شجاعة المرأة المسلمة ودفاعها عن عرضها
لقد حفظ لنا أيضاً التاريخ فيما حفظ موقف أم سليم، الشجاعة في الحق، اتخذت يوم حنين خنجراً فكان معها، فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر.
فقال لها رسول الله ﷺ: ما هذا الخنجر؟
قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله ﷺ يضحك تعجباً من كلامها".
وكانت أم سليم -رضي الله عنها- من الشجعان حقيقة، تدافع عن النبي ﷺ، وكانت لا تسمح لأحد من الأجانب أن يقترب منها، خشيت من هؤلاء المشركين أن يأخذوها، فاتخذت خنجراً، إذا اقترب منها أحد يريد أن يمسها بسوء بقرت به بطنه.
وهكذا المرأة المسلمة العفيفة، حريصة على نفسها، لا يمكن أن تترك أجنبياً يقترب منها.
فماذا نقول اليوم، ونحن نرى حوادث إركاب البنات في سيارات الشباب؟ وهذه المغازلات، والمعاكسات؟ وهذا الاستقبال للمكالمات؟ والدخول على مواقع الشات؟ ماذا نقول ونحن نرى اليوم النساء يرسلن رسائل MMS على القنوات، بالمغازلات، والمعاكسات، وبعبارات قلة الحياء؟.
ماذا نقول اليوم أمام حوادث هرب البنات من البيوت؟ ماذا تقول اليوم أمام هذه الكثرة الكاثرة من الحوادث التي -مع الأسف- كثرت، وازدادت؟
أين محافظة المرأة المسلمة على العفّة؟ أين المحافظة على نفسها؟ أين المحافظة على حرمة بعلها؟، وأكرم بعلي أن تُنال مراكبه.
لقدر رأينا أيضاً في هذه المواقف المباركة في السيرة النبوية قصة أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- لما جاءت هي ومن معها من الحبشة، وجعل بعض الصحابة يتفاخرون عليهم أنهم كانوا مع النبي ﷺ، وأنهم جاهدوا معه، وأنهم تعلموا الوحي، وأنهم...، وأن هؤلاء أصحاب الحبشة عندهم نقص، وأنهم كانوا بعيدين عن النبوة، ونحو ذلك من الكلام، فغضبت أسماء -رضي الله عنها-، وذهبت للنبي ﷺ
وقالت له: بعض أصحابك يقولون عنا: كذا، وكذا، وأن عندنا نقص، وأننا كنا في بلاد البعداء، والبغضاء.
نحن كنا في أرض الحبشة، في سبيل الله، كنا في الأماكن البعيدة في سبيل الله، إذا كان أصحابك معك في المدينة، فنحن كنا بدونك صابرين من أجلك، ومن أجل دينك، فيكون علينا نقص؟
فالنبي ﷺ أخبرها أن: للناس هجرة، ولكم أنتم أصحاب السفينة هجرتان، سبحان الله!.
إذن: المرأة المسلمة إذا أحسّت بأنها تظُلم بالكلام، هي ترجع إلى العلماء.
مثلما جاء أبو السنابل بن بعكك، وأنكر على تلك المرأة -رضي الله عنها- أنها تجمّلت للخطّاب بعد أن توفي زوجها، ووضعت وليدها، وخرجت من العدة، وهذا حق؛ لأن المرأة الحامل التي توفي زوجها تنتهي عدتها بوضع الحمل، فلما اعترض عليها أبو السنابل بن بعكك لم ترض باعتراضه، ذهبت للنبي ﷺ تستفتيه، فأخبرها النبي ﷺ أنها على الحق، وأن لها إذا وضعت ولدها أن تتعرّض، أو أنها تتجهز، وتستعد لاستقبال الخطّاب.
وهكذا في عدد من المواقف، كان يُنكر، بعض الرجال ينكرون على النساء، والمرأة على الحق، والرجل على غير الحق، فالمرأة تأخذ ثيابها، وتذهب تستفتي النبي ﷺ؛ لكي ينصرها، وهي على الحق.
فإذن: ما كانت لتنزوي، وتقعد، وتتراجع، ما دامت تعرف أن هذا هو الحق، ما تتركه لأجل أن الزوج خالفها، أو الأب خالفها، أو قريب الأب، أو قريب الزوج خالفها، بل هب بحسب ما هي متأكدة منه، تذهب إلى أهل العلم لكي تقول: أنا أعرف كذا، أنكروا علي، هل إنكارهم صحيح؟ أو موقفي أنا الصحيح؟
وهكذا كانت القضية عندما حدثت في مواقف متعددة، مثل هذه القصة التي تنبئ عن معرفة النساء المسلمات بالأحكام الشرعية، وأنهن قد تمسكن بما عرفنه من الأحكام، ورجعن إلى أهل العلم، إذا أنكر عليهن أحد ليتأكدن منه، ولكي يستعن به على تبيين الحق.
أيتها الأخوات: إن للمتأمل في سيرة النبي ﷺ مجالاً عظيماً لرؤية النماذج الضخمة، الهائلة، الكبيرة، الإيمانية، هذه النماذج المتعددة التي تنبئ عن إيمان، وعلم، وتضحية، وعزة التي تنبئ عن تقديم النفس، والمال في سبيل الله، هذه التي تنبئ عن الصمود، والثبات، هذه التي تنبئ عن خدمة الدين، وأهل الدين، التي تنبئ عن العلم، والتزود بالعلم.
وهكذا نريد من نسائنا المسلمات دائماً، أن يكن صاحبات رحمة، وشفقة، وثبات، وعلم، وإيمان، وعمل صالح، وتضحية، وتقديم ما يمكن لخدمة الدين.