تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا


علياء
24-10-2024, 12:04 PM
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾


سلسلة تأملات تربوية في بعض آيات القرآن الكريم

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]،
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]
﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]
إن الإنسان ليتعجب
إن ما يسود في الأرض في هذا الأوان من فساد وظلم وفحشاء لا يتصوره عقل
وكلما زادت البشرية في تقدمها الحضاري
زاد معها هذا الفجور والخروج عن طاعة الله،


فلو نظرتَ فقط إلى وسائل الإعلام وما به من جنون
بعرْضِ كل الفواحش والتفنن في إغراق البشرية في وحل الجنس
والتسلل إلى كل إنسان وكل بيت وكل وقت
بوسائلَ شيطانية لتُغرِق العالم في الفواحش.

هنا يدور في العقل
لِمَ لا يصب الله على البشرية جام غضبه ويبيدها على الفور؛
فإن الله قادر على كل شيء؟

ولكن ما نراه في واقع الحياة
أن الله يُمهِل البشرية
ويرسل بعض الآيات لتذكير الناس بأن هناك ربًّا يُدير هذا الكون بقدرته،
وفي نفس الوقت برحمته،
فقد رأينا ما أصاب البشرية كل فترة بنوع معين من الآيات،
ولنأخذ نوعًا واحدًا من هذه الآيات

في الفترة الأخيرة؛ إنه الفيروسات: فيروس (ساس)، (إنفلونزا الطيور)،
(إنفلونزا الخنازير)، (الإيبولا)، (زيكا)، وأخيرًا (كورونا).

ما العلة في ذلك؟
انظر في قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾

[الأنعام: 42]
وقوله:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ﴾

[الأعراف: 94]

وكأن الله يرسل هذه الكوارث على البشرية رحمة بهم؛
لعلهم يعودوا إلى ربهم ويتضرعوا إليه.

فلم يُبِدِ الله البشرية على ما تقترفه من هذا الفجور.
ولكنك - أيها المسلم
-
عليك أنت أن تعلم أن ما يجب عليك عمله في هذه المعمعة
أن تجتهد في سعيك لطاعة الله،
وأن تتقي الله
ما استطعت إليه سبيلًا؛

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[التغابن: 16]
فالله لا يكلفك فوق طاقتك، وفي هذا القيد:
﴿ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾

يتجلى لطف الله بعباده، وعلمه بمدى طاقتهم في تقواه وطاعته.

عن أبي هريرة عبدالرحمن بن صخر رضي الله عنه قال:
سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه
وما أمرتُكم به فأتُوا منه ما استطعتُم،
فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم واختلافُهم على أنبيائهم))
[رواه البخاري ومسلم].
أيها المسلم،
إن ربك بك رحيم ورحمته واسعة
، رغم ما نشعر به هذه الأيام من ضيق يدٍ،
وقلة الحيلة والوسيلة
وزهوِ الباطل وأهله الذين يظنون أنهم قادرون على فعل كل شيء في الأرض:
﴿ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾

[يونس: 24]
رغم ذلك فإن ربك يقول:

﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

[الأعراف: 156].
فالإسلام يعترف بالإنسان إنسانًا ويفرض عليه من التكاليف ما يُطيق،
ويراعي التنسيق بين التكليف والطاقة بلا مشقة ولا عناء لا يتحمله:

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا

لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا
كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ
وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾

[البقرة: 286].
فيا أيها المسلم،
لا يضيقنَّ صدرك، ولا تستثقل ما أنت فيه،
واطمئن إلى رحمة ربك وعدله في هذا الكون،
ولا تتبرَّم من قدر الله وكونه يضعك

في هذه الحياة التي تموج بهذا الموج من المشكلات،
فأنت قادر على أن تسير فيها وإلا ما وضعك الله فيها،
ولو لم تكن في طاقتك، ما فرضها عليك.
وما عليك إلا أن ترتقيَ في سعيك لتقوى الله حتى تلقى الله تعالى:

﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾

[الحجر: 99]، أيها المسلم، دقِّق في الآية:

لم يحدد الله في الآية درجة اليقين التي يجب أن تصل إليها أنت،
بل تركها غير محددة رحمة بك لتجتهد أنت للوصول إلى ما تصبو إليه.
فاليقين - أيها المسلم – درجات،
كلما تطور المسلم في عباداته وعلمه،
انتقل إلى درجةٍ أفضل في اليقين، ومن هذه الدرجات:
علم اليقين:
هو العلم والمعرفة بالشيء دون شكٍّ.
عين اليقين:
هو مرحلة متطورة عن علم اليقين،
وفيها يكون تشكل اليقين نتيجة المشاهدة والاكتشاف.
حق اليقين:
هو أتم اليقين،
وفيه نتج اليقين من المخالطة والتمييز.

إن تدرُّجَ المسلم في مراتب اليقين
قد يحتاج إلى مدى عمر الإنسان،
فانظر كيف سعى إبراهيم عليه السلام للسمو بدرجات يقينه؛
فسأل ربه:
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ
ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾

[البقرة: 260]،
هنا وصل إبراهيم عليه السلام إلى مرتبة عين اليقين

ثم ارتقى يقينه إلى حق اليقين عندما نجاه ربه من النار:

﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ *
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾

[الأنبياء: 68، 69].
إن تدرُّجَ المسلم في درجات اليقين لا يكون إلا بجهاد النفس وأشواقها،
والحياة وأشواكها؛ مما يستلزم معه الصبر:
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾

[آل عمران: 142].
وهكذا يكون تصور المسلم رحمة ربه وعدله في التكاليف التي يفرضها الله عليه،
وفي ابتلائه في خلافته للأرض، وفي جزاء ربه على عمله في نهاية المطاف.

فمن شأن هذا الاعتقاد واليقين فيه أن يستجيش عزيمة المسلم للنهوض بتكاليفه،
فإذا ضعف مرة أو تعب مرة أو ثقل العبء عليه

أدرك أنه الضعف واستجاش عزيمته،
ونفض الضعف عن نفسه،
وهمَّ همة جديدة للوفاء لاستنهاض الهمة، كلما ضعفت على طول الطريق!

وعلى كل مسلم أن يدرب نفسه على علو الهمة وعدم اليأس،
فيخوض معركته في هذه الأمواج،
واثقًا من ربه
ومن نهاية الطريق، في جنات النعيم،
في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

ربُّوا أولادكم على هذه الهمة، وهذه الغاية.
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

[آل عمران: 139].


_
أ. د. فؤاد محمد موسى.

ŞhổQ
24-10-2024, 12:05 PM
طرح رائع ومفعم بالجمال والرقي..
يعطيك العافيه على هذا الطرح..
وسلمت اناملك المتألقه لروعة طرحها..
تقديري لك..

نبض الاحاسيس❁♩‏
24-10-2024, 12:05 PM
يسلم عطائك ودام ابداعك
وبأنتظار جديدك القادم
تقييمي واعجابي لك ..

عطر المساء
24-10-2024, 12:05 PM
استنشقت عبير ابداعك وتجولت بينه
لأنثر حروفي إعجاباً وتقديراً لبوح قلمك
فقد طاب لي البقاء والاستمتاع
بتلك الدرر المتناثره هنا
كل الود والورد

نسيم الذكرى/❀
24-10-2024, 12:05 PM
استنشقت عبير ابداعك وتجولت بينه
لأنثر حروفي إعجاباً وتقديراً لبوح قلمك
فقد طاب لي البقاء والاستمتاع
بتلك الدرر المتناثره هنا
كل الود والورد

عاشقة الورد❀
24-10-2024, 12:05 PM
تتألق دائمًا بأناقة طرحك وروعة ابهارك لنا
شذى عطائك كالورد الجوري،
يبعث في النفس سكينة وسرورًا.

خافقي انت❞❖
24-10-2024, 12:05 PM
إبداع في الطرح
وروعة في سحر الحضور
وجهداً تشكر عليه
دمت بـ هذآ العطاء يا علياء
ودمت لنآ نستقي منك الفوآئد
مع محبتي ..~*

هـنـاي
24-10-2024, 12:14 PM
_



موضوع رآئعَ ,،.
سٍَْلمت/يْ وَسلًَمتَ يمنآكَِ ع َ هالعطآءَ الرآئعَ ,،
وشُكراَ لكَِ .. دمٍُتَ/يْ بهذآَ العَطآءَ وًأكثرًَِ

ابتسامة الزهر
24-10-2024, 01:53 PM
سلمت الأيادي المتألقه
على روعة جلبها وانتقائها الراقي
جزاك الله خير الجزاء
ولا عدمنا رووعه اطروحاتك الرائعة
لـروحــك الجوري

فريال سليمي
24-10-2024, 03:50 PM
طرحَ جميل ..
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر
:ezgif-5-2f97d952b5:

reda laby
24-10-2024, 04:31 PM
حتى نرضى الله :: و نسعد بعد الحياة
فى جنات الفردوس :: جائزة من الإله

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى
https://d.top4top.net/p_844kfa1h2.gif
http://3b8-y.com/vb/uploaded/580_21536911659.gif

النجمة المضيئة
24-10-2024, 05:29 PM
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
دمـت بحفظ الله ورعايته
:ezgif-4-6eaa79c0d2:

رهينة الماضي
25-10-2024, 09:03 PM
عبق نرجسي يسطر بعذوبه
وجمال يعانق السماء كجمال الانتقاء
يعطيك العافيه ولاعدمنا جديدكم
https://www.lucianabartolini.net/gif/fiori-frutta/fiori-monocromatico.jpghttps://www.lucianabartolini.net/gif/fiori-frutta/fiori-monocromatico.jpghttps://www.lucianabartolini.net/gif/fiori-frutta/fiori-monocromatico.jpg

البدر
25-10-2024, 09:04 PM
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-4-c8829dfcbe:

مـخـمـلـيـة
25-10-2024, 10:03 PM
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
وييسر امرك ويرفع مقامك فى العلين
:ezgif-1-48768bec8a:

فرآشه ملآئكية
26-10-2024, 12:59 AM
~`
















جَمُيّـــلُ
يسلمو الايادي على المجهود الرائع
يعطيك الف عافيه
ودي


:ezgif-4-f6fb652242:

مي محمد
26-10-2024, 01:03 AM
جزاك الله خيرا
و نفع بك
وجعله في موازين حسناتك
:rose_by_digithalie-

همس الروح
28-10-2024, 11:00 PM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
تحيتي وتقديري:200 (44)::200 (44):

حسن الوائلي
02-11-2024, 08:06 AM
جزيتم الخير لهذا الطرح النوراني
بوركتم وسلمت الانامل المبدعة
جعله الله في ميزان حسناتكم
دمتم بالود والتقدير تحيتي
:ezgif-5-708d7d38d9:

عيون الريم
06-11-2024, 06:08 PM
لاعدمتُ نوراً يبزغ من حروفكم
جعل الله أنـآملك كقنديل يهدي للخير دوماً
لـ آرواحكم أكاليل الياسمين
~:200 (52):~

أمير المحبه
09-11-2024, 07:33 AM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

- وهُــم .
17-11-2024, 03:22 PM
-

















حُرُوفٌ تَتَكَلَّمُ بِهُدُوءِ . .
مُعَتَّقَهُ بِرُوحَانِيَّاتِ بِفَضَاءِ آخَرَ مِنْ اَلْمَعَرَفَهَهْ . .
اِنْحِنَاءَةُ إِجْلَالِ لِرُوحِكَ ~
.
.
.
:100 (103):

إرتواء
23-11-2024, 06:08 AM
موضوع جميل
الله يعطيك العافيه
سلمت يداك ودام عطائك

:100 (105):

وتين
18-01-2025, 05:41 AM
سلمت اناملك على
ماجادت به من روعة بالطرح
دام لنا ابداعك بأرقى حالاته
بأنتظار عطائك القادم
:ezgif-4-5226ff7684:

الروح❥
19-03-2025, 03:14 AM
عطاء مترف وعابق
كُل الشُكر والامتنان لك و لروعة طَرحكْ،
ماننحرمْ من وجودك المميز .
:0 (371)::0 (371):

محمد
15-05-2025, 09:13 AM
يعطيك العافيه على الطرح
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقديرشش
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ودي وعبق وردي
https://www.up.bhralaml.com/uploads/161414692318041.gif