عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 03-04-2020, 08:53 PM
غرآم الروح غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 1494
 اشراقتي » Dec 2019
 كنت هنا » 08-10-2023 (01:54 AM)
آبدآعاتي » 240,105[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الرسم الهندسي
موطني » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
افتراضي الإعراض عن الله تعالى



الإعراض عن الله تعالى (2)
عقوبته في الدنيا والآخرة
الحمد لله العليم الحكيم؛ خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بطاعته، وأوضح لهم دينه، وفصل لهم شريعته، وبين لهم حدوده، ووعد الطائعين أجرا عظيما، وفوزا كبيرا، وتوعد العاصين بعذاب أليم، وخسران مبين، نحمده ونشكره ونتوب إليه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ تعالى في مجده وملكه، وقهر الخلق بقدرته وأمره، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وهو القوي العزيز ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ رسالة ربه، ونصح لأمته، فمن تبعه فقد أفلح وأنجح، ومن أعرض عنه فقد خاب وخسر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباه إلى يوم الدين.



أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأقبلوا عليه، وتقربوا إليه؛ فإن من أعرض عنه شقي في الدنيا والآخرة، ومن تقرب إليه شبرا تقرب الله تعالى إليه ذراعا، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب الله تعالى إليه باعا، ومن أتاه يمشي أتاه الله تعالى هرولة، وهو سبحانه قريب من عبده ما كان العبد قريبا منه ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].



أيها الناس:

أعظم سبب للسعادة في الدنيا والآخرة يكمن في الإقبال على الله تعالى، والاستسلام له سبحانه، والانقياد لشريعته، والقبول بأحكامه، والإذعان لأوامره. وأعظم سبب للشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة الإعراض عن الله تعالى، والاستنكاف عن عبادته، ورفض الخضوع لشريعته، والاعتراض على أحكامه وأوامره..

ومن قرأ القرآن وجده مليئا بالآيات المحذرة من الإعراض عن دين الله تعالى، والصدود عن سبيله، والاستكبار عن عبادته، والاعتراض على شيء من شريعته، وما يترتب على ذلك من عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة على الأفراد والأمم.



فالإعراض عن الله تعالى وعن شريعته سبب لنزول العذاب في الدنيا، ورفع العافية، وإبدال النعم نقما، كما أخبر الله تعالى عن قوم سبأ وما هم فيه من نعيم الدنيا، ثم تحولت العافية عنهم، وأُبدل حالهم من النعمة إلى النقمة بسبب إعراضهم ﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴾ [سبأ: 16].



وأُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينذر كفار مكة بسبب إعراضهم عن الله تعالى وعن دينه ما أصاب الأمم التي قبلهم من العذاب العاجل ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾ [فصِّلت: 13]. وفي آية أخرى ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ [هود: 3] وقال تعالى ﴿ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 16].



وأعظم عقوبة دنيوية تصيب أهل الإعراض عن الله تعالى أن يطمس على قلوبهم فلا تعي الذكر، ولا تبصر الحق، ولا يسير أصحابها فيما ينفعهم، بل يرتكسون في الكفر، ويرتمسون في النفاق والاستكبار، ويجادلون بالباطل، وفي هذا يقول الله تعالى ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴾ [الكهف: 57].



فتأملوا -عباد الله- كيف جعل الله تعالى أهل الإعراض أظلم عباده، فلا أحد أشد ظلما منهم، وأخبر سبحانه أن قلوبهم مغطاة فلا تفقه التذكير، وأن آذانهم صم عن سماعه، فلا يهتدون بالقرآن مهما دعوا إليه، ومهما ذكروا به؛ وما ذاك إلا عقوبة من الله تعالى لهم على إعراضهم عنه سبحانه وتعالى. فيا لله العظيم كم في هذه الآية من عبرة عظيمة، وحجة قاطعة على قدرة الله تعالى؛ فكم يرى الناس من صدود المعرضين عن التذكير، ونفورهم من مواعظ القرآن الكريم، وضيق صدورهم حين يٌذكرون بآياته، فلا يطيقون ذلك ولا يتحملونه، ولا يعون ما فيه ولا يفقهونه، ويعترضون عليه بكلام الخلق، ولولا الأكنة على قلوبهم لتأثروا به واعتبروا واتعظوا.

كم من صاحب منكر يجادل عن منكره بالباطل، ويسوغه بحجج يعلم أنها متهافتة، وإذا ذكر بآيات الله تعالى التي تثبت أن ما يدعو إليه منكر لا يرضاه الله تعالى؛ ضاق صدره بآيات الله تعالى، ولم يحتمل سماعها، وأعرض عما فيها، وركب هواه، ووالله ما ذاك إلا إعراض عن الله تعالى وعن أحكامه، عوقب صاحبه بالخذلان والطغيان.



ومن عجيب أمر المعرضين أنهم قد يعلمون ذلك، ويدركون أنهم مصروفون عن الحق إلى الباطل، وعن الهدى إلى الضلال، ولكنهم لا يستطيعون اتباع الحق من الخذلان الذي حاق بهم؛ عقوبة لهم على إعراضهم ﴿ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فصِّلت: 4-5]



ومن عقوبة الله تعالى للمعرضين عنه سبحانه أنه يعرض عنهم، ويكلهم إلى أنفسهم الأمارة بالسوء، فتزين لهم سوء أعمالهم فتظنه حسنا وهو سيء، فتزداد ضلالا وإعراضا ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115] ومعنى نوله ما تولى، أي: نتركه وشأنه لقلة الاكتراث به، وفي قصة الرجل الذي مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يذكر الناس فأعرض عن التذكير، وولى مدبرا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ((وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ الله عنه)) رواه الشيخان.



وأما عذاب الآخرة لأهل الإعراض عن الله تعالى وعن شريعته فشديد أليم، قد بينته آيات كثيرة في الكتاب العزيز ﴿ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ حِمْلًا ﴾ [طه: 99-101] والذكر هنا هو القرآن، ومن أعرض عنه فقد أعرض عن الله تعالى.. فحذار -عباد الله- من الإعراض عن القرآن تلاوة وحفظا، وتدبرا لآياته، وعملا بأحكامه؛ فإن المعرض عنه يحمل يوم القيامة وزرا، ومن يطيق ذلك؟!

وأهل الإعراض متوعدون بانتقام الله تعالى منهم، وأتعس الناس من انتقم الله تعالى منه ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ [السجدة: 22].



وانتقامه سبحانه منهم يكون في الدنيا بما يصيبهم في أنفسهم وأهلهم وأموالهم، ويكون في الآخرة بالعذاب الشديد ﴿ وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [فصِّلت: 16] قال قتادة رحمه الله تعالى: ((إياكم والإعراض عن ذكر الله فإن من أعرض عن ذكره فقد اغتر أكبر الغرة وأعوز أشد العوز...)).

وقال أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى: ((الاستقامة على الطريقة تقتضي إكمالَ النعمةِ وإكثارَ الراحةِ، والإعراضُ عن الله يُوجِب تَنَغُّصَ العَيْشِ ودوامَ العقوبة)).

نعوذ بالله تعالى من حال المعرضين عنه سبحانه، ونسأله تعالى دوام الإقبال عليه، والإنس به، والفرح بطاعته، إنه سميع مجيب.. وأقول قولي هذا

Read more: http://www.ahlalanbar.net/showthread.php?t=الإعراض عن الله تعالى (2)
عقوبته في الدنيا والآخرة
الحمد لله العليم الحكيم؛ خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بطاعته، وأوضح لهم دينه، وفصل لهم شريعته، وبين لهم حدوده، ووعد الطائعين أجرا عظيما، وفوزا كبيرا، وتوعد العاصين بعذاب أليم، وخسران مبين، نحمده ونشكره ونتوب إليه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ تعالى في مجده وملكه، وقهر الخلق بقدرته وأمره، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وهو القوي العزيز ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ رسالة ربه، ونصح لأمته، فمن تبعه فقد أفلح وأنجح، ومن أعرض عنه فقد خاب وخسر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباه إلى يوم الدين.



أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأقبلوا عليه، وتقربوا إليه؛ فإن من أعرض عنه شقي في الدنيا والآخرة، ومن تقرب إليه شبرا تقرب الله تعالى إليه ذراعا، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب الله تعالى إليه باعا، ومن أتاه يمشي أتاه الله تعالى هرولة، وهو سبحانه قريب من عبده ما كان العبد قريبا منه ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].



أيها الناس:

أعظم سبب للسعادة في الدنيا والآخرة يكمن في الإقبال على الله تعالى، والاستسلام له سبحانه، والانقياد لشريعته، والقبول بأحكامه، والإذعان لأوامره. وأعظم سبب للشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة الإعراض عن الله تعالى، والاستنكاف عن عبادته، ورفض الخضوع لشريعته، والاعتراض على أحكامه وأوامره..

ومن قرأ القرآن وجده مليئا بالآيات المحذرة من الإعراض عن دين الله تعالى، والصدود عن سبيله، والاستكبار عن عبادته، والاعتراض على شيء من شريعته، وما يترتب على ذلك من عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة على الأفراد والأمم.



فالإعراض عن الله تعالى وعن شريعته سبب لنزول العذاب في الدنيا، ورفع العافية، وإبدال النعم نقما، كما أخبر الله تعالى عن قوم سبأ وما هم فيه من نعيم الدنيا، ثم تحولت العافية عنهم، وأُبدل حالهم من النعمة إلى النقمة بسبب إعراضهم ﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴾ [سبأ: 16].



وأُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينذر كفار مكة بسبب إعراضهم عن الله تعالى وعن دينه ما أصاب الأمم التي قبلهم من العذاب العاجل ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾ [فصِّلت: 13]. وفي آية أخرى ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ [هود: 3] وقال تعالى ﴿ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح: 16].



وأعظم عقوبة دنيوية تصيب أهل الإعراض عن الله تعالى أن يطمس على قلوبهم فلا تعي الذكر، ولا تبصر الحق، ولا يسير أصحابها فيما ينفعهم، بل يرتكسون في الكفر، ويرتمسون في النفاق والاستكبار، ويجادلون بالباطل، وفي هذا يقول الله تعالى ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴾ [الكهف: 57].



فتأملوا -عباد الله- كيف جعل الله تعالى أهل الإعراض أظلم عباده، فلا أحد أشد ظلما منهم، وأخبر سبحانه أن قلوبهم مغطاة فلا تفقه التذكير، وأن آذانهم صم عن سماعه، فلا يهتدون بالقرآن مهما دعوا إليه، ومهما ذكروا به؛ وما ذاك إلا عقوبة من الله تعالى لهم على إعراضهم عنه سبحانه وتعالى. فيا لله العظيم كم في هذه الآية من عبرة عظيمة، وحجة قاطعة على قدرة الله تعالى؛ فكم يرى الناس من صدود المعرضين عن التذكير، ونفورهم من مواعظ القرآن الكريم، وضيق صدورهم حين يٌذكرون بآياته، فلا يطيقون ذلك ولا يتحملونه، ولا يعون ما فيه ولا يفقهونه، ويعترضون عليه بكلام الخلق، ولولا الأكنة على قلوبهم لتأثروا به واعتبروا واتعظوا.

كم من صاحب منكر يجادل عن منكره بالباطل، ويسوغه بحجج يعلم أنها متهافتة، وإذا ذكر بآيات الله تعالى التي تثبت أن ما يدعو إليه منكر لا يرضاه الله تعالى؛ ضاق صدره بآيات الله تعالى، ولم يحتمل سماعها، وأعرض عما فيها، وركب هواه، ووالله ما ذاك إلا إعراض عن الله تعالى وعن أحكامه، عوقب صاحبه بالخذلان والطغيان.



ومن عجيب أمر المعرضين أنهم قد يعلمون ذلك، ويدركون أنهم مصروفون عن الحق إلى الباطل، وعن الهدى إلى الضلال، ولكنهم لا يستطيعون اتباع الحق من الخذلان الذي حاق بهم؛ عقوبة لهم على إعراضهم ﴿ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فصِّلت: 4-5]



ومن عقوبة الله تعالى للمعرضين عنه سبحانه أنه يعرض عنهم، ويكلهم إلى أنفسهم الأمارة بالسوء، فتزين لهم سوء أعمالهم فتظنه حسنا وهو سيء، فتزداد ضلالا وإعراضا ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115] ومعنى نوله ما تولى، أي: نتركه وشأنه لقلة الاكتراث به، وفي قصة الرجل الذي مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يذكر الناس فأعرض عن التذكير، وولى مدبرا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ((وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ الله عنه)) رواه الشيخان.



وأما عذاب الآخرة لأهل الإعراض عن الله تعالى وعن شريعته فشديد أليم، قد بينته آيات كثيرة في الكتاب العزيز ﴿ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ حِمْلًا ﴾ [طه: 99-101] والذكر هنا هو القرآن، ومن أعرض عنه فقد أعرض عن الله تعالى.. فحذار -عباد الله- من الإعراض عن القرآن تلاوة وحفظا، وتدبرا لآياته، وعملا بأحكامه؛ فإن المعرض عنه يحمل يوم القيامة وزرا، ومن يطيق ذلك؟!

وأهل الإعراض متوعدون بانتقام الله تعالى منهم، وأتعس الناس من انتقم الله تعالى منه ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ [السجدة: 22].



وانتقامه سبحانه منهم يكون في الدنيا بما يصيبهم في أنفسهم وأهلهم وأموالهم، ويكون في الآخرة بالعذاب الشديد ﴿ وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [فصِّلت: 16] قال قتادة رحمه الله تعالى: ((إياكم والإعراض عن ذكر الله فإن من أعرض عن ذكره فقد اغتر أكبر الغرة وأعوز أشد العوز...)).

وقال أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى: ((الاستقامة على الطريقة تقتضي إكمالَ النعمةِ وإكثارَ الراحةِ، والإعراضُ عن الله يُوجِب تَنَغُّصَ العَيْشِ ودوامَ العقوبة)).

نعوذ بالله تعالى من حال المعرضين عنه سبحانه، ونسأله تعالى دوام الإقبال عليه، والإنس به، والفرح بطاعته، إنه سميع مجيب.. وأقول قولي هذا




 توقيع : غرآم الروح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ غرآم الروح على المشاركة المفيدة: