عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 17-03-2019, 12:03 AM
همس الروح متواجد حالياً
 
 عضويتي » 525
 اشراقتي » Dec 2017
 كنت هنا » اليوم (02:36 AM)
آبدآعاتي » 1,567,547[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » القراءة..والرياضة.. والطبخ
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي الإعجاز البياني للقرآن الكريم والفرق بين الرب والاله والملك









بسم الله الرحمن الرحيم

الإعجاز البياني للقرآن الكريم والفرق بين الرب والاله والملك

الإعجاز البياني للقرآن الكريم

أولاً-( الرَّبُّ والمَلِكُ والإلَهُ ) صفات ثلاثة من صفات العظمة والكمال لله تعالى ، اجتمعت معًا في ( سورة الناس ) إحدى المعوذتين ، مضافة إلى الناس خاصة ، مع انتظام جميع العالَمين في سلك ربوبيته وملكوته وإلهيته ؛ لأن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس ؛ وذلك قوله تعالى :﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾(الناس: 1- 3).
وقد تصدى بعض علماء التفسير واللغة والبيان لبيان سِرِّ مجيء هذه الصفات الثلاثة ( الربوبيَّة ، والمًلْك ، والإلهيَّة ) على هذا الترتيب البديع ، وتكرار لفظ ( الناس ) مع كل صفة منها ، مع عدم العطف بالواو .. وكان آخر من تكلم على ذلك من المعاصرين ، وخاض فيه العلامة الدكتور فاضل السامرائي ، في ( لمسات بيانية في سورة الناس ) ، فقال في ذلك ما نصُّه :

1- « وقد تدرّجت الآيات من ( الكثرة ) إلى ( القلّة ) ، فالربّ هو المرشد الموجّه ، وقد يكون في المجتمع الواحد العديد من المرشدين والمربّين ؛ لكن لكل دولة أو مجتمع ملك واحد ، والدنيا فيها ملوك كثر ؛ ولكن إلهها وإلههم واحد ، فانتقل من الكثرة للقلة ، من حيث دلالة الكلمة بالعدد : الرب كثير ، الملك أقلّ ، وأما الإله فهو واحد » .
2-ثم قال :«وردت كلمة الناس ( 3 ) مرات في السورة ، و( كل منها تعني مجموعة من الناس مختلفة عن غيرها ) ، نوضحها فيما يلي :

كلمة ( الناس ) تطلق على مجموعة قليلة من الناس ، أو واحد من الناس ، أو كل الناس . و( الربّ ) هو مُرشد مجموعة من الناس قد تكون قليلة ، أو كثيرة . أما ( الملك ) فناسه أكثر من ناس المربي . وأما ( الإله ) فهو إله كل الناس ، وناسه الأكثر حَتمًا .
ولو قالت الآيات أعوذ برب الناس ، وملكهم ، وإلههم ) ، لعاد المعنى كله ( إلى المجموعة الأولى من الناس ) ، ناس الرب ، دون أن يشمل غيرهم ؛ لذلك لا يغني الضمير هنا ، بل لا بد من تكرار المضاف إليه مذكورًا صريحًا ؛ لأن ( لكل معنى مختلف ) » .

3- وانتهى السامرائي من ذلك إلى القول :« فالتدرج في الصفات بدأ من ( الكثرة إلى القلة ) . أما في المضاف إليه الناس فبالعكس من ( القلة إلى الكثرة ) ، فناس المربي أقل ، وناس الملك أكثر ، وناس الإله هم الأكثر » .

ثانيًا-هذا الكلام الذي سحر الكثير من الناس وذهب بعقولهم وأغشى بصائرهم ، فجعلوا يتسابقون ويتبارون في نقله ونشره ، لا قيمة له في الحقيقة ، ولا وزن ؛ فهو ﴿ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ﴾ ، هذه هي الحقيقة المرة التي لا يستطيع إدراكها إلا من سلم عقله من المَسِّ وبصيرته من العمى ، وكثير أولئك الذين خدعوا بكلام هذا الرجل الخُلَّبيِّ ؛ كهذا الكلام الذي بين أيدينا ، وسأبدأ بقوله الثاني ؛ لأنه يُعدُّ ثمرة من ثمرات إبداعه الذي لا حدود له ، وأثرًا من آثار فتوح العارفين الذي فتحه الله تعالى عليه ، وهو قوله الذي زعم فيه أن التدرج في لفظ ( الناس ) بدأ من ( القلة إلى الكثرة ) ، عكس التدرج في الصفات ؛ إذ بدأ من ( الكثرة إلى القلة ) ، وخلص منه إلى أن ( ناس المربي أقل ، وناس الملك أكثر ، وناس الإله هم الأكثر ) . وهذا الزعم الباطل جعله يقسم الناس إلى ثلاث مجموعات :

( كل منها تعني مجموعة من الناس مختلفة عن غيرها )
فمجموعة ( الرب ) غير مجموعة ( الملك ) ، ومجموعة الملك غير مجموعة ( الإله ) . ولم يدر أن الناس هم الناس ، والرب هو الملك ، والملك هو مالك الملك ، وهو الإله الذي لا إله غيره . وهكذا زيَّنت له نفسه سوء قوله ، وحمله خياله الواسع إلى الإلحاد في تأويل كلام الله سبحانه ، فأتى بأشياء ما أنزل الله تعالى بها من سلطان ، فجعل ناس ( الرب ) أقل من ناس ( الملك ) ، وناس ( الملك ) أقل من ناس ( الإله ) ، وزعم أن لكل مجموعته التي تختلف عن مجموعة الآخر ، وأن الله سبحانه تدرج في هذه المجموعات من ( القليل إلى الكثير ) ، بعد أن تدرج في الصفات من ( الكثير إلى القليل ) ، سبحانه وتعالى عن ذلك ، وعلا علوًّا كبيرًا !
ويذكرني قول السامرائي هذا بقول حكاه النسفي في تفسيره في التعليل لتكرار لفظ ( الناس ) في السورة خمس مرات ، فقال :«وقيل : أراد بالأول ( الأطفال ) ، ومعنى الربوبية يدل عليه ، وبالثاني ( الشبَّان ) ، ولفظ الملك المنبئ عن السياسة يدل عليه ، وبالثالث ( الشيوخ ) ، ولفظ الإله المنبىءُ عن العبادة يدل عليه ، وبالرابع ( الصالحين ) ، إذ الشيطان مولع بإغوائهم ، وبالخامس ( المفسدين ) ، لعطفه على المعوذ منه » . ولا يستبعد أبدًا أن يكون السامرائي قد استوحى قوله السابق من هذا القول المستهجن الغريب ، ويدل على ذلك أنك تجد تلميحات وإشارات إلى ( الأطفال والشباب والشيوخ ) في قول له تقدم أقواله السابقة التي ذكرناه ، وهو قوله :

«فالأجنة هي البداية ، ثم يخرج الناس للحياة ؛ ليواجهوا المربي الذي يقدم لهم ما يحتاجونه ، من تربية ورعاية ، فإذا كبروا احتاجوا إلى المجتمع وما ينظم علاقتهم به ، ثم يأتي سن التكليف حيث يحاسبه الإله ، والمجتمعات عمومًا بين الربوبية ، والملك ، فكل مجتمع يحتاج صغاره إلى المربي ، ثم إلى السلطة . أما الألوهية فتتأخر » .
ومن المؤسف أن يتبنى هذا القول عالم مبدع كالسامرائي ، ويردده على مسامع المشاهدين ، ولست أدري كيف ينطلي هذا القول وأمثاله على الخاصة من الناس قبل عامتهم ، وفساده ظاهر بيِّن لا يخفى عن أحد ! وكان المنتظر من السامرائي أن يطلع على أقوال المفسرين واللغويين في هذه الآيات ، وأن يستفيد من تعليلاتهم ، ثم يقدمها للمشاهدين بعد التحقيق والتمحيص بأسلوب شيق ، وليس كأسلوبه كما يصفه المعجبون . ولو أنه فعل ذلك ، لكان أجدى له وللمشاهدين وأنفع ؛ ولكنه السامرائي ، وما أدراك ما السامرائي ، يأبى إلا أن يظهر للناس براعته ، ويطلعهم على سعة علمه وإحاطته بكل شيء ، فيأتي بما لا يحسد عليه .

وأول شيء كان ينبغي أن يتذكره العلامة السامرائي أن لفظ ( الناس ) اسم جَمْع للبشر جميعهم ، أو لطائفة منهم ، وأن تعريفه هنا للاستغراق العرفي ؛ فعندما يقول الله جل وعلا :﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ ﴾ ، يعني : رب جميع الناس ، وملك جميع الناس ، وإله جميع الناس الذين يخطرون بالبال ، من عهد آدم إلى يوم القيامة ؛ لعدم إرادة معهودين معينين ، ولاستحالة دخول كل الناس في دين الله بدليل المشاهدة .
فالله سبحانه هو ( ِرَبِّ النَّاسِ ) جميعهم ، وهو سبحانه ( رَبُّ العَالَمِينَ ) ، وهو سبحانه ( رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) ؛ كما قال تعالى :﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾(الفاتحة: 2) ، ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ﴾(الأنعام: 164) . ولما سأل فرعون اللعين موسى عليه السلام :﴿ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾(الشعراء: 23) ؟ أجابه موسى عليه السلام بقوله :﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴾(الشعراء: 24) ، والرب هو المالك ، والخالق ، والصاحب ، وهو المصلح للشيء والقائم عليه ، ومنه قول صفوان لأبي سفيان :« لأن يربني رجل من قريش أحب إليّ من أن يربني رجل من هوازن » . تقول : رَبَّه يَرِبُّه فهو رَبٌّ . ويجوز أن يكون وصفاً بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل . والله جل ثناؤه هو الربُّ ؛ لأنه مصلح أحوال خلقه ، ولم يطلقوا الرب إلا في الله وحده ، وهو في غيره على التقيد بالإضافة ، كقولهم : رب الدار ، ورب الناقة . والملك لا يكون ملكًا إلا إذا كان ربًّا مالكًا ، ويدلُّ أصل اشتقاقه على قوّةٍ في الشيء وصحة . يقال : أملَكَ عجِينَه . أي : قوَّى عَجنَه وشَدَّه . وملَّكتُ الشَّيءَ : قوَّيتُه . والإله الحق هو المعبود بحق ، ولا يكون الإله إلهًا حقًّا إلا إذا كان ربًّا وملكًا .
والله سبحانه هو رب الناس ، ملك الناس ، إله الناس ، وليس رب فئة واحدة ، أو عنصر واحد ، أو مجموعة بشربة واحدة ! فكيف بقال : إنه ربٌّ لناس قليلين ، وإن ناسه أقل من ناس الملك ، وناس الملك أقل من ناس الإله ، والإله هو الملك ، والملك هو الرب ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾(الدخان: 7- 8) ، وهو ﴿ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾(الحشر: 23) ، ﴿قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾(البقرة: 133) ؟ فإله الآباء والأجداد من عهد آدم إلى أن تقوم الساعة هو ربهم الذي خلقهم وملك بتربيته لهم أمرهم ، وهو ملكهم المتصرف في شئونهم كلها ، وهو وحده المستحق للعبادة .

ولم يكتف العلامة السامرائي بأن فرَّق بين ( الرب ) ، و( الملك ) ، و( الإله ) ، حين جعل لكل منهم جماعته من الناس التي تختلف عن جماعة الآخر ، بل أكد ذلك بقوله :«ولو قالت الآيات : أعوذ برب الناس ، وملكهم ، وإلههم ، لعاد المعنى كله إلى المجموعة الأولى من الناس ، ناس الرب ، دون أن يشمل غيرهم ؛ لذلك لا يغني الضمير هنا ، بل لا بد من تكرار المضاف إليه مذكورًا صريحًا ؛ لأن لكل معنى مختلف » .

ولم يدر العلامة السامرائي ، وأنى له أن يدري ، أن لفظ ( الناس ) كُرِّر مع ( ملك الناس ) ، و( إله الناس ) ؛ لأن كل واحد منهما عطف بيان من ( رب الناس ) ، وعطف البيان يقتضي الإظهار ، لا الإضمار . وهذا ما نص عليه الزمخشري في كشافه موضوع ( رسالة السامرائي في الدكتوراه ) ؛ إذ قال :« فإن قلت ملك الناس إله الناس ) ما هما من ( رب الناس ) ؟ قلت : هما عطف بيان .. بُيِّن بـ( ملك الناس ) ، ثم زيد بيانًا بـ( إله الناس ) ؛ لأنه قد يقال لغيره : رب الناس ، وقد يقال : ملك الناس . وأمّا ( إله الناس ) فخاص لا شركة فيه ، فجعل غاية للبيان . فإن قلت : فهلاَّ اكتُفِيَ بإظهار المضاف إليه الذي هو ( الناس ) مرة واحدة ؟ قلت : لأن عطف البيان للبيان ، فكان مَظِنَّة للإظهاردون الإضمار » .

وقال البقاعي في نظم الدُّرر :« وكرر الاسم الظاهر دون أن يضمر ، فيقول مثلاً ملكهم ، إلههم ) ؛ تحقيقًا لهذا المعنى ، وتقوية له بإعادة اسمهم ، الدال على شدة الاضطراب ، المقتضي للحاجة عند كل اسم من أسمائه ، الدال على الكمال المقتضي للغنى المطلق ، ودلالة على أنه حقيق بالإعادة قادر عليها ؛ لبيان أنه المتصرف فيهم من جميع الجهات ، وبيانًا لشرف الإنسان ، ومزيد الاعتماد بمزيد البيان ؛ ولئلا يظن أن شيئًا من هذه الأسماء يتقيد بما أضيف إليه الذي قبله من ذلك الوجه ؛ لأن الضمير إذا أعيد كان المراد به عين ما عاد إليه ، فأشير بالإظهار إلى أن كل صفة منها عامة غير مقيدة بشيء أصلاً . واندرج في هذه الاستعاذة جميع وجوه الاستعاذات من جميع وجوه التربية ، وجميع الوجوه المنسوبة إلى المستعيذ ، من جهة أنه في قهر الملك بالضم ، وجميع الوجوه المنسوبة إلى الإلهية ؛ لئلا يقع خلل في وجه من تلك الوجوه ؛ تنزيلاً لاختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات ، إشعارًا بعظم الآفة المستعاذ منها . ولم يعطف بالواو ، لما فيها من الإيذان بالمغايرة ، والمقصود الاستعاذة بمجموع هذه الصفات الواقعة على ذات واحدة ، حتى كأنها صفة واحدة » .
ثالثًا- ونعود إلى قوله الأول الذي زعم فيه أن الآيات « قد تدرّجت من الكثرة إلى القلّة ، فالربّ هو المرشد الموجّه ، وقد يكون في المجتمع الواحد العديد من المرشدين والمربّين ؛ لكن لكل دولة أو مجتمع ملك واحد ، والدنيا فيها ملوك كثر ؛ ولكن إلهها وإلههم واحد ، فانتقل من الكثرة للقلة ، من حيث دلالة الكلمة بالعدد : الرب كثير ، الملك أقلّ ، وأما الإله فهو واحد » .

وإلى نحو هذا القول ذهب ابن جزي ، نقل ذلك عنه ابن عجيبة في البحر المديد ، فقال :«والآية من باب الترقِّي ؛ وذلك أن ( الرب ) قد يطلق على كثير من الناس ، فتقول : فلان رب الدار ، وشبه ذلك ، فبدأ به لاشتراك معناه ، وأما ( المَلك ) فلا يوصف به إلا آحاد من الناس ، وهم الملوك ، ولا شك أنهم أعلى من سائر الناس ؛ فلذلك جيء به بعد الرب ، وأما ( الإله ) فهو أعلى من المَلك ؛ ولذلك لا يَدَّعي الملوك أنهم آلهة ؛

وإنما الإله واحد لا شريك له ولا نظير » .

🌹🌺💐🌷🌸







 توقيع : همس الروح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس