النجمة المضيئة
17-05-2025, 07:19 PM
الشوق العميق للبيت العتيق (خطبة)-2
الشيخ عبدالله محمد الطوالة
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده اللذين اصطفى..
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب..
معاشر المؤمنين الكرام: تمر السنون، وتتوالى القرون، ووفود الرحمن يتزايدون, في لقاءٍ إيمانيٍ مهيب، واجتماع سنويٍ عجيب، يقدمون من أماكنَ بعيدة، وبلدانٍ نائية، ومن كل فجٍّ عميق، وبأعدادٍ هائلة.. استجابةً لله تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج:27].. فيأتون مُلبين للدعوة: (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك)..
والعجبُ يا عباد الله: أنهم يأتونَ من أقاصي الدنيا وأطرافها النائية، تاركينَ بلادهم ذات الطبيعةِ الخلابة، والمناظر الجميلة، والجو العليل، يقطعون مسافاتٍ هائلة، ويتكبدون مشاقَ كثيرة، ويبذلونَ الغالي والنفيس، تتقطَّعُ نفوسُهم شوقاً ورغبةً إلى بلادٍ ذات طبيعةٍ قاسية، وحرارةٍ مُرتفعة، جبالٌ سوداء، وأرضٌ قاحلةٌ جرداء، وأوديةٌ مُقفرة، لا زرعَ فيها ولا ماء.. فإذا بدأوا في أداء المناسك، رأيتهُم في قمّة السعادةِ والرضا، يترقبونَ بكل شوقٍ ولهفة, متى ينتقلون من شعيرةٍ إلى أخرى، ومن مكانٍ لآخر، وحين يُسألونَ عن مشاعرهم، ترى عبراتِهم تُسابقُ عِباراتهم.. وتراهُم يستعذبونَ المشقةَ والتعب، ولا يبالون بحرٍّ ولا نصب..
إنهُ يا عباد الله: سرٌّ من أسرار الحجِّ.. يقولُ علامة الهند الإمام الدهلوي: "ربما يشتاقُ الإنسانُ إلى ربه أشدَّ الشوقِ, فيحتاجُ إلى شيءٍ يُترجِمُ به شوقهُ فلا يجدُ إلا الحجّ".. فيا من تيسرت له السبل، وانفتح أمامه الطرق، هذا ربك يستزيرك فحيّ على زيارته، ولا تتردد فتحرم يومَ يربحُ المجدّون، وتندمُ يومَ يكرّمُ الفائزون، فإذا رأيت مقامهم غدًا قلت: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزًا عظيمًا.. في الحديث الصحيح: أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم قال: قال اللهُ: (إنَّ عبدًا أصحَّحْتُ له جسمَه، ووسَّعْتُ عليه في المعيشةِ، يمضي عليه خمسةُ أعوامٍ لا يفِدُ إليَّ لَمحرومٌ).. وفي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "تابِعوا بين الحجِّ والعمرةِ, فإنهما يَنفيانِ الفقرَ والذنوبَ, كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضةِ, وليس للحجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ إلَّا الجنةُ" وفي حديثٍ حسن، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أراد الحجَّ فلْيَتَعَجَّلْ، فإِنَّهُ قد يَمْرَضُ المريضُ، وتَضِلُّ الضالَّةُ، وتعرِضُ الحاجَةُ"..
فاتقوا الله عباد الله, وبادروا بالأعمال الصالحة في هذه الإيام المباركة، واستبقوا الخيرات وتعرضوا للنفحات، فلعل نظرة من الرحيم الرحمان توجب لكم المغفرة والرضوان، وترفع منازلكم في أعالي الجنان..
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب ﴾ [البقرة:197]..
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..
اللهم صل على محمد
الشيخ عبدالله محمد الطوالة
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده اللذين اصطفى..
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب..
معاشر المؤمنين الكرام: تمر السنون، وتتوالى القرون، ووفود الرحمن يتزايدون, في لقاءٍ إيمانيٍ مهيب، واجتماع سنويٍ عجيب، يقدمون من أماكنَ بعيدة، وبلدانٍ نائية، ومن كل فجٍّ عميق، وبأعدادٍ هائلة.. استجابةً لله تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج:27].. فيأتون مُلبين للدعوة: (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك)..
والعجبُ يا عباد الله: أنهم يأتونَ من أقاصي الدنيا وأطرافها النائية، تاركينَ بلادهم ذات الطبيعةِ الخلابة، والمناظر الجميلة، والجو العليل، يقطعون مسافاتٍ هائلة، ويتكبدون مشاقَ كثيرة، ويبذلونَ الغالي والنفيس، تتقطَّعُ نفوسُهم شوقاً ورغبةً إلى بلادٍ ذات طبيعةٍ قاسية، وحرارةٍ مُرتفعة، جبالٌ سوداء، وأرضٌ قاحلةٌ جرداء، وأوديةٌ مُقفرة، لا زرعَ فيها ولا ماء.. فإذا بدأوا في أداء المناسك، رأيتهُم في قمّة السعادةِ والرضا، يترقبونَ بكل شوقٍ ولهفة, متى ينتقلون من شعيرةٍ إلى أخرى، ومن مكانٍ لآخر، وحين يُسألونَ عن مشاعرهم، ترى عبراتِهم تُسابقُ عِباراتهم.. وتراهُم يستعذبونَ المشقةَ والتعب، ولا يبالون بحرٍّ ولا نصب..
إنهُ يا عباد الله: سرٌّ من أسرار الحجِّ.. يقولُ علامة الهند الإمام الدهلوي: "ربما يشتاقُ الإنسانُ إلى ربه أشدَّ الشوقِ, فيحتاجُ إلى شيءٍ يُترجِمُ به شوقهُ فلا يجدُ إلا الحجّ".. فيا من تيسرت له السبل، وانفتح أمامه الطرق، هذا ربك يستزيرك فحيّ على زيارته، ولا تتردد فتحرم يومَ يربحُ المجدّون، وتندمُ يومَ يكرّمُ الفائزون، فإذا رأيت مقامهم غدًا قلت: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزًا عظيمًا.. في الحديث الصحيح: أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم قال: قال اللهُ: (إنَّ عبدًا أصحَّحْتُ له جسمَه، ووسَّعْتُ عليه في المعيشةِ، يمضي عليه خمسةُ أعوامٍ لا يفِدُ إليَّ لَمحرومٌ).. وفي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "تابِعوا بين الحجِّ والعمرةِ, فإنهما يَنفيانِ الفقرَ والذنوبَ, كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضةِ, وليس للحجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ إلَّا الجنةُ" وفي حديثٍ حسن، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أراد الحجَّ فلْيَتَعَجَّلْ، فإِنَّهُ قد يَمْرَضُ المريضُ، وتَضِلُّ الضالَّةُ، وتعرِضُ الحاجَةُ"..
فاتقوا الله عباد الله, وبادروا بالأعمال الصالحة في هذه الإيام المباركة، واستبقوا الخيرات وتعرضوا للنفحات، فلعل نظرة من الرحيم الرحمان توجب لكم المغفرة والرضوان، وترفع منازلكم في أعالي الجنان..
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب ﴾ [البقرة:197]..
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..
اللهم صل على محمد