عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 07-10-2019, 11:28 AM
˛ ذآتَ حُسن ♔ متواجد حالياً
 
 عضويتي » 290
 اشراقتي » Aug 2017
 كنت هنا » يوم أمس (08:42 PM)
آبدآعاتي » 454,410[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » دنِيَــِا مَآ تِسِـِوَىَ ذَرَة . . [ آهتِمَآم «~
موطني » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي الرسول صلى الله عليه وسلم بشر





رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام له تاريخ وسيرة حافلة بالقيم الفذة التي لا يمكن أن ‏يتطاول إليها الأبطال؛ سواء قبل، أو بعد الرسالة، وهو مع هذا كله لم يخرج عن كونه بشرًا، ولد من أبوين معروفين حسبًا ونسبًا.‏



هبط إلى الدنيا عام الفيل بعد ميلادِ أخيهِ عيسى بن مريم بما يفوق خمسة قرون من ‏الزمن، ولحق بالرفيق الأعلى بعد أن قضى نحبه على رأس ثلاث وستين سنة، ‏قضى منها ما يقرب من ربع قرن رسولاً، غير فيه وجه التاريخ من باطل إلى حق ‏بمقتضى الرسالة التي أكرمه الله بها، وهي الخاتمة للرسالات المهيمنة على ما بين ‏أيديها من كل كتاب أنزل من الحق تبارك وتعالى على مختلف الرسل عليهم ‏صلوات الله وسلامه.‏



لقي ضروب الأذى والاضطهاد، وتعرض لمحاولات القتل والاغتيال، ولولا رعاية ‏الله له وعصمته إياه، لكان للمشركين ما أرادوا.‏



وهو صلى الله عليه وسلم بشر يجري عليه ما يجري على البشر من نوم ونسيان ‏وزواج، ومرض وأكل وشرب، ولازم ذلك من بول وغائط وموت، إلى آخر ما هو معروف ‏في دنيا البشر.‏



وهو مع هذا كله رسولٌ كريمٌ خاتم للأنبياء، سيدُ ولدِ آدم، أولُ من تنشق عنه ‏الأرضُ يوم القيامة، لواءُ الحمدِ بيده، يعطى الشفاعةَ العظمى في وقتٍ تنصل منها ‏أولو العزم من الرسل.



فضلاً عن خصوصيات في الدنيا أُعطيت له لم يعطها نبي ‏قبله؛ من عموم الرسالة، وحل الغنائم، والانتصار بالرعب، وجوامع الكلم، ‏وغير ذلك من مراتب الشرف عند مولاه سبحانه وتعالى، ونحمد الله أن جعله لنا ‏رسولاً، واختارنا له أمة، أنزل عليه ربه عز وجل ختام سورة الكهف، وأمره أن ‏ينفخ في فم الزمن، بما لا يدع مجالاً للشك في بشريته صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الكهف: 110].‏



ومن بلاغة القرآن الكريم أن يقررَ البشريةَ الخاصةَ للرسول، ويحددها بأنهُ مثلنا‏‏، ولم يقل بشرًا - فقط - حتى لا يدعي أحد بأنها بشريةٌ خاصةٌ من نوعٍ خاص، ‏بل يقول مثلكم، والذي منع المشركين عن الإيمان به واتِّباعه أن محمدًا صلى الله ‏عليه وسلم لم يخرج عن بشريتهم، يعرفون عنه كل حياته منذ أن ولد حتى ‏جاءهم بما لا تألفه أمزجتهم وعقولهم الجرز.‏



نعم، عرَف القوم أن محمدًا يأكل ويشرب مما يأكلون ويشربون، له أزواج وذرية، يتاجر ويمشي في الأسواق، وكانوا يحقرون أمر الرسالة؛ حيث لم تنزل على رجل ‏من القريتين عظيم، ولكن بئس ما قالوا، فربك أعلم حيث يجعل رسالته.‏



ومن أجل بشرية الرسول عليه السلام، قامت المساجلات بين قومه وبينه؛ كما يحكي ‏القرآن مفندًا مطالب المشركين: ﴿ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا * وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 90 - 94].‏



أسئلة كثيرة ومطالب صبيانية، وجواب كريم نطق به رسول عظيم من تعليم رب ‏حليم رحيم: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 93].‏



فكانت بشرية الرسول هي الحائل بينهم وبين التصديق والإذعان لما جاء به محمد ‏صلى الله عليه وسلم. ‏



وكم كانوا يتمنون أن يكون المرسل إليهم ملكًا ليس من جنسهم، إنها المكابرة؛ إذ ‏لو جاءهم الرسول ملكًا كما يرجون، لقالوا: ما بال هذا الرسول لا يأكل ولا يشرب مثلنا؟ ولماذا لا يمشي في متاجرنا للبيع والشراء؟ وما دام هو على غير عادتنا، فلا ‏يمكن أن يكون هذا رسولاً؛ إذ لو كنا في حاجة إلى رسول، لأرسل الله فينا رسولاً منا ‏بلساننا، نعرف مبدأه وأخبار، يأكل ويشرب مثلنا، ويسعى في أسواقنا، وصدق ‏الله العظيم إذ قال: ﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ﴾ [المؤمنون: 71].



لأن الله من لطفه بالناس يرسل إليهم الرسل منهم؛ ليكون لون التخاطب بينهم ‏معروفًا؛ إذ لو أرسله من سواهم حتى مع بشريته، لم يدركوا لغته، ولا يستطيعون ‏التكلم معه؛ ولهذا يقول المولى جل جلاله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ ﴾ [إبراهيم: 4].‏



وليس ذلك غريبًا على أهل مكة؛ إذ رفضوا أول الأمر اتباع الرسول، وظل هذا ‏الرفض مدة هي أطول مدة في عمر الرسالة.‏



وحجتهم في ذلك أن الرسول بشر، دون إعمال الفكر في شأن ما جاء به هذا الرسول ‏من حق وصدق وإيمان وهدى.‏



ولا عجب في هذا؛ فجميع المرسل إليهم قالوا مثل هذا، فهذا نوح عليه السلام، ‏يقص القرآن موقف قومه منه: ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾ [المؤمنون: 24].‏



وها هي الآيات الجامعات للحوار الذي دار بين الرسل وأقوامهم: ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [إبراهيم: 9-11]‏.



ورسولنا عليه الصلاة والسلام - لأنه أخ للرسل جميعًا - لم يخرج عن دائرة بشريتهم؛ لهذا نطق القرآن: ﴿ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الأحقاف: 9].‏



وهكذا رسل الله الأكرمون، كلهم بشر من علية البشر، يدعون الناس إلى مبدأ واحد، وهو توحيد الله رب العالمين؛ ولذا يقول الله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [آل عمران: 79]. ويقول ‏سبحانه ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الشورى: 51].‏



وفي قصة ذي اليدين دليل على بشرية الرسول محمد عليه السلام، حين سلم من ‏ركعتين في صلاة رباعية، وهو الإمام في الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا ‏أن يكلماه صلى الله عليه وسلم، فقال ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول ‏الله؟ فأجابه عليه السلام بقوله: كل ذلك لم يكن، فقال ذو اليدين: بل بعض ذلك ‏قد كان، فقال الرسول: أحقًّا ما يقول ذو اليدين؟ ثم قال لهم: (لو حدث في ‏الصلاة شيء، لأخبرتكم به، ولكني بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت ‏فذكروني).‏



أخي القارئ، قرآن وسنة يثبتان أن الرسول محمدًا مع إخوانه المرسلين، بشر ‏يوحى إليه صلوات الله عليهم جميعًا وسلامه. ‏



ولكن المهازيل في كل زمان ومكان يأبون إلا أن يخرجوا الرسول عن بشريته ‏الكريمة، بدعوى الحب والمدح، فمن قائل: إنه نور عرش الله تعالى، إلى قائل: إنه أول خلق الله تعالى، إلى قائل: إنه قبضة من نور وجه الله تعالى، ‏والرسول الكريم الحريص على موازين العدل يقول للناس محذرًا ومنبهًا: (لا ‏تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ‏ورسوله).‏



نعم، هو صلى الله عليه وسلم مع بشريته وعبوديته لله سبحانه وتعالى، خير خلق ‏الله على الإطلاق.‏



فماذا بقي لقوم يستنكفون أن يقولوا ببشرية الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أهم أعلم ‏أم الله؟‏


لو كان الخير في سوى هذه العقيدة، لسردها القرآن أو بيَّنها الرسول نفسه في السنة ‏المطهرة، ألا يا قوم، هل من رجل رشيد؟‏




 توقيع : ˛ ذآتَ حُسن ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ˛ ذآتَ حُسن ♔ على المشاركة المفيدة: