عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-01-2019, 09:27 PM
reda laby متواجد حالياً
 
 عضويتي » 580
 اشراقتي » Feb 2018
 كنت هنا » يوم أمس (09:21 PM)
آبدآعاتي » 2,720,450[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الإطلاع المتنوع الثقافات
موطني » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
الأمانة التي حملها الإنسان








هذا مبحثٌ تحليليٌّ يقفُ بين يدي قول الله تعالى:
{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]،
وذلك من أجل بيان المقصود بالأمانة، في هذه الآية الكريمة.

أقوال السلف في معنى الأمانة:
ورد عن أئمة السلف، في تحديد المقصود بالأمانة، عدّة أقوال، تشمل:
الدّين، والطّاعة، والفرائض، والحدود، والصَّلاة، والصِّيام، والغسل من الجنابة، وغير ذلك،
وعن أبي بن كعب: (من الأمانة أن المرأة اؤتُمنت على فَرْجها)1،
وعن ابن مسعود: (هي في أمانات الأموال، كالودائع وغيرِها،
ورُوي عنه أنَّها في كلِّ الفرائض، وأشدُّها أمانة المال)2.
ويقول ابن جرير الطبريّ، بعد إيراده لمختلف الأقوال في معنى الأمانة:
"(وأولى الأقوال في ذلك بالصَّواب، ما قاله الَّذين قالوا:
إنَّه عُنِيَ بالأمانة في هذا الموضع: جميعُ معاني الأمانات في الدِّين وأمانات الناس،
وذلك أنَّ الله لم يخُصَّ بقوله {عَرَضْنَا الأمَانَةَ} بعض معاني الأمانات)3.

إذن، الأمانة معناها معروف، فهي ضدُّ الخيانة،
وتتعلّق بحفظ شيءٍ هو أيضاً نسمّيه أمانة، وهذه الأمانة هي الدّينُ كلّه،
قد أودعه الله عزّ وجلّ، أمانةً لدى الإنسان،
بعد أن أشفَقَتْ من حملها السمواتُ والأرض.

حديث نزول الأمانة ورفعها:
روى حذيفة رضي الله عنه، قال: «حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ
أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ، حَدَّثَنَا: أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنْ الْقُرْآنِ
ثُمَّ عَلِمُوا مِنْ السُّنَّةِ! وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا، قَالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ
فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ
عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ
يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ، فَيُقَالُ إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا! وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا
أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ! وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ
، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ
فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا»4.

الأمانة هي عين الإيمان:
قال صاحب التحرير5: (الأمانةُ المذكورة في الحديث، هي الأمانة المذكورة في الآية،
وهي عينُ الإيمان، فإذا استمكنت في القلب قام بأداء ما أُمِرَ به واجتنب ما نُهي عنه).

وقال ابن العربي: (المرادُ بالأمانة في حديث حذيفة: الإيمانُ،
وتحقيق ذلك: فيما ذُكر من رفعها، أنّ الأعمال السيئة لا تزال تُضعفُ الإيمان،
حتى إذا تناهى الضّعف، لم يبقَ إلا أثر الإيمان،
وهو التلفظ باللسان والاعتقاد الضعيف في ظاهر القلب)

قال العلامة ابن حجر: (قد يُفهم منه أن المراد بالأمانة في الحديث الإيمانُ،
وليس كذلك، بل ذكر ذلك لكونها لازمةَ الإيمان)
وذكر ابن حجر، في موضعٍ آخر قولَ من قال إنّها:
(معنىً ما إذا تمكّن في قلب العبد، قام بأداء التكاليف)

ولسنا نعرف معنىً يستقرُّ في القلب، فتصدر عنه التكاليف، غيرُ معنى الإيمان،
فالأمانة التي أنزلها الله في جذر قلوب الرِّجال من أجل أن يحفظوها هي هذا الإيمان،
يؤكد ذلك قولُ الله تعالى:
{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ
وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} سورة الحجرات: الآية (7)،
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له، ولا دينَ لمن لا عهدَ له»
، ثمّ كلامُ الحسن البصريّ:(الإيمانُ ما وقر في القلب وصدّقه العمل).

وحديث حذيفة في نزول الأمانة ورفعها، كذلك فيه دلالة صريحة،
إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
«وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ!»


إذن، الأمانة الكبرى هي الإيمان؛
لأنّه هو الطّاقة الروحية التي تبعث في المؤمن قواه الإيجابيّة الفطرية،
وتوجّهها نحو تحقيق العبوديّة لله عزّ وجلّ،
وتوفّقه إلى القيام بأداء الأمانات كلها، الشَّرعيّة والدنيويّة.













 توقيع : reda laby

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
مواضيع : reda laby


رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ reda laby على المشاركة المفيدة:
,