تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بين الرفق والقسوة


فريال سليمي
30-11-2024, 04:24 PM
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

عباد الله: يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْحَثَ عَنِ الْأُمُورِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ وَيَأْتِيَهَا، وَالْأُمُورِ الَّتِي يَبْغَضُهَا اللهُ وَيَجْتَنِبَهَا.

فَهُنَاكَ عَشَرَاتُ الْخِصَالِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ فَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَحَلَّى بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْعَظِيمَةِ؛ حَتَّى يُحِبَّهُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-قَالَ –تَعَالَى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.



فَاِتِّبَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَحْصِيلِ الصِّفَاتِ الْحَسَنَةِ؛ مِنْ أَسَبَابِ مَحَبَّةِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلِ، لِعَبْدِهِ.



عِبَادَ اللهِ: مِنَ الْخِصَالِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُحِبُهَا اللهُ تَعَالَى: الرِّفْقُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ) .



وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).



فَمِنْ أَسْمَاءِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-: الرَّفِيقُ، وَلَمَّا نَزَلَتِ الْوَفَاةُ بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَهُوَ الرَّفِيقُ يُحِبُّ أَهْلَ الرِّفْقِ ** يُعْطِيهِمُ بِالرِّفْقِ فَوْقَ أَمَانِ



فَاللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مَوْصُوفٌ بِالرِّفْقِ، وَهَذِهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَرِفْقُهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بِعِبَادِهِ يَظْهَرُ فِيمَا لَا يـُحْصَى، وَلَا يُعَدُّ، فَمِنْ رِفْقِهِ أَنَّ الْعِبَادَ يَقَعُونَ فِي الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَفِي َأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَلَكِنَّ اللهَ يَرْفُقُ بِهِمْ لِيَتُوبُوا، وَلَوْ شَاءَ لَعَاجَلَهُمْ بِالْعُقُوبَةِ، لَكِنَّهُ رَفَقَ بِـهِمْ وَأَمْهَلَهُمْ؛ لَعَلَّهُمْ يَنَالُونَ السَّعَادَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.



فَالرِّفْقُ خَصْلَةٌ طَيِّبَةٌ حَمِيدَةٌ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).



وَحَثَّ حَتَّى عَلَى الرِّفْقِ بِالْحَيَوَانِ، وَهَذِهِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الشَّرِيعَةُ.



فَرِفْقُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي حَثَّ عَلَيْهَا الشَّارِعُ؛ وَلِذَا نَـجِدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَصْحَابَهُ عَنْ نَهْرِ الْأَعْرَابِيِّ حِينَ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَمَرَهُمْ أَلَّا يَقْطَعُوا عَلَيْهِ بَوْلَهُ، فَيَتْرُكُوهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ مِنْ بَوْلِهِ، لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ جَسَدِيًّا، وَلَا يَتَضَرَّرَ الْمَسْجِدُ بِتَوسِيعِ دَائِرَةِ النَّجَاسَةِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُزْرِمُوهُ، ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).



لا تزرموه: أي لا تقطعوا عليه بوله ويقال: زرم البول إذا انقطع، وأزرمته: قطعته، وكذلك يقال في الدمع



فَانْظُرْ كَيْفَ تَعَامَلَ النَّبِيُّ: صلى الله عليه وسلم مَعَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ! وَكَيْفَ رَفَقَ بِهِ! وَلِذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).



فَالَّذِينَ رَزَقَهُمُ اللهُ الرِّفْقَ: يَرْفُقُونَ بِأَوْلَادِهِمْ، وَبِأَهْلِهِمْ؛ فَلَا يُحَمِّلُ زَوْجَهُ مَا لَا تُطِيقُ يَرْفُقُ بِعُمَّالِهِ؛ فَلَا يُكْلِّفُهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، رَفِيقٌ بِسَائِقِهِ: يُعْطِي لَهُ وَقْتًا للرَّاحَةِ، يُطْعِمُهُ مِنْ طَعَامِهِ؛ فَيُخَفِّفُ عَنْهُ الْأَعْبَاءَ، وَإِنْ خَرَجَ مَعَهُ يُعْطِيهِ مَالًا لِيَشْتَرِيَ لِنْفْسِهِ طَعَامًا، يَرْأَفُ بِهِ؛ فَلَا يَجْعَلَهُ تَحْتَ وَهَجِ الشَّمْسِ بِاْنْتِظَارِهِ، إِذَا ذَهَبَ مَعَهُ لِزِيَارَةٍ أَوْ غَيْرِهُ.



وَتَجِدُ بَعْضَ رَبَّاتِ الْبُيُوتِ رَفِيقَةً بِعَامِلَاتِهَا: تُخَفِّفُ عَنْهُنَّ الْأَعْبَاءَ، وَلَا تُحَمِّلْهُنَّ مَا لَا يُطِقْنَ، تُطْعِمْهُنَّ مِنْ طَعَامِهَا، وَتَنْفَحْهُنَّ بِيْنَ فَيْنَةٍ وَأُخْرَى بِالْهَدَايَا وَالأُعْطِيَاتِ؛ فَتَأَسُرُ قُلُوبَهُنَّ بِحُسْنِ تَعَامُلِهَا، تُمَكِّنُهُنَّ مِنَ الاِتِّصَالِ بِذَوِيهِنَّ مُتَحَمِّلَةً تَكَالِيفَ الاِتَّصَالِ.

فَمَنْ رَزَقَهُ اللهُ الرَّفْقَ تَجْدْهُ يَرْفُقُ بِجِيرَانِهِ، يَرْفُقُ بِمَرْؤُوسِيِهِ.

وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ الرَّفِيقُ يَرْفُقَ بِجَمَاعَةِ مَسْجِدِهِ؛ فَلَا يَتَأَخَّرُ بِالإِقَامَةِ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ لِيَنْتَظِرُوهُ، وَلَا يُطِيلُ الصَّلاَةَ، وَلَا يُطِيلُ الْخُطَبَةَ، وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ إِذَا تَأَخَّرَ أَنْ يَنْتَظِرُوهُ؛ مُقْتَدِيًا بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَأَخَّرَ عَنِ الْمَوْعِدِ الْمُعْتَادِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ- لِانْشِغَالِهِ بِالْوُضُوءِ- قَدَّمَ النَّاسُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ؛ فَصَلَّى؛ لَهُمْ فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؛ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُتِمُّ صَلَاتَهُ؛ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ؛ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: «أَحْسَنْتُمْ» أَوْ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمْ» يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوُا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَقَدْ دَعَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ الرِّفْقِ؛ وَدَعَا عَلَى أَهْلِ الْمَشَقَّةِ؛ حَيْثُ قَالَ: «اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).



قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ -رحمنا الله وإياه- هَذَا مِنْ أَبْلَغِ الزَّوَاجِرِ عَنِ الْمَشَقَّةِ عَنِ النَّاسِ، وَأَعْظَمِ الْـحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بْـهِمْ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِـهَذَا الْمَعْنَى. وَهَكَذَا الرَّفيقُ تَجِدُ حَيَاتَهُ رِفْقًا وَرِقَّةً.

فَلَا يَتَحَلَّى الْمُؤْمِنُ بِصَفَاتِ السُّوءِ الَّتِي تُبْعِدُهُ عَنْ رَبِّهِ.



وَهُنَاكَ مَنْ اُبْتُلِيَ بِصِفَاتِ سُوءٍ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهَا. وَمَا علمَ أَنْ خَالِقَ هَذِهِ الْخِصَالِ هُوَ اللهُ؛ فَهُوَ الَّذِي يَرْزُقُ الْخِصَالَ الْعَظِيمَةَ، وَيَبْتَلِي بِالْخِصَالِ السَّيِّئَةِ؛ فَعَلَيكَ أَنْ تَسْأَلَ اللهَ أَنْ يَرْزُقَكَ الْخِصَالَ الْـحَسَنَةَ، وَتَسْتَعِيذَ بِهِ مِنْ الْخِصَالِ السَّيِّئَةِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ - مَعَ الأسف الشَّدِيدَ- مَنْ جَعَلَ مُعْتَقَدَهُ الْقِصَصَ وَالأَمثالَ؛ فَجَعَلَهَا عَقِيدَةً مُسَيْطِرَةً عَلَى حَيَاتِهِ.

فَإذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا حَسَنًا؛ اِسْتَدَلَّ بِالْمَثَلِ الَّذِي يَجْعَلُ فِعْلَهُ هَذَا مُسْتَحِيلًا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ الْخِصَالَ الْعَظِيمَةَ؛ وَقَفَتْ أَمَامَهُ الأَمْثَالُ، يُرِيدُ أَنْ يَصِلَ أَقَارِبَهُ؛ فَيَقِفُ أَمَامَه الْمَثَلُ الْقَائِلُ: الأَقَارِبُ عَقَارِبُ، وَهُوَ مَثَلٌ يَتَعَارَضُ بِالْكُلِيَّةِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى-: {وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}.


وَهُنَاكَ مَنْ يُبْتَلَى بِخِصَالٍ سَيِّئَةٍ؛ فَيُنْصَحُ بِالتَّخَلُّصِ مِنْهَا فَيَتَعَلَّلُ بِأَنَّهَا مِنْ طِبَاعِهِ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهَا، ثَمَّ يَسْتَشْهِدُ لَكَ بِمَثَلٍ شَعْبِيٍّ يَظُنُّ أَنَّهُ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَيكَ، وَمَا عَلِمَ هَذَا الْمِسْكِينُ أَنَّ خَالِقَ الشَّرِّ وَالْخَيْرِ، وَالْحُسْنِ وَالْقَبِيحِ، وَالطَّيِّبِ وَالرَّدِيء؛ هُوَ اللهُ، -جَلَّ وَعَلَا-، قَالَ تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}، وَقَالَ تعالى: {اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}.



وَلِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ حِينَمَا أَثْنَى النَّبِيُّ عَلَى خِصَالِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا أَمِ اللَّهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: «بَلِ اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

فَانْظُرْ إِلَى قَوْلِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا» ؟ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَخْلَاقَ الطَّيِّبَةَ قَدْ يُجْبَلُ عَلَيْهَا الإِنْسَانُ، وَقَدْ تُكْتَسَبُ.

عباد الله: قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ يـُحْرَمِ الرِّفْقَ يُـحْرَمِ الْخَيرَ»، وَهُنَاكَ مَنْ حُرِمَ مِنَ الرِّفْقِ؛ فَحُرِمَ مِنَ الْخَيْرِ، وَاُبْتُلِيَ بِالْقَسْوَةِ وَالْعُنْفِ، تَخَلَّقَ بهذه الصِّفَاتِ السَّيِّئَةِ؛ الَّتِي اِسْتَعَاذَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْقَسْوَةِ» ؛ (رَوْاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).



فَتَجِدُ بَعْضَهُمُ اُبْتُلِيَ بقَسْوَةٍ فِي الْقَلْبِ تُضْعِفُ إِيمَانَهُ، وَقَسْوَةٍ فِي التَّعَامُلِ تُنَفِّرُ النَّاسَ مِنْهُ، وَتُخِيفُهُمْ؛ فَتَجِدُ بَعْض النَّاسِ قَاسِيًا مَعَ أَهْلِهِ: فَيُحَمِّلُ زَوْجَتُهُ مَا لَا تُطِيقُ؛ وَتَقْضِي أَكْثَرَ يَوْمِـهَا فِي كَدٍّ وَتَعِبٍ، لَا يُخَفِّفُ عَنْهَا الأَعْبَاءَ، وَلَا يُحْضِرُ لَهَا مَنْ تُسَاعِدُهَا، لَا يَأْذَنُ لَهَا بِزِيارَةِ أَهِلِهَا، وَلَا اِسْتِقْبالَ أَقَارِبِهَا؛ إِلَّا بَعْدَ عَنَاءٍ وَمَشَقَّةٍ؛ فَيَجْعَلُهَا فِي عَذَابٍ بَئيسٍ.



وَبَعْضُهُمْ قَاسٍ مَعَ أَوْلَادِهِ، لَا يَتَعَامَلُ مَعَهُمْ إِلَّا بِعُنْفٍ، لَا يَبْتَسِمُ لَهُمْ، وَلَا يُدَاعِبُهُمْ، وَلَا يُرْفِّهُ عَلَيهِمْ. قَاسِيًا عَلَى طُلَّابِهِ، يُكْلِّفُهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ أَعْذَارًا، وَلَا يُسَامِحُهُمْ عَلَى أَخْطَائِهِمْ، يَشُقُّ عَلَيْهِمْ بِالأَسْئِلَةِ، يُفَتِّشُ عَنْهَا بَيْنَ الأَسْطُرِ، يُقَارِنُـهُمْ بِقُدُرَاتِهِ؛ فَيَزِيدُ عَلَيْهِمُ الشَّقَاءَ والتعب.



تَجِدُ بَعْضَ النَّاسِ قَاسِيًا مَعَ جِيرَانِهِ، فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ؛ لَا يَتَحَمَّلُ إِيقَافَ أَحَدِهِمْ سَيَّارَتَهُ أَمَامَ مَنْزِلِهِ، وَلَا يَسْمُحُ لِزائِرٍ مِنْ زُوَّارِ جِيرَانِهِ أَنْ يَقِفَ أَمَامَ دَارِهِ وَلَوْ لِدَقَائِقَ مَعْدُودَةٍ، يَتَعَامَلُ مَعَ أَوْلَادِهِمْ بِعُنْفٍ، لَا يَقْبَلُ إِزْعاجًا مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ إِزْعَاجًا عَابِرًا يَسِيرًا مِنْ طِفْلٍ صَغِيرٍ.



تَجِدُ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ قَاسِيًا عَلَى جَمَاعَةِ مَسْجِدِهِ، يَتَأَخَّرُ بِالإِقَامَةِ، وَيُطِيلُ بِالصَّلاَةِ مُخَالِفًا للسُّنَّةِ، وَيُطِيلُ الْخُطْبَةَ، حَتَّى يُصِيبَهُمْ بِالسَّآمَةِ، وَالْمَلَلِ، وَالتَّضَجُّرِ، وَالتَّمَلْمُلِ.


وَتَجِدُ بَعْضَ النَّاسِ قَاسِيًا عَلَى عُمَّالِهِ: يُكْلِّفُهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، سَائِقُهُ يَعْمَلُ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمانِي عَشْرَةَ سَاعَةً، لَا يَجِدُ وَقْتًا يَأْخُذُ فِيهِ قِسْطًا مِنَ الرَّاحَةِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَنَاوَلَ طَعَامَهُ وَلَا شَرَابَهُ، تَجِدُ هَذَا السَّائِقَ لَا يَرْتَاحُ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّ سَاعَاتٍ. فَمِنْ بُزُوغِ الْفَجْرِ وَهُوَ فِي عَمَلٍ، لَا يَسْمَحُ لَهُ كَفِيلُهُ بِوَقْتِ قَيْلُولَةٍ، وَلَا يُتِيحُ لَهُ وَقْتًا لِصُنْعِ طَعَامِهِ، إِلَّا بَعْدَ مَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ.



وَتَجِدُ بَعْضَ رَبَّاتِ الْبُيُوتِ قَاسِيَاتٍ فِي التَّعَامُلِ مَعَ عَامِلَاتِ مَنْزِلِهَا: تَحَمُّلُهُنَّ مَا لَا يُطِقْنْ: الطَّبْخَةَ، وَالْغَسْلَةَ، وَالتَّنْظِيفَ، وَتَرْبِيَةَ الْأَوْلَادِ، وَمُتَابَعَتَهُمْ. مُنْذُ بُزُوغِ الْفَجْرِ إِلَى اللَّيْلِ وَهُنَّ بِكَدٍّ، وَكَدْحٍ، وَعَمَلٍ. بَلْ وَتَأْخُذُهَا مَعَهَا لِتَخْدِمَ فِي بُيُوتِ صُوَيحِبَاتِهَا وَقَرِيبَاتِهَا، هَذِهِ اِمْرَأَةٌ اِمْتَلَأَتْ بِالْقَسْوَةِ، أَعَاذَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهَا. فَمَنِ اِبْتُلِيَ بِهَذِهِ الْقَسْوَةِ؛ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا، وَلْيَتَخَلَّصْ مِنْهَا عاَجِلًا؛ وَلَا تَأْخُذْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ.

وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: جُبِلْتِ عَلَى الْقَسْوَةِ، كَيْفَ أَتَخَلُّصُ مِنْهَا؟! فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ الْقَسْوَةَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، اِبْتَلَاكَ بِهَا رَبُّ الْعِزَّةِ وَالْجَلاَلِ، وَلَا يُنْجِّيكَ مِنْهَا غَيْرُه؛ فَاِسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا وَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعَوْذُ بِكَ مِنْ سِيِّءِ الأَخْلَاقِ؛ فَهِي مِنَ الأَخْلَاقِ السَّيِّئَةِ الَّتِي يُعِيذُكَ اللهَ، وَيَحْمِيكَ مِنْهَا، وَيَقِيكَ شَرَّهَا، فقد كَانَ، صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو قَائِلَا: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ، وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ). رِزْقَنَا اللهَ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ، وَجَعَلَنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ.

رونق الفجر
30-11-2024, 04:24 PM
موضوعٌ فِي قمة الجَمال
وأضَاء بجمالِه أرجاء المكانِ ، شكرا للإبدَآعِ
يعطِيك العّآفية

Queen♚
30-11-2024, 04:24 PM
تتألق دائمًا بأناقة طرحك وروعة ابهارك لنا
شذى عطائك كالورد الجوري،
يبعث في النفس سكينة وسرورًا.

ملاذ الصمت ♪
30-11-2024, 04:24 PM
*,
ابداع نقشت على ورق التميز
هطول لابداع عذب تنحني لها الرؤوس اعجابا
لتعلن أن طرحك الشجي سيعبر الأرجاء
يسلم بوحك وتسلم آناملك ..
تحيه لك ولـ إبداعك ..

آسِر
30-11-2024, 04:24 PM
طررح يفوق آلجمآل ,
‎كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
‎يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
‎لقلبك السعآده والفـرح ..
‎ودي

آامتنان
30-11-2024, 04:24 PM
و يعطيك العافية على جمال الابداع المبهر
حضورك رائع و متميز
ومميز بكل ما تحمله الكلمة من معنى
لك إحترامي و تقديري
دمت بكل الود

وجدان
30-11-2024, 04:24 PM
يسلم عطائك ودام ابداعك
وبأنتظار جديدك القادم
تقييمي واعجابي لك ..

فريال سليمي
30-11-2024, 06:00 PM
طيب حضوركم الكريم عطر صفحتي
وردكم الأنيق الراقي أسعدني
ممتنة على ثناءكم وإطرائكم
أسعد الله أيامكم بفرح يملأ حياتكم
خالص الود لسمو جنابكم
وكل احترام و تقدير
:ezgif-1-8930ba2865:

حسن الوائلي
30-11-2024, 07:15 PM
طرح نوراني تسامى أجرا وخيرا
نسأل الله لكم التوفيق في
حياتكم وجزاكم خير الجزاء
واثابكم بوركتم وسلمت
الأيادي اطيب التحايا
دمتم بكل الود والتقدير
:ezgif-5-708d7d38d9:

رهينة الماضي
01-12-2024, 12:57 AM
لجهودكم باقات من الشكر والتقدير
على المواضيع الرائعه والجميلة
:ezgif-5-99d97f5f74:

نزف القلم
01-12-2024, 07:09 AM
جزاك الله خير ونفع بك
وجعله في موآزين حسنآتك
ورفع به درجآتك على هذآ الطرح القيم
لا حرمنآالله توآجدك

قهوة المسا
01-12-2024, 09:42 AM
يعطيك العافيه
وكلك ذوووق
ويسعدك ربي

خواطر انثى
01-12-2024, 08:33 PM
جزاك الله خير واثابك الله
الله يعطيك العافيه على الطرح القيم
دمت بِ سعاده لاتنتهي
:ezgif-4-28e5eb5315:

ابتسامة الزهر
02-12-2024, 12:44 AM
سلمت الأيادي المتألقه
على روعة جلبها وانتقائها الراقي
جزاك الله خير الجزاء
ولا عدمنا رووعه اطروحاتك الرائعة
لـروحــك الجوري

البدر
02-12-2024, 03:04 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-4-c8829dfcbe:

المتمرد
02-12-2024, 08:27 AM
قطفه مثمره وجلب في
غاية الروعه والتالق
الف شكر لك

مـخـمـلـيـة
02-12-2024, 09:26 AM
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
وييسر امرك ويرفع مقامك فى العلين
:ezgif-1-48768bec8a:

همس الروح
03-12-2024, 10:37 PM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
تحيتي وتقديري:200 (44)::200 (44):

علياء
05-12-2024, 01:38 AM
؛/
مجهود متوهج بطقوس ترف
وابداعاً ينتشي بالجمال
من بهاء ذائقتكم الراقية
وجم عطائكم الوارف
فلك قوافل الورد شكراً ووداً
واجمل الامنيات
؛/

reda laby
05-12-2024, 06:29 PM
حتى نرضى الله :: و نسعد بعد الحياة
فى جنات الفردوس :: جائزة من الإله

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى
https://d.top4top.net/p_844kfa1h2.gif
http://3b8-y.com/vb/uploaded/580_21536911659.gif

أمير المحبه
06-12-2024, 03:52 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

سما الموج
08-12-2024, 06:48 PM
بارك الله فيك على طرحك القيم
جزيت جنة عرضها السماوات والارض
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
مع أطيب التحايا لـ جهودك القيمة

:ezgif-4-e0934f3318:

- وهُــم .
29-12-2024, 10:45 AM
-

















حُرُوفٌ تَتَكَلَّمُ بِهُدُوءِ . .
مُعَتَّقَهُ بِرُوحَانِيَّاتِ بِفَضَاءِ آخَرَ مِنْ اَلْمَعَرَفَهَهْ . .
اِنْحِنَاءَةُ إِجْلَالِ لِرُوحِكَ ~
.
.
.
:100 (103):

عبير الليل
07-01-2025, 03:11 AM
*,
ابداع نقشت على ورق التميز
هطول لابداع عذب تنحني لها الرؤوس اعجابا
لتعلن أن طرحك الشجي سيعبر الأرجاء
يسلم بوحك وتسلم آناملك ..
تحيه لك ولـ إبداعك ..
‏:ezgif-4-6eaa79c0d2:

إرتواء
18-01-2025, 05:20 AM
موضوع جميل
الله يعطيك العافية
سلمت يداك ودام عطائك

:ezgif-7-94663b82ca:

وتين
18-01-2025, 06:40 AM
سلمت اناملك على
ماجادت به من روعة بالطرح
دام لنا ابداعك بأرقى حالاته
بأنتظار عطائك القادم
:ezgif-4-5226ff7684:

هـنـاي
08-05-2025, 05:37 AM
سلمتِ و سلمت يمناك لروعَة الطّرح
بِ إنتظَار المزيد من عبقْ عطآءك
لرُوحك مسك الوَرد ,

محمد
14-05-2025, 02:12 PM
يعطيك العافيه على الطرح
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقديرشش
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ودي وعبق وردي
https://www.up.bhralaml.com/uploads/161414692318041.gif