المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ... نظرات في ( بسم الله الرحمن الرحيم )...


همس الروح
25-03-2019, 03:03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله، والصلاة على سيد المرسلين، ومن اتَّبع هداه، وسلم كثيرًا.
أما بعد:
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.

"بسم الله": هي كلمة بسيطة؛ بَيْدَ أنها عميقة، عميقة جدًّا.

هي سرُّ الحقيقة، هي مجلي سرِّ الوجود المهيب، بما يزخر به من كائناتٍ، وأشياءَ، وأحداث.

إنها كلمة تُترجِم أعظمَ الحقائق، وأعمقَ الأسرار في هذا الكون.

إنها كلمة الأدب الفاضل مع الحق - جل جلاله.

هي كلمة بسيطة؛ بيد أنَّها تحوي حقائقَ جليلةً، فأعظِمْ بها من كلمة!

وما معنى تلك العلاقة، وحقيقة تلك الوشيجة في مذهبي إلاَّ قولُك: "بسم الله" بمعناها العميق الدقيق.

وإنها لمسؤوليةٌ جسيمة، وأمانةٌ عظيمة، وحِملٌ ثقيل، تلك الكلمة التي كُلِّف الإنسان أن يقولها وهو يمارس نشاطاتِ حياته في هذا العالم، وقد أشفقتْ من حملِها السمواتُ والأرض والجبال، على أن جسامة تلك المسؤولية، وعظمةَ تلك الأمانة، وثِقَلَ ذلك الحمل - يصير هيِّنًا عندما يقول الإنسان صادقًا مخلصًا: "بسم الله" مدركًا لأبعادها ومراميها، ودلائلها وأسرارها.

عندما يقول الإنسان: "بسم الله"، تتجلَّى في أعماقه حقيقةُ الألوهية بمعناها المطلق المهيمن، بكل جلالها وكمالها وجمالها.

عندما يقول الإنسان: "بسم الله"، تتبيَّن في حسِّه حقيقةُ العبودية بمعناها الضعيف الضئيل، بكل قيمتها في ميزان الحقيقة الخالدة.

عندما يقول الإنسان: "بسم الله"، تتكشف في نفسه حقيقة الوجود الكبير بمعناها العميق، بكل أسرارها وآياتها وحقائقها.

وهكذا، حينما يصل الإنسان إلى هذا المستوى السامق، حينها فقط يستطيع - بإذن الله - الارتقاءَ إلى تلك الآفاقِ العلويَّة، والأبعاد الراقية، التي تتيحها حقيقة "بسم الله"، وإنها لآفاقٌ شاهقة، وأبعاد سامية جدًّا جدًّا، هنالك حيث تصير الحياة كلُّها لله وبالله، ومن ثم لا يجد الإنسان - وقد ارتقى هذا المرتقى الشاهق - بُدًّا من قول "بسم الله"، واستحضار حقائقها وإيحاءاتها في كلِّ خطوة يخطوها، وكل حركة يتحرَّكها في عالم الواقع، وهو يغذُّ السيرَ نحو الأبدية الخالدة، نحو الله - جل جلاله.

ذلك؛ لأن الحياة في مفهومها العميق صارتْ في حسِّه وضميره لحظاتٍ ذات بال وقيمة كبيرة في ميزان الحكمة الإلهية، ومن ثم يكون جليًّا في عقله وقلبه أنَّ الأمر الصغير - بل الذي يبدو صغيرًا بالنسبة إليه - كالأمر الكبير سواء، في تحديد مصيره الأبدي، لا لشيء إلاَّ لأنَّه يعرف أن كل أمرٍ لا يُبدأ فيه بـ"بسم الله" يكون ناقصًا أبترَ.

فهو عند الأكل يقول: "بسم الله"، وعند الشرب يقول "بسم الله".
وهو عند النوم يقول: "بسم الله"، وعند اليقظة يقول: "بسم الله".
وهو عند الفلح يقول: "بسم الله"، وعند الحصاد يقول: "بسم الله".
وهو عند الصلاة يقول: "بسم الله"، وعند مختلف العبادات يقول: "بسم الله".
وهو عند كلِّ خطوة، وعند كلِّ حركة يقول: "بسم الله".

ألاَ ما أعظمَ إنسانًا هذا شأنُه في الحياة وعلاقته مع الله - جل جلاله!

لقد صارتْ حياته كلُّها تبتدئ بـ"بسم الله"، وتنتهي بـ"الحمد لله"؛ ذلك لأنَّه يعرف قيمته في ميزان الله - تعالى - ويعرف مهمَّته في هذا العالم، ومن ثم تتفتح نوافذُ كينونته الباطنة كلها؛ لتدرك عظمة الإبداع الإلهي في هذا الوجود، من الذرة التافهة - أستغفر الله - إلى المجرّة العظيمة، إلى الكون المحيط، ومن ثم تروح طالبةً الإذنَ من مالك هذا العالم بكل ما يحفل به من كائناتٍ وأشياءَ وأحداثٍ ومشاهِدَ، عند كلِّ حركة تتحرَّكها، وهي تبتغي تقديم شهادة التصديق لمضامين الفطرة الأولى التي فطر الله - تعالى - عليها الوجود، بما في ذلك هذا الكائن الضئيل المسمَّى "الإنسان".

من أجل ذلك؛ كانت كلمة "بسم الله" - كما قال بعضهم صادقًا - بالنسبة للإنسان، كمثل كلمة "كن" بالنسبة لله - تعالى - ذلك لأن الخالق - جل وعز - يقول للشيء: كن، فيكون بحكم طلاقة القدرة الإلهية، التي لا يحدها شيءٌ في هذا الوجود، والإنسان يقول: "بسم الله" وهو يتعامل مع الأشخاص، والأشياء، والأحداثِ المبثوثة في هذا الوجود، فإذا هي متوافقةٌ معه، مستجيبة له، كأنه حاكم عليها لا تجد من إطاعته بدًّا أو ردًّا، لا لشيء إلا لأنَّ الله - تعالى - قد قضى في الأزل أن يكون هذا الكون مسخَّرًا لهذا الكائنِ الضعيف الضئيل، المسمى "الإنسان".

ولك - أيها الأخ الفاضل - أن تتصوَّر حياة الإنسان وهو يمارس فعاليات كينونته الفطرية، دون أن يكون لهذه الكلمة أثرٌ في تلك الممارسة، ألاَ لا جَرَمَ أنها حياة ضحلة متعفِّنة بئيسة؛ {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [يس: 30].

وحسب هذا الإنسان البائس أنه يعيش في قلق، واضطراب، وفصامٍ نَكِد، وهو يتعامل مع الوجود من حوله، وحسبه ذلك الخوف الممض الذي يستشعره كلَّما نظر في أعماق الكون الهائل، وتأمَّلَ أبعاد المجهول؛ ذلك لأنه فقَدَ تلك الوشيجةَ التي تجمع بين مختلف الكائنات في هذا الوجود الكبير، وشيجة العبودية لله - تعالى - "الرحمن الرحيم".
ما أجملَها من كلمة! وما أعذبَه من معنى! وما أعمقَها من حقيقة!

حدَّثتْني نفسي مرَّة فقالت: ربما لا يوجد في أسماء الله - تعالى - الحسنى، وصفاته الكريمة، اسمان يترجمان حقيقةَ الألوهية وعلاقتها بالوجود - بكل ما يزخر به من أشخاص وأشياء، وأحداث ومشاهد - أعظمَ من هذين الاسمين "الرحمن الرحيم"، فصدَّقتُها.

وما لي لا أصدق وأقرُّها على عقيدتها، وأنا أرى آياتِ الرحمة الإلهية مبثوثةً في أجزاء الوجود، من الذرّة الصغيرة - بل أدنى - إلى الكون العظيم؛ بل لا توجد حركةٌ - صغيرة أو كبيرة - في هذا الوجود الكبير إلاَّ برحمة من الرحمن الرحيم؟!

إن الإنسان موجود في العالم لغاية معينة، تلك هي غاية العبودية، وهي مهمة جسيمة ولا شك، غيرَ أن الله - تعالى - وهو الرحمن الرحيم، قد سخر له ما في السموات والأرض؛ رحمة منه وفضلاً.

وما الإنسانُ في هذا الوجودِ الكبير الهائل - وهو المكلَّف من قِبَل الحق تعالى - بمهمة عظيمة، أبتْها السمواتُ والأرض والجبال، وأشفقن منها، لولا رحمةُ الله - تعالى - التي تحفُّه من كل جانب - إنه لا شيء، لا شيء.

لقد بدأتْ رحمة الله - تعالى - بهذا الكائن الضعيف الضئيل المسمَّى "الإنسان"، من قبل أن يُخلَق ويَدخل إلى الوجود؛ بل وقبل أن يخلق هذا الكون الفسيح العظيم، ذلك يوم قدَّر في الأزل الأول خلْقَ هذا العالم على هذه الصورة الموائمة لحياة الإنسان؛ كيما تتاحَ له فرصةُ القيام بمهمَّته خيرَ قيام.

ومن هنا كان من أعظم صور رحمة الله - تعالى – بالإنسان: صورةُ هذا الكون، تلك الصورة التي تنطوي على آيات الإبداع والجمال والتسخير، فلولا رحمةُ الله - تعالى - لكان هذا الكائن الإنساني غريبًا في هذا الكون، لا يستطيع أن يتقدم خطوةً واحدة إلى الأمام، وهو المكلَّف بعمارة الأرض، وإقامة حضارة إنسانيَّة فاضلة، قائمة على تعاليم المنهج الرباني.

ثم رحمة الله - تعالى - التي تشمل الإنسان في كلِّ شيء، الأمر الصغير والأمر الكبير سواء، فلا جرم أنَّ الإنسان لا يستطيع عدَّ أنواعِ الرحمة الربانية عليه، ولو جهد في ذلك جهده؛ {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18].

إنه فرق كبير - كبير جدًّا - بين إنسان يسعى في الأرض وهو مشدودٌ إلى السماء، يخوض غمار الأبدية في ذات الوقت الذي يتحرك حركتَه في هذه الحياة الدنيا، وبين إنسان قد فقدَ كلَّ أسباب الوجود الكريم في هذا العالم حين انقطعتْ علائقُه بالسماء.

والله أعلم.

دمتم برعاية الرحمن وحفظه


🌹🌺💐🌷🌸

سواد الليل
25-03-2019, 02:13 PM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك
وجعله فى ميزان حسناتك
اعذب التحايا لك

فريال سليمي
25-03-2019, 06:31 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

reda laby
25-03-2019, 08:28 PM
حتى نرضى الله :: و نسعد بعد الحياة
فى جنات الفردوس :: جائزة من الإله

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى
https://c.top4top.net/p_844k81p81.png
https://d.top4top.net/p_844kfa1h2.gif
https://c.top4top.net/p_6337qp4o1.png
http://3b8-y.com/vb/uploaded/580_11534253019.png

امير بكلمتى
25-03-2019, 08:43 PM
*,

طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي..

ريهام محمد
25-03-2019, 09:14 PM
*,

طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي..

رهينة الماضي
25-03-2019, 11:50 PM
يسلموووو على رقي الطرح واختياره
ابداع لايضاهى بالطرح
سلمت يمناك وعساك على القوه
طرح بقمة الرووعه
دمت بسعاده ورضى الرحمن
ودي وشذى الورد:100 (6):

♥..αмαℓ
26-03-2019, 08:55 AM
*,

جزاك الله جنة عرضها السموات والأرض
بارك الله فيك على الطرح القيم
في ميزان حسناتك ان شاء الله
اسأل الله ان يرزقك فسيح الجنات
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتك
وعمر الله قلبك بالايمان
على طرحك المحمل بنفحات إيمانيه
لك خالص ودي ..

روحي تبيك
27-03-2019, 06:02 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

وهج الكبرياء
27-03-2019, 11:25 AM
*
إنَتَقاء ثَري بالَذائَقة
سَلِمتْ الأيَادي ودَام عطَائَكـ
وجَزيتِالجنة يارب
بإنتظار جَديَدكـ المَمَيز
أكاَليِل الشُكرْ والتقدير
أَنثرُهاَ عَلَىْ عَتباَتْ مُتصَفِحكـْ
كل َالودَ واجمل التحاياا
*
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/100%20%28103%29.gif

ذبحني غلاك
27-03-2019, 05:18 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك

لَذة عِشّق♪♥
01-04-2019, 08:26 PM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك

❞ غَدقٌ نَبضِّه♪
03-04-2019, 03:52 AM
-
جزاك الله خير .,http://3b8-y.com/vb/images/smilies/5ajle%20(77).png

سما الموج
20-04-2019, 07:02 PM
بارك الله فيك على الانتقاء القيم والمفيد
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
وفي انتظار المزيد من مواضيع الاعجاز العلمي
https://3b8-y.com/vb/images/smilies/100%20%28146%29.gif

العاشق الذى لم يتب
21-04-2019, 10:19 PM
شكرا
لجلب كل جديد ومفيد
وجزيت خيرا
عاشت الايادى
ودام التواجد الراقى
تحياتى وودى

جوري
07-09-2019, 03:28 AM
|





















































































جُزيت الجنان ورضى الرحمن
على طرحك القيّم
وجُعل في موازين حسناتك ..!

:100 (103):

رفيق الالم
13-09-2019, 02:17 AM
..

جزاك الله خيرا
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك
دمت بكل خير
http://www.nalwrd.com/vb/upload/4183nalwrd.gif

دلآل.•
16-09-2019, 06:23 AM
تسسسلم الايـآدي على روعه طرحك
الله يعطيك الف عافيه يـآرب
بانتظـآر جــديدك القــآدم
آحتـرآمي لك

دلآل.•
16-09-2019, 06:23 AM
تسسسلم الايـآدي على روعه طرحك
الله يعطيك الف عافيه يـآرب
بانتظـآر جــديدك القــآدم
آحتـرآمي لك.

امير بكلمتى
16-09-2019, 06:28 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري

الشاهين
02-12-2019, 12:57 AM
جزاگ اللهُ خَيرَ الجَزاءْ..
جَعَلَ يومگ نُوراً وَسُرورا
وَجَبالاُ مِنِ الحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحورا
جَعَلَهُا آلله في مُيزانَ آعمآلَگ
دَآمَ لَنآ عَطآئُگ

عبير الليل
17-08-2021, 05:39 AM
‏ انتقاء بآذخ الجمآل ,
بِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لك من الشكر وافره,~
|
‏:bright_flower_by_va

عذبة المعاني
27-01-2022, 02:27 PM
جُزيت الجنان ورضى الرحمن
على طرحك القيّم
وجُعل في موازين حسناتك .
:100 (103):

ابتسامة الزهر
09-06-2022, 09:48 PM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري

ابتسامة الزهر
09-06-2022, 09:48 PM
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري