سما الموج
17-01-2019, 06:33 PM
الغيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن الغيبة كبيرة من كبائر الذنوب، فإثمها عظيم، وخطرها كبير، وهي ظلم واعتداء، تساهلنا فيها وأشغلنا مجالسنا بها، واعتادتها ألسنتنا وتجرأنا عليها مستسهلين لأمرها، جاهلين بعقابها.
فعن بلال بن الحارث الْمُزَنِيَّ رضي الله عنه قال سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) رواه أحمد والترمذي.
إن آفات اللسان كثيرة، ومن أكثرها انتشارا وخطرا في مجالس الناس الغيبة، وما أدراكم ما الغيبة، فاكهة المجالس، وأنس البطالين، فهي مرضٌ منتشرٌ في مجالسنا، وآفةٌ تفتك بحسناتنا.
وقد عرَّف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالَ: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ)، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ) رواه مسلم وغيره.
أمّا أضرار الغيبة في المجتمع فمعلومة، فهي تُفَرِّق بين الناس، وتُورث العداوة فيما بينهم، وفيها فضيحة وهَتْك أستار وتوغر الصدور.
وأما الأسباب الباعثة لوقوع الناس في الغيبة فكثيرة، منها: الحقد والغضب، ومجاملة الرُّفقاء، والتزلف عند الأسياد لِهَدْمِ المغتاب، والهزْل وإضاعة الوقت والتبرُّؤ من العيب لإلصاقه بالغير، والحسد والسخرية والاحتقار.
ويجمع هذه الأسباب من أولها إلى آخرها قلة الخوف من الله، وعدم استشعار مراقبة الله تعالى وشديد عقابه للمغتابين.
والغيبة محرمة: ومن حرمتها أن الله -عز وجل- ذكرها في كتابه ونهى المؤمنين عنها صراحة فقال تعالى :{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}.
وتأملوا كيف شبه الله -عز وجل- هؤلاء المغتابين بآكلي لحوم البشر، {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}.
لقد رأيت صورا مقززة في الانترنت أرسلها لي صديق، لرجل فلبيني يقطع طفلا ميتا ويطبخه ويأكله، رجل تجرد من كل إنسانية، وتحول إلى وحش بهيمي فأكل لحم بني جنسه، وما علم الناس أن الذي يغتاب غيره كمن يفعل ذلك.
فقد روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل، فوقع فيه رجل من بعده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "تخلل" فقال: ومما أتخلل؟ ما أكلت لحما! قال: (إنك أكلت لحم أخيك) رواه الطبراني وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) رواه ابن ماجه.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الربا اثنان و سبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه) رواه الطبراني.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه وقال: (إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم) رواه أبن أبي الدنيا.
وجاء عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا- قَالَ بعض الرواة: تَعْنِي قَصِيرَةً – فَقَالَ: (لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ) رواه أبو داود.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن الغيبة كبيرة من كبائر الذنوب، فإثمها عظيم، وخطرها كبير، وهي ظلم واعتداء، تساهلنا فيها وأشغلنا مجالسنا بها، واعتادتها ألسنتنا وتجرأنا عليها مستسهلين لأمرها، جاهلين بعقابها.
فعن بلال بن الحارث الْمُزَنِيَّ رضي الله عنه قال سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) رواه أحمد والترمذي.
إن آفات اللسان كثيرة، ومن أكثرها انتشارا وخطرا في مجالس الناس الغيبة، وما أدراكم ما الغيبة، فاكهة المجالس، وأنس البطالين، فهي مرضٌ منتشرٌ في مجالسنا، وآفةٌ تفتك بحسناتنا.
وقد عرَّف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالَ: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ)، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ) رواه مسلم وغيره.
أمّا أضرار الغيبة في المجتمع فمعلومة، فهي تُفَرِّق بين الناس، وتُورث العداوة فيما بينهم، وفيها فضيحة وهَتْك أستار وتوغر الصدور.
وأما الأسباب الباعثة لوقوع الناس في الغيبة فكثيرة، منها: الحقد والغضب، ومجاملة الرُّفقاء، والتزلف عند الأسياد لِهَدْمِ المغتاب، والهزْل وإضاعة الوقت والتبرُّؤ من العيب لإلصاقه بالغير، والحسد والسخرية والاحتقار.
ويجمع هذه الأسباب من أولها إلى آخرها قلة الخوف من الله، وعدم استشعار مراقبة الله تعالى وشديد عقابه للمغتابين.
والغيبة محرمة: ومن حرمتها أن الله -عز وجل- ذكرها في كتابه ونهى المؤمنين عنها صراحة فقال تعالى :{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}.
وتأملوا كيف شبه الله -عز وجل- هؤلاء المغتابين بآكلي لحوم البشر، {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}.
لقد رأيت صورا مقززة في الانترنت أرسلها لي صديق، لرجل فلبيني يقطع طفلا ميتا ويطبخه ويأكله، رجل تجرد من كل إنسانية، وتحول إلى وحش بهيمي فأكل لحم بني جنسه، وما علم الناس أن الذي يغتاب غيره كمن يفعل ذلك.
فقد روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل، فوقع فيه رجل من بعده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "تخلل" فقال: ومما أتخلل؟ ما أكلت لحما! قال: (إنك أكلت لحم أخيك) رواه الطبراني وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) رواه ابن ماجه.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الربا اثنان و سبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه) رواه الطبراني.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه وقال: (إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم) رواه أبن أبي الدنيا.
وجاء عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا- قَالَ بعض الرواة: تَعْنِي قَصِيرَةً – فَقَالَ: (لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ) رواه أبو داود.