عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 30-07-2022, 08:49 AM
سما الموج متواجد حالياً
 
 عضويتي » 725
 اشراقتي » Jun 2018
 كنت هنا » اليوم (04:19 PM)
آبدآعاتي » 2,442,636[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي علي بن عيسى الوزير.. والبعد عن الإمعية







علي بن عيسى الوزير.. والبعد عن الإمعية



الإمعية خلق ذميم: يتعلَّل الضعفاء بأنهم ما فعلوا إلا اتِّباع الأقوياء، ولكن هذا عند الله عذر غير مقبول: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 166، 167]

روى الترمذي عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا". وذكر الألباني أنه موقوف على عبد الله بن مسعود

جاء في لسان العرب لابن منظور: الإمعة والإمع – بكسر الهمزة وتشديد الميم -: الذي لا رأي له ولا عزم، فهو يتابع كل أحد على رأيه ولا يثبت على شيء، والهاء فيه للمبالغة.

هذا موقف طويل أخذ سنوات وسنوات

هذا الموقف لعلي بن عيسى بن داود بن الجراح، أبو الحسن، أصله من الفرس
وهو أحد الأمثلة الطيبة التي تثبت أن الإنسان لا ينبغي أن يتعلَّل بالظروف، بل عليه أن يجتهد بالخير قدر استطاعته، وليس عليه ما لا يقدر على فعله
وتثبت أيضًا أن المرء غير معذور في التلوث بأمراض العصر
هذا الوزير وَزَر للمقتدر بالله (295-320)، وكان المقتدر بالله من ضعفاء خلفاء الدولة العباسية، واشتهر بالترف وقلة الرأي وشرب الخمور، وكذا بسيطرة النساء عليه، وكان في عهد السيطرة التركية على الخلافة العباسية، وهو أول عصور الضعف في الدولة العباسية، ومع ذلك كان الوزير على خلافه تمامًا
كان علي بن عيسى عملاقًا في زمان الأقزام
يقول عنه الذهبي: وكان صدوقًا، ديِّنًا، خيَّرًا، صالحًا عالمًا من خيار الوزراء، ومن صُلحاء الكُبَراء. وكان على الحقيقة غنّيًا شاكرًا، ولما نزل به صابرًا.
تولَّى علي بن عيسى الوزارة للمقتدر عام 301 هجرية: قال الذهبي: "وعدل في الرعية، وعفَّ عن المال، وأحسن السّياسة، واتَّقى الله، وأبطل الخمور.
وعُزِل في وشاية عام 304 هجرية، وتولَّى مكانه ابن الفرات.
وقال ثابت بن سنان: وحدَّثني بعد عزله من الوزارة قال: قال لي ابن الفُرات بعد صرفي وتوليته: أبطلتَ الرسوم، وهدمتَ الارتفاع؟ فقلت: أيُّ رسم أبطَلْتُ؟ قال: المكْس بمكّة. فقلت: أهذا وحده أبطَلْتُ؟ قد أبطَلْتُ ما ارتفاعه في العام خمس مائة ألف دينار، ولم أستكثر هذا القدر في جنب ما حَطَطْتَهُ عن أمير المؤمنين من الأوزار!
وعاد للوزارة عام 306 هجرية
ثم عُزِل عام 311 هجرية وأهين من قِبَل الوزير المحسن بن الفرات، فاشتكى علي بن عيسى، وطلب الخروج إلى مكة للمجاورة في الحرم هناك فقبل الخليفة.
وأعيد للوزارة عام 314 هجرية
ثم استعفى منها عام 316 هجرية

كان الوزير متميِّزًا في عدَّة جوانب:

كان من رواة الحديث، وله عند الطبراني وغيره أحاديث
كان صدوقًا فاضلًا
عفيفا في ولايته،
جوادًا: مَلَكْتُ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، أَنْفَقْتُ مِنْهَا فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا
وَأَشَارَ على المقتدر أَن يقف الْعقار بِبَغْدَاد على الْحَرَمَيْنِ والثغور وغلتها ثَلَاثَة عشر ألف دِينَار فِي كل شهر والضياع الموروثة بِالسَّوَادِ وغلتها نَيف وَثَمَانُونَ ألف دِينَار فَفعل ذَلِك وَأشْهد على نَفسه الشُّهُود وأفرد لهَذِهِ الْوُقُوف ديواناً وَسَماهُ الْبر
لَهُ كتاب جَامع الدُّعَاء؛ كتاب مَعَاني الْقُرْآن وَتَفْسِيره
يكثر من قراءة القرآن والصلاة والصيام
يُحِبُّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَيُكْثِرُ مُجَالَسَتَهُمْ،
وكان متواضعًا، قال: ما لبست ثوبًا بأكثر من سبعة دنانير.
له حكاية عجيبة في مكة: (والحكايات له كثيرة)
لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ حِينَ نُفِيَ مِنْ بَغْدَادَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ حَرٌّ شَدِيدٌ، فَجَاءَ الْمَنْزِلَ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ كَالْمَيِّتِ، وَقَالَ: أَشْتَهِي عَلَى اللَّهِ شَرْبَةً بِثَلْجٍ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَتَهَيَّأُ هَاهُنَا. فَقَالَ: أَعْرِفُ، وَلَكِنِّي اسْتَرْوَحْتُ إِلَى الْمُنَى. فَلَمَّا كَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَأَمْطَرَتْ، ثُمَّ سَقَطَ بَرَدٌ شَدِيدٌ كَثِيرٌ، فَجَمَعَ لَهُ صَاحِبُهُ ذَاكَ مِنَ الْبَرَدِ شَيْئًا كَثِيرًا وَخَبَّأَهُ لَهُ، وَكَانَ الْوَزِيرُ صَائِمًا، فَلَمَّا أَمْسَى جَاءَ الْمَسْجِدَ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْأَشْرِبَةِ كُلُّهَا بِثَلْجٍ، فَجَعَلَ يُسْقِيهِ مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الصُّوفِيَّةِ وَالْمُجَاوِرِينَ وَلَمْ يَشْرَبْ هُوَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَنْزِلِ، جِئْتُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الشَّرَابِ كُنَّا قَدْ خَبَّأْنَاهُ لَهُ، وَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ لَيَشْرَبَنَّهُ، فَشَرِبَهُ بَعْدَ جَهْدٍ، وَقَالَ: كُنْتُ أَشْتَهِي لَوْ كُنْتُ تَمَنَّيْتُ الْمَغْفِرَةَ. رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ.
قَالَ أبو بكر الصولي (من العلماء والمؤرخين المعاصرين للوزير) لَا أعرف أَنه وزر لبني الْعَبَّاس وَزِير يُشبههُ فِي زهده وعفته وَحفظه الْقُرْآن وَعلمه بمعانيه وَكَانَ يَصُوم نَهَاره وَيقوم ليله وَلَا أعلم أنني خاطبت أحدًا أعلم مِنْهُ بالشعر

رحيم في زمن القساة!
كتب الوزير علي بن عيسى بن الجراح إلى سنان بن ثابت رئيس أطباء بغداد: «.. فكَّرْتُ في أمرِ مَنْ في الحبوس (السجون)، وأنه لا يخلو مع كثرة عددهم وجفاء أماكنهم أن تنالهم الأمراض؛ فينبغي أن تُفرد لهم أطباء يدخلون إليهم كل يوم، وتُحمل إليهم الأدوية والأشربة، ويطوفون في سائر الحبوس، ويعالجون فيها المرضى».

في ظلِّ هذا العنف الذي عمَّ هذه الفترة نجد هذه الرحمة في قلب علي بن عيسى
(قتل – سمل عيون – مصادرة أموال – فرض مكوس - ...)

وعن مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا نَزَلْتُ بِهِ فَلَمْ يُكْرِمْنِي، وَلَمْ يَقْرِنِي، فَنَزَلَ بِي أَجْزِيهِ بِمَا صَنَعَ؟ قَالَ: "لَا، بَلْ أَقْرِهِ".
وفي الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ".
وروى البيهقي: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا وَلَا تَغْدُ إِمَّعَةً بَيْنَ ذَلِكَ»
وفي رواية: (إذا وقع النَّاس في الفتنة فقل: لا أسوة لي بالشَّرِّ)
وعن الفضيل بن عياض قال: (اتَّبع طريق الهدى، ولا يضرُّك قلَّة السَّالكين، وإيَّاك وطرق الضَّلالة، ولا تغتـرَّ بكثرة الهالكين).










رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ سما الموج على المشاركة المفيدة:
,