عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 25-08-2022, 10:39 AM
امير بكلمتى متواجد حالياً
 
 عضويتي » 652
 اشراقتي » Apr 2018
 كنت هنا » اليوم (05:48 AM)
آبدآعاتي » 1,361,889[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
قصة عذاب الحريق




قصة عذاب الحريق
هل تعلم أن أقسى أنواع الألم هو الألم الناتج عن الحرق ، هل تعلم أن الحروق الخطرة لا تلتئم بسرعة ، وحتى وإن إلتئمت لا تزول آثارها مدى الحياة ، حتى بعد عمليات التجميل وترقيع الجلد وكافة الإجراءات الطبية يبقى أثر الحريق على جسد المصاب ، ليذكره على الدوام بما حدث له .

كنت فتاة متوسطة الجمال أعترف لكني كنت أحسن ترتيب مظهري لكي أبدو أجمل ، وكنت أعلم كيف أتخير الملابس التي تجعلني أبدو أرشق ، وألوان مواد التجميل التي تجعل ملامح وجهي أجمل .

في ثانية واحدة انتهى كل شيء ، فقدت كل شيء ، حين حدث حريق في منزل أسرتي بسبب تسرب الغاز ، كنت وحدي بالمنزل نائمة ، ويبدو أن الدخان الذي تصاعد بسبب الحريق سبب لي الإغماء ، لم أستيقظ إلا بعد أن شعرت بالنار تأكل جسدي .

لا أستطيع أن أصف ما شعرت به حينها وكيف كان الألم قوي ، كنت أفقد الوعي للحظات وأفيق من جديد بسبب الألم ، موت بالبطئ ، وبدأت أنطق الشهادة وأردد يا رب يا رب ، فقدت الوعي مرة أخيرة وحين أفقت وجدت نفسي في عنبر الحريق بالمستشفى ، لا أشعر بألم كبير ، الحقيقة لا أشعر بشيء ، لم أكن أدري هل ما يحدث حولي حقيقة أم أنه من أثر الدواء .

دقائق وعاد الألم ، لم أكن أملك إلا أن أصرخ وأبكي ، لا أستطيع أن أتحرك أو أحرم أي جزء من جسدي بسبب الألم ، شدة عظيمة أتمنى أن يبعدها الله عن الجميع ، وبعد يومين بدأت في استيعاب ما حدث ، وكنت أستمع للأطباء يتحدثون مع والدتي ، ويخبروها أن تترك أمري إلى الله ، لا تأمل في أي تحسن أو عودة من جديد للحياة ، لاستمرار حياتي أمل صعب أن يتحقق ، ولكن المعجزات بيد الله .

كنت أستمع لحديث الطبيب وأنا أدعو الله أن يرحمني ويرحم والدتي من هذا العذاب العظيم ، دعوت الله كثيرًا لكن الله أراد لي النجاة ، بعد مرور مرحلة الخطر بدأ الأطباء يعالجونني بشكل أكثر جدية ، فقد كانوا في الفترة السابقة لا يحقنونني إلا بالمسكنات فقط ، لولا عناية الله لكنت في العالم الأخر .

ومرت الأيام ثقيلة بين ألم وأمل ولكني أكثر ما أتعبني هو تخلي الجميع عني ، معاملتهم لي على أني لم أعد موجودة ، وكأنني مت حتى قبل أن أموت ، كان ألم جسدي يهدأ بالمسكنات ، لكن ألم روحي وقلبي لم يهدأ على الإطلاق .

مرت شهور بعد إصابتي ولم يتحدث إلي أحد من معارفي ، وكأن ما أصابني مرض قد يصيبهم بالعدوى ، حتى حين كنت في زيارة لطبيبي وصادفت مجموعة من أصدقائي القدامى ، عاملوني جميعهم ببرود شديد وكأنه لم تجمعنا أي علاقة من قبل .

اعتزلت الجميع إلا والدتي ، كانت هي الوحيدة بجواري تساعدني وتساندني ، شجعتني على الاستمرار وحاولت أن تبث بي الحياة من جديد ، أحضرت لي أقلام فحم وأوراق بيضاء طلبت مني أن أستعيد شغفي القديم .

حاولت فترة طويلة قبل أن أتمكن من أن أجيد استخدام أدواتي من جديد ، لكني أصررت على العودة ، عدت بقوة وحققت الكثير من الأحلام التي سبق وغابت عن خيالي ، وتركت الجامعة وتوقفت عن الشعور بالعذاب والمرار ، كونت أصدقاء جدد وحياة جديدة ، تسندني فيها والدتي وزوجي الذي أحبتي رغم أثار الحروق ، تعلمت أن عذاب الحريق يمكن أن يذهب ويتم علاجه بالحب والدعم أكثر من المسكنات والدواء .




 توقيع : امير بكلمتى




















مواضيع : امير بكلمتى


رد مع اقتباس