عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 07-03-2020, 03:21 PM
غرآم الروح غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 1494
 اشراقتي » Dec 2019
 كنت هنا » 08-10-2023 (01:54 AM)
آبدآعاتي » 27,458[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الرسم الهندسي
موطني » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
عناق المفاجآت » سجل الهدايا رحيق المفاجات
 
 
افتراضي العيش مع القرآن



قال لي شيخي يوماً وقد رآني مقبلاً على كتاب الله في زاوية المسجد :

إن لم تجدْ نفسكَ في كل مرةٍ تجلسُ مع كتاب الله ، قد خرجتَ بشيءٍ جديدٍ ،
أو زيادة إيمان واضحة تحسها إحساساً ، فاعلم أنك لم تجلس إلا مع نفسك ..!


ويبدو أنه رأى علائم التعجب قد تجلت على وجهي ، فواصل كلامه :

ولكن لا تيأس إن لم تر ذلك ، بل بالعكس ، إن عدم وجدانك لهذه المعاني ،
يلزمك أن تكرر المحاولة المرة بعد المرة ، وأن تستجمع خلال ذلك قلبك كله ،
وأن تقبل على كلام ربك بكليتك لا تبق منك شيئا ..! ..


ثم وطن نفسك أن الوصول إلى هذه المدارج ، والعروج إلى هذه الآفاق ،
لن يكون بين يوم وليلة ،
بل الأمر يبدأ قليلاً ثم مع المداومة والمراقبة ، والإصرار ،
يكبر شيئا فشيئا ، حتى تصل إلى أن يصبح العيش مع القرآن قرة عين لك ،
وبهجة لقلبك ، وأنس ومتعة لروحك..!


إن هذا القرآن يا بني ، كالمطر أينما وقع نفع ، ولكن يلزمك أن تهيئ أرض قلبك أولاً ،
لتخرج بهذه القرآن حدائق ذات بهجة ..!


بل هو كلام مبارك كريم ، لأنه كلام الله جل جلاله ،
فالقليل منه ، يصنع بهذه القلب الكثير ، كالندى إذا سقط مع ولادة الفجر ،
على زهرة أيقظها وهزها ، فانتشت فرحة ، لتمنح الحياة عطرها وأريجها .. !!


ولا يزال هذا القرآن يأخذ بيدك خطوة خطوة على الطريق ، حتى يصل بك إلى نعيم الفردوس ،
وأنت بعد تخوض غمار هذه الدنيا ، وتعاني متاعبها ،
ولكن نكهة التعب هذه المرة تصبح مختلفة جداً ..!!
وكلما زدته حباً وإقبالاً واهتماماً ، زادك إشراقاً ومنحك أنوارا ،
وأفاض على قلبك من بركته وهداه ورحماته ..!


حاول مثلاً حين تمر بآيات الجنة ، أن تجمع قلبك كله فكأنك ترى ثم ترى نعيما وملكاً كبيرا ..!
حتى لتكاد تشعر لو أنك مددت يدك ، لقطفت من ثمارها ، ورشفت من أنهارها ،
وسمعت غناء حورها ، وتجولت في قصورها ..!


فإذا نقلك القرآن _ كعادته _ فحدثك عن النار وأهوالها ،
فكأنك تسمع صراخ وعويل أهلها ، يكاد يصم أذنيك ، ودخانها يكاد يعمي عينيك ،
فإذا أنت ترتعد كعصفور داهمه إعصار في ليلة مطيرة ..!!


أما إذا حدثك القرآن عن الله سبحانه ، وأسمائه وصفاته ، وبديع أفعاله ، وروائع آياته ،
فلكأنك بين يديه ، وفي حضرته ، قد لبستك ثياب الخضوع والجلال والخشية والحياء ،
والمهابة له والمحبة .. وقد تعجب من نفسك :

كيف لم يذب قلبك في مثل هذه اللحظة الربانية الجليلة ،
أو كيف لم تصعق ، وقد صعق موسى عليه السلام حين رأى الجبل قد دك ،
حين تجلى عليه الرب سبحانه ، فخر موسى صعقا ..!
ومثل هذه المشاعر كثيرة ، قد تجدها في نفحة ربانية كريمة
تمر بقلبك في مثل تلك الساعة الصافية ..


ومن هنا أعود فأقول لك :

أنظر يا بني ماذا يزرع القرآن في قلبك من معانٍ
في كل مرة تجلس بين يديه ، وتقبل عليه ، فإن لم تجد شيئا ألبته ،
فأعلم أنك ما جلست إلا إلى نفسك .. ولكن لا ينبغي أن تيأس ، بل كرر المحاولة ،
وجاهد نفسك في كل مرة ليجتمع لك قلبك خلال هذه الجلسة بين يدي الله ،
وأنت تتلو كلامه المبارك المعطر الكريم ..


يعينك على هذا يا بُني ، أن تتذكر ابتداءً وقبل أن تقول بسم الله الرحمن الرحيم لتقرأ ،
أن هذا الكلام الذي تتلوه كلام ربك جل في علاه ، وأنه يخاطبك به أنت قبل غيرك ،
وأن لك حظاً في كل آية تتلوها ، وأنت المعني بكل أمر ونهي !


قال الراوي :

وبقيت مشدوداً إلى شيخي خلال تدفقه في الحديث ، مبهوراً بما اسمع ،
أجد له وقعاً قوياً في قلبي ، وأثراً واضحاً في نفسي ،
وودت له أنه استمر وأطال واسترسل وأسهب ، ولكنه ابتسم في خاتمة حديثه ،
وهز رأسه وأخذ يدعو لي بدعوات مباركة ، وجدت بركتها في ساعتها ،

فما أن انصرف عني ، حتى وجدت نفسي أقرأ القرآن بصورة جديدة ،
لم أعهدها من نفسي ، فلقد شعرت أن شلال أنوار القرآن ،
قد جعل يتدفق بقوة في غور قلبي ، بل شعرت بوضوح :
أنني انتقلت نقلة خارجية ، إلى حيث يحدثني القرآن الكريم ،
فإذا أنا أتفاعل معها ، وأتأثر بها ، وأتزود منها ..!




 توقيع : غرآم الروح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ غرآم الروح على المشاركة المفيدة: