عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 31-08-2023, 06:19 AM
سمو المشاعر غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 2656
 اشراقتي » Jan 2023
 كنت هنا » 22-10-2023 (08:46 AM)
آبدآعاتي » 17,841[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي الفاتحة وتعظيم الله



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبي بعده، أما بعد:
فحديثنا في هذا المقام بإذن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عن الفاتحةِ وتعظيم الله جَلَّ وَعَلَا، إذا نظرنا إلى هذه الصلاة بركنها الأعظم الفاتحة اَلَّتِي نقرأها في كل ركعة، مع هذا الخضوع والاستسلام والانقياد لله جَلَّ وَعَلَا في عبادة الركوع والسجود، وما يصاحب ذلك من هذه الألفاظ اَلَّتِي فيها من التسبيح والتنزيه لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، سبحان ربي العظيم ركوعًا، وسبحان ربي الأعلى سجودًا.
فهنا يتوافق تعظيم الله جَلَّ وَعَلَا بالأقوال والأفعال ركوعًا وسجودًا، تسبيحًا وتعظيمًا أنه التنزيه لله، تنزَّه عن النقص والعيب والشبيه، وتنزَّه الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
فالصلاةُ من أولها إلى منتهاها قائمةٌ على الإجلال والتعظيم لله، وبهذا يمتلئ قلبُ العبد تعظيمًا وإجلالًا لخالقهِ جَلَّ وَعَلَا، فمَنْ عظَّم الله سبحانه وقدَّرهُ حق قدرهِ، تحقَّق فلاحُه ونجاحُه وسعادتُه في دنياه وآخراه، بل إنَّ تعظيمهُ لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو أساس الفلاح، كيف يفلحِ ويسعد قلبٌ لا يعظم ربهُ وخالقهُ وسيدهُ ومولاه.
هذا التعظيمُ لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أيها الأخوة الكرام يعدُ أساسًا متينًا يقوم عليهِ دين الإسلام، بل إنَّ روح العبادة في الإسلام قائمةٌ على التعظيم، فمما ثبت عن النبيّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهُ كان يقول في ركوعهِ وسجودهِ: «سبحان ذي الجبروت، والملكوت والكبرياء والعظمة»[1
وكان يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى»، ويقول صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»[2].
ولذلك قال النبيّ عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «فأمَّا الركوع فعظِّموا فيهِ الرب عَزَّ وَجَلَّ»، وبهذا يظهر لنا جليًّا إنَّ هذه الصلاة بأركانها فيها من الإجلال والتعظيم لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فعلًا وقولًا.
فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو العظيم، عظيمٌ في أسمائهِ، وعظيمٌ في صفاتهِ، وعظيمٌ في أفعالهِ، وعظيمٌ في كلامهِ ووحيهِ وشرعهِ وتنزيلهِ، فالعظمةُ حقٌّ لهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لا يستحقها نبيٌّ مرسل ولا ملكٌ مقرَّب؛ جاء في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعودٍ قال: (جاء حبرُ من الأحبار إلى رسول الله صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا محمد، إنَّا نجد أن الله يجعل السماوات على أصبع، والأرضين على أصبع، والشجرُ على أصبع، والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر).
ثم قال رسول الله صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قول الله جَلَّ وَعَلَا: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر:67].
إنَّ تعظيم الله جل شأنهُ فرعٌ عن معرفة العبد بخالقهِ، فكلما كان العبدُ أعظم معرفةً بالله، كان أعظم لهُ مخافةً وتحقيقًا لتقواه جل شأنه، وإذا عظَّم القلب ربَّه جَلَّ وَعَلَا، فإنهُ يخضع لله، وينقاد لحكمهِ، ويمتثل أمرَه جل شأنُهُ.
إنَّ المتأمل لواقع بعض المسلمين اليوم، وما وقعوا فيهِ من انحرافاتٍ عقائديةٍ وسلوكية، إنما منشؤُهُ من ضعف تعظيم الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في قلوبهم، وسورة الفاتحة نقرأها كل يومٍ سبعة عشر مرة، فهي مبنيةٌ على حق التعظيم لله من أولها إلى آخرها، بدءًا من مقام التوحيد الخالص، وصلاح الباطن وانقياد الظاهر لله.
فالفاتحة بهداياتها الربانية سبيلُ الموحدين لتعظيم الله جل جلاله، فاللهم إنَّا نسألك الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد، ونسألك قلبًا سليمًا، ولسانًا ذاكرًا، وعملًا صالحًا متقبلًا مبرورًا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
محمد بن سند الزهراني




 توقيع : سمو المشاعر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ سمو المشاعر على المشاركة المفيدة: