَائِقة مُمتعة سَلم الحس والبَنان . كل التقدير

خافقي انت❞❖
09-10-2024, 08:51 PM
و يعطيك العافية على جمال الابداع المبهر
حضورك رائع و متميز
ومميز بكل ما تحمله الكلمة من معنى
لك إحترامي و تقديري
دمت بكل الود

نسيم الذكرى/❀
09-10-2024, 08:51 PM
يسلم عطائك ودام ابداعك
وبأنتظار جديدك القادم
تقييمي واعجابي لك ..

عاشقة الورد❀
09-10-2024, 08:51 PM
طررح يفوق آلجمآل ,
‎كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
‎يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
‎لقلبك السعآده والفـرح ..
‎ودي

ŞhổQ
09-10-2024, 08:51 PM
*,
ابداع نقشت على ورق التميز
هطول لابداع عذب تنحني لها الرؤوس اعجابا
لتعلن أن طرحك الشجي سيعبر الأرجاء
يسلم بوحك وتسلم آناملك ..
تحيه لك ولـ إبداعك ..

نزف القلم
09-10-2024, 09:09 PM
كلماتي تعجز عن وصف مدى ورووعة موضووعك..
أسأل الله لك التوفيق والسعادة
مع خالص احترامي وتقديري..

ابتسامة الزهر
10-10-2024, 11:03 AM
سلمت الأيادي المتألقه
على روعة جلبها وانتقائها الراقي
جزاك الله خير الجزاء
ولا عدمنا رووعه اطروحاتك الرائعة
لـروحــك الجوري

reda laby
10-10-2024, 02:37 PM
حتى نرضى الله :: و نسعد بعد الحياة
فى جنات الفردوس :: جائزة من الإله

بارك الله فيكم
وجزاكم الفردوس الاعلى
https://d.top4top.net/p_844kfa1h2.gif
http://3b8-y.com/vb/uploaded/580_21536911659.gif

البدر
11-10-2024, 08:22 PM
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-4-c8829dfcbe:

مـخـمـلـيـة
16-10-2024, 03:09 AM
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
وييسر امرك ويرفع مقامك فى العلين
:ezgif-1-48768bec8a:

حسن الوائلي
02-11-2024, 10:56 AM
جزيتم الخير لهذا الطرح النوراني
بوركتم وسلمت الانامل المبدعة
جعله الله في ميزان حسناتكم
دمتم بالود والتقدير تحيتي
:ezgif-5-708d7d38d9:

عيون الريم
06-11-2024, 06:15 PM
لاعدمتُ نوراً يبزغ من حروفكم
جعل الله أنـآملك كقنديل يهدي للخير دوماً
لـ آرواحكم أكاليل الياسمين
~:200 (52):~

همس الروح
16-11-2024, 02:15 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
تحيتي وتقديري:200 (44)::200 (44):

- وهُــم .
17-11-2024, 10:07 AM
-

















حُرُوفٌ تَتَكَلَّمُ بِهُدُوءِ . .
مُعَتَّقَهُ بِرُوحَانِيَّاتِ بِفَضَاءِ آخَرَ مِنْ اَلْمَعَرَفَهَهْ . .
اِنْحِنَاءَةُ إِجْلَالِ لِرُوحِكَ ~
.
.
.
:100 (103):

وتين
18-01-2025, 05:12 AM
سلمت اناملك على
ماجادت به من روعة بالطرح
دام لنا ابداعك بأرقى حالاته
بأنتظار عطائك القادم
:ezgif-4-5226ff7684:

إرتواء
03-03-2025, 05:32 AM
موضوع مميز
الله يعطيك العافية
سلمت يداك ودام عطائك
ننتظر المزيد من الإبداع الراقي

https://upload.3dlat.com/uploads/13608618106.gif

إرتواء
03-03-2025, 05:32 AM
موضوع مميز
الله يعطيك العافية
سلمت يداك ودام عطائك
ننتظر المزيد من الإبداع الراقي

https://upload.3dlat.com/uploads/13608618106.gif

محمد
15-05-2025, 09:45 AM
يعطيك العافيه على الطرح
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقديرشش
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ودي وعبق وردي
https://www.up.bhralaml.com/uploads/161414692318041.gif