عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 27-11-2022, 07:43 AM
صادق الاحساس متواجد حالياً
 
 عضويتي » 2415
 اشراقتي » May 2022
 كنت هنا » يوم أمس (09:38 PM)
آبدآعاتي » 305,858[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Iraq
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
افتراضي الأخلاق، والتلويح بالتوبة عن الاعتراضعلى الرزاق



دخل رجل من سكان الأطراف، ذات يوم مدينة بديعة الأوصاف، وطاف بشوارعها
المنيفة، وأزقتها المرونقة اللطيفة، وأسواقها النفيسة الأمتعة، وخاناتها ذات الأقمشة
الثمينة والحلل المُرَصَّعة، فرأى في أثناء طوافه بهذه الأماكن المُزخرفة، الحوانيت والمساكن
جمٍّا غفيرًا من ذوي الثروة واليسار، والأبَُّهة والرَّفاهية والاعتبار، والنعم الوافرة، والخيرات
المتكاثرة، وكان عليه أطمار بالية، ولم تكن عيشته حالية، فترك المدينة وانتجع الجبل،
وقلبه بنيران الاعتراض على رازقه اشتعل، فَلَمَّا خلا بنفسه تمنى موته وحلوله برمسه،
ولكراهته في البقاء، واعتقاده أنه خُصَّ من بين الناس بالشقاء؛ خلع جلابيبه وقذف بها
إلى السماء، وضل عن طريق الهُدَى واستحبَّ العمى، وتمادى على القذف بها إلى الجوِّ
وهي تسقط عليه، وتنجذب في أقل من لمح البصر إليه، وما برح عاكفًا على هذا العمل،
حتى وهت قواه وضعف جسمه وكَلَّ، واحتاج إلى الرَّاحة فجلس على الأرض.
وهو على غاية من الغَضَب والنَّكد، وكان بالقُربِ مِنْهُ أجمة فيها أسد، قد خرج من
عرينه للاصطياد، والفتك بكل حيوان صعب الانقياد، فلما وقعت عينه على هذا المعترض
المخالف، لم يصرفه عن الحملة عليه صارف، فزمجر زمجرة الرعد، وأيقن بنيل المُنى
وبلوغ القصد، فأقبل عليه بأظافر كالخناجر، وكَشَّر عن أنياب كالسيوف البواتر، وكاد
يُبَدِّدُ منه أمعاه، ويُريحه من الاعتراض على مولاه، هنالك ضاقت به الحيل، وانقطع منه
الأمل، وتحقق أن القضاء به نزل، وانطوى من حياته سجل الأجل، فاسترجع وحوقل،
وتاب من ذنبه وعلى لله توكل، وأخلص النية، وأقبل على التضرع بحُسن طوية.




 توقيع : صادق الاحساس





رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ صادق الاحساس على المشاركة المفيدة:
,