عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 30-07-2022, 08:48 AM
سما الموج غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 725
 اشراقتي » Jun 2018
 كنت هنا » يوم أمس (08:43 PM)
آبدآعاتي » 2,431,642[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي عبد الرحمن الداخل.. والعفو عند المقدرة







عبد الرحمن الداخل.. والعفو عند المقدرة



عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، المعروف ب عبد الرحمن الداخل، والملقب بصقر قريش، يُعد أحد أعظم أمراء المسلمين، ويعلمنا قوة كبيرة يعجز الكثيرون عن تحقيقها، وهي قوة العفو عند المقدرة! فهو الرجل العجيب الذي نجا من مذبحة العباسيين للأمويين وعمره 19 سنة، وذلك عام 132 هجرية، حيث هرب 6 سنوات في شمال إفريقيا ودخل الأندلس وحيدًا فاستطاع عام 138 هجرية -عن طريق تكوين تحالفات سياسية عجيبة- تأسيس إمارة أموية قوية مستقلَّة عن الدولة العباسية، وظلَّت قرابة الثلاثة قرون.


كان قائدًا متميِّزًا موهوبًا
يقول ابن حيان الأندلسي: «كان عبد الرحمن راجح الحلم، راسخ العلم، ثاقب الفهم، كثير الحزم، نافذ العزم، بريئًا من العجز، سريع النهضة، متصل الحركة، لا يخلد إلى راحة، ولا يسكن إلى دَعَة، ولا يَكِلُ الأمور إلى غيره، ثم لا ينفرد في إبرامها برأيه، شجاعًا مقدامًا، بعيد الْغَوْرِ، شديد الحدَّة، قليل الطمأنينة، بليغًا مفوَّهًا، شاعرًا محسنًا، سمحًا سخيًّا، طلق اللسان، وكان يلبس البياض ويعتمُّ به ويُؤْثِره، وكان قد أُعْطِيَ هيبة من وَلِيِّه وعدوِّه، وكان يحضر الجنائز، ويُصَلِّي عليها، ويُصَلِّي بالناس إذا كان حاضرًا الجُمَع والأعياد، ويخطب على المنبر، ويعود المرضى».

موقف فريد للعفو عند المقدرة:
صاح عبد الرحمن الداخل في اليمنيين بعد موقعة المـُصارة (الفضاء الفسيح) حين أرادوا أن يَتَتَبَّعُوا الفارِّين من جيش يوسف بن عبد الرحمن الفهري (حفيد عقبة بن نافع، وكان قد استقلَّ بالأندلس آخر العهد الأموي (عام 129 هجرية): فقال لهم: لا تستأصلوا شأفة أعداء ترجون صداقتهم واستبقوهم لأشد عداوةً منهم.
أي سيطرة على الأعصاب، وقدرة على العفو!
أولًا: ليس في قلبه غلٌّ ولا حقدٌ على مَنْ كان حريصًا على قتله منذ سويعاتٍ قلائل.
ثانيًا: الفهم العميق للعدوِّ الحقيقي وهم الصليبيون (فرنسا وممالك إسبانيا الشمالية).
ثالثًا: الفقه لا يجيز له شرعًا أن يتتبعهم، أو أن يقتل الفارِّين منهم، ولا أن يُجْهِزَ على جريحهم، ولا أن يقتل أسيرهم؛ لأن حكمهم حكم الباغين في الإسلام وليس حكمَ المشركين، وحكم الباغي في الإسلام أنه لا يُتَتَبَّع الفارُّ منهم، ولا يُقتَلُ أسيرُه، ولا يُجهَزُ على جريحه، بل ولا تُؤخَذ منه الغنائم.


هذا سلوك نبوي:
ماذا فعل عندما دخل مكة؟ وماذا فعل مع أبي سفيان تحديدًا؟
قال ﷺ: «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ». أليس أبو سفيان هذا هو زعيم الكفر وزعيم المشركين في أُحُدٍ والأحزاب؟! فلماذا إذًا يقول عنه صلى الله عليه وسلم مثل هذا؟! إنما كان يُريد صلى الله عليه وسلم أن يخطب وُدَّه، ويضمَّه إلى صفِّه، وبالمثل فعل صلى الله عليه وسلم مع رءوس الكفر في مكة حين قال لهم: «مَا تَظُنُّونَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟» فقالوا: خيرًا، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريم. فرَدَّ عليهم صلى الله عليه وسلم بمقولته التي وعاها التاريخ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ».

وليس هذا من كرم الأخلاق فحسب، لكنه -أيضًا- من فنِّ معاملة الأعداء، وحُسْنِ السياسة والإدارة، فَلْنتخيَّلْ ماذا سيكون الموقف لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام الحَدَّ وقطع رءوس هؤلاء الذين حاربوا دين الله سنواتٍ وسنواتٍ؟! بلا شكٍّ كان سيُحدِث جيبًا من الجيوب داخل مكة، وكان أهل مكة سينتهزون الفرصة تلو الأخرى للانقلاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ارتدَّت جزيرة العرب، ولم يبقَ على الإسلام منها إلَّا المدينة ومكة والطائف، وقرية هجر، أي أن مكة التي لم تدخل في الإسلام إلَّا قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاث سنوات فقط كانت في تعداد هذه المدن القليلة التي ثبتت على الإسلام، وبلا شكٍّ فهو أثر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أن استُوعِبوا في داخل الدولة الإسلامية، وثبتوا وقت الزَّيْغِ.

موقف آخر للعفو عند المقدرة:
لما انتصر على ثائر سرقسطة الحسين الأنصاري، «أقبل خواصُّه يُهَنِّئُونه، فجرى بينهم أحدُ مَنْ لا يُؤْبَهُ به من الجند، فهنَّأه بصوت عال. فقال: والله! لولا أن هذا اليوم يوم أسبغ عليَّ فيه النعمة مَنْ هو فوقي فأوجب عليَّ ذلك أن أُنْعِمَ فيه على مَنْ هو دوني لأصلينك ما تعرضت له من سوء النكال، مَنْ تكون حتى تُقبل مهنِّئًا رافعًا صوتك غير متلجلج ولا متهيب لمكان الإمارة، ولا عارف بقيمتها، حتى كأنك تخاطب أباك أو أخاك؟! وإن جهلك ليحملك على العود لمثلها، فلا تجد مثل هذا الشافع في مثلها من عقوبة. فقال: ولعلَّ فتوحات الأمير يقترن اتصالها باتصال جهلي وذنوبي، فتشفع لي متى أتيت بمثل هذه الزلة؛ لا أعدمنيه الله تعالى. فتهلَّل وجه الأمير وقال: ليس هذا باعتذار جاهل. ثم قال: نَبِّهونا على أنفسكم، إذا لم تجدوا مَنْ يُنَبِّهنا عليها. ورفع مرتبته وزاد في عطائه».


العفو عند المقدرة في القرآن:
· {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
· {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22].
· {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].

أنت المستفيد الأول من العفو:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ».


لن تندم على العفو:
قال جعفر الصادق رحمه الله: (لأن أندمَ على العفوِ عشرين مرّةً أحبُّ إليَّ من أندَم على العقوبة مرة واحدة).
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِمُسْلِمٍ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ بِالْعُقُوبَةِ».










رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ سما الموج على المشاركة المفيدة:
, ,