عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-02-2023, 12:31 AM
سمو المشاعر غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 2656
 اشراقتي » Jan 2023
 كنت هنا » 22-10-2023 (08:46 AM)
آبدآعاتي » 17,841[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي معاذة بنت عبد الله والتصبر على المصيبة



معاذة بنت عبد الله العدوية، تابعية من عابدات البصرة، وُلِدت قبل عام 13 هجرية، وتوفيت عام 83ه، (قالت: صحبت الدنيا 70 عامًا)، رَوَتْ عَنْ: علي، وعائشة، وَهِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ. وأحاديثها في البخاري ومسلم، وبقية كتب السُّنَّة، رَوَى عَنْهَا: أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَيَزِيدُ الرِّشْكُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَأَيُّوبُ، وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُونَ، وَوَثَّقَهَا ابْنُ مَعِينٍ وابن حبان.
أم الصهباء معاذة بنت عبد الله العدوية، العابدة البصريَّة، فقيهة من العالمات بالحديث، زوجة صِلة بن أَشْيَم، مصري تَابِعِيّ من سَادَات التَّابِعين، وَتُوفِّي فِي 62هـ، أو غير ذلك. أسند عن ابن عياض وغيره، وروى عنه الحسن البصري، وحميد بن هلال، وكان ثقة ورعًا عابدًا، وكان مجاهدًا في سبيل الله، قالت معاذة العدويَّة: ما كان صِلَةُ يَجيء من مَسْجِد بيته إلى فِرَاشه إلَّا حَبْوًا، يقومُ حتى يفتر في الصَّلاةِ.
«قَالَ أَبُو الصَّهْبَاءِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ: طَلَبْتُ الدُّنْيَا مِنْ مَظَانِّ حَلَالِهَا، فَجَعَلْتُ لَا أُصِيبُ فِيهَا إِلَّا قُوتًا، أَمَّا أَنَا فَلَا أُعِيلُ فِيهِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُجَاوِزُنِي، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: أَيْ نَفْسُ، جُعِلَ رِزْقُكِ كَفَافًا فَأَرْبِعِي فَرَبَعَتْ وَلَمْ تَكِدَّ»[1]
قال البيهقي: صلة بن أشيم صاحب كرامات، وذكر الرواة له قصصًا خاطب فيها أسدًا، ودعا الله فأتت بغلته الضالة، ورزق الطعام من حيث لا يحتسب، وكان جريئًا جدًّا في القتال، وماهرًا به حقَّق الله على يديه انتصارات.
استشهاد صلة بن أشيم وابنه:
قَالَ رجل لِصِلَةَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاءِ، إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أُعْطِيتُ شَهَادَةً، وَأُعْطِيتَ شَهَادَتَيْنِ! فَقَالَ: تُسْتَشْهَدُ، وَأُسْتَشْهَدُ أَنَا وَابْنِي، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ يَزِيدَ ابن زِيَادٍ لَقِيَهُمُ التُّرْكُ بسِجِسْتَانَ، فَكَانَ أَوَّلُ جَيْشٍ انهزم من المسلمين ذلك الجيش، فَقَالَ صِلَةُ: يَا بُنَيَّ، ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ تُرِيدُ الْخَيْرَ لِنَفْسِكَ وَتَأْمُرُنِي بالرجوع؟ بل ارجع أنت، قال: أما إذ قلت هذا فتقدَّم، فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى أُصِيبَ، فَرَمَى صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ، وَكَانَ رَجُلا رَامِيًا، حَتَّى تَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَأَقْبَلَ حَتَّى أَقَامَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قاتل حتى قتل رحمه الله.
وروى الإمامُ أحمد بسنده في الزهد ".. أَنَّ صِلَةَ بْنَ أَشْيَمَ كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ تَقَدَّمْ فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ، فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقُتِلَ.."[2]
الخبر عند زوجته: (والصبر عند الصدمة الأولى)
فَاجْتَمَعَتِ النِّسَاءُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ فَقَالَتْ: مَرْحَبًا، إِنْ كُنْتُنَّ لِتُهَنِّيَنِّي فَمَرْحَبًا، وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَارْجِعْنَ»[3].
روى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي» قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى»[4].
فلسفة الصبر:
هذا الصبر الأول يعني أن هناك رصيدًا من إيمان قبل الحادثة قاد إلى الصبر على المصيبة المفاجِئة، ومع ذلك فالمرء يحتاج إلى التصبُّر (أي زيادة الصبر عن الرصيد الأول الذي عند العبد قبل المصيبة).
روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ»[5].
تصبُّر معاذة بنت عبد الله العدوية على مصابها:
1- طول القيام: يقول ابن الجوزي: ولم تتوسد فراشًا بعد ذلك، وكانت تقول: والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي عز وجل بالوسائل لعله يجمع بيني وبين أبي الصهباء وولده في الجنة[6].
2- تذكُّر الموت وقصر الأمل: كانت تقول: عجبت لعين تنام وقد عرفت طول الرقاد في ظلم القبور، وقالت خادمة معاذة العدوية: كانت تحيي الليل صلاةً، فإذا غلبها النوم قامت فجالت في الدار وتقول: يا نفس، النوم أمامَك، ولو قد متِّ لطالت رَقْدَتُك في القبر على حسرةٍ أو سرور، قالت: فهي كذلك حتى تُصبح[7].
«كَانَتْ مُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ قَالَتْ: هَذَا يَوْمِي الَّذِي أَمُوتُ فِيهِ فَمَا تَنَامُ حَتَّى تُمْسِيَ وَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ قَالَتْ: هَذَا لِيَلِيَ الَّذِي أَمُوتُ فِيهِ فَلَا تَنَامُ حَتَّى تُصْبِحَ وَإِذَا جَاءَ الْبَرْدُ لَبِسَتِ الثِّيَابَ الرِّقَاقَ حَتَّى يَمْنَعَهَا الْبَرْدُ مِنَ النَّوْمِ»[8].
3- الزهد في الدنيا: قالت: قد صحبتُ الدنيا سبعين عامًا، فما رأيتُ فيها قُرَّةَ عينٍ قط، وكيف أرى السرورَ فيها وقد كَدَّرَتْ على الأمم قبلَنا عيشَهم؟!
4- تحري الحلال: قَالَت أم الْأسود بنت زيد العدوية، وكَانَت معَاذَة العدوية أرضعتها: لَا ‌تفسدي ‌رضاعي ‌بِأَكْل ‌الْحَرَام فَإِنِّي جهدت جهدي حِين أَرْضَعتك أَلا آكل إِلَّا حَلَالا فاجتهدي بعد ذَلِك أَلا تأكلي إِلَّا حَلَالا لَعَلَّك توفقين لخدمة سيدك وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ. وَكَانَت أم الْأسود تَقول: مَا أكلت شُبْهَة إِلَّا فاتتني فَرِيضَة أَو ورد من أورادي»[9].
موت معاذة بنت عبد الله:
توفيت معاذة بنت عبد الله عام 83هجرية، أي بعد 21 سنة من موت زوجها وابنها، فلمَّا احتضرت بكت ثم ضحكت، فسئلت عن ذلك، فقالت: أما البكاء فإني ذكرت مفارقة الصيام والصلاة والذكر، وأما الضحك، فإني نظرت إلى أبي الصهباء وقد أقبل في صحن الدار وعليه حلتان خضراوان وهو في نفر ما رأيت لهم في الدنيا شبها فضحكت إليه، ولا أراني أدرك بعد ذلك فرضًا فماتت قبل دخول وقت الصلاة[10]![11].
[1] الزهد لأحمد بن حنبل (ص: 170)
[2] أحمد بن حنبل: الزهد، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1420هـ= 1999م، ص: 170.
[3] التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا (ص: 180)، والزهد لأحمد بن حنبل ص 170.
[4] البخاري: كتاب الجنائز، باب قول الرجل للكرأة عند القبر اصبري (1194).
[5] البخاري (1400)
[6] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 6/ 254، 255.
[7] التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا (ص: 180، 181.
[8] الزهد لأحمد بن حنبل ص170.
[9] أبو عبد الرحمن السلمي (٣٢٥ - ٤١٢هـ = ٩٣٦ - ١٠٢١ م): «طبقات الصوفية للسلمي» (ص406).
[10] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 6/ 254، 255.




 توقيع : سمو المشاعر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ سمو المشاعر على المشاركة المفيدة:
,