تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العبادات وأثرها في المجتمع


ابتسامة الزهر
15-07-2025, 02:51 AM
العبادات وأثرها في المجتمع


الإسلام دين شامل جاء ليصلح الحياة
في جميع نواحيها، ومنهج رباني يربط الإنسان
بخالقه عز وجل ويربطه بمن حوله من الكائنات،
يربطه بالبشر ويربطه بالحيوان والنبات ويربطه
حتى بالجمادات، والإسلام ليس مجرد شعائر
وعبادات يؤديها المسلمون.

والإنسان خُلق لهدف عظيم ووظيفة سامية
هي العبادة بمعناها الشامل، ويدخل فيها
الإحسان للآخرين ومدّ يد العون لهم
وحسن التعامل معهم، يقول الله عز وجل:
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ
إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} [سورة الإسراء: 53].

وما يميز العبادات في الإسلام أنها ثنائية
الوجهة، فهي من جهة موجهة للخالق عز وجل،
ومن جهة أخرى موجهة للمجتمع الذي يعيش
فيه المسلم، وقد تحدث المفكر الراحل علي
عزت بيغوفيتش في كتابه "الإسلام بين الشرق والغرب"
عن ثُنائية أعمدة الإسلام الخمسة وبيّن أن
الهدف من أركان الإسلام هو التقرب للخالق
عز وجل وهي في الوقت نفسه موجهة
ومبيّنة لطريقة التعامل مع الخلق.

والمتأمل في العبادات التي شرعها الإسلام
يلحظ بجلاء الدور الاجتماعي للعبادات في
الإسلام، فالهدف منها تهذيب النفوس
وتقويم السلوك المعوجّ، يقول الله عز وجل
عن دور الصلاة في الحفاظ على طهارة المجتمعات:
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ
إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ
اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [سورة العنكبوت: 45].

يقول السعدي في تفسيره: "ووجه كون الصلاة
تنهى عن الفحشاء والمنكر أن العبد المقيم لها،
المتمّم لأركانها وشروطها وخشوعها يستنير
قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى
رغبته في الخير، وتقلّ أو تعدم رغبته في الشر".

ويقول الله عز وجل عن الزكاة وأثرها في
تطهير النفوس: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ
سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة التوبة: 103].

ورد في تفسير السعدي:"‏{تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا‏}‏
أي‏:‏ تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة‏.‏ {‏وَتُزَكِّيهِمْ‏}
أي‏:‏ تنمّيهم، وتزيد في أخلاقهم الحسنة، وأعمالهم
الصالحة، وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي،
وتنمي أموالهم‏".

والله سبحانه وتعالى جعل قول المعروف للفقير
والمسكين خيرًا من الصدقة التي يتبعها المنّ
والأذى، يقول تعالى :{قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ
مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [سورة البقرة: 263].

ويقول تعالى عن الحكمة التي شُرع من
أجلها الصيام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ

الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
[سورة البقرة: 183].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ
في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ" (صحيح البخاري: حديث رقم 1903).

ويقول تعالى عن الحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ
فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ
فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ
فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}
[سورة البقرة: 197].

يقول السعدي في تفسيره:

وكثير من الأحاديث التي وردت عن الرسول
صلى الله عليه وسلم تحثنا على الإحسان إلى
الآخرين ومساعدتهم ومعاملتهم بالمعروف
وبالتي هي أحسن، فعن أنس بن مالك رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" (صحيح البخاري: 13).

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ
مِن لِسَانِهِ ويَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه" (صحيح البخاري: 10).

والمحافظة على النظافة العامة تُعدّ شعبة
من شعب الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال:
"الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً،
فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ
الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ" (صحيح مسلم: 35).

وأجر الأعمال التي ينتفع بها الآخرون عظيمة،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي
بطَرِيقٍ، وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ، فأخَذَهُ،
فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له" (صحيح البخاري: 2472).

والمتأمل في هذه الأحاديث وغيرها يجد
تركيز النبي صلى الله عليه وسلم على التعاملات
اليومية بين المسلمين وعلى أثر العبادات في
الارتقاء بها، وقد بيّن لنا أن الهدف من بعثته
صلى الله عليه وسلم هو الارتقاء بمستوى
التعامل بين الناس بقوله صلى الله عليه وسلم:
"إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ وفي روايةٍ
(صالحَ) الأخلاقِ" (السلسلة الصحيحة: 45).

وكثير من الأعمال الصالحة التي رُتّبت عليها
أجور كبيرة تتعلق في مجملها بما ينفع الناس،
وأجور العبادات المتعدية كما يقول العلماء
أكبر من أجور الأعمال التي يقتصر
نفعها على صاحبها.

والمتأمل في آيات القرآن الكريم وفي الأحاديث
النبوية يجد أنها تربط العبادات التي يؤديها
المسلم بالسلوك مع الناس، ولكن واقع
المسلمين اليوم يشهد انفصامًا بين العقيدة
والعبادات وبين السلوك والتعامل اليومي مع
الآخرين، والمطلوب من المسلمين اليوم أن
يراجعوا تعاملاتهم مع الآخرين ومدى قربها
أو بعدها عن تعاليم الإسلام، وأن يظهر أثر
العبادة وينعكس بالإيجاب على تعاملاتهم مع
غيرهم، فلا يكفي أن تؤدي العبادات لكي تكون
مسلمًا حقًّا، وإذا لم ينعكس أثر هذه العبادات
على تعاملاتك مع من حولك فلا خير في هذه
العبادة ولا ثمرة لها.

محمد
15-07-2025, 09:33 AM
يعطيك العافيه على الطرح
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقديرشش
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ودي وعبق وردي
https://up6.cc/2025/05/1748575873361.gif

reda laby
15-07-2025, 06:41 PM
حتى نرضى الله :: و نسعد بعد الحياة
فى جنات الفردوس :: جائزة من الإله

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى
https://d.top4top.net/p_844kfa1h2.gif
http://3b8-y.com/vb/uploaded/580_21536911659.gif

غريم الليل
15-07-2025, 08:32 PM
جزاك الله خير
و بارك الله فيك
على الطَرح القيم
و في ميزان حسناتك
مودتى
:0 (169):

فريال سليمي
15-07-2025, 09:38 PM
طــرح رائـع
بارك الله فيك واثابك الجنه
جزاك الله خيرا
ورزقك بابا من ابواب الجنه
وجعله في ميزان حسناتك
دمت برضى الله
https://lh3.googleusercontent.com/-C7_XfeQ6vSM/Tx2jClL3s_I/AAAAAAAABpc/hMdKmRzMKaQ/h80/0_3dcfe_b11cafe7_L.jpg.gif

الدكتور على حسن
16-07-2025, 12:09 AM
https://lh3.googleusercontent.com/-C7_XfeQ6vSM/Tx2jClL3s_I/AAAAAAAABpc/hMdKmRzMKaQ/h80/0_3dcfe_b11cafe7_L.jpg.gif

كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
ربنا يبارك فيك ويسعدك ويكتب لك
كل الخير فى كل ما لمست يداك
وخطت قدمــاك
يااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى وحبى
الدكتور علـى حسـن
https://lh3.googleusercontent.com/-C7_XfeQ6vSM/Tx2jClL3s_I/AAAAAAAABpc/hMdKmRzMKaQ/h80/0_3dcfe_b11cafe7_L.jpg.gif

خواطر انثى
16-07-2025, 12:21 AM
الله يعطيك العافية ع الطرح القيم
بوركت جهودك
‏https://up6.cc/2025/03/174208351983781.gif (https://dcars.net)

النجـلاء
16-07-2025, 12:29 PM
جزاك الله خير .

:0 (283):

همس الروح
16-07-2025, 05:01 PM
جعله الله في ميزان حسناتك

وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
تحيتي وتقديري :0 (299):

فرآشه ملآئكية
16-07-2025, 08:36 PM
~`











سلمت آناملك لروعـہ طرحهآ ••
يعطِـــيكْ العَآفيَـــہُ ••

القبطان
17-07-2025, 09:09 AM
http://img-fotki.yandex.ru/get/6617/153292660.405/0_9272c_71f96b43_L.png

جزاك الله خيرا
وبارك فيـك علام الغيوب
ونفـــس عنــك كـل مكــروب
وثبـت قلبـك علـى دينـه
إنــه مقلـب القلـوب
دمت بحفظ الله ورعايته
:0 (346):





http://img-fotki.yandex.ru/get/6617/153292660.405/0_9272c_71f96b43_L.png

البدر
18-07-2025, 08:24 PM
سلمت الأيادي على روعة الطرح
في انتظار جديد طرحك
لاخلا ولا عدم
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/0%20(367).gif

الرآيق..
07-08-2025, 03:38 AM
كان يكفينا بعضك. ولكنك منحتنا كلك
أعلم أنك إنسان مختلف ومميز..
السطور تتنفس دائما بالجمال
وأدرك جيدا أن خلف ذلك الاسم..
حديث ذو شجون وخارطة للإبداع.
دام قلمك خصبا رويا..

تقديري وهذه / :a 161:

النجـلاء
07-08-2025, 07:41 PM
جزاك الله خير
تقديري.



:0 (377):

علياء
07-08-2025, 10:39 PM
طرح بغاية الروعه و مترف بالجمال جزاك الله خيرا
وسلمت اناملك على الانتقاء العذب والذوق الرائع
بـ إنتظآر جديدك الاجمل وعذب أطرٌوحآتك
كل الوووود و الووورد
*/