reda laby
18-10-2024, 07:03 PM
https://www.3b8-y.com/vb/uploaded/1_01707511558.gif
بعد النظر في معاجم اللغة وتعاريف أهل القانون يمكننا القول إن الشخصية الاعتبارية هي: (مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال يستهدف بها تحقيق غرض معين، ويعترف القانون لها بالشخصية القانونية، وبالتالي تصبح قابلة لأن تثبت لها الحقوق وتجب عليها الواجبات، وينظر إليها مجردا عن الأشخاص المؤسسين لها أو الأموال المكونة لها)، وللشخص الاعتباري جميع الخصائص والحقوق التي يتميز بها الشخص الطبيعي إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك في الحدود التي قررها القانون، فله اسمه الخاص، ويتمتع بالأهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقررها القانون، وله حق التقاضي, وموطن مستقل، وجنسية، ويكون له من يمثله في التعبير عن إرادته.
وتنقضي الشخصية القانونية للشخص الاعتباري إذا انقضى الأجل المحدد في سند إنشائه، أو إذا تحقق الغرض الذي تأسس من أجله، أو إذا استحال تحقيق الغرض الذي تأسس من أجله، أو إذا لم يباشر نشاطه ضمن مدة محددة في القانون بعد إنشائه، أو إذا تم حله بإرادة الأشخاص المكونين له، أو إذا صدر حكم قضائي بحله.
التأصيل الشرعي لعقيدة الشخصية الاعتبارية في الإسلام
فطر الله الإنسان خلقة على الألفة الاجتماعية؛ فهو يحب العيش في جماعة، كما يقال إن الإنسان بطبعه اجتماعي، ودين الإسلام هو دين الفطرة، التي فطر الله الناس عليها، لذلك تميزت رسالة الإسلام بعدد من الخصائص التي تميزت بها عن بقية الأديان.
ومن تلك الخصائص، خصيصة الشمول؛ والتي ذكرها الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه (الخصائص العامة في الإسلام)، ومن معاني الشمول في الإسلام أنه لا يدع جانبا من جوانب الحياة الإنسانية إلا كان له فيه موقف، قد يتمثل في الإقرار والتأييد، أو في التصحيح والتعديل، أو في الإتمام والتكميل، أو في التغيير والتبديل، وقد يتدخل بالإرشاد والتوجيه، أو بالتشريع والتقنين، وقد يسلك سبيل الموعظة الحسنة، ويتجلى كمال الإسلام بتلازم وشمول عقيدته وشريعته وأخلاقه، كتجلي وحدة الجسد المتكون من الفؤاد والعقل والجوارح.
فالعقيدة بمثابة القلب وبصيرته، والشريعة بمثابة العقل وحكمته، والأخلاق بمثابة الجوارح وعملها؛ إذ العقيدة هي الإيمانيات والمعتقدات، وهذه اتفق عليها كل الرسل، فما من نبي إلا وقد قال لقومه (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) ومع العقائد كانت الشرائع التي تنظم حياة الناس فتحل لهم ما يحله الله، وتحرم عليهم ما حرمه، وتأمرهم بما يحب الله، وتنهاهم عما يبغضه.
نشأة الشخصيات الاعتبارية العقدية
تنشأ الشخصية الاعتبارية العقدية الربانية ابتداء بنداء رباني، فقد بعث الله للناس رسلاً مبشرين ومنذرين، برسالات سماوية تخاطب البشرية كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) (سورة البقرة: 21)، أو تخاطب قوماً بعينهم، كقوله تعالى: ( وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) (سورة هود: 84)، وحي يوحي به الله إلى رسله، ودعوة الناس عامة، أو أقوام خاصة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى.
فالمؤمنون برسالة الله، هم نواة الشخصية الاعتبارية العقدية الجديدة المؤمنة بدين الله المنزل، عندها يخاطبهم الله بالتكاليف الربانية بصفتهم العقدية الإيمانية، كقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (سورة البقرة:183)، فعندما خاطبهم الله بمسمى (الإيمان) الذي ميزهم عن بقية الناس كان هذا بمثابة القانون الرباني بالاعتراف بالشخصية الاعتبارية العقدية للدين المنزل، هذه الشخصية التي أصبحت الأخوة في الدين هي رابطها الأول بين أفرادها كأشخاص طبيعيين، لذلك فشخصيتهم العقدية تعتبر صناعة ربانية، حيث تنشأ للمؤمنين شخصيتهم الاعتبارية الخاصة بنداء رباني، يميز شخصيتهم الاعتبارية عن بقية الناس.
وقد تخرج الشخصية الاعتبارية العقدية الربانية إلى الوجود من بطن شخصية اعتبارية عقدية مشركة، عندما يبعث الله الرسل إلى كيانات عقدية كبرى، كما بعث الله سيدنا موسى وسيدنا هارون إلى فرعون وقومه، قال تعالى مخاطباً سيدنا موسى وأخاه هارون عليهما السلام: (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ * قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ *وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ)(سورة طه: 47)، ففي قوله تعالى: (فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) دلالة واضحة إلى الدعوة إلى إخراج بني إسرائيل من سطوة الشخصية الاعتبارية لدولة فرعون، لتنشأ شخصية اعتبارية عقدية جديدة للمؤمنين بدعوة موسى عليه السلام.
فبعد أن تنشأ الشخصية العقدية النشأة الربانية (الشرعية) تدخل في صراع شديد مع الشخصيات الاعتبارية السابقة لها والتي قد نالت الاعتراف القانوني – حسب القوانين العرفية التي تتعارف عليها البشرية في كل زمان ومكان – فالعادة أن لا تقبل أي شخصية عقدية – خاصة الشخصيات العقدية الشركية – بأي شخصية عقدية جديدة، فالصراع الذي حدث بين من آمنوا بسيدنا موسى وبين فرعون وقومه خير مثال، وكذلك ما حدث بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكفار قريش من حروب حتى نصر الله المسلمين على كفار قريش، إلى أن وصلوا إلى صلح الحديبية الذي يعتبر النصر القانوني للشخصية الاعتبارية لدولة المسلمين الأولى.
بعد ذلك تجسدت الشخصية الاعتبارية العقدية للدولة الإسلامية عملياً في أول دستور لها (صحيفة المدينة)، على أسس بناء الشخصية الاعتبارية العقدية التي نظمت العلاقة بين المسلمين أولاً، وبين المسلمين وغيرهم من ساكني المدينة من اليهود وغيرهم ثانياً.
هذه الشخصية الاعتبارية التي تمثل أمة الإسلام، بنيت عليها أحكامُ شرعية، منها على سبيل المثال: قول النبي صلى الله عليه وسلم:"المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم "
فاعتبر النبي صلى الله عليه وسلم، ما يعطيه أحد من المسلمين للمحارب طالب الأمان من ذمة وتأمين، سارياً على جماعتهم وملزماً لهم كما لو صدر منهم جميعاً، فقال الفقهاء لا يجوز بعد ذلك قتل من أعطي الأمان ولا قتاله بحجة أن معطي الأمان ليس صاحب سلطان، وإن كان للإمام إذا رأى أن إعطاء الأمان ليس في مصلحة المسلمين السياسية أن ينقضه بعد إنذاره، ويؤدب معطيه.
https://up6.cc/2024/06/171974008460555.gif
https://up6.cc/2024/06/171974008491337.png
https://www.3b8-y.com/vb/uploaded/1_21707511558.gif
بعد النظر في معاجم اللغة وتعاريف أهل القانون يمكننا القول إن الشخصية الاعتبارية هي: (مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال يستهدف بها تحقيق غرض معين، ويعترف القانون لها بالشخصية القانونية، وبالتالي تصبح قابلة لأن تثبت لها الحقوق وتجب عليها الواجبات، وينظر إليها مجردا عن الأشخاص المؤسسين لها أو الأموال المكونة لها)، وللشخص الاعتباري جميع الخصائص والحقوق التي يتميز بها الشخص الطبيعي إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك في الحدود التي قررها القانون، فله اسمه الخاص، ويتمتع بالأهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقررها القانون، وله حق التقاضي, وموطن مستقل، وجنسية، ويكون له من يمثله في التعبير عن إرادته.
وتنقضي الشخصية القانونية للشخص الاعتباري إذا انقضى الأجل المحدد في سند إنشائه، أو إذا تحقق الغرض الذي تأسس من أجله، أو إذا استحال تحقيق الغرض الذي تأسس من أجله، أو إذا لم يباشر نشاطه ضمن مدة محددة في القانون بعد إنشائه، أو إذا تم حله بإرادة الأشخاص المكونين له، أو إذا صدر حكم قضائي بحله.
التأصيل الشرعي لعقيدة الشخصية الاعتبارية في الإسلام
فطر الله الإنسان خلقة على الألفة الاجتماعية؛ فهو يحب العيش في جماعة، كما يقال إن الإنسان بطبعه اجتماعي، ودين الإسلام هو دين الفطرة، التي فطر الله الناس عليها، لذلك تميزت رسالة الإسلام بعدد من الخصائص التي تميزت بها عن بقية الأديان.
ومن تلك الخصائص، خصيصة الشمول؛ والتي ذكرها الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه (الخصائص العامة في الإسلام)، ومن معاني الشمول في الإسلام أنه لا يدع جانبا من جوانب الحياة الإنسانية إلا كان له فيه موقف، قد يتمثل في الإقرار والتأييد، أو في التصحيح والتعديل، أو في الإتمام والتكميل، أو في التغيير والتبديل، وقد يتدخل بالإرشاد والتوجيه، أو بالتشريع والتقنين، وقد يسلك سبيل الموعظة الحسنة، ويتجلى كمال الإسلام بتلازم وشمول عقيدته وشريعته وأخلاقه، كتجلي وحدة الجسد المتكون من الفؤاد والعقل والجوارح.
فالعقيدة بمثابة القلب وبصيرته، والشريعة بمثابة العقل وحكمته، والأخلاق بمثابة الجوارح وعملها؛ إذ العقيدة هي الإيمانيات والمعتقدات، وهذه اتفق عليها كل الرسل، فما من نبي إلا وقد قال لقومه (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) ومع العقائد كانت الشرائع التي تنظم حياة الناس فتحل لهم ما يحله الله، وتحرم عليهم ما حرمه، وتأمرهم بما يحب الله، وتنهاهم عما يبغضه.
نشأة الشخصيات الاعتبارية العقدية
تنشأ الشخصية الاعتبارية العقدية الربانية ابتداء بنداء رباني، فقد بعث الله للناس رسلاً مبشرين ومنذرين، برسالات سماوية تخاطب البشرية كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) (سورة البقرة: 21)، أو تخاطب قوماً بعينهم، كقوله تعالى: ( وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) (سورة هود: 84)، وحي يوحي به الله إلى رسله، ودعوة الناس عامة، أو أقوام خاصة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى.
فالمؤمنون برسالة الله، هم نواة الشخصية الاعتبارية العقدية الجديدة المؤمنة بدين الله المنزل، عندها يخاطبهم الله بالتكاليف الربانية بصفتهم العقدية الإيمانية، كقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (سورة البقرة:183)، فعندما خاطبهم الله بمسمى (الإيمان) الذي ميزهم عن بقية الناس كان هذا بمثابة القانون الرباني بالاعتراف بالشخصية الاعتبارية العقدية للدين المنزل، هذه الشخصية التي أصبحت الأخوة في الدين هي رابطها الأول بين أفرادها كأشخاص طبيعيين، لذلك فشخصيتهم العقدية تعتبر صناعة ربانية، حيث تنشأ للمؤمنين شخصيتهم الاعتبارية الخاصة بنداء رباني، يميز شخصيتهم الاعتبارية عن بقية الناس.
وقد تخرج الشخصية الاعتبارية العقدية الربانية إلى الوجود من بطن شخصية اعتبارية عقدية مشركة، عندما يبعث الله الرسل إلى كيانات عقدية كبرى، كما بعث الله سيدنا موسى وسيدنا هارون إلى فرعون وقومه، قال تعالى مخاطباً سيدنا موسى وأخاه هارون عليهما السلام: (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ * قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ *وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ)(سورة طه: 47)، ففي قوله تعالى: (فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) دلالة واضحة إلى الدعوة إلى إخراج بني إسرائيل من سطوة الشخصية الاعتبارية لدولة فرعون، لتنشأ شخصية اعتبارية عقدية جديدة للمؤمنين بدعوة موسى عليه السلام.
فبعد أن تنشأ الشخصية العقدية النشأة الربانية (الشرعية) تدخل في صراع شديد مع الشخصيات الاعتبارية السابقة لها والتي قد نالت الاعتراف القانوني – حسب القوانين العرفية التي تتعارف عليها البشرية في كل زمان ومكان – فالعادة أن لا تقبل أي شخصية عقدية – خاصة الشخصيات العقدية الشركية – بأي شخصية عقدية جديدة، فالصراع الذي حدث بين من آمنوا بسيدنا موسى وبين فرعون وقومه خير مثال، وكذلك ما حدث بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكفار قريش من حروب حتى نصر الله المسلمين على كفار قريش، إلى أن وصلوا إلى صلح الحديبية الذي يعتبر النصر القانوني للشخصية الاعتبارية لدولة المسلمين الأولى.
بعد ذلك تجسدت الشخصية الاعتبارية العقدية للدولة الإسلامية عملياً في أول دستور لها (صحيفة المدينة)، على أسس بناء الشخصية الاعتبارية العقدية التي نظمت العلاقة بين المسلمين أولاً، وبين المسلمين وغيرهم من ساكني المدينة من اليهود وغيرهم ثانياً.
هذه الشخصية الاعتبارية التي تمثل أمة الإسلام، بنيت عليها أحكامُ شرعية، منها على سبيل المثال: قول النبي صلى الله عليه وسلم:"المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم "
فاعتبر النبي صلى الله عليه وسلم، ما يعطيه أحد من المسلمين للمحارب طالب الأمان من ذمة وتأمين، سارياً على جماعتهم وملزماً لهم كما لو صدر منهم جميعاً، فقال الفقهاء لا يجوز بعد ذلك قتل من أعطي الأمان ولا قتاله بحجة أن معطي الأمان ليس صاحب سلطان، وإن كان للإمام إذا رأى أن إعطاء الأمان ليس في مصلحة المسلمين السياسية أن ينقضه بعد إنذاره، ويؤدب معطيه.
https://up6.cc/2024/06/171974008460555.gif
https://up6.cc/2024/06/171974008491337.png
https://www.3b8-y.com/vb/uploaded/1_21707511558.gif