مـخـمـلـيـة
10-04-2019, 05:07 PM
فتأمّل كيف لخّص القرآن ذلك كلّه في كلمتين اثنتين فقط في خاتمة هذه الآية..
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) الفرقان
كلمة الحجر يُقصد بها المكان الذي تنزل به مياه الأنهار فيحجزها الله عزّ وجلّ عن البحر ويجعلها منفصلة عنه تمامًا، أي مكانًا معزولًا تمامًا عن كل من البحر ومجرى النهر، وهو في العادة يتسع ويضيق وفقًا لقوة اندفاع مياه النهر، وهو يعرف علميًّا بمصب النهر. أما كلمة المحجور فتعني تلك الحياة المحجورة على نوع معين من الأسماك والأحياء المائية؛ إذ نجد أن هذا النوع محجور في منطقة مصبات الأنهار بحيث لا يمكنه العيش في مياه البحار ولا في مياه الأنهار. فالكائنات التي تعيش في الماء المالح لا تستطيع الحياة في الماء العذب، والكائنات التي تعيش في الماء العذب أيضًا لا يمكنها أن تعيش في الماء المالح للسبب ذاته، أما الكائنات التي تعيش في المنطقة الفاصلة بين النهر والبحر فهي أيضًا لا يمكنها أن تعيش خارج هذه المنطقة المحجورة.
وهكذا فإن القرآن الكريم يحتوي على درر خفية لا ينضب لها معين، يأخذ منها كل أهل عصر بحسب المعطيات التي يتيحها لهم تطور المعارف والعلوم في عصرهم. فمع أي اكتشاف لحقيقة علمية كونية جديدة يُزاح الستار أمام أعين الناس عن درة وكنز جديد من درر القرآن الكريم وكنوزه كانت خافية لقرون عدة، فيكتشفون حينها أن ما توصل له علماء عصرهم من اكتشاف مذهل، موجود في كتاب الله الكريم منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا من الزمان.
فسبحان الذي شق الأرض ورفع السماء فوقها بغير عمد يراها الناس، مؤمنهم وكافرهم في ذلك سواء فأنى يؤفكون! وهو الذي أجرى سبحانه وتعالى سحابه في سمائه، وأنزل ماءه من مزنه، وهو الذي مرج البحرين فأرسلهما عذبًا ومالحًا، وهو الذي جعل بينهما برزخًا يحجزهما وحجرًا محجورًا، وهو الذي فعل كل هذا وكان ربك أيها الإنسان قديرًا.
لقد توصّل العلم الحديث إلى حقيقة علمية في غاية الأهميّة، مفادها أن منطقة امتزاج الماء العذب وماء البحر تعتبر منطقة معزولة، لأن الله تعالى جعلها محميّة ببعض القيود الدقيقة الصارمة المحكمة على كل ما يدخل إليها أو ما يخرج منها من الكائنات الحيّة. ففضلًا عن أن الخصائص الفيزيائية والكيميائية لهذه المنطقة أو البيئة تختلف عن تلك الموجودة في كل من منطقتي المياه العذبة والمياه المالحة، حيث توجد فروقات كبيرة في كثافة المياه ودرجة ملوحتها ودرجة حرارتها من لحظة لأخرى ومن فصل لآخر؛ فإن الحيوانات التي تعيش فيها ينطبق عليها القول ذاته. وفي الآية الكريمة التي تتصدر هذا المشهد، يقدّم لنا القرآن العزيز وصفًا دقيقًا وباهرًا لهذه الظاهرة التي توجد عند مصبات الأنهار حيث تمتزج مياهها العذبة بمياه البحار المالحة.
إن الاكتشاف المُذهل لحقيقة "الحجر المحجور" لا يترك لأي إنسان عاقل ومنصف مجالًا للشك في صدق هذا القرآن الكريم الذي أشار إلى وجود هذا الحجر المحجور وبيّن مواصفاته ودوره في منع مياه البحار المالحة من الامتزاج بالمياه العذبة برغم اختلاطهما الظاهري. وقد جعل الله عزّ وجلّ هذا النظام المائي البديع رحمة للناس بالحفاظ على عذوبة مياه الأنهار برغم اتصالها المباشر بالمياه المالحة. فمعظم الأنهار تصبّ في بحار مالحة، لكن لا أحد منها يتغير ماؤه العذب بسبب اختلاطه بماء البحر المالح، ويعزى ذلك إلى وجود هذا البرزخ العجيب! وإن معظم البشر اليوم وهم يعيشون في القرن الواحد والعشرين يجهلون هذه الحقيقة العلمية برغم أهميتها، فهل يمكن لبشر عاش قبل أربعة عشر قرنًا أن يتكلم عنها ويصفها بهذه الدقّة، وهو لم ير البحر في حياته كلها!
إن لفظ (مرج) في الآية الكريمة التي تصدّرت هذا المشهد يدل على التردد مجيئًا وذهابًا والاختلاط والاضطراب، أما كلمة البحر فهي ترد في القرآن بمعنى البحر المالح أو النهر العذب، ولذا فإن النص القرآني (مرج البحرين) يدل على أن التقاء البحرين أو البحر والنهر لا يفضي إلى كمال امتزاجهما ولا يستلزم تغيير أحدهما لصفات الآخر، وكأن السبب وجود برزخ أو حاجز كيميائي يسمح للمياه بالمرور من بحر إلى آخر لكنه يمنع الخصائص الموجودة في بحر بأن تطغى أو تبغي على ميزات وخصائص البحر الآخر. فالبحار تتلاطم أمواجها وتموج وتضطرب، ولكن بلا اختلاط صفاتها مع بعضها بعضًا، وكأن بينهما حواجز تحول دون حصول ذلك.
جاك إيف كستو (1910م ــــ 1997م) هو عالم البحار والمحيطات الفرنسي المعروف، وصاحب السلسلة الوثائقية التلفزيونية الشهيرة "أسرار البحار". جاب هذا العالِم مختلف بحار العالَم ومحيطاته لمدة 60 عامًا على سفينته كاليبسو. وجد كستو بمضيق جبل طارق أن مياه البحر الأبيض المتوسط لا تختلط بمياه المحيط الأطلسي، كما وجد أن لكل منهما صفاته الفيزيائية والكيميائية والإحيائية التي تميزه عن الآخر، وفي الوقت ذاته اكتشف وجود مياه ثالثة تعمل كحاجز بين البحرين وتختلف عنهما في مختلف الصفات، كما تختلف بالقدر نفسه خصائص الكائنات الحيّة التي تعيش في هذا الحاجز. وعندما أخبر علماء ألمانيين باكتشافه، أكدوا له ملاحظتهم للظاهرة نفسها بمضيق باب المندب (بين البحر الأحمر والمحيط الهندي). وعندما روى كستو قصته للجراح الفرنسي موريس بوكاي الذي أسلم بعد دراسته للقرآن، أخبره الأخير أن القرآن الكريم تحدّث عن هذه الظاهرة منذ 1400 عام، فكان ذلك سببًا في إسلامه.
فسبحان من صمم هذه الأنظمة المائية الدقيقة المحكمة، بل والعجيبة المهيبة! وسبحان الذي أنزل هذه الحقائق العلمية عن عالم البحار في محكم كتابه قبل 1400 عام، وهي حقائق لم يصل إليها العلم إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) الفرقان
كلمة الحجر يُقصد بها المكان الذي تنزل به مياه الأنهار فيحجزها الله عزّ وجلّ عن البحر ويجعلها منفصلة عنه تمامًا، أي مكانًا معزولًا تمامًا عن كل من البحر ومجرى النهر، وهو في العادة يتسع ويضيق وفقًا لقوة اندفاع مياه النهر، وهو يعرف علميًّا بمصب النهر. أما كلمة المحجور فتعني تلك الحياة المحجورة على نوع معين من الأسماك والأحياء المائية؛ إذ نجد أن هذا النوع محجور في منطقة مصبات الأنهار بحيث لا يمكنه العيش في مياه البحار ولا في مياه الأنهار. فالكائنات التي تعيش في الماء المالح لا تستطيع الحياة في الماء العذب، والكائنات التي تعيش في الماء العذب أيضًا لا يمكنها أن تعيش في الماء المالح للسبب ذاته، أما الكائنات التي تعيش في المنطقة الفاصلة بين النهر والبحر فهي أيضًا لا يمكنها أن تعيش خارج هذه المنطقة المحجورة.
وهكذا فإن القرآن الكريم يحتوي على درر خفية لا ينضب لها معين، يأخذ منها كل أهل عصر بحسب المعطيات التي يتيحها لهم تطور المعارف والعلوم في عصرهم. فمع أي اكتشاف لحقيقة علمية كونية جديدة يُزاح الستار أمام أعين الناس عن درة وكنز جديد من درر القرآن الكريم وكنوزه كانت خافية لقرون عدة، فيكتشفون حينها أن ما توصل له علماء عصرهم من اكتشاف مذهل، موجود في كتاب الله الكريم منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا من الزمان.
فسبحان الذي شق الأرض ورفع السماء فوقها بغير عمد يراها الناس، مؤمنهم وكافرهم في ذلك سواء فأنى يؤفكون! وهو الذي أجرى سبحانه وتعالى سحابه في سمائه، وأنزل ماءه من مزنه، وهو الذي مرج البحرين فأرسلهما عذبًا ومالحًا، وهو الذي جعل بينهما برزخًا يحجزهما وحجرًا محجورًا، وهو الذي فعل كل هذا وكان ربك أيها الإنسان قديرًا.
لقد توصّل العلم الحديث إلى حقيقة علمية في غاية الأهميّة، مفادها أن منطقة امتزاج الماء العذب وماء البحر تعتبر منطقة معزولة، لأن الله تعالى جعلها محميّة ببعض القيود الدقيقة الصارمة المحكمة على كل ما يدخل إليها أو ما يخرج منها من الكائنات الحيّة. ففضلًا عن أن الخصائص الفيزيائية والكيميائية لهذه المنطقة أو البيئة تختلف عن تلك الموجودة في كل من منطقتي المياه العذبة والمياه المالحة، حيث توجد فروقات كبيرة في كثافة المياه ودرجة ملوحتها ودرجة حرارتها من لحظة لأخرى ومن فصل لآخر؛ فإن الحيوانات التي تعيش فيها ينطبق عليها القول ذاته. وفي الآية الكريمة التي تتصدر هذا المشهد، يقدّم لنا القرآن العزيز وصفًا دقيقًا وباهرًا لهذه الظاهرة التي توجد عند مصبات الأنهار حيث تمتزج مياهها العذبة بمياه البحار المالحة.
إن الاكتشاف المُذهل لحقيقة "الحجر المحجور" لا يترك لأي إنسان عاقل ومنصف مجالًا للشك في صدق هذا القرآن الكريم الذي أشار إلى وجود هذا الحجر المحجور وبيّن مواصفاته ودوره في منع مياه البحار المالحة من الامتزاج بالمياه العذبة برغم اختلاطهما الظاهري. وقد جعل الله عزّ وجلّ هذا النظام المائي البديع رحمة للناس بالحفاظ على عذوبة مياه الأنهار برغم اتصالها المباشر بالمياه المالحة. فمعظم الأنهار تصبّ في بحار مالحة، لكن لا أحد منها يتغير ماؤه العذب بسبب اختلاطه بماء البحر المالح، ويعزى ذلك إلى وجود هذا البرزخ العجيب! وإن معظم البشر اليوم وهم يعيشون في القرن الواحد والعشرين يجهلون هذه الحقيقة العلمية برغم أهميتها، فهل يمكن لبشر عاش قبل أربعة عشر قرنًا أن يتكلم عنها ويصفها بهذه الدقّة، وهو لم ير البحر في حياته كلها!
إن لفظ (مرج) في الآية الكريمة التي تصدّرت هذا المشهد يدل على التردد مجيئًا وذهابًا والاختلاط والاضطراب، أما كلمة البحر فهي ترد في القرآن بمعنى البحر المالح أو النهر العذب، ولذا فإن النص القرآني (مرج البحرين) يدل على أن التقاء البحرين أو البحر والنهر لا يفضي إلى كمال امتزاجهما ولا يستلزم تغيير أحدهما لصفات الآخر، وكأن السبب وجود برزخ أو حاجز كيميائي يسمح للمياه بالمرور من بحر إلى آخر لكنه يمنع الخصائص الموجودة في بحر بأن تطغى أو تبغي على ميزات وخصائص البحر الآخر. فالبحار تتلاطم أمواجها وتموج وتضطرب، ولكن بلا اختلاط صفاتها مع بعضها بعضًا، وكأن بينهما حواجز تحول دون حصول ذلك.
جاك إيف كستو (1910م ــــ 1997م) هو عالم البحار والمحيطات الفرنسي المعروف، وصاحب السلسلة الوثائقية التلفزيونية الشهيرة "أسرار البحار". جاب هذا العالِم مختلف بحار العالَم ومحيطاته لمدة 60 عامًا على سفينته كاليبسو. وجد كستو بمضيق جبل طارق أن مياه البحر الأبيض المتوسط لا تختلط بمياه المحيط الأطلسي، كما وجد أن لكل منهما صفاته الفيزيائية والكيميائية والإحيائية التي تميزه عن الآخر، وفي الوقت ذاته اكتشف وجود مياه ثالثة تعمل كحاجز بين البحرين وتختلف عنهما في مختلف الصفات، كما تختلف بالقدر نفسه خصائص الكائنات الحيّة التي تعيش في هذا الحاجز. وعندما أخبر علماء ألمانيين باكتشافه، أكدوا له ملاحظتهم للظاهرة نفسها بمضيق باب المندب (بين البحر الأحمر والمحيط الهندي). وعندما روى كستو قصته للجراح الفرنسي موريس بوكاي الذي أسلم بعد دراسته للقرآن، أخبره الأخير أن القرآن الكريم تحدّث عن هذه الظاهرة منذ 1400 عام، فكان ذلك سببًا في إسلامه.
فسبحان من صمم هذه الأنظمة المائية الدقيقة المحكمة، بل والعجيبة المهيبة! وسبحان الذي أنزل هذه الحقائق العلمية عن عالم البحار في محكم كتابه قبل 1400 عام، وهي حقائق لم يصل إليها العلم إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.