المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاسبة النفس


نسر الشام
10-04-2019, 07:10 PM
محاسبة النفس




الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ:
قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾ [الحشر: 18].

قال ابن القيِّم: «دلت الآية على وجوب محاسبة النفس، فيقول تعالى: لينظر أحدكم ما قدَّم ليوم القيامة من الأعمال، أَمِنَ الصالحات التي تنجيه؟ أم من السيئات التي توبقه؟».

قال الحسن البصري: «لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه، ماذا أردتِ تعملين؟ وماذا أردتِ تأكلين؟ وماذا أردتِ تشربين؟ وإن الفاجر يمضي قدمًا ما يعاتب نفسه».

قال الماوردي: «محاسبة النفس أن يتصفح الإنسان في ليله ما صدر من أفعاله نهارَه، فإن كان محمودًا أمضاه، وأتبعه بما شاكله، وضاهاه، وإن كان مذمومًا استدركه إن أمكن، وانتهى عن مثله في المستقبل».

ومحاسبة النفس نوعان: نوع قبل العمل، ونوع بعده.
فأما النوع الأول: فهو أن يقف عند أول همه وإرادته فينظر: هل العمل موافقٌ لكتاب الله وسنة رسوله صلى اللهُ عليه وسلم أم لا؟ فإن كان موافقًا أقدم، وإن كان مخالفًا ترك، ثم ينظر: هل فعله خير له من تركه؟ أو تركه خير له من فعله؟ فإن كان الثاني: تركه ولم يقدم عليه، ثم ينظر: فإن كان لله مضى، وإن كان للجاه، والثناء، والمال من المخلوق ترك.

أما النوع الثاني: فهو محاسبة النفس بعد العمل وهو ثلاثة أنواع:
أولًا: محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى فلم توقعها على الوجه الذي ينبغي، وحق الله في الطاعة ستة أمور: الإخلاص لله في العمل، النصيحة لله فيه، متابعة الرسول صلى اللهُ عليه وسلم، شهود مشهد الإحسان فيه، شهود منة الله عليه، شهود تقصيره فيه، بعد ذلك كله يحاسب نفسه هل وَفَّى هذه المقامات حقها؟ وهل أتى بها في هذه الطاعة؟

ثانيًا: أن يحاسب نفسه على المناهي، فإن عرف أنه ارتكب منها شيئًا تداركه بالتوبة، والاستغفار، والحسنات الماحية.

ثالثًا: أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيرًا من فعله.

رابعًا: أن يحاسب نفسه على أمر مباحٍ، أو معتادٍ، لم فعله؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة؟ فيكون رابحًا، أو أراد به الدنيا وعاجلها؟ فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر.

قَالَ عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه: «حَاسِبُوا أَنفُسَكُم قَبلَ أَن تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنفُسَكُم قَبلَ أَن تُوزَنُوا، فَإِنَّهُ أَهوَنُ عَلَيكُم فِي الحِسَابِ غَدًا، أَن تُحَاسِبُوا أَنفُسَكُمُ اليَومَ، وَتَزَيَّنُوا لِلعَرضِ الأَكبَرِ، يَومَئِذٍ تُعرَضُونَ لَا تَخفَى مِنكُم خَافِيَةٌ».

قَالَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه: «سَمِعتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رضي اللهُ عنه يَومًا وَقَد خَرَجتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا فَسَمِعتُهُ يَقُولُ وَبَينِي وَبَينَهُ جِدَارٌ وَهُوَ فِي جَوفِ الحَائِطِ: عُمَرُ بنُ الخَطَّابُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ بَخٍ، وَاللهِ لَتَتَّقِيَنَّ اللهَ ابنَ الخَطَّابِ أَو لَيُعَذِّبَنَّكَ».

قال إبراهيم التيمي: «مَثَّلْتُ نفسي في الجنة: آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها، ثم مَثَّلْتُ نفسي في النار: آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها، وأغلالها، فقلت لنفسي: أي نفسي أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أرد إلى الدنيا فأعمل صالحًا، قلت: فأنت في الأمنية فاعملي».

قال الغزالي: «عرف أرباب البصائر من جملة العباد أن الله تعالى لهم بالمرصاد، وأنهم سيناقشون في الحساب، ويطالبون بمثاقيل الذر من الخطرات واللحظات، وتحققوا أنه لا ينجيهم من هذه الأخطار إلا لزوم المحاسبة، وصدق المراقبة، ومطالبة النفس في الأنفاس والحركات، ومحاسبتها في الخطرات واللحظات، فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وحسن منقلبه ومآبه، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته، وطالت في عرصات القيامة وقفاته، وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته».

وأضر ما على المسلم الإهمال وترك المحاسبة والاسترسال وتسهيل الأمور وتمشيتها، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك، وهذه حال أهل الغرور يغمض عينيه عن العواقب ويمشي الحال ويتكل على العفو فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب وأنس بها، وعسر عليه فطامها ولو حضر رشده لعلم أن الحمية أسهل من الفطام، وترك المألوف والمعتاد.

فحق على الحازم المؤمن بالله واليوم الآخر، أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها، وسكناتها، وخطراتها، وخطواتها، فكل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا حظ لها يمكن أن يُشترى بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبدا الآباد، فإضاعة هذه الأنفاس أو اشتراء صاحبها بها ما يجلب هلاكه، خسران عظيم لا يسمح بمثله إلا أجهل الناس، وأحمقهم، وأقلهم عقلًا، وإنما يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن، ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾ [آل عمران: 30].

ومن فوائد محاسبة النفس:
أولًا: الاطِّلاع على عيوب النفس، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته.

ثانيًا: دليل على الخوف من الله والاستعداد للقائه.

ثالثًا: تبين للمؤمن حقيقة الربح والخسران.

رابعًا: محاسبة النفس في الدنيا تريح المؤمن يوم القيامة.

خامسًا: فيه امتثال لأمر الله تعالى.

سادسًا: تبعد عن الغفلة، والاستمرار في المعاصي، والذنوب.

سابعًا: تعين المؤمن، وتساعده في استدراك ما نقص من الفرائض، والنوافل.

ثامنًا: تثمر محبة الله ورضوانه.

تاسعًا: أنه يعرف بذلك حق الله تعالى عليه، ومن لم يعرف حق الله تعالى عليه، فإن عبادته لا تكاد تجدي عليه، وهي قليلة المنفعة جدًّا.

عاشرًا: أن صلاح القلب بمحاسبة النفس، وفساده بإهمالها والاسترسال معها.

وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ

همس الروح
10-04-2019, 07:11 PM
جزاك الله خير على الموضوع القيم جعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الاجر يارب وانار الله قلبك بنور الايمان
والبسك الله لباس التقوى والمغفرة
دمت بخير وسعادة .. :100 (109)::100 (109):

نبض الاحاسيس❁♩‏
10-04-2019, 07:20 PM
طررح يفوق آلجمآل ,
‎كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
‎يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
‎لقلبك السعآده والفـرح ..
‎ودي

فريال سليمي
10-04-2019, 08:34 PM
بارك الله تعالى فيك ......وثقل ميزانك بما تفعله من
مجهود في الدعوة لدين الله تعالى
تقبلي مني مرورا متواضعا
وأسأل الله تعالى أن يجازيك على عملك هذا خير الجزاء..
لك جل تقديري واحترامي
:100 (102):

رهينة الماضي
11-04-2019, 12:12 AM
طرح رائع وجميل
دام التألق ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع والتميز
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
تحياتي لك
:200 (8)::200 (8):

مـخـمـلـيـة
11-04-2019, 01:49 AM
أثآبك الله وبآرك فيك
وجزآك خير الجزآء
وجعله في ميزآن حسنآتك :flower_heart_by_cut

♥..αмαℓ
11-04-2019, 03:51 AM
*,

جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله في ميزان حسناتك
وان يرزقك الفردوس الاعلى من الجنة
الله لايحرمنا من جديدك
ودي وتقديري

:beatingheartplz:

القيصر
11-04-2019, 08:13 AM
بارك الله تعالى فيك
وثقل ميزانك وحسناتك
وأسأل الله تعالى أن يجازيك على عملك هذا خير الجزاء
لك جل تقديري واحترامي
:100 (106):

مرافئ الذكريات
11-04-2019, 10:29 AM
نقل رائع وبصمة بالجمال مشرقة
دام عطاءك ودام تالقك
لروحك اطيب الود
واجمل الامنيات http://www.q-ishaq.com/vb/images/smilies/241.gif

❞ غَدقٌ نَبضِّه♪
11-04-2019, 05:20 PM
-
جزاك الله خير .,http://3b8-y.com/vb/images/smilies/5ajle%20(77).png

أنثى متمرده
11-04-2019, 06:21 PM
يعطيك العافية عَ الطرح القيم
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
دمتِ في طاعة الرحمن ..!

روح أنثى
12-04-2019, 01:49 AM
جزاك الله خيراً على انتقائك القيم
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
وفي انتظار المزيد
:rose-plz:

روحي تبيك
12-04-2019, 06:22 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

السامر
15-04-2019, 02:14 PM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه
سررت لتواجدي هنا في موضوعك
لا عدمناك

سما الموج
07-07-2019, 09:09 AM
جزاك الله خيراً على الطرح القيم
وجعلها ربي في ميزان حسناتك
وفي انتظار المزيد من المواضيع الاسلامية المميزة
:red_rose_by_jasmine

جوري
24-08-2019, 03:09 PM
|





















































































جُزيت الجنان ورضى الرحمن
على طرحك القيّم
وجُعل في موازين حسناتك ..!

:100 (103):

رفيق الالم
16-09-2019, 09:29 PM
..

جزَآك آللَه خَيِرآ
علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله
http://www.nalwrd.com/vb/upload/4121nalwrd.gif

البدر
26-09-2019, 12:37 AM
نسر الشام
جزاك الله خير على طرحك القيم
لاخلا ولا عدم

:200 (53)::200 (53)::200 (53):

دلآل.•
29-09-2019, 06:01 AM
طررح يفوق آلجمآل ,
‎كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
‎يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
‎لقلبك السعآده والفـرح ..
‎ودي

عبير الليل
28-01-2022, 01:22 PM
‏ انتقاء بآذخ الجمآل ,
بِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لك من الشكر وافره,~
|
‏:bright_flower_by_va

- وهُــم .
14-02-2024, 04:29 PM
-

















حُرُوفٌ تَتَكَلَّمُ بِهُدُوءِ . .
مُعَتَّقَهُ بِرُوحَانِيَّاتِ بِفَضَاءِ آخَرَ مِنْ اَلْمَعَرَفَهَهْ . .
اِنْحِنَاءَةُ إِجْلَالِ لِرُوحِكَ ~
.
.
.
:100 (103):