عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 31-01-2021, 03:25 PM
غرآم الروح غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 1494
 اشراقتي » Dec 2019
 كنت هنا » 08-10-2023 (01:54 AM)
آبدآعاتي » 240,105[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الرسم الهندسي
موطني » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
افتراضي آل الزهير.. مؤسّسو إمارة الزبير النجدية



آل الزهير.. مؤسّسو إمارة الزبير النجدية



المعروف تاريخياً أن بلدة الزبير (نسبة إلى الصحابي الزبير بن العوام)، هي حاضرة نجد في بلاد الرافدين، حيث تأسست على أيدي الأسر النجدية التي هاجرت من نجد قبل نحو 400 عام هرباً من الفتن والقحط والجفاف.
في تلك البقعة، جنوب العراق، أسس النجديون إمارتهم المستقلة المختلفة عن بقية المناطق العراقية لجهة اللهجة الدارجة والمذهب الديني واللباس والعادات والتقاليد، وأطلقوا على أجزائها ومعالمها أسماء منسوبة إلى عائلاتهم مثل «الراشدية» و«السلمانية» و«الزهيرية» و«الخميسية».
وعلى المنوال نفسه بنوا بيوتاً وجوامع أطلقوا عليها أسماءهم مثل «بيت المنديل» و«بيت البسام» و«بيت الذكير» و«جامع النجادة» و«مسجد الزهيرية»، و«مسجد الصبيح»، و«جامع الإبراهيم»، و«مسجد الدليجان»، وغيرها.
وتشير المصادر التاريخية العديدة إلى أن المهاجرين من نجد سكنوا البصرة ابتداء، لكنهم سرعان ما وجدوا أنها لا تناسبهم لأسباب منها اختلاف طباع أهلها عن طباعهم، ورطوبتها وفيضانات أنهارها، واضطراب الأمن فيها. وعليه اختاروا الزبير بديلاً، وكانوا موفقين في ذلك.
وفي هذا السياق نشير إلى ما ذكره الباحث عبدالعزيز إبراهيم الناصر، في كتابه القيم الموسوم بـ«الزبير.. صفحات مشرقة من تاريخها العلمي والثقافي»، من أن ما شجع النجديين المهاجرين على الاستيطان في الزبير، هو وجود بحيرات مياه حلوة وتوافر المياه الجوفية، وصلاحية أرضها للزراعة ورعي الماشية، ووفرة مواد البناء، ووجود حركة تجارية تمر بها بين حاضرة البصرة وباديتها، ومرور حجاج بيت الله الحرام عليها، واتصالها بطرق برية إلى بلاد نجد والخليج والعراق والحجاز والشام، وطرق بحرية تصل بينها وبين موانئ الخليج والهند وأفريقيا عن طريق منفذ خور عبدالله وميناء أم القصر، ناهيك عن تضاريس الزبير المرتفعة عن مياه الفيضانات، ووجود تجمع سكاني قليل العدد حول مسجدها وضريحها، لا يؤثر سلباً في عقائدهم وعاداتهم وأخلاقهم، واهتمام السلطات العثمانية بالزبير لاحتضانها أضرحة بعض الصحابة والتابعين، وهو ما جعلها تسقط عن سكانها التجنيد الإلزامي والضرائب، وتقدم لها السلاح والعون المالي.
ومما لا شك فيه أن كل هذه العوامل مجتمعة شجعتهم على الاشتغال بالتجارة، وشجعت غيرهم في نجد على الالتحاق بهم على دفعات، وكان بعض من قدم لاحقاً، من العائلات النجدية الثرية مثل آل الجويسر الذين هبطوا الزبير على رأس قافلة قوامها 200 من الإبل للتجارة فاستقروا بها، طبقاً لعبدالرزاق الصانع وعبدالعزيز العلي في كتابهما «إمارة الزبير بين هجرتين».
ثروات معتبرة
وعلى الرغم من أن المهاجرين النجديين حلوا في الزبير كمزارعين بسطاء وفقراء، إلا أنهم نجحوا خلال فترة وجيزة في التحول إلى كبار ملاك الأراضي ومزارع النخيل في العراق، فراكموا ثروات معتبرة شقوا بها طريقهم في عالم التجارة الواسع من خلال تسيير القوافل التجارية إلى كل أنحاء العراق وبلاد الشام وتركيا ومناطق نجد.
ولم يكتفوا بذلك بل تجاوزوه إلى تسيير السفن التجارية إلى موانئ الخليج والهند وعدن وشرق أفريقيا، وتأسيس الشركات والبيوتات التجارية في هذه الموانئ، وهو ما حوّل الزبير في تلك الحقبة إلى محطة للقوافل التجارية والبريدية ومركز لتحصيل الرسوم الجمركية.
والحقيقة أن المهاجرين النجديين إلى الزبير، بعد أن بنوا أنفسهم وعمروا بلدتهم، اتجهوا إلى المساهمة في تنمية ونهضة العراق وبعض البلدان الخليجية، من خلال تأسيس دور العلم ومنها «مدرسة دويحس»، (من أشهر وأقدم المدارس العلمية بالعراق، تأسست في القرن 11 الهجري على يد الشيخ دويحس بن عبدالله بنماس آل شماس الوداعي الدوسري من أهالي الشماسية بالقصيم)، و«مدرسة الأحمدية»، (أول مدرسة نظامية افتتحت في دبي عام 1912 على يد الشيخ أحمد بن دلموك الفلاسي، وأدارها مدرسون وعلماء زبيريون، مثل أحمد العرفج ويوسف الجامع ومشعان المنصور وعبدالله الوهيب).
هذا ناهيك عن «مدرسة النجاة الأهلية»، التي ظهرت سنة 1920 منبثقة عن جمعية النجاة الخيرية، وهي جمعية أسسها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي بمشاركة ودعم وجهاء الزبير ممن تولوا مسؤولية إدارتها أو عضويتها مثل إبراهيم البسام ومحمد العساف وناصر الأحمد وأحمد وعبدالرزاق الدايل وسليمان السويدان ومحمد السند ومحمد العوجان وداوود البريكان وناصر الصانع وأحمد الشايجي وأحمد التركي وعبدالرحمن الفريح، وقد تخرج في هذه المدرسة الكثير من شخصيات المنطقة المتميزة ورجال أعمالها، خصوصاً وأنها كانت الوحيدة آنذاك التي ركزت على تدريس علم «مسك الدفاتر»، ما ساعد الأهالي في تأسيس تجارة أو الالتحاق بوظيفة محترمة، وهو أيضاً ما جعل الأستاذ عبدالعزيز محمد الذكير يصفها بـ«هارفارد الشرق»، ويقول عنها إنها كانت في زمنها بمنزلة جامعة هارفارد في وقتنا الحاضر.
وقد أسست الجمعية أيضاً أول مدرسة في المنطقة لتعليم البنات سنة 1924.
ومن جهة أخرى، خاض نجديو الزبير غمار العمل السياسي والصحفي، فبرزت منهم أسماء في التاريخ السياسي للدولة العراقية ومنهم إبراهيم فوزان المنديل (نزح من مدينة جلاجل النجدية إلى الزبير سنة 1837 وامتهن التجارة بين البصرة وبغداد والهند وكان وكيلاً للإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود)، وابنه عبداللطيف باشا المنديل الذي عين وزيراً للتجارة في أول وزارة عراقية برئاسة عبدالرحمن النقيب عام 1920 وثاني وزارة عام 1921، قبل أن يعين وزيراً للأوقاف في وزارة عبدالمحسن السعدون الثانية سنة 1922، كما انتخب لعضوية المجلس التأسيسي العراقي عام 1924 عن مدينة البصرة، ثم أصبح عضواً في مجلس الأعيان عام 1929، وعضواً في مجلس ولاية البصرة وملحقاتها، فعضواً في مجلس الأشراف خلال فترة الاحتلال البريطاني للعراق.
ويعزى إليه سعيه لتزويد البصرة بالكهرباء ومياه الشرب، وإصلاح زراعتها وتنشيط تجارتها وإعمارها، علماً بأن عبداللطيف المنديل كان من وكلاء الملك عبدالعزيز آل سعود في العراق، ثم استدعاه إلى المملكة وكلفه سنة 1926 بتطوير ميناء العقير، كما مثله في مؤتمر الصبيحية الخاص بالأحساء عام 1914 وأشركه معه في مؤتمر العقير عام 1922 حول ترسيم الحدود بين السعودية والعراق والكويت.
ومما يجدر بنا ذكره، في السياق نفسه، أن النجديين في الزبير كانوا سباقين إلى تنظيم شؤون بلدتهم إدارياً وخدمياً، من خلال انتخاب مجلس بلدي سنة 1922، ما يدل على وعيهم المبكر بهذا الموضوع الحضاري.
فقد نشرت صحيفة «الأوقات» العراقية (5/‏‏1/‏‏1922) أن انتخابات أجريت في الزبير لاختيار أعضاء مجلسها البلدي الأول ففاز بالرئاسة سلمان أفندي الغملاس، وتم تعيين الفائزين بأغلبية الأصوات أعضاء فيه، وهم: ناصر الثاقب، يعقوب الزهير، عبدالوهاب الطباطبائي، علي المشري، عبدالرحمن العصيمي، عبدالغفار الصانع، عبدالمجيد الزهير، عبدالله الرشيد، داوود الغملاس، وعبدالعزيز البسام (من عائلة البسام التي نجحت في نقل فسائل نخيل البرحي من البصرة وزراعتها في القصيم في أواخر القرن 19م).




 توقيع : غرآم الروح




رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ غرآم الروح على المشاركة المفيدة: