عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-02-2020, 06:04 PM
رفيق الالم غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 1319
 اشراقتي » Jul 2019
 كنت هنا » 27-04-2024 (03:56 AM)
آبدآعاتي » 532,608[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الشعر والخواطر
موطني » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي الإيمان بالقدر خَيْره وشرِّهِ. مشيئة الله لا تتغير



..


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد،
قال الله تعالى : ﴿إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [سورة القمر ءاية 49]. وقال الله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ [سورة الفرقان ءاية 2].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « سيكون في أمتي أقوامٌ يكفرون بالله وبالقرءان وهم لا يشعرون فقلت يا رسول الله كيف يقولون قال يُقِرّون ببعض القدر ويكفرونَ ببعض يقولون إن الخير من الله والشرَّ من الشيطان » رواه الإمام أحمد بن الحسين أبي بكر البيهقي رحمه الله بإسناده إلى رافع بن خَدِيج صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
الإيمان بالقدر خيره وشره معناه الإيمان بأن كل ما دخل في الوجود من خير و شر هو بتقدير الله الأزلي ، فالخير من أعمال العباد بتقدير الله و محبته ورضاه، والشر من أعمال العباد بتقدير الله و خلقه و عِلْمِه ولكن ليس بمحبته ولا برضاه. الله خالق الخير والشرّ لكنه يرضى الخير ولا يرضى الشرّ. الله تعالى خالق أفعال العباد ونيّاتهم ومشيئتهم شرّها وخيرها.
إخوة الإسلام اعلموا انه لا يجري شىء في هذا العالم إلا بتقدير الله سبحانه وتعالى. والقدر هو جعل كل شىء على ما هو عليه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ » أي أن المخلوقات التي قدرها الله وفيها الخير والشر إنما وجدت بتقدير الله الأزلي. وأما صفة الله القدر لا يوصف بأنه شرّ.
والإيمان بالقدر هو من الأمور المهمة و يكون باعتقاد أن كل شىء يحصل بتقدير الله ويدخل في ذلك عمل العبد الخير و الشر باختياره. إن إرادة الله نافذة في كل ما أراده على حسب علمه الأزلي فما علم الله كونه أراد كونه في الوقت الذي يكون فيه. وما علم أنه لا يكون لم يرد أن يكون فلا يحدث في العالم شىء إلا بمشيئة الله.
فعل الأسباب لا ينافي التوكل على الله ولا ينافي اعتقاد أن كل شىء بتقدير الله لأن أفكارنا وأعمالنا ومشيئاتنا هي بخلق الله وتقديره ومشيئته التي لا تتغير ومن اعتقد خلاف ذلك أو شك في ذلك فلا يصِح إسلام فعليه الرجوع للإسلام بالنطق بالشهادتين مع ترك العقيدة الفاسدة: أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأشهد أنَّ مُحَمَّداً رسول الله.
فالله هو خالق الخير والشر لكنه يرضى الخير ولا يرضى الشر وهو يفعل ما يريد، لا يُسأل عما يفعل. قال الله تعالى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)[سورة الفلق 1 - 2]
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل الطويل "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وبالقدر خيره وشره" قوله صلى الله عليه وسلم وبالقدرِ خيره وشره أراد بقولهِ وبالقدر صفةَ الله، أي يجب الإيمان بأن كل ما يدخل في الوجود يدخل بتدبير أزليٍ من الله فتدبير الله الذي هو صفته أزلي أبدي، شامل لكل ما يدخل في الوجود من الأجرام أي الأجسام والأعمال خيرها وشرها، وتقدير الله الذي هو صفته لا يوصف بالشر. ويكون معنى خيرهِ وشرهِ: أن المقدور أي المخلوق فيه خير وفيه شر، وهذا المقدور دخل في الوجود بتدبير الله الأزلي، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل القدر على معنى صفة الله، وأعاد الضمير عليه على معنى المقدور وهو المخلوق. قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {49}﴾[سورة القمر] أي بتدبير أزلي وروى مسلم في صحيحه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « كل شىء بقدر حتى العجزُ والكيس » أي الغباء والذكاء، فلا يجوز أن يقال إن الله قدّر الخير ولم يقدر الشر لأن هذا ضدُ القرءان والحديث والعقل.
وتقدير الله للشر وإرادته للشر وخلقه للشر ليس قبيحاً منه تعالى إنما فعل العبد للقبيح قبيح وذلك لأن العبد مأمور بفعلِ الخيرِ منهيٌ عن فعل الشر، أما الله تعالى فهو الآمر الذي لا آمر له والناهي الذي لا ناهي له. والفرق بين الخير والشر أن الخير يحبه الله وأمر به والشر لا يحبه الله ونهى عنه وإلا فكلٌ بخلق الله وتقدير الله وعلم الله ومشيئته.
فإذا سأل سائل الإنسان مخير أم مسير ؟ فالجواب أن يقال: إن الإنسان مختارٌ تحت مشيئة الله، فالإنسان له اختيار لكنه لا يخرج عن مشيئة الله. مشيئة الإنسان يخلقها الله. قال الله تعالى: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {29}﴾ [سورة التكوير] فلا يقال الإنسان له اختيار مستقل عن مشيئة الله ولا يقال الإنسان لا مشيئة له.
الإنسان يكتسب أعماله فقط ولا يخلقها. قال الله تعالى: ﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ فالإنسان لا يكون منه إلا ما قدَّرَ الله كما قال عليه الصلاة والسلام: « وقل اعملوا فكل ميَسَرٌ لما خلق له » وحظ العبد من فعله توجيه القصد نحو العمل ، والله يخلقه عند ذلك إن شاء ، فالعباد مظاهرٌ لاكتساب الأعمال لا حظ لهم في الخلق قال الله تعالى: ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ ﴾ معناه لا خالق إلا الله وروى ابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله صانع كلِ صانعٍ وصنعتِه » أي صانع العبدِ وفعلِه. ومن أقوى الأدلة لأهل السنة أن الله هو خالق فعلِ العبد لا حظَّ للعبد في الخلق، قولُه تعالى: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ رَمَىٰ ﴾[سورة الأنفال آية 17] معناه وما رميت يا محمدُ خلقاً، إذ رميت كسباً، ولكن الله رمى خلقاً. وقد سئل الإمام الشافعي رضي الله عنه عن القدر فقال: ما شئتَ (أي يا الله) كان وان لـم أَشَـأ وما شِئتُ إن لم تَشأ لم يكـن خلَقتَ العبادَ على ما علمـتَ ففي العلم يجرى الفتى والمُسِنّ على ذا منَنتَ وهذا خذَلـتَ وهذا أعَنتَ وذا لم تُعــِـن فمنهم شقيٌ ومنهم سعــيدٌ ومنهم قبيحٌ ومنهم حســـن فسر الشافعيُّ القدرَ بالمشيئةِ وبيّنَ أن ما شاءه الله لابد أن يكون وما شاءه العبد لا يكون إلا إذا شاء الله وأن كل شئ بخلقٍ الله وعلمه ومشيئته. وقد ضلَ أناسٌ ينسبون أنفسهم زوراً وبهتاناً للإسلام فجعلوا مشيئة الله تابعة لمشيئة العبد وهذا ضدُ قوله تعالى: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {29}﴾ [سورة التكوير]. وقالتِ المُعتزلةُ والعياذ بالله: إن الله خلق أجسام العباد وأعطاهم القدرة على خلق أفعالهم ثم صار عاجزاً عن خلقها وهذا من أشنعِ الكفر قال بعض العلماء: المعتزلة جعلوا الله كمن قيل فيه المثل: أدخلته داري فأخرجني منها، معناه جعلوا الله مغلوباً في ملكهِ، والله تعالى يقول: ﴿ وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ ﴾[سورة يوسف آية 21]. أي مشيئة الله نافذة.
وقد التقى مُعتزليّ بالإمامِ أبي إسحاق الأسفراييني رضي الله عنه فبدأ الصاحب المُعتزليّ كلامهُ بقولهِ: سبحان من تنزه عن الفحشاء يريد بذلك أن الله لم يشأ حصول الشر ولم يخلقه، فقال له أبو إسحاق: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء فقال المعتزلي: أيحبُ ربُنا أن يُعصى ؟ فقال أبو إسحق: أيُعصى رَبُنا قهراً ؟ (والمراد أن المعصية تحصل بمشيئة الله وخلقه لها فالله لا يتأذى من معاصي العباد ومن شتمهم اياه كنسبة الولد له) فقال المعتزلي: أرأيتَ إن منعني الهدى وحكم علي بالردى أحسنَ إلي أم أساء ؟ فقال أبو إسحق: إن منعك ماهو لك فقد أساء وإن منعك ما هو له فإنه يختص برحمته من يشاء ، فسكت المُعتزلي وانقطع لأن الإمام أبا إسحق كَسَرَهُ بالحجةِ.
فتبينَ لكَ أيها الطالبُ للحقِ أن كل مادخلَ في الوجودِ بمشيئةِ الله وعِلمِه وتقديرهِ وخلقه سواءٌ في ذلك الجسمُ والعمل الخيرُ والشر الكُفرُ والإيمانُ إلا أن الخيرَ يحبهُ الله وأمرَ به والشر لا يحبهُ الله ونهى عنهُ. وقد روى ابنُ حبان أنه صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله لو عذَّب أهل أرضهِ وسمواته لعذَّبَهُم وهو غيرُ ظالمٍ لهم ولو رحِمَهُم كانت رحمتُهُ خيراً لهم من أعمالِهم ولو أنْفَقْتَ مثلَ أُحدٍ ذهباً في سبيل الله ماقَبِلَهُ الله منك حتى تُؤمنَ بالقدرِ وتعلمَ أنَّ ما أصابَك لم يكن ليُخطئَكَ وما أخطأك لم يكن ليصيبك ولو مُتَّ على غيرِ هذا دَخَلْت النار ».




 توقيع : رفيق الالم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ رفيق الالم على المشاركة المفيدة: