عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 21-07-2023, 12:44 AM
عبير الليل متواجد حالياً
 
 عضويتي » 39
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » اليوم (12:45 AM)
آبدآعاتي » 3,467,060[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » كتابة الشعر والخواطر # التصوير
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
الإعاقة فى إطار مفهوم العزل



أن تربية الأطفال المعوقين وفق نظام العزل، يقضي بضرورة وجود هؤلاء الأطفال في مؤسسات أو مدارس خاصة بهم، لمواجهة حاجاتهم التعليمية والتأهيلية الخاصة بما يتناسب مع طبيعة الإعاقة وحدتها وشدتها، وفقاً للفلسفة التربوية التي تساند النظام العزلي للأطفال المعوقين، حيث يتواجد الأطفال ذوي الإعاقة العقلية في مدارس التربية الفكرية، ويتواجد الأطفال ذوي الإعاقة السمعية في مدارس الأمل للصم والبكم وضعاف السم، ويتواجد الأطفال ذوي الإعاقة البصرية في مدارس النور للمكفوفين وضعاف البصر، ويتواجد بعض الأطفال المعوقين (روماتيزم في القلب، الشلل الدماغي، السرطان ... إلخ) في بعض المستشفيات.
وعلى الرغم من أن تربية الأطفال المعوقين وفقاً لنظام العزل يتوافق مع الظروف الاقتصادية للدول النامية، تلك الدول التي تعاني أصلاً من مشكلات تعليم الأطفال العاديين في مدارس التعليم النظامي، فما بالنا بالتكاليف العالية التي تتطلبها التربية الخاصة للأطفال المعوقين خاصة فيما يتعلق بالإمكانات المادية والبشرية والفنية والتكنولوجية وغيرها اللازمة لمقابلة متطلبات دمج هؤلاء الأطفال في مدارس التعليم العام.
إلا أن استمرار نظام العزل في تربية الأطفال المعاقين، يصاحبه وجود بعض التأثيرات السلبية والإشكالات المجتمعية، والتي من أهمها:

- استيعاب أطفال الإعاقات دون غيرها من الإعاقات الشديدة:
على الرغم من أن نظام العزل لا يستوعب سوى أطفال الإعاقات التقليدية الظاهرة (الإعاقة العقلية/ السمعية/ البصرية)، إلا أن هذا النظام – رغم الملاحظات العديدة عليه – لا يستوعب الأطفال غير القابلين للتعلم أو التدريب من ذوي الإعاقات الحادة أو الشديدة وغيرهم من متعددي الإعاقة، وعلى هؤلاء المبتلين بالإعاقة الشديدة أن يظلوا رهائن المحبسين: محبس الإعاقة النوعية ومحبس الإعاقة المجتمعية، حتى تقوم بعض الجمعيات الأهلية أو المؤسسات الخاصة بتقديم بعض الخدمات التطوعية مقابل رسوم عالية نسبياً لا يقدر عليها إلا أسر الأطفال المعوقين الأغنياء، وعلى الأطفال المعوقين الفقراء أن يظلوا معوقين لأن المجتمع لا يقدم لهم الخدمات الواجبة عليه نحوهم، وهنا قد يسقط الشعار الذي يرفعه المجتمع ونظامه التعليمي على أن (التربية للجميع).

- معالجة جوانب الضعف على حساب تنمية جوانب القوة لدى شخصية المعوق:
إن نظام العزل يركز على معالجة جوانب القصور والضعف والخلل لدى الأطفال المعوقين ربما دون جدوى ظاهرة حتى الآن، لا على تنمية جوانب القوة والتميز لدى ما بقى من قوى وإمكانات لدى هؤلاء المعوقين، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف نعالج (المفقود) من الإمكانات دون التركيز على (الموجود) منها لدى هؤلاء الأطفال المعوقين؟ الأمر الذي قد يزيد هؤلاء الأطفال إعاقة على إعاقاتهم النوعية، كما أن مثل هذا التعامل الغير إنساني مع الأطفال المعوقين والتركيز على نواحي الضعف والقصور فقط يؤثر بالسلب عليهم.

الاقتصار على الإعاقة التقليدية فقط دون غيرها من الإعاقات الأخرى:
إن نظام العزل يعتمد على تصنيفات تعوزها الدقة والموضوعية لأنه لا يشمل جمع فئات الإعاقة الواجب رعايتها، حيث ينظر إلى الأطفال المعوقين على أنهم إما معوقين عقلياً أو سمعياً أو بصرياً فقط، مع إهمال تصنيفات أخرى للأطفال المعوقين تحتاج إلى الرعاية والعناية الخاصة، كالتأخر الدراسي وبطئ التعليم، وصعوبات التعلم الأكاديمية والنمائية، والاضطرابات السلوكية والانفعالية، والإعاقة الاجتماعية وتحت الثقافية .. وغيرها من التصنيفات الأخرى.

- توسيع المسافة الاجتماعية بين الأطفال المعوقين وأقرانهم العاديين:
إن نظام العزل يصاحبه شعور العجز والقصور والدونية لدى الأطفال المعوقين وأسرهم المبتلاه، مما يحول دون اكتساب هؤلاء الأطفال لبعض أنواع السلوك التكيفي أو أنماط التفاعل الاجتماعي الإيجابي مع الأطفال العاديين، ومن ثَّم يسهم – هذا الوضع العزلي – في توسيع المسافة الاجتماعية بين هؤلاء الأطفال المعوقين وغيرهم من أطفال المجتمع المعافين من الإعاقة خلال مواقف التفاعل الاجتماعي، ويحول بالتالي دون عودة الطفل المعوق إلى أحضان المجتمع بشكل طبيعي، وهو ما يعالجه الدمج التربوي الشامل للأطفال المعوقين في صيغة المدارس الجامعة الذى يجب أن يبدأ من مرحلة الطفولة المبكرة خاصة في رياض الأطفال.

تجسيد النظرة المجتمعية المتدنية تجاه الأطفال المعوقين وأسرهم:
يكمن تجسيد النظرة المتدينة للمجتمع تجاه الأطفال المعوقين في اعتبارهم أناس أقل في القدرات والإمكانات دون مستوى الأطفال العاديين، وأن عزلهم عن المجتمع في مدارس خاصة فيه حماية لهم وإصلاح وتهذيب من ناحية وخوفاً على هؤلاء الأطفال العاديين من ناحية أخرى، وكأن الإعاقة عدوى تنقل من الأطفال المعوقين إلى الأطفال المعافين منها، تلك النظرة المتدنية قد تستمر طويلاً دون تغيير إيجابي في الأفق القريب، ولا سيما أن المجتمع مهيأ – بكل إمكاناته – للأطفال العاديين أكثر مما هو مهيأ للأطفال المعوقين، الأمر الذي يتطلب تطوير المدارس الخاصة بالمعوقين لتكون مدارس جامعة للجميع في إطار ثورة تجديدية شاملة تقودها المجتمعات.

- استخدام الأساليب التنفيرية القمعية لعقاب الأطفال المعوقين:
إن نظام العزل يتيح للقائمين على أمور رعاية الأطفال المعوقين وفقاً للمنهج الخفي – استخدام كافة الأساليب القمعية والقهرية والتنفيرية لعقاب هؤلاء الأطفال خاصة المعقوين عقلياً ذوي النشاط الزائد، وإكسابهم السلوك المرغوب فيه أو تعديل السلوك في المرغوب فيه، أو لأن هؤلاء الأطفال المعوقين – في نظر القائمين على هذه الرعاية – لا يستحقون غير ذلك باعتبارهم أشباه بشر، مما يزيد من حجم الإساءة المقصودة والإهمال المتعمد تجاه هؤلاء الأطفال وأسرهم من ناحية، ويزيد من حجم المعاناة والاحتراق النفسي لدى معلمي التربية الخاصة من ناحية أخرى.

- اقتران الوصمات المجتمعية المتدنية بالأطفال المعوقين مدى الحياة:
إن نظام العزل يجسد التسميات التي أطلقها المجتمع على الأطفال المعوقين ووصمهم ببعض الوصمات البغيضة، باعتبارهم يحملون – من وجهة نظر المجتمع – صفة (أسوأ التفضيل) على مقياس السلامة الجسدية التي اعتمدها المجتمع، كالأقل، الأدنى، الأغبى، الأخرس، الأبكم، الأصم، الأعمى، الأعرج، الأكتع، الأطرش.. وغيرها، وكأن هذه الوصمات قد نقشها المجتمع كعلامات وشم موسومة بالتدني في دفتر أحواله اليومية، حتى باتت هذه الوصمات تقترن بهؤلاء الأطفال اقترانا تلازمياً طوال حياتهم الاجتماعية، حتى أنهم لا يعرفون أو ينادون إلا بها من قبل أقرانهم أو الآخرين

فقد وُضعت للإعاقة مفاهيم متنوعة ومصطلحات متعددة وفقاً للأطر النظرية والتطبيقية التي تناولت تشخيص فئات الأطفال المعوقين، أو الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة كما يسمونهم عاديين كانوا أم غير عاديين، ولا اعتراض على المسميات المتنوعة أو التسميات المتعددة، خاصة عندما تكون في سياقها الاجتماعي والأخلاقي الصحيح، أما عندما تقلب المسميات، فإن الأمر يتطلب إعادة توجيه تفكيرنا الاجتماعي لوضع المفاهيم الإعاقية في نصابها الصحيح إنسانياً وتربوياً.




 توقيع : عبير الليل




لااحلل نقل مدونتي وكتاباتي ..
كونوا اسمى من ذلك آحبتي ]





نحن وإن جار الزمان لبرهة.. نبقى الكبار وغيرنا أقزام
ما ذنبنا إن كان يشعر أننا أرقى.. وأن مكانه الأقدام





رد مع اقتباس