عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04-09-2021, 08:44 AM
ماجد متواجد حالياً
 
 عضويتي » 2066
 اشراقتي » May 2021
 كنت هنا » يوم أمس (01:30 PM)
آبدآعاتي » 138,204[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
افتراضي (( فعاليات تلفزيون زمان )) // فيلم كويتي : " بس يابحر "





الفيلم الكويتي : " بـس يـا بــحــر "



*****

“بس يا بحر” شريط، ما زال عالقا في ذاكرة عشاق الفن السابع، أنتج عام 1972،
وهو كويتي ترشح للمنافسة ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي في الدورة الخامسة والأربعين لجوائز الأوسكار،
ونال إعجاب من كان يظن من النقاد أن السينما دخيلة على الخليج العربي،
وتتلمس وجودها الآن باحتشام، بعد الطفرة النفطية وبوادر الانفتاح الثقافي والاجتماعي. حياة صيادي اللؤلؤ،
هي الثيمة الأساسية التي يمكن أن يؤسس عليها أي عمل فني خليجي،
يروم التأصيل لثقافة المنطقة بغية القول “إننا لسنا كائنات بترولية”.
الشريط واحد من الأعمال النادرة التي قالت “بس” للقراءات السطحية قبل ظهور البترول،
وما زالت تذكّر جمهور السينما بأن الخليج يعج بحكايات لأناس أودعوا سرهم للبحر وحده كفضاء للعيش والأمل والخيبات،
ويذكر بروائع أدب إرنست هيمنغواي، ونيكوس كازنتازاكي،
وكذلك حنا مينة، في مقارباته بين البحر وأمزجة شخصياته.

مئة دقيقة تحبس الأنفاس في فيلم “بس يا بحر”، كتبها عبدالرحمن الصالح، وأخرجها خالد الصديق،
ومثل فيها كل من محمد المنصور (في دور صياد لؤلؤ اسمه مساعد)
وأمل باقر (في دور محبوبة مساعد نورا).

إضافة إلى مجموعة أخرى من الممثلين من الكويت التي كانت سباقة لتأسيس أهم معاهد الفنون الدرامية في المنطقة،
واستقدمت كبار المخرجين والمدرسين العرب في مرحلة مبكرة، تحسدها عليها دول الجوار.

قصة الفيلم تعطي الانطباع منذ البدايات، أن البحر “شخصية أساسية” من صناع الحدث في الحكاية،
ذلك أنه “كريم ومعطاء”، ويقدّم السمك واللؤلؤ والمتعة وحب الأسئلة.

تحولات درامية مرعبة، تجعل من هذا “الكائن الكحلي الأزرق” يغيّر مزاجه، وينقلب على عشاقه،
ويصعب التعامل معه حين يتحول إلى وحش مفترس، وإلى حوت شرس يبتلع من جاءوا يصيدون في قعره
فتتحول الأدوار وتتبدّل، يحقد البحر على “مريديه”، ويمتنع عن كشف أسراره، ويبدأ بالتهام أبنائه دون سبب واضح.

ما أراد أن يقوله الشريط هو أن الاقتراب من البحر -لدى الغواصين في بحر الكويت- له أسراره وطقوسه لدى عتاة البحارة،
و”محترفي الحوار” معه. إنه وحش وديع وصديق شرس فما أغرب أن تصادق وحشا لأجل العيش،
ولكن، ليس من صداقته بدّ؟ وما معنى أن تغمض عينيك وتحبس أنفاسك،
ولا تبالي بالذي سوف يأتي من بحر قد يكون أنيسا أو غدارا.
كل ذلك لأجل اللؤلؤ في بعديه الواقعي والرمزي،
ومن أجل التعايش مع هذا الجار المزمن.

المقاربة بين البحر وعشاقه في هذا الفيلم الكويتي الآسر، تتجلى في تلك الحوارية المرعبة بين اليابسة والماء،
بين ما يجري في أعماق الماء، وما يجري في أعماق النفس البشرية.

ومثل الإبحار في يمّ غير محمود العواقب، يحاول “أبوأحمد” أن يجبر ابنته على زواج لا تشتهيه،
وتبحر الفتاة المقهورة مثل مركب لا يعلم وجهته بعد قهر وتعنيف، وكثير من الترهيب.

تقنية الكتابة التي ميزت هذا الفيلم، جاءت بلغة مشهدية عالية، ورشاقة في الحوار تقترب من الشاعرية،
دون أن تهمل تلك العفوية والتلقائية أو تسقط في الافتعال والتصنع

تمتد عملية المزاوجة بين البحر واليابسة في كون الزواج بالإكراه يشبه التجديف عكس التيار
، والبحر هنا، هو سيد الموقف في شريط يقول “لا” فما أصعب أن يقول عربي “لا” في بداية سبعينات القرن الماضي،
وما أقوى وأخطر كلمة “لا” في تلك المرحلة.

مضى الفيلم الكويتي الغاضب في ملامسة قضايا شبه محظورة، إلى حد اتهامه بالجرأة الزائدة على اللزوم،
ذلك أنه طرح موضوعا في غاية الحساسية داخل مجتمع محافظ،
وضمن شعاب درامية، يصعب أن تُقرأ بسهولة أو براءة داخل مجموعة عربية تحكمها تقاليد صارمة.

ليس سهلا أن تقول “بس” في بدايات سبعينات القرن الماضي لبحر من التناقضات والأوجاع، والأحلام المستباحة.
هذا ما قاله فيلم “بس يا بحر” الذي يمثل صرخة بحّار غاضب يجدف عكس التيار.

في الشريط هناك حكاية تجر خلفها حكاية، وتخفيها في جوفها، تماما مثل عالم اللؤلؤ والمحار،
وذلك في طقوس يكتنفها الغموض كما في مشهد القطة التي ترمى في البحر،
وهي عادة موغلة في القدم لدى بحارة الخليج،
وتكتنز في رمزيتها ألغازا تساعد المتفرج على فك عقد الحكاية بشيء من الغموض الممتع
، ولعلها نوع من المزاوجة بين القطة التي لا تتقن السباحة، والفتاة المكرهة على الزواج ممن لا تحبه في قصة الفيلم.

وُصف الفيلم بأنه”مربك”، يقترب منا جميعا، ويمحو الفارق بين اليابسة والبحر،
ويقول ما تقوله السفن المتهالكة وأنفاس الغواصين قبل الثروة النفطية.
إنه صرخة ملحمية تشبه الشعر، وتؤسس للسينما الخليجية بامتياز.

تتمثل فرادة الفيلم في كونه يقترب من الوجدان العربي إلى حد الوجع،
يقول ما لا يجرؤ أحد على قوله. خليجي إلى حد النخاع وعربي إلى حد الغوص في هذه الذاكرة المتخمة بالجراح،
وهو صرخة حب واحتجاج في حسها الإنساني المرهف.

من من العرب لا يتذكر هذا الشريط الذي أبكى وأدهش الكثير دون ميلودرامية مفرطة
بل بأسلوب واقعي، عبرت عنه طريقة تصوير كانت رائدة وسباقة في تلك الفترة. كاميرا شبه عائمة،
تطفو وتغوص ضمن تقنية لم تكن متوقعة أو متاحة للجميع في سبعينات القرن الماضي.

.....
وهذا رابط الفيلم :


***




 توقيع : ماجد



آخر تعديل عذبة المعاني يوم 04-09-2021 في 12:17 PM.
رد مع اقتباس
7 أعضاء قالوا شكراً لـ ماجد على المشاركة المفيدة:
, , , , , ,