المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الميزان


نسر الشام
26-09-2018, 07:27 AM
الميزان


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

وبعد:
فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بالميزان، والمقصود به: الميزان الذي يوزن به أعمال العباد من خير أو شر، قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 102-103 ]. روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".

قال العلماء: إذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال؛ لأن الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقرير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها، ليكون الجزاء بحسبها، والذي دلت عليه السنة أن ميزان الأعمال له كفتان حسيتان مشاهدتان؛ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "إن الله يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مد البصر، ثم يقول له: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ قال: لا يا رب، فيقول ألك عذر أو حسنة؟ فيبهت الرجل، فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم عليك، فتخرج له بطاقة، فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله؛ فيقول: أحضروه، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فيقال: إنك لا تُظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة، قال: فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم".

وقال أصحاب الأهواء: "الأعمال أعراض لا تقبل الوزن، وإنما يقبل الوزن الأجسام".
والجواب عن هذا أن يقال: إن الله عز وجل يجعل هذه الأعمال أجساماً، وليس هذا بغريب على قدرة الله عز وجل، وله نظير وهو الموت فإنه يجعل على صورة كبش ويذبح بين الجنة والنار، مع أن الموت معنى وليس بجسم؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجاءُ بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح، (زاد أبو كريب: "فيوقف بين الجنة والنار"، واتفقا في باقي الحديث) فيقال: يا أهل الجنة! هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، قال: ويقال: يا أهل النار! هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، قال فيؤمر به فيذبح، قال: ثم يقال: يا أهل الجنة! خلود فلا موت، ويا أهل النار! خلود فلا موت" قال: ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39]، وأشار بيده إلى الدنيا.

قد يقول قائل: ما فائدة الميزان؟! والله عز وجل يعلم أعمال العباد من خير أو شر.
قال ابن أبي العز الحنفي: ولو لم يكن من الحكمة في وزن الأعمال إلا ظهور عدله سبحانه وتعالى لجميع عباده، فإنه لا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، فكيف ووراء ذلك من الحكم ما لا اطلاع لنا عليه؟!.
قال القرطبي: إن الحوض قبل الميزان، والصراط بعد الميزان .. هكذا ترتيب مشاهد يوم القيامة.

ومن آثار الإيمان بميزان الأعمال:
أولاً: الاجتهاد في الطاعات والمسارعة إلى الخيرات، فإن من زادت حسناته على سيئاته أفلح ونجح، قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ [القارعة: 6- 11].

ثانياً: أن هناك أعمالاً صالحة ثقيلة في ميزان رب العالمين، كما تقدم في الحديث: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان".

وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان"، قيل: وما القيراطان؟ قال: "مثل الجبلين العظيمين".

ثالثاً: قال بعض أهل العلم: إن العامل يوزن مع عمله، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة" وقال: اقرؤوا إن شئتم ﴿ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾ [الكهف: 105].

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يجتني سواكاً من الأراك وكان دقيق الساقين فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مم تضحكون؟" قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: "والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أحدٍ".

رابعاً: المحافظة على الحسنات مما يبطلها أو ينقصها؛ روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ¢- رضي الله عنه -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار".

وروى ابن ماجه في سننه من حديث ثوبان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً"، قال ثوبان: يارسول الله، صفهم لنا، جلّهم لنا أن لا نكون منهم، ونحن لا نعلم قال: "أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها".

خامساً:بيان عدله سبحانه وتعالى، وأنه يضع الموازين العادلة التي يبيِّن فيها مثاقيل الذر التي توزن بها الحسنات والسيئات، كما في الآية ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، ﴿ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ﴾: التي هي أصغر الأشياء وأحقرها، كما قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7- 8].

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عنقود الياسمين ✿
26-09-2018, 07:30 AM
جَلبَ ممُيَّز جِدَاً
وإنتقِاءَ رآِئعْ
تِسَلّمْ الأيَادِيْ
ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائك

بنت اليمن
26-09-2018, 02:25 PM
سلمت يمناك على الانتقاء الاكثر من رائع
ولاحرمنا جديدك الشيق
تحياتي لسمو شخصك الكريم

كيان
26-09-2018, 02:44 PM
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـ عَ آلمَوضوعْ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـ بآلريآحينْ

امير بكلمتى
26-09-2018, 06:00 PM
جلب رائع ومميز
سلمت وسلم مجهودك الجميل
وبانتظار جديدك
مودتي

مـخـمـلـيـة
27-09-2018, 09:26 PM
جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان :redroseplz:

الاسير
29-09-2018, 09:17 PM
يعجز القلم على الاطراء
ويعجز النبض على التعبير بما كتبت وبما طرحت
.. بارك الله فيك وجعله فى موزين حسناااااااتك
وجزيت الجنه ونعيمهااااا**

رامي كاكا
01-10-2018, 05:32 PM
جزاك الله خير
بارك الله فيك
في ميزان حسناتك

مرافئ الذكريات
02-10-2018, 12:28 AM
دائماً لمساتك في القمة بها الابداع
والتميز الراقي تسحرعيون من يدخلها
فلقد استمتع ناظري هنا وعجزت
عن التعبير فماذا اقول لك غير سعد
بك صرح مجتمع الياسمين و باختيارك للموضوع
اراح الله قلبك و اسعدك

وهج الكبرياء
05-10-2018, 04:15 PM
طرح طيب وجلب وارف
جزاك الله عنا كل خير
وجعل كل ما خط هنا فى ميزان حسناتك
امتناني وجل التقدير
وجميل تحياتي لك
دمت بحفظ الرحمن
/*
وميض
:redroseplz:

صهيل الحرف
11-10-2018, 03:39 PM
جزاك الله خيراااا
رائع ماتقدموه من ابداع جميل
ننتظر المزيد منكم
لكم مودتي

الشاهين
11-10-2018, 04:17 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتك
تحية و تقدير

روحي تبيك
07-11-2018, 05:14 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

جوري
24-11-2018, 01:41 PM
| …

















جُزيت الجنان ورضى الرحمن
على طرحك القيّم
وجُعل في موازين حسناتك ..!

http://3b8-y.com/vb/images/smilies/200%20(53).gif

رفيق الالم
06-03-2020, 05:03 PM
..

جزَآك آللَه خَيِرآ
علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله
http://www.nalwrd.com/vb/upload/4121nalwrd.gif

♥..αмαℓ
07-02-2021, 07:39 AM
*,

جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري

:100 (103):

عبير الليل
10-06-2022, 12:46 PM
‏ انتقاء بآذخ الجمآل ,
بِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لك من الشكر وافره,~
|
‏:bright_flower_by_va

البدر
11-07-2024, 01:41 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
بارك الله فيك وكثر من امثالك
لاخلا ولا عدم
:ezgif-7-0cd46ffe77: