المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشدة والفرح


فريال سليمي
22-11-2024, 09:45 PM
«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» جاءت هٰذِه الكلمة دلالةً عَلَىٰ ما في قلوب المؤمنين، من أنهم يقرّون لله بالعبودية، ويرجعون أمورهم إليه سُبْحَانَهُ، فهم مُلك بين يديه، وهم إليه راجعون، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ ولا غِنى لهم عنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ.

جاء في صحيح مسلم [1] من حديث أم سلمة هند بنت أميَّة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قالت: "لمَّا مات أبو سلمة أمرني النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقول: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ آجرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَاخْلفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا»، فقلت في نفسي: ومن خير من أبي سلمة؟ أول أهل بيت هاجروا إِلَى الله ورسوله" تشير إِلَىٰ الهجرتين إِلَىٰ الحبشة، ثُمَّ إِلَىٰ المدينة، "ثُمَّ ما لبست أن بعث إليَّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حاطب بن أبي بلتعة يخطبني إليه، فقلت: إني امرأة لي ولد، وإني غيور، قَالَ: «أما ولدها فولدي، وأسأل الله أن يرفعهم، وَأَمَّا الغيرة فأدعو الله جَلَّ وَعَلَا أن يزيلها»" فأبدلها سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ زوجًا خيرًا من زوجها لما قالت هٰذَا الَّذِي أمرها النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ آجرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَاخْلفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا».



كلنا يا عباد الله ذلك المهموم والمغموم، وكلنا ذلك المصاب، وكلنا الَّذِي أطبقت عليه أنواع الكروب والهموم في نفسه، فهلَّا رجعنا إِلَىٰ الله جَلَّ وَعَلَا، واسترجعنا الأمر إليه، ولجأنا وأذعنا إليه؟ «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» جاءت هٰذِه الكلمة دلالةً عَلَىٰ ما في قلوب المؤمنين، من أنهم يقرّون لله بالعبودية، ويرجعون أمورهم إليه سُبْحَانَهُ، فهم مُلك بين يديه، وهم إليه راجعون، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ ولا غِنى لهم عنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ.



ومثل هٰذِه الكلمة الَّتِي جاءت في سورة البقرة: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]، {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ} [آل عمران: 174].



نعم يا عباد الله! «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»؛ هٰذِه الكلمة الَّتِي إذا قالها المؤمن معتقدًا بها؛ كان له الثواب، {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ 156 أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 156، 157]، نعم يا عباد الله! صلوات من الله عليهم بذكرهم وَالثَّنَاء عليهم ومدحهم في الملأ الأعلى، ورحماتٍ تتنزّل عليهم لمَّا أرجعوا الأمر إليه، فهل نحن عند المصائب في ورودها وعند الغموم والهموم والأكدار في حدوثها ممن يعودون إِلَىٰ الله، ويلجؤون إليه؟



وتأملوا عباد الله! أن أدعية الهم والحزن وأدعية الكرب والشدة كلها تدور عَلَىٰ توحيد الله، وعَلَىٰ تسليم الأمر له، وعَلَىٰ الإذعان له وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وعَلَىٰ التَّبَرُّؤ من حول الإنسان وقوته، وأنَّه في ملك ربه يدبره كيفما شاء، فَهٰذِه المحن، وَهٰذِه البلايا لا تزيد المؤمن عند الله جَلَّ وَعَلَا إِلَّا رفعةً وقدرًا.



وتأملوا في أم عيسى، وهي مريم عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لمَّا أجاءها المخاض في جذع النخلة، في همٍّ وكربٍ شديدين، تمنَّت عند ذلك الموت، وما تدري أنَّ في رحمها رسولٌ من رسل الله، وكلمة الله عَزَّ وَجَلَّ عيسى، هٰذَا من المنن الَّتِي تكون في ثنايا هٰذِه المصائب والإحن.





عباد الله! أَمَّا بَعْدُ؛ أَيُّهَا المغموم والمهموم! يا من أُصبت بالكرب! إنَّ لك إِلَىٰ الله جَلَّ وَعَلَا مرجعًا ومآلًا، ومن ذلك قول: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، ليس قولها فَقَطْ بمجرد لسانك وطرفه، وَإِنَّمَا تقول بلسانك ما أقرَّ به واعتقده قلبك وجنانك «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، هٰذِه الكلمة العظيمة الَّتِي هي كنزٌ من كنوز الجَنَّة، لا، بل هي بابٌ من أبواب الجَنَّة، كما ثبتت بذلك الأحاديث [2] عن النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.



وفي الصحيحين [3] من حديث أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكنَّا معه في سفر، وكنَّا نرفع أصواتنا بِالْدُّعَاءِ والذكر، قَالَ: «أَيُّهَا النَّاس! اربعوا عَلَى أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إن الَّذِي تدعونه أقرب إِلَى أحدكم من عنق راحلته»، ثُمَّ إنه حرَّك إليَّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد أسررت في نفسي قول: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، ثُمَّ قَالَ: «يا عبد الله بن قيس! لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كنزٌ من كنوز الجَنَّة».



نعم يا عباد الله! ولمَّا لقي النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إبراهيم الخليل عليهما وعَلَىٰ أنبياء الله جميعًا أفضل صلاةٍ وأزكى سلام، لمَّا لقيه في معراجه في السماء السابعة، قَالَ: «يا مُحَمَّد أقرئ أمتك منِّي السلام، وأخبرهم: أن الجَنَّة قيعان، وأن غراسها: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».



وفي صحيح البخاري[4] وغيره[5] من حديث عبادة بن الصامت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من تعارَّ من اَللَّيْل» أي: انتبه من نوم اَللَّيْل، وغالبًا ما يكون هٰذَا من همٍّ يؤرقه أو من قلق يقل مضجعه، «من تعارَّ من اَللَّيْل، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، قَالَ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فإن دعا؛ استجيب له، ثُمَّ إن قام فتوضأ وصلى ركعتين؛ غُفرت ذنوبه».



هٰذِه فضائل عظيمة، لا يليق بنا أهل الإيمان أن نهملها أو نقصر فيها، بل الواجب والحقيق بنا: أن نستدركها وأن نحرص عليها، ولاسيما في أزمنة الكروب، وفي أزمنة المصائب، عَلَىٰ العامة وعَلَىٰ الخاصة، فما أعظم اللجأ إِلَىٰ الله، وما أعظم ترداد هٰذَا الكلام، تردده بلسانك، وتعتقده بقلبك وجنانك.



ثُمَّ اعلموا عباد الله أن أصدق الحديث كلام الله، وَخِيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَىٰ الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار، ولا يأكل الذئب إِلَّا من الغنم القاصية.



اللَّهُمَّ انصر جنودنا المرابطين، وجنودنا المقاتلين في سبيلك، اللَّهُمَّ سدّد رأيهم ورميهم، واجمع عَلَىٰ الكتاب وَالسُّنَّة كلمتهم، اللَّهُمَّ أكبت بهم عدونا، اللَّهُمَّ اشفِ بهم صدورنا، اللَّهُمَّ أذهب بهم غيظ قلوب المؤمنين يا ذا الجلال والإكرام.

آسِر
22-11-2024, 09:45 PM
إبداع في الطرح
وروعة في سحر الحضور
وجهداً تشكر عليه
دمت بـ هذآ العطاء يا فريال سليمي
ودمت لنآ نستقي منك الفوآئد
مع محبتي ..~*

ملاذ الصمت ♪
22-11-2024, 09:45 PM
يسلم عطائك ودام ابداعك
وبأنتظار جديدك القادم
تقييمي واعجابي لك ..

آامتنان
22-11-2024, 09:45 PM
إبداع في الطرح
وروعة في سحر الحضور
وجهداً تشكر عليه
دمت بـ هذآ العطاء يا فريال سليمي
ودمت لنآ نستقي منك الفوآئد
مع محبتي ..~*

وجدان
22-11-2024, 09:45 PM
أنيق انت دائما..
بطروحاتك المميزة
فقد طاب لى شذى النثر هنا
كالورد الجوري

Queen♚
22-11-2024, 09:45 PM
*,
ابداع نقشت على ورق التميز
هطول لابداع عذب تنحني لها الرؤوس اعجابا
لتعلن أن طرحك الشجي سيعبر الأرجاء
يسلم بوحك وتسلم آناملك ..
تحيه لك ولـ إبداعك ..

رونق الفجر
22-11-2024, 09:45 PM
الله الله إمتاع لـ أبعد حد !
ذَائِقة مُمتعة سَلم الحس والبَنان . كل التقدير

نزف القلم
22-11-2024, 10:22 PM
يعطيك ربى الف عاااافيه على الطرح المفيد
جعله الله فى ميزان حسناتك يوم القيامه
وشفيع لك يوم الحساب ………
شرفنى المرور فى متصفحك
دمت بحفظ الرحمن

حسن الوائلي
22-11-2024, 10:30 PM
طرح نوراني تسامى أجرا وخيرا
نسأل الله لكم التوفيق في
حياتكم وجزاكم خير الجزاء
واثابكم بوركتم وسلمت
الأيادي اطيب التحايا
دمتم بكل الود والتقدير
:ezgif-5-708d7d38d9:

فريال سليمي
22-11-2024, 11:02 PM
طيب حضوركم الكريم عطر صفحتي
وردكم الأنيق الراقي أسعدني
ممتنة على ثناءكم وإطرائكم
أسعد الله أيامكم بفرح يملأ حياتكم
خالص الود لسمو جنابكم
وكل احترام و تقدير
:ezgif-3-21875558dd:

نـبض
23-11-2024, 01:46 AM
-

جزاك الله خير

البدر
23-11-2024, 03:37 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-4-c8829dfcbe:

reda laby
23-11-2024, 07:03 PM
حتى نرضى الله :: و نسعد بعد الحياة
فى جنات الفردوس :: جائزة من الإله

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى
https://d.top4top.net/p_844kfa1h2.gif
http://3b8-y.com/vb/uploaded/580_21536911659.gif

رهينة الماضي
23-11-2024, 08:59 PM
يعطيك العافية و تسلم الايادي
على هذا الطرح الجميل
في انتظار لكل جديدك دوما
:ezgif-2-35ceea1374:

همس الروح
24-11-2024, 12:21 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
تحيتي وتقديري:200 (44)::200 (44):

إرتواء
24-11-2024, 06:26 AM
موضوع جميل
الله يعطيك العافيه
سلمت يداك ودام عطائك

:ezgif-1-9c86dcdc72:

خواطر انثى
24-11-2024, 08:34 PM
جزاك الله خير واثابك الله
الله يعطيك العافية على الطرح القيم
دمتِ بكل خير ..~
تحيتي وتقديري
:ezgif-4-6eaa79c0d2:

- وهُــم .
25-11-2024, 09:14 PM
-

















حُرُوفٌ تَتَكَلَّمُ بِهُدُوءِ . .
مُعَتَّقَهُ بِرُوحَانِيَّاتِ بِفَضَاءِ آخَرَ مِنْ اَلْمَعَرَفَهَهْ . .
اِنْحِنَاءَةُ إِجْلَالِ لِرُوحِكَ ~
.
.
.
:100 (103):

علياء
26-11-2024, 03:08 AM
*/
متصفح متوهج بطقوس ترف
وابداعاً ينتشي بالجمال
من بهاء ذائقتكم الراقية
وجم عطائكم الوارف
فلك قوافل الورد شكراً ووداً
واجمل الامنيات
*/

مـخـمـلـيـة
26-11-2024, 10:24 AM
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
وييسر امرك ويرفع مقامك فى العلين
:ezgif-1-48768bec8a:

ابتسامة الزهر
02-12-2024, 01:11 AM
سلمت الأيادي المتألقه
على روعة جلبها وانتقائها الراقي
جزاك الله خير الجزاء
ولا عدمنا رووعه اطروحاتك الرائعة
لـروحــك الجوري

وتين
18-01-2025, 06:34 AM
سلمت اناملك على
ماجادت به من روعة بالطرح
دام لنا ابداعك بأرقى حالاته
بأنتظار عطائك القادم
:ezgif-4-5226ff7684:

محمد
14-05-2025, 02:22 PM
يعطيك العافيه على الطرح
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقديرشش
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ودي وعبق وردي
https://www.up.bhralaml.com/uploads/161414692318041.gif