عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 10-09-2019, 10:47 PM
reda laby متواجد حالياً
 
 عضويتي » 580
 اشراقتي » Feb 2018
 كنت هنا » يوم أمس (10:22 AM)
آبدآعاتي » 2,751,680[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الإطلاع المتنوع الثقافات
موطني » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
رحلة داخل أطول قطار في العالم





وضعت لثام الطوارق على وجهي لحماية عيني من الأتربة والرمال، وتسلقت السلّم
وجلست على حافة عربة البضائع، ثم بدأت أجول بنظري في المشهد الممتد أمامي،
حيث اصطفت العربات في صف لا نهاية له وأخذت تتأرجح يمينا ويسارا وصعودا وهبوطا،
وسط الكسبان الرملية بالصحراء الكبرى مترامية الأطراف.
ورأيت أشخاصا فوق عربات البضائع الأمامية يواجهون الرياح ويتصايحون باللغة العربية
وتختلط أصواتهم بضجيج القطار الذي يصم الآذان.

قد يظن البعض أن الرحلة بالقطار عبر الصحراء هي رحلة هادئة تبعث على الاسترخاء،
وهذا صحيح إلى حد ما، لكنها كانت أيضا عذابا مضنيا للجسم والحواس.
إذ تتألم أذناك من صوت عجلات القطار الصاخب، وتشعر بأن الهزات المتواصلة تسري
في أوصالك، وأن شمس الصحراء توخز جفونك، ويتخلل الحصى
والتراب الذي تذروه الرياح الساخنة خصلات شعرك.

ومنذ تشغيله في عام 1963، يقطع قطار الصحراء في موريتانيا 704 كيلومترات يوميا من
الميناء بمدينة نواذيبو على ساحل الأطلسي إلى مناجم الحديد في الزويرات شمال شرقي
البلاد. وتستغرق الرحلة بأكملها نحو 20 ساعة ويمر خلالها القطار
بمحاذاة منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها.
ويضم القطار، الذي يبلغ طوله كيلومترين، ثلاث أو أربع قاطرات وعربة ركاب
وما بين 200 و210 عربة بضائع، قد تحمل كل منها، في رحلة القطار الغربية إلى نواذيبو
، ما يصل إلى 84 طنا من خام الحديد.

وينقل القطار الركاب أيضا من المناطق النائية في قلب الصحراء وإليها، إذ يختصر ما يصل
إلى 500 كيلومتر على سكان هذه المناطق الذين يسافرون في المعتاد عبر طريق طويل
جنوبا إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط.

وقد اخترت أنا ورفيقي مايك، كشأن الكثير من الموريتانيين، أن نتفادى عربة الركاب المزدحمة،
ونركب في المقابل في عربة البضائع مجانا، مع أن الرحلة في عربة البضائع خطيرة وصاخبة
ومليئة بالأتربة، وقد تتجاوز درجة الحرارة فيها 40 درجة مئوية أثناء النهار.

وعلى الرغم من أنني ركبت من قبل قطارات مكتظة بالركاب ونزلت في بيوت عمال متهالكة
وتجولت في مستنقعات موبوءة بالبعوض في روسيا، إلا أن الرحلة في هذا الصندوق
المعدني الخالي المكشوف، حيث تضافرت علينا الحرارة والرياح والضجيج،
وسط هذه القافلة الفولاذية الصحراوية، كانت درسا قاسيا في التقشف.




 توقيع : reda laby





حلقات الاسبوع


مواضيع : reda laby


رد مع اقتباس