فسير الآية
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة الذين يجادلون بالباطل فقال: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ، حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
وقوله: داحِضَةٌ من الدحض بمعنى الزلل والزوال.
وأصله: الطين الذي لا تستقر عليه الأقدام.
يقال: دحضت رجل فلان، إذا زلت وزلقت.
أى: والذين يخاصمون في الله.
أى: في دينه وشريعته، مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ أى:من بعد أن استجاب العقلاء من الناس لهذا الدين الحق، واتبعوا رسوله.
حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ أى: حجة هؤلاء المجادلين بالباطل، زائلة وزاهقة وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ لا يقادر قدره من ربهم وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ يوم القيامة.
ثم بين- سبحانه- حال الكافرين والمؤمنين بالنسبة ليوم القيامة، كما بين جانبا من فضله على عباده، ومن رحمته بهم، فقال- تعالى-:
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى : والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد .
قوله تعالى : والذين يحاجون في الله رجع إلى المشركين .
( من بعد ما استجيب له ) قال مجاهد : من بعد ما أسلم الناس .
قال : وهؤلاء قد توهموا أن الجاهلية تعود .
وقال قتادة : الذين يحاجون في الله اليهود والنصارى ، ومحاجتهم قولهم : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ، وكانوا يرون لأنفسهم الفضيلة بأنهم أهل الكتاب وأنهم أولاد الأنبياء .
وكان المشركون يقولون : أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا فقال الله تعالى : والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم أي : لا ثبات لها كالشيء الذي يزل عن موضعه .
والهاء في ( له ) يجوز أن يكون لله - عز وجل - ، أي : من بعد ما وحدوا الله وشهدوا له بالوحدانية .
ويجوز أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي : من بعد ما استجيب محمد - صلى الله عليه وسلم - في دعوته من أهل بدر ونصر الله المؤمنين .
يقال : دحضت حجته دحوضا بطلت .
وأدحضها الله .
والإدحاض : الإزلاق .
ومكان دحض ودحض أيضا ( بالتحريك ) أي : زلق .
ودحضت رجله تدحض دحضا زلقت .
ودحضت الشمس عن كبد السماء زالت .
وعليهم غضب يريد في الدنيا .
ولهم عذاب شديد يريد في الآخرة عذاب دائم .
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ