عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 26-05-2018, 03:59 PM
عبير الليل متواجد حالياً
 
 عضويتي » 39
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » اليوم (01:31 PM)
آبدآعاتي » 3,444,803[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » كتابة الشعر والخواطر # التصوير
موطني » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
رمضان وتأثير القرآن في النفوس



إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا... أما بعد:

فاتقُوا اللهَ - عبادَ اللهِ - واشكُرُوهُ علَى نِعَمِهِ العَظِيمةِ، اشكُرُوهُ على نِعمة الإِسلامِ وعلى نِعمة القُرآنِ فهُمَا خَيرُ النِّعَمِ، قالَ تَعَالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.



عبادَ اللهِ.. إنَّ القُرآنَ هُوَ مُفجِّرُ العُلُومِ ومَنبَعُهَا، ودَائِرةُ شَمسِهَا ومَطلَعُهَا، أَودَعَ اللهُ فيهِ عِلمَ كلِّ شَيءٍ، وأبانَ فيهِ كلَّ هَدْيٍ وَغَيٍّ..



فهُوَ كِتابُ اللهِ، كُلِّيَّةُ الشَّرِيعَةِ، وَعُمْدَةُ الْمِلَّةِ، وَيَنْبُوعُ الْحِكْمَةِ، وَآيَةُ الرِّسَالَةِ، وَنُورُ الْأَبْصَارِ وَالْبَصَائِرِ.. لَا طَرِيقَ إِلَى اللَّهِ سِوَاهُ، وَلَا نَجَاةَ بِغَيْرِهِ، وَلَا تَمَسُّكَ بِشَيْءٍ يُخَالِفُهُ.. لَزِمَ ضَرُورَةً لِمَنْ رَامَ الوُصولَ للجِنَانِ أَنْ يَتَّخِذَهُ سَمِيرَهُ وَأَنِيسَهُ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ جَلِيسَهُ عَلَى مَرِّ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي نَظَرًا وَعَمَلًا، فمَن فَعلَ: أَوشَكَ أَنْ يَفُوزَ بِالْبُغْيَةِ، وَأَنْ يَظْفَرَ بالطُّلْبَةِ، وأنْ يَجِدَ نَفسَهُ مِنَ السَّابِقِينَ في الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ.



القُرآنُ... أَنزَلَهُ اللهُ رَحمَةً للعَالَمِينَ، يَهدِي للتي هِيَ أَقوَمُ، ويُبشِّرُ بكُلِّ خَيرٍ وفَضلٍ جَزِيلٍ، ويُحَذِّرُ مِن كلِّ شرٍّ وضَلالٍ مُبِينٍ، قَالَ رَبُّكُم جلَّ وعَلا ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾.



القُرآنُ... أَنزَلَهُ اللهُ مَوعِظَةً وشِفَاءً وهُدَىً ورَحمَةً؛ قَالَ رَبُّكُم جلَّ وعَلا ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.



القُرآنُ...أَنزَلَهُ اللهُ نُورًا وكِتابًا مُبِينًا، وجَعلَهُ للحقِّ صِراطًا مُستَقِيمًا؛ قالَ رَبُّكُم جلَّ وعَلا: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.



القُرآنُ... هو الذِي تَقشَعِرُّ مِنهُ جُلُودُ المؤمِنينَ، وتَرِقُّ لَه أَفئِدَتُهُمْ، وتَذْرِفُ الدُّموعَ مِن حَلاوتِهِ أَعيُنُهُم، قالَ رَبُّكُم جلَّ وعَلا: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾.



القُرآنُ... فيه الهِدايةَ والتَّوفيقَ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ واتَّعظَ بِهِ بإذنِ اللهِ، ومِن رَحمَةِ اللهِ بعِبادِهِ أَن يَسَّرَ لَهُم قِراءَتَهُ والاتِّعَاظَ بهِ؛ قالَ ربُّكُم جلَّ وعَلا: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾، ولِذَا فإنَّ مِن فَتَحَ قَلبَهُ للقرآنِ وجَدَ لَه حَلاوةً لا تَعْدِلُهَا حَلاوةٌ. فالإنسُ والجِنُّ، والمؤمنُ والكافرُ، والذَّكرُ والأُنثَى، والصَّغيرُ والكَبيرُ.. كُلٌّ أَذْعَنَ لجمالِ القُرآنِ وعَظَمَتِهِ، لَمْ يَتمَالَكِ المشركونَ حِينَمَا سَمعُوا سُورةَ النَّجمِ إلاَّ أَنْ سَجَدُوا مَعَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم، حتَّى قَالَ القَائِلُ يَومَهَا: (إنَّ مَكةَ كُلَّهَا قَد أَسْلَمَتْ).



القُرآنُ... حينمَا سَمِعَهُ عُتبةُ بنُ رَبِيعَةَ لَم يَملِكْ إلاَّ الإِذعَانَ والخُضُوعَ بقَلبِهِ حتَّى وإِنْ ظَلَّ علَى كُفرِهِ، لكِنَّهُ أَقرَّ بالحقيقةِ التِي طَالَمَا أَنكَرَهَا كُفارُ قُريشٍ؛ فقدْ ذَكَرَ ابنُ هِشَامٍ في "السِّيرةِ" أنَّ عُتْبَةَ قَامَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، اسْمَعْ مِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْكَ أُمُورًا تَنْظُرُ فِيهَا لَعَلَّكَ تَقْبَلُ مِنَّا بَعْضَهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ، أَسْمَعُ" حَتَّى إِذَا فَرَغَ عُتْبَةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِعُ مِنْهُ قَالَ: "أَفَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟" قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَاسْتَمِعْ مِنِّي" قَالَ: أَفْعَلُ. قَالَ: ﴿بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ * حم * تَنزيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾.



ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا يَقْرَؤُهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا سَمِعَ عُتْبَةُ أَنْصَتَ لَهَا وَأَلْقَى يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ، ثُمَّ انْتَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى السَّجْدَةِ مِنْهَا، فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: "قَدْ سَمِعْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ مَا سَمِعْتَ، فَأَنْتَ وَذَاكَ"، فَقَامَ عُتْبَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: نَحلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أَبُو الْوَلِيدِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ، فَلَمَّا جَلَسَ إِلَيْهِمْ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟ قَالَ: وَرَائِي أَنِّي وَاللَّهِ قَدْ سَمِعْتُ قَوْلًا مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالسِّحْرِ وَلَا بِالشِّعْرِ وَلَا بِالْكِهَانَةِ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَطِيعُونِي وَاجْعَلُوهَا لِي، خَلُّوا بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ مَا هُوَ فِيهِ فَاعْتَزِلُوهُ، فَوَاللَّهِ ليكونَنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي سَمِعْتُ نَبَأٌ.



القُرآنُ... الذِي خَرجَ أَبو جَهْلٍ وَأَبو سُفْيَانَ وَالْأَخْنَسُ لَيْلَةً لِيَسْمَعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فِي بَيْتِهِ، -كما ذَكرَ الحَافِظُ ابنُ كَثيرٍ- فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا لِيَسْتَمِعَ مِنْهُ، وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا أَصْبَحُوا وَطَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا، فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ، فَتَلَاوَمُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا تَعُودُوا فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِكُمْ لَأَوْقَعْتُمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا. ثُمَّ انْصَرَفُوا، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ فَعَلُوا مِثلَ ذَلكَ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ فَعَلُوا مِثلَ ذَلكَ، فَلما جَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ، فَقَالُوا: لَا نَبْرَحُ حَتَّى نَتَعَاهَدَ أَنْ لَا نَعُودَ فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا.. ولسانُ حَالِهِمْ:

جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ = وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ

آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ = زيَّنَهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ

يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ = يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتقوى وَبِالرحِمِ

يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً = حَديثُكَ الشهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ



أيُّهَا الإِخوةُ.. لَئِنْ كَانَ عُتبةُ وأَبُو جَهْلٍ وَأَبو سُفْيَانَ وَالْأَخْنَسُ وهُمُ العَربُ الفُصَحَاءُ الأَقْحَاحُ فَعلُوا ذَلكَ عِندمَا سَمِعُوا القرآنَ، فإنَّ النَّجَاشِيَّ الأَعجَمِيَّ الذي لا يَنطِقُ العَربيةَ أَصلاً لَمَّا سَمِعَ القرآنَ بَكَى وأَبكَى.



روَى الإِمامُ أَحمدُ مِن حَديثِ أمِّ سَلَمَةَ رَضي اللهُ عنها أنَّه لَمَّا دَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى النَّجَاشِيِّ قَالَ لهم: هَلْ مَعَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا جَاءَ بِهِ محمدٌ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ سورةِ مَريَمَ فَبَكَى النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ, وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ).



القُرآنُ.. لَم يَكُنْ لِيؤثِّرَ أو لِيَخْضَعَ لِعظَمَتِهِ الإِنسُ فحَسبُ، بلْ هَؤلاءِ الجِنُّ سَمِعُوا فاهْتَدَوا وأَسلَمُوا وأَذعَنُوا... ففي البُخاريِّ ومُسلمٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما:

أنَّ نَفرًا مِنَ الجِنِّ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ فوجَدُوا النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، ثم رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، وَقَالُوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ﴾ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ﴾. هذَا هُوَ القُرآنُ يَا أُمَّةَ القُرآنِ.. بهِ فَخُذُوا، ولآيَاتِهِ فتَدَبَّرُوا، ولِوَعْدِهِ ووَعِيدِهِ فاجْتَهِدُوا واعمَلُوا واحْذَرُوا وأَمِّلُوا.



بارَكَ اللهُ لِي ولَكُم في القُرآنِ العَظِيمِ، ونَفَعَنِي وإيَّاكُم بمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قَولِي هذَا وأَستغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم ولَجميعِ المسلِمِينَ فاستَغفِرُوهُ إنَّه كَانَ غَفَّاراً.



الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ على إِحْسَانِهِ، والشُّكرُ لَه علَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بعدُ:



أيهَا المسلمونَ.. هذَا هو حَالُ النَّاسِ مَعَ كِتابِ رَبِّهِمْ، إِنسِهِمْ وجِنِّهِمْ، مُؤمِنِهِمْ وكَافِرِهِمْ، هذَا هُو القُرآنُ الذِي أَدْهَشَ العُقُولَ، وأَبكَى العُيُونَ، وأَخذَ بالأَلبابِ والأَفئِدةِ، وطَأطأتْ لَه رُؤوسُ الكُفرِ..



هَا نَحنُ نَسمَعُ كَلامَ رَبِّنَا لَيلَ نَهَارَ، ونَتلُوهُ صَباحَ مَساءَ، ويُعرَضُ عَلينَا في الصَلوَاتِ وحتى في الطُرقَاتِ. ولكِنْ مَن تَأمَّلَ حَالَنا مَعه وَجدَ الفَرقَ الشَّاسِعَ والبَونَ الوَاسعَ بينَ مَا نَحنُ فيهِ، وبين مَا يَجبُ أَنْ نَكونَ عَليهِ.



بلْ واللهِ إنَّ حَالَنَا معَ القرآنِ مَا يَسُرُّ صَاحِبًا ولا حبيبًا، إِهمَالٌ في التَّرتيلِ والتلاوةِ، وتكاسلٌ عَنِ الحِفظِ والقِراءةِ، غَفلةٌ عَنِ التَّدبرِ والعَملِ.. والأعجبُ مِن ذَلكَ أَن تَرى أَوقَاتًا ضُيِّعَتْ وأَعمارًا أُهدِرتْ في مُطالَعَةِ الصُّحفِ والمجَلاتِ، ومُشاهدةِ البَرامجِ والمسلسلاتِ، وسَماعِ الأغاني والمُلهِياتِ، فلا حولَ ولا قوةَ إلاَّ باللهِ.



أَلاَ فاتقُوا اللهَ - عبادَ اللهِ - واغْتَنِمُوا العُمُرَ بتِلاوةِ كِتابِهِ وتَدَبُّرِ آيَاتِهِ، واغتَنِمُوا الشَّهرَ الكَريمَ بالنَّهلِ من عِبَرِهِ وعِظاتِهِ؛ فطُوبَى لِمَن تَدبَّرَ كِتابَ ربِّهِ حقَّ تَدبُّرِهِ، وهَنِيئًا لِمَنْ تَقشَعِرُّ مِنهُ جُلُودُهُمْ وتَلِينُ جُلُودُهُمْ وقُلُوبُهُمْ إلى ذِكرِ اللهِ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.



ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.



اللهمَّ اجعلِ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا، وَشِفَاءَ صُدُورِنَا، وَجَلَاءَ أَحْزَانِنَا وَهُمُومِنَا، وَسَائِقَنَا وَقَائِدَنَا إِلَيْكَ وَإِلَى جَنَّاتِكَ جَنَّاتِ النَّعِيمِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.

اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا واجْعَلْ مَرَدَّنَا إِلَيْكَ غَيْرَ مُخْزٍ ولا فَاضَحٍ..

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمَا وَارْحَمْهُمَا، وَأَعِنَّا عَلَى الإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا، اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.

اللهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَأَعِنْهُ عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى، وَسَدِّدْهُ في أَقْوالِهِ وأَعْمَالِهِ.

اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي الحَدِّ الجّنُوبِيِّ، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ.. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ.. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.








 توقيع : عبير الليل




لااحلل نقل مدونتي وكتاباتي ..
كونوا اسمى من ذلك آحبتي ]





نحن وإن جار الزمان لبرهة.. نبقى الكبار وغيرنا أقزام
ما ذنبنا إن كان يشعر أننا أرقى.. وأن مكانه الأقدام





الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ عبير الليل على المشاركة المفيدة: